رقم ( 14 )
الفصل الرابع : الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 828

الفصل الرابع :  الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 828   

قراءة في تاريخ السلوك للمقريزى  / المقريزى شاهدا على العصر 

 قال المقريزى عن سنة 828 :

مقالات متعلقة :

 ( سنة ثمان وعشرين وثمانمائة )

( أهلت وخليفة الوقت المعتضد بالله أبو الفتح داو بن المتوكل على الله أبي عبد الله محمد وليس له من الخلافة إلا مجرد الاسم بلا زيادة. وسلطان مصر والشام والحجاز الملك الأشرف برسباي الدقماقي. والأمير الكبير الأتابك قجق. والدوادار الكبير أزبك- وهو اسم- معناه الأمير جانبك، فهو صاحب الأمر والنهي في الدوادارية، بل في سائر أمور الدولة.  وأمير سلاح أينال النوروزي. وأمير مجلس أينال الجكمي. وأمير أخور جقمق ، ورأس نوبة تغري بردي المحمودي. وحاجب الحجاب جرباش قاشق. و إستادار صلاح الدين محمد بن الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله. وناظر الخاص الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله. والوزير الصاحب كريم الدين عبد الكريم ابن الوزير تاج الدين عبد الرزاق ابن كاتب المناخ. وكاتب السر نجم الدين عمر بن حجي الدمشقي ، وناظر الجيش زين الدين عبد الباسط بن خليل. وليس لالسلاطين يحتاجون اليهم .

2 ـ عزل ابن العجمى عن نظر صناعة كسوة الكعبة ونقلها لعبد الباسط :

( وفيه صرف صدر الدين أحمد بن العجمي عن نظرة الكسوة، وأضيفت أيضاً إلى القاضي زين الدين عبد الباسط، فعنى بها، حتى لم ندرك كسوة عملت للكعبة مثلها . )

زيارات السلطان

( في حادي عشرينه: ركب السلطان في طائفة يسيرة بثياب جلوسه، كما قد صارت عادته. وكشف الطريدة الحربية التي تعمل بساحل بولاق وسار ، وقد تلاحق به بعض أهل الدولة حتى مر على جزيرة الفيل إلى التاج. ونزل بالمنظرة التي أنشأها المؤيد شيخ فوق الخمس وجوه. ثم سار في أرض الخندق إلى خليج الزعفران، وتوجه إلى القلعة . ). هذا مرتبط بالاستعدادات الحربية البحرية ضد الصليبيين .

 جرائم أصاغر المجرمين 

( وفي ليلة الأربعاء سادس عشرينه: غرقت امرأة لها ولزوجها شهرة، لقالة سيئة عنها. ) . الانحلال الخلقى في العصر المملوكى كانت تتبعه جرائم قتل . ساعد عليه تنقُّب النساء ( لبسهن النقاب ) طبقا للشريعة السُنّيّة .

( شهر رn>

2 ـ ( وفيه وقع الهدم في قصر الأمير صرغتمش المجاور لبير الوطاويط بالصليبة، ( حىّ السيدة زينب الآن ) ، خارج القاهرة .). الأمير صرغتمش ( ت 759 ) كان من مماليك السلطان الناصر محمد بن قلاوون ، وإشتهر في سلطنة الصالح صالح القلاوونى في دولة المماليك البحرية . ولا تزال مدرسته باقية حتى اليوم ، وكانت تتخصص في الفقه الحنفى الذى كان يتبعه الأمير صرغتمش . أما قصره فقد هدمه برسباى . هذا طبعا لمصلحة السلطان برسباى .

( شهر جمادى الأولى، أوله الخميس )

وظائف أكابر المجرمين : السلطان يُجرى حركة تنقلات ليستفيد .

1 ـ( في عاشره: خلع على الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله، واستقر أستاداراً، عوضاً عن ولده الأمير صلاح الدين محمد . وخلع في ثاني عشره على كريم الدين عبد الكريم بن سعد الدين بركة المعروف بابن كاتب حكم، واستقر في نظر الخاص، عوضاً عن الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله. وخلع على أمين الدين إبراهيم بن مجد الدين عبد الغني بن الهيصم واستقر في نظر الدولة، عوضًا عن ابن كاتب جكم . ).

2 ـ ( وفي ثالث عشره: خلع على زين الدين عبد القادر بن أبي الفرج، وا">( مفاحشات تعنى السّب والشتم بالفاحش من القول ). إشترى ابن حجى منصب كاتب السّر ، والتزم بالدفع على أقساط حسب سرقاته ، وكان عليه أيضا تقديم رشاوى الى كبار الأمراء ، وأهمهم الأمير جانبك صاحب النفوذ الأكبر . عجز عن الوفاء ورفض برسباى التنازل عن بقية المبالغ ، وتطورت الأمور الى عزله وسجنه .

2 ـ ( وفى ليلة الثلاثاء ثالث عشره ، أُخرج نجم الدين عمر بن حجّى من البرج في الحديد ، وحُمل الى دمشق ، حتى يُكشف عن سيرته بها ، ويؤخذ ماله هناك ، وكُتب في حقه الى النائب والقُضاة بعظام مستشنعة . ). أخرجوه من سجن القلعة مكبلا بالحديد الى دمشق ( بلده الأصلى ) للكشف عن أمواله وممتلكاته فيها ومصادرتها. 

3 ـ ( وفيه كتب بالإفراج عن نجم الدين عمر بن حجي وإطلاقه من الحديد، وإقامته بدمشق، على أن يحمل مبلغاً ذكر له.) . في النهاية أفرجوا عنه مقابل مال يدفعه.

4 ـ ( وفي ثامن عشرينه: قبض على السيد الشريف مقبل أمير ينبع، وسجن . )

5 ـ( وفيه خرج الأمير قرقماس من مكة بمن معه في طلب الشريف حسن بن عجلان حتى بلغ حلي من أطراف اليمن، فلم يقابله ابن عجلان مع قوته وكثرة من معه، بل تركه وتوجه نحو نجد تنزهاً عن الشر، وكراهة الفتنة، فعاد قرقماس وقدم مكة في العشرين منه . )

وظائف أكابر المجرمين

1 ـ ( وفى يوم الاثنين ثامن عشره خُلع على بدر الدين محمد بن محمد بن أحمد بن مزهر الدمشقى ، واستقر في كتابة السّر ، عوضا عن نجم الدين عمر بن حجى ، وابن مزهر هذا ، كان أبوه كاتب السّر بدمشق ، ولهم أصالة قديمة ، رأس عدة من آبائه ، تضمن ذكرهم التواريخ ، وولد هو بدمشق ونشأ بها ، وكتب بديوان الانشاء ، وتعلق بخدمة الأمير شيخ المحمودى ، وقدم معه مصر ، فولاه نظر الاسطبل ، حتى مات . فلما وُلّى علم الدين بن الكويز باشر معه نيابة كتابة السر، وقام بأمر ديوان الإنشاء، لبُعد ابن الكويز عن ذلك. فتمشت به الأحوال. ولم يزل قائماً بأمور كتابة السر، لعجز من وليها في هذه المدد، من الجمال يوسف بن الصفي ومن الهروي وغيره، حتى ولي كتابة السر، فكان أنسب الموجودين . )

2 ـ ( وفيه خلع على تاج الدين عبد الوهاب المعروف بالخطير، واستقر في نظر الاصطبل. وهذا الخطير- من سنين قريبة- أسلم،( أي كان مسيحيا واسلم )،  وكان يباشر بديوان السلطان وهو أمير، فرقاه في سلطنته إلى هنا . ).

مشروعات معمارية  إحتكار السلطان للسكر

( وفي ثامنه: نودي بأن لا يباع السكر إلا للسلطان ولا يشترى إلا منه، فعاد الأمر كما كان )

غلاء

( وفي هذا الشهر: بلغ الفول ديناراً لكل أردب، بعد ما كان كل ثلاثة أرادب ونصف بدينار. وتجاوز القمح المائتين بعد مائة وخمسين. وقل وجود الغلال، وطلبها الناس، فشحّت أنفس أربابها وخزنتها، هذا مع توالي زيادة النيل . )

حادثتان غريبتان :

( وفي هذا الشهر: اتفقت حادثتان غريبتان.

( إحداهما أن رجلاً مر في سفره ببلاد الغربية على أتان له، وتحته خرح فيه قماش، فخرج عليه بعض قطاع الطريق ، وأخذه وما معه فحاد به عن الطريق الى شاطئ النيل ، وكتفه والقاه إلى الأرض ليذبحه، فقال له: بالله اسقني شربة ماء قبل أن تذبحني فألقى الله تعالى في قلبه عليه رحمة، لما يريده به. وفتح خرج الرجل وتناول منه إناء وعبر في الماء حتى يغترف في الإناء منه، فاختطفه تمساح، وذهب في الماء فكسره، وأكله، والرجل يراه وهو مكتوف، وأتانه واقف مع فرس قاطع الطريق، قائمان قريباً منه. فأقام كذلpan>

2 ـ ( وفي يوم الخميس عاشره: خلع على الأمير زين الدين عبد القادر ابن الأمير فخر الدين عبد الغني بن أبي الفرج. واستقر أستادارا عوضاً عن الصاحب بدر الدين حسن ابن نصر الله. )

3 ـ ( وفي ثاني عشره: أفرج عن الصاحب بدر الدين، ونزل إلى داره، وقد ألزم بحمل نفقة الشهر وعليقه، وذلك نحو ثلاثين ألف دينار. وترك ابنه الأمير صلاح الدين بالقلعة رهينة على المال، فأخذ في بيع أملاكه وخيوله وثيابه وأثاثه . ). إذا عُرف السبب بطُل العجب . العزل والتعويق في القلعة هو لارغامهما على دفع المعلوم .

4 ـ ( وفي رابع عشره: خلع على جمال الدين يوسف بن الصفي الكركي، واستقر في كتابة السر بدمشق، عوضاً عن بدر الدين حسن ). التولية أيضا بمال رشوة حسب الشريعة السنية المملوكية .

الأسعار

( أهل هذا الشهر وقد انحل سعر الغلال، ( أي رخُص ) وكثرت في العراص  ( مخازن الغلال ) والساحل ، من غير سبب يظهر في ارتفاعها أولا، ثم في انحطاطها، إن الله على كل شيء قدير، وبالناس لرءوف رحيم. )

( وفي هذا الشهر: عز وجود اللحم بالأسواق . )

إستقالته ؟ الشيطان يتمتع بالجنسية المصرية من آلاف السنين ..!

( شهر ذي الحجة، أوله السبت : )

جرائم كبرى لأكابر المجرمين ( برسباى والقاضى بدر الدين العينى )

( في سابعه: اتفقت حادثة شنعاء، وهي أن الخبز قل وجوده في الأسواق، فعنده خرج بدر الدين محمود العينتابي- محتسب القاهرة- من داره سائراً إلى القلعة صاحت عليه العامة، واستغاثوا بالأمراء، وشكوا إليهم المحتسب، فعرج عن الشارع وطلع إلى القلعة وهو خائف من رجم العامة له، وشكاهم إلى السلطان. وكان يختص به، ويقرأ له في الليل تواريخ الملوك، ويترجمها له بالتركية. فحنق السلطان وبعث طائفة من الأمراء إلى باب زويلة، فأخذوا على المارة أفواه السكك ليقبضوا على الناس. فرجم  بعض العبيد أحد الأمراء بحجر أصابه، فقبض عليه، وضرب. وقبض على جماعة كبيرة من الناس، وأحضروا بين يدي السلطان، فرسم بتوسيطهم ثم أسلمهم إلى الوالي فضربهم وقطع آنافهم وآذانهم، وسجنهم ليلة السبت. ثم عرضوا من الغد على السلطان فأفرج عنهم- وعدتهم اثنان وعشرون رجلاً من المستورين- ما بين شريف وتاجر، فتنكرت القلوب من أجل ذلك، وانطلقت الألسنة بالدعاء وغيره . ).

التعليق

بدر الدين العينى أو العينتابى مؤرخ شامى الأصل مثل ابن حجر العسقلانى ، ومثله قام بشرح البخارى ، ولكن العينى كان أقل علما من ابن حجر ، وأكثر وضاعة منه ، يكفى إنه كتب منافقا للسلطان ططر والسلطان المؤيد شيخ ، كتابين في تاريخهما : ( الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر) ( ططر)  ، ( السيف المهند في سيرة الملك المؤيد ) ( شيخ المحمودى ). ويبدو أنه كان يستخدم هذا النفاق في تولى الوظائف دون أن يشتريها بالرشوة . وقد صار نديما للسلطان برسباى فجعله محتسبا ، وقام بوظيفة المحتسب الظالمة فأهاج الناس ( العوام ) وثاروا عليه ، وانتهت الثورة بغضب برسباى الذى أمر بعقاب عشوائى للناس كيفما إتفق ، يقول المقريزى : ( فرسم بتوسيطهم ثم أسلمهم إلى الوالي فضربهم وقطع آنافهم وآذانهم، وسجنهم ليلة السبت. ثم عرضوا من الغد على السلطان فأفرج عنهم- وعدتهم اثنان وعشرون رجلاً من المستورين- ما بين شريف وتاجر، فتنكرت القلوب من أجل ذلك، وانطلقت الألسنة بالدعاء وغيره .).

غضب المقريزى لأن في الضحايا قوما من الطبقة الوسطى أو ( المستورين ما بين شريف وتاجر ). لو كانوا من العوام ما حزن من أجلهم وما غضب . الشعب ( العوام أو الحرافيش في ثقافة العصر وقتئذ ) لا قيمة  لهم .

 ثم تخيل شخصا يعيش مقطوع الأنف والأُذُن ؟ . يالها من شريعة يطبقها برسباى وشيخه العينى .!

وظائف أكابر المجرمين

( وفي حادي عشرينه: خلع على شهاب الدين أحمد بن صلاح الدين بن محمد المعروف بابن المحمرة، واستقر في مشيخة الخانكاة الصلاحية سعيد السعداء، بعد وفاة شمس الدين محمد بن أحمد البيري، المعروف بأخي جمال الدين الأستادار. وابن المحمرة هذا كان أبوه سمساراً في الغلال بساحل بولاق، وعمه طحاناً، وولد هو بظاهر القاهرة، وقرأ القرآن وقرأ عدة كتب ما بين فقه ونحو وغيره، واشتغل على شيوخ العصر حتى برع في الفقه على مذهب الشافعي. وشارك في فنون، وجلس في حوانيت الشهود زماناً، واستنبته في الحسبة بالقاهرة بوساطة الأمير يلبغا السالمي، وكان من أصحابه. ثم ناب في الحكم بالقاهرة عن قاضي القضاة جلال الدين عبد الرحمن بن البلقيني مدة سنين. وأثرى في قضائه، وكثر ماله. ثم صرف عن الحكم، ودرس الفقه بخانكاة شيخو بمال وزنه في التدريس، ثم ولي الخانكاة . ). تعلُّم علوم الدين السُنّى تفتح الأبواب لأبناء العوام من طحّان وفلاح لأن يحصل على وظيفة ، ثم يشترى ما فوقها بالمال السُّحت ، وتتعدّد وظائفه ، وإذا وصل لأع

( تطبيق الشريعة السنّية لأكابر المجرمين في عصر السلطان المملوكى الأشرف برسباى )

هناك من يطالب بتطبيق ما يسمونه بالشريعة ، ولا يعرفون أن أسلافهم طبقوا شريعة شيطانية لصالح أكابر المجرمين . هذا الكتاب يعطى تقريرا تاريخيا عن تطبيق شريعة أكابر المجرمين في عصر السلطان برسباى من واقع تاريخ السلوك للمقريزى.
more