رقم ( 24 ) : الباب الأساس
الفصل الرابع عشر : الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 838

    الفصل الرابع عشر  : الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 838

قراءة في تاريخ السلوك للمقريزى  / المقريزى شاهدا على العصر 

قال المقريزى في التأريخ لسنة 838

مقالات متعلقة :

 سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة

شهر اللّه الحرام ( محرم ) أوله السبت‏:

الصراع البحرى المملوكى الصليبى

( في ثالثه‏:‏ قدمت التجريدة المجهزة في البحر بغير طائل‏. ). خرجت وعادت بلا طائل ، كالمثل المصرى ( سالمة يا سلامة  رُحنا وجينا يالسلامة ) .

اضطهاد الحجاج الفرنجة القادمين للكنيسة في القدس : ( القمامة )

( وفي ثامن عشرينه‏:‏ وصل من القدس مائة وعشرة رجال من الفرنج الجرجان وقد قدموا لزيارة قمامة على عادتهم ، فاتهموا أن فيهم عدة من أولاد ملوك الكيتلان الذين كثر عيثهم وفسادهم في البحر، فأحضروا ليكشف عن حالهم ، وهم بأسوأ حال ، فسجنوا مهانين‏. ثم أفرج عنهم بعد أيام وقد مات منهم عدة‏. ) .

تعليق

1 ـ بين السطور نفهم أن الحجاج الفرنجة كانوا تحت مراقبة أمنية ، ونفهم معاناتهم ، فالاتهام ظالم ، فهم ليسوا من أولاد الملوك الكيتلان ، ولا أساس لهذا الاتهام بدليل الافراج عنهم . ولكن قبل الافراج عنهم جىء بهم من القدس ـ تحت الحديد ـ الى القلعة ، وبالتعذيب كانوا بأسوأ حال . وصلت حالتهم الى المقريزى ، فسجّل هذا . وسجنوهم وأهانوهم ، ثم بعد أيام من الاستجواب والتعذيب أفرجوا عمّن ظلّ منهم حيا .

2 ـ على أن هذه المأساة لا تختلف كثيرا عن غارات الأعراب على الحجّاج المحمديين ، ومن أولئك المعتدين على الحُجّاج أحد ( الأشراف ). وربما لولا أن المقريزى كان ضمن القافلة ما عرفنا هويّة هذا ( الشريف / الخسيس ).!

علاقة ودية بين برسباى والعثمانيين ‏

( وفي رابعه‏:‏ قدم قاصد الأمير عثمان قرا يُلك بكتابه وتسعة أكاديش تقدمة للسلطان ، وبعث بدراهم عليها سكة السلطان‏. )

تعليق

كانت العلاقة ودية بين المماليك والدولة العثمانية الناشئة ، يجمعهما الصراع ضد الأوربيين ، وتوطّدت أكثر في عهد السلطان قايتباى . لم يعرف المماليك أن العثمانيين هم الذين فيما بعد سيدمرون الدولة المملوكية ، ويرثون أملاكها .

‏عزل وتولية لأكابر المجرمين

1 ـ ( وفي حادي عشره‏:‏ قبض على الأمير بردبك الإسماعيلي ، أحد أمراء الطبلخاناه وحاجب ثاني ، وأُخرج إلى دمياط‏. وأُنعم بإقطاعه على الأمير تغري بردي البكلمشي المعروف بالمؤذي أحد رءوس النوب‏. واستقر الأمير جانبك الذي عزل من نيابة الإسكندرية حاجبا عوض الإسماعيلي‏. ).

تعليق

هذا معزول ومغضوب عليه ، ولا نعرف السبب . عزله ارتبط بنفيه ومصادرة إقطاعه ، أو الأرض الزراعية التي كانت له . شيء مُضحك ، تلقيب هذا الأمير المملوكى ب ( المؤذى ) . هل إحتكر وحده الإيذاء ؟ ماذا عن الأمير دولات خجا ؟

2 ـ ( وفيه ( 23 محرم ) خلع على الأمير دولات خجا ، وأعيد إلى ولاية القاهرة عوضًا عن التاج الشويكي ، وكان أخوه عمر يتحدث عنه في الولاية ، وقد ترفع عنها بمنادمته السلطان‏. ) . هذا الأمير المجرم أعاده برسباى مديرا لأمن القاهرة . ‏

‏رجوع الحجاج

5 ـ في نفس اليوم : ( ورُسم بطلب الأمير أرغون شاه الوزير - كان - من دمشق وهو أستادار بها ليستقر في الوزارة عوضاً عن أمين الدين إبراهيم بن الهيصم بعد ما تنكر السلطان على أستادار كريم الدين عبد الكريم ابن كاتب المناخ من أجل أنه عرض عليه الوزارة فلم يقبلها ، فرسم بعقوبته. وضمنه ناظر الخاص سعد الدين إبراهيم ابن كاتب جكم‏. ).

تعليق :

 ( الوزير ـ كان ) أي الوزير السابق ( الذى كان ). الاستادار ابن كاتب المناخ رفض منصب الوزير ، فعاقبه برسباى ، أي أمر بضربه وتعذيبه . وضمنه ناظر الخاص ابن كاتب جكم .

‏6 ـ ( وفي يوم السبت عشرينه‏:‏ خلع على أستادار كريم الدين على عادته‏. ) .

تعليق

1 ـ بعد أن ضمنه ناظر الخاص ابن كاتب جكم ، أفرج برسباى عن الاستادار ابن كاتب المناخ ، وأعاده لمنصب الاستادرا مكرما ، وهذا معنى ( خلع على ) . يعنى عزل وضرب ثم تعيين ثم تكريم .! 

2 ـ من المعتاد تكريم الموظف الكبير بموكب تشريف ، ثم عزله وتعذيبه وربما تشهيره وتجريسه بموكب تحقير . وأكابر ( الموظفين ) خدم العسكر المملوكى لا يرون في هذا باسا . فقد كانوا عبيدا للمماليك ( الذين كانوا من قبل عبيدا مماليك ).

7 ـ ( وخلع على الوزير أَمين الدين واستقر بعد الوزارة في نظر الدولة كما كان قبل الوزارة‏. وألزم بتكفية الدولة إلى حين قدوم الأمير أرغون شاه ، فاختفى في ليلة الاثنين‏. ). سيادة الوزير الجديد هرب خوفا من تولى منصب نظر الدولة .

8 ـ ( وفي يوم الاثنين ثاني عشرينه‏:‏ قبض على الأمير كريم الدين أستادار وألزم سعد الدين ناظر الخاص بولاية الوزارة ، فلم يوافق على ذلك‏. ) إعادة القبض على الاستادار كريم الدين ابن كاتب المناخ ، وبالتالي إعادة ضربه وتعذيبه . وهذا طبعا بعد الخلع عليه وتكريمه .! وألزم برسباى خادمه ناظر الخاص بتولى الوزارة ، فرفض . فماذا حدث له ؟

9 ـ ( وفي خامس عشرينه‏:‏ تغير السلطان علي سعد الدين ناظر الخاص لامتناعه من ولاية الوزارة وأمر به فضُرب - وقد بطح على الأرض - ضرباً مبرحاً‏. ثم نزل إلى داره‏. ) عاقب برسباى خادمه ناظر الخاص بالضرب المبرح لرفضه منصب الوزارة .

3 ـ (  وخلع أيضاً على ابن قطارة واستقر في نظر الدولة‏. ).

4 ـ  إفراج من السجن بدفع غرامة مقدمها 20 ألف دينار : ( وفي يوم الثلاثاء ثامن عشرينه‏:‏ أفرج عن الصاحب كريم الدين من ترسيم التاج فسار إلى داره بعد ما حمل نحو عشرين ألف دينار ، وضمنه فيما بقي جماعة من الأعيان. )

احتكار‏

( وطرحت من الغلال على الناس ما بلغت جملته بما تقدم ذكره ثمانية عشر ألف أردب فولاً وثمانية آلاف أردب قمحاً فنزل بالناس في هذا الشهر شدائد‏. ) . على الناس أن يشتروا بالسعر الذى يحدده سلفا أكبر أكابر المجرمين . وهو الذى يقيم دعائم الدين السُّنّى ، ومنه المولد النبوى ، وهذا في الخبر التالى :

‏المولد النبوى

( وفي ليلة الجمعة رابعه‏:‏ عمل المولد النبوي بين يدي السلطان بقلعة الجبل على العادة.)

عمارة الكعبة

( وفي هذا الشهر‏:‏ انتهت عمارة سقف الكعبة - شرفها الله تعالى - على يد سودن المحمدي ، وشرع في هدم المنارة التي على باب اليمني من المسجد الحرام ، فهدمت وبنيت بناء عالياً‏. )

تعليق

إسلاميا لا تقديس لبناء الكعبة ، هي أحجار ، ولا تقديس للبشر أو الحجر في الإسلام . وقد سقط بناء الكعبة مرارا وتم بناؤها وتجديدها مرارا . الكعبة بناء يحدد موقعا مُختارا من رب العزة ، وقد بُنى فيه البيت العتيق أول بيت وُضع للناس ، مذ كان هناك ناس . وحدّد رب العزة مانه لابراهيم وأمره برفع دعائمه . في الطواف حول الكعبة يحرم لمسها . هذا في الإسلام ، أما في أديان المحمديين فهم يعبدون ما ينحتون .!

 

‏شهر ربيع الآخر أوله الخميس‏:‏

إحتكار

( وفيه منع التجار بالإسكندرية من بيع البهار على برسباى ، وتولاها مكانه ، وكان هذا من سوء حظ على بن الطبلاوى الذى عزله السلطان الجديد جقمق ضمن حركة تغيير وتعديل فى الوظائف الكبرى ، أى لم يتمتع ابن الطبلاوى بالسلطة سوى عدة أشهر، فعزل فى يوم الخميس الثالث من شوال عام 842. ويبدو ان شهر شوال هو شهر النحس لهذا الظالم المنحوس.

 3 ـ وأفلح ابن الطبلاى فى سرقة ما يكفى خلال هذه الأشهر القليلة ،  لذلك استطاع بعد أقل من عام أن يصل بالرشوة الى تولى منصب جديد هو كاتب الجيش ـ إذ ولاه السلطان جقمق هذا المنصب فى 28 رمضان عام 843 . ( السلوك 4/3/ 1183 ).

4 ـ وفى عام 844 أنهى المؤرخ العظيم تقى الدين أحمد بن على المقريزى كتابه ( السلوك ) وهو أعظم موسوعة تاريخية لمصر و الشام والحجاز خلال العصر المملوكى ، حيث كان المقريزى يسجل أحداث عصره باليوم و الشهر، ينقل نبض الشارع شاهدا على ما يحدث ، وما لبث المقريزى أن مات فى العام التالى 845 ( الموافق 1442.).

5 ـ وعاش على بن الطبلاوى ( علاء الدين ) بعد موت المقريزى، حيث ظل ابن حجر العسقلانى المشهور بلقب ( أمير المؤمنين فى الحديث ) ، يؤرخ للعصر على طريقة المقريزى ، وذلك فى تاريخه ( إنباء الغمر بأبناء العمر ) ولكن ابن حجر لم يذكر شيئا عما حدث لابن الطبلاوى بعد عام  843.
أى إختفى ابن الطبلاوى من سطور التاريخ ، وعاد للخمول و الفقر تلاحقه لعنات المظلومين الى أن مات مجهولا . وما أغنى عنه ماله وما كسب .!!

6 ـ هل يعتبر بذلك اللصوص الذين يحكمون مصر الآن ؟  لهذا نُنقّب في سطور التاريخ ـ ليس للتسلية ـ ولكن أملا في الإصلاح ، لعلّ وعسى .

عمارة الحرم ‏

( وفي هذه الأيام‏:‏ حمل إلى مكة - شرفها الله تعالى - من الرخام ما ذرعه ستون ذراعاً لحرمة الحجر وشاذروان البيت‏. وحمل من الجبس خمسون حملا لبياض أروقة المسجد الحرام ، ومن الحديد عشرة قناطير لعمل مسامير ، وأربعون قطعة خشب لشد أروقة المسجد الحرام‏. )

تعليق

1 ـ جهد مشكور هنا للمماليك في رعاية البيت الحرام . وهذا مع ملاحظة أن المماليك كانوا يبعثون بصدقات لسكان مكة والمدينة ( الحرمين ) ، وكثيرون كانوا يوقفون أوقافا خيرية وأهلية في هذا الشأن .

2 ـ تغير هذا مع سيطرة الأسرة السعودية على البيت الحرام ، فمنعت المحمل المصرى ، واستغلت فريضة الحج وسيطرتها على البيت الحرام في فرض أموال على راغبى الحج . ومع ثراء المملكة الآن وتكديسها مئات البلايين من الدولارات في الداخل والخارج ، ومع الاسراف في نفقات الملك وأسرته إلا إنهم لا يزالون يبتزون الحُجّاج ، ويفرضون عليهم رسوما باهظة .

3 ـ هذا يذكرنا بما كان يقوم به الأعراب من الهجوم على قوافل الحج ، وسلب الحُجّاج وقتلهم ، مما استدعى حصر الحج في وقت محدد بعد أن كان خلال الأربعة أشهر كما جاء في القرآن الكريم ، وبما استدعى تسيير حملة عسكرية لحماية حُجّاج البيت الحرام .

4 ـ من المضحك المؤسف أن يطلق الملك السعودى على نفسه ( خادم الحرمين ) ويجعله لقبا دينيا ضمن مبتدعات دينه السنى ، وليس خادما ل ( الحرمين ) بل هو يسلب القادمين لهما ، ويتخذ من سيطرته عليهما مكانة في كوكب المحمديين .

‏حملة مملوكية على أعراب الصعيد

( وفي سلخه‏:‏ برز الأمير تمراز رأس نوبة النوب وصحبته عدة مائتي مملوك وخجا سودن رأس نوبة من أمراء الطبلخاناه وأمير أخر من أمراء العشرات ، ليتوجهوا إلى الوجه القبلي . وذلك أن الأمير تغري برمش - أمير أخور - خرج إلى سرحة الوجه القبلي لأخذ تقادم العربان وغيرهم ، فلقيه علي بن غريب على ناحية دهروط ، وهو يومئذ يلي أمر هوارة البحرية ليحضر تقدمته على العادة‏. وحضر ملك الأمراء بالوجه القبلي - وهو محمد الصغير - وجاءت طائفة من محارب وطائفة من فزارة ليقدموا تقادمهم ، فاقتضى الحال إرسال ملك الأمراء وعلي ابن غريب معهم لأخذ التقادم منهم ، فغدروا بهم ، وثاروا عليهم ، فقاتلهم ملك الأمراء وعاد مهزوماً ، وقد جرح ، وقتل عدة من جماعته‏. ثم إن السلطان عين لكشف الوجه القبلي الصاحب كريم الدين ابن كاتب المناخ . )

تعليق

الأعراب هم القوة المسلحة الوحيدة التي كانت تنافس الحكم العسكرى المملوكى.  هم بقايا القبائل العربية في مصر ، ومنهم من أتى من غرب مصر . وقد استوطنوا أطراف وادى النيل ، وقاموا بتخريبه . تراوحت علاقاتهم  قبائلهم بالمماليك بين الحرب وبين المهادنة . ودفع الثمن الفلاح المصرى ، كان ضحية الفريقين معا .

2 ـ هنا حملة مملوكية حربية ضد أعراب الصعيد ، حيث برز عرب هوّارة ومعهم قبائل فزارة ومحارب ، وكانوا وقتها خاضعين للمماليك يقدمون لهم ( التقدمة ). جاء الأمير المملوكى ( ملك الأمراء بالوجه القبلى ) ليتسلم منهم ( التقدمة ) فغدروا به ، وقاتلوه وهز لذا أعيد سعد الدين ناظر الخاص مقابل 30 ألف دينار . وحتى لا يدفعها ( كاش ) باع ممتلكاته ليؤكد للسلطان فقره . هي لعبة القط والفأر المعتادة .

6 ـ (  وفيه ألزم تاج الدين عبد الوهاب بن الشمس نصر الله الخطير بن الوجيه توما ناظر الاصطبل بولاية الوزارة ، وخلع عليه من الغد يوم الثلاثاء ثامن عشره‏.). هنا إلزام بالتعيين .

7 ـ ( وفيه خلع على الأمير التاج الشويكي واستقر مهمنداراً عوضاً عن الأمير أقطوة ،  المتوجه رسولاً إلى شاه رخ‏. )

8 ـ ( وفي يوم الأربعاء تاسع عشره‏:‏ رسم بإقطاع أركماس الجلباني التِمْراز المؤيدي‏. ) ( وأنعم بطبلخاناه تمراز على الأمير سنقر العزي نائب حمص ، واستقر عوضه طغرق أحد أمراء دمشق‏. )

9 ـ ( وفي العشرين منه‏:‏ خلع على شمس الدين أبي الحسن ابن الوزير تاج الدين الخطير ، واستقر في نظر الاصطبل عوضاً عن أبيه‏. ). تولية الابن منصب أبيه ، في مقابل مال . فأكبر أكابر المجرمين لا يعطى منصب الأب مجانا للابن .

تسليم سيف الأمير بعد وفاته

( وفيه قدم سيف الأمير أركماس القصود بالناس هنا هم المستفيدون من هذا الفساد .

3 ـ ضابط المخابرات ــ الذى يترأس دولة العسكر في مصر الآن ــ لا يشبع من السرقة ، وقد وضع الأوقاف المصرية تحت يده لأول مرة في تاريخ الأوقاف المصرية ، وهو تاريخ مستمر قبل وبعد العصر المملوكى . إذا كان برسباى أكبر أكابر المجرمين يقلق على الأوقاف في عهده ، فماذا عمّا حدث للأوقاف المصرية ( الخيرية والأهلية ) الآن ؟ تعجز الكلمات عن التعليق .! نكتفى بقول الله جل وعلا : ( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) ق )

مناخ ‏

( وفيه اشتد قلق الناس لقلة البرد في فصل الشتاء وعدم المطر وهبوب رياح حارة في أوقات عديدة ، خوفا على الزرع ، ولله الأمر. ).

تعليق

يظهر في تعبير المقريزى القلق الذى كان يشعر به المصريون ، حيث كان أي تغيير في المناخ يجعلهم يتوهمون   من تأثيره على النيل . هذا النيل هو الذى فرّط فيه عسكر مصر الخائن الخائب ..

شهر رجب أوله الاثنين‏:

محمل الحاج‏

3 ـ ويذكر المقريزى أهم أنواع النقد الرائجة وهو الدرهم الذى أصدره الظاهر برقوق ، ولم يكن فضّة خالصة بل ثلثه من النحاس ، ثم يليه الدينار الذهبى : ( وكان النقد الرائج بديار مصر وأرض الشام الفضة المذكورة ، ويعمل ثلثها نحاس وثلثاها فضة‏. ثم يلي الفضة المذكورة في المعاملة الذهب المختوم الإسلامي ولا يعرف دينار غيره‏. )

4 ـ وعن الفلوس النحاسة اقل النقود قيمة قال : ( وكانت الفلوس أولاً إنما هي برسم شراء المحقرات التي لا تبلغ قيمتها درهم‏. )

5 ـ وراجت الفلوس في عصر برقوق حتى طغت على الدراهم الفضية بسبب الاستادار جمال الدين أبن اصفر عينه  : ( فلما كانت الأيام الظاهرية برقوق وقام بتدبير الأموال الأمير جمال الدين محمود بن علي بن أصفر عينه أستادار، أكثر من ضرب الفلوس الجدد المذكورة حتى صارت هي النقد الرائج بديار مصر، وقلت الدراهم‏. )

6 ـ وفى عهد الناصر فرج بن برقوق زاد طغيان الفلوس النحاسية حتى كادت أن تقضى على الدراهم الفضية والدنانير المملوكية ، مما جعل الدينار الافرنجى يروج  على حساب الدينار المملوكى . يقول المقريزى : ( فلما كانت الأيام الناصرية فرج بن برقوق تفاحش في دولته أمر نقود مصر وكادت الدراهم الفضة المعاملة التي تقدم ذكرها أن تعدم ، وصارت تباع كما تباع البضائع ، فبلغت كل مائة درهم منها إلى ثلاثمائة وستين درهماً من الفلوس ، التي يعد عن كل درهم منها أربعة وعشرون فلساً‏. وزاد سعر الذهب وراج منه الدينار الأفرنتي وهو ضرب الفرنج حتى عدمت الدنانير الذهب الهرجه المختومة بسكة الإسلام وبلغ الدينار الأفرنتي المذكور مائتين وستين درهماً من الفلوس المذكورة. )

7 ـ أدى هذا الانتشار للفلوس النحاسية أن ساد التعامل بها بين الناس في شتى معاملاتهم ، وحتى في تعامل السلطان مع الناس ، يعطيهم فلوسا لا دراهم ولا دنانير . وصارت الفلوس تُباع القنطار ( 100 رطل ) ب 600 درهم ، وبالوزن وليس بالعدّ ، وصار الدينار والدرهم يتم تقييمهما بالفلوس ، هذا مع تعدد الدينار المملوكى ووجود الدينار الافرنجى ، يقول المقريزى : ( وفسدت مع ذلك هذه الفلوس فعملت كل قنطار مصري - وهو مائة رطل مصرية - بستمائة درهم وصارت معاملة الناس بها في ديار مصر كلها بالوزن لا بالعدد فيحسب في كل رطل منها ستة دراهم وصارت قيم الأعمال وثمن المبيعات كلها - جليلها وحقيرها - وأجرة البيوت والبساتين وسجلات الأراضي كلها ومهور النساء وسائر إنعامات السلطان إنما هي بالفلوس وصار النقدان - اللذان هما الذهب والفضة - ينسبان إلى هذه الفلوس فيقال كل دينار بكذا أو كذا من الفلوس وكل درهم من الفضة إن وجد - ولا يكاد يوجد - بكذا من الفلوس فلم يبق للناس بديار مصر نقد سوى الفلوس‏. ثم بعد الفلوس الذهب الأفرنتي أو الذهب السالمي أو الذهب الناصري وهو بأنواعه إنما ينسب إلى الفلوس‏. وصار الذهب مع ذلك أصنافاً الهرجة وهو قليل جداً والأفرنتي وهو من الذهب النقد الرائج ، والسالمي وهي دنانير ضربها الأمير يلبغا السالمي أستادار زنتها مثقال كل دينار، والناصري وهي دنانير ضربها الملك الناصر فرج بن برقوق‏. )

8 ـ إرتفع شأن الدرهم حين ضرب المؤيد lign="right"> 1 ـ ( وفي هذا الشهر‏:‏ زاد ماء النيل نحو أربعة أذرع قبيل أوان الزيادة فأغرق كثيرًا من مقاتي البطيخ‏. واستمرت الزيادة إلى ثالث بؤونة،  وهذا مما يستغرب وقوعه فتلف للناس مال عظيم . ).

2 ـ ( وفي يوم الثلاثاء ثالث عشرينه - وهو سابع عشرين بؤونة‏:‏ - ابتدأ بالنداء على النيل فزاد إصبعين وجاءت القاعدة أحد عشر ذراعاً وعشر أصابع وهذا مما يندر وقوعه ولم ندرك مثله‏. )

3 ـ ( وفي سادس عشرينه‏:‏ لم يناد على النيل إلى سلخه ونقص ستة عشر إصبعا‏. )

تعليق

معاناة من زيادة الفيضان ومن شُحّ الفيضان، ولكن كان النيل وقتها موجودا .. وجوده الآن أصبح مثار شكّ عظيم .!! . كانت مصر (هبة النيل ) . اثيوبيا ستأخذ ( النيل ) وسيبقى للمصرين السيدة ( هبة ).!

ملاحظة

أخبار شهرى شوال وذى القعدة تدخل في صراعات برسباى وشاه رُخ ، والامارات التركمانية . ولها كتاب خاص قادم .

  ‏شهر ذي الحجة أوله الأربعاء

صراعات أكابر المجرمين المسيحيين في أسبانيا في هذا العام ، وأكابر المجرمين من المحمديين ينغمسون في هذا الصراع

يقول المقريزى :

1 ـ  ( وفيها كانت بينِ إفرنج حروب ، سببها أن ألفنش ( ألفونسو ) الذي يقال له ألفنت  صاحب مملكة أرغون ، وهو الذي غزا مدينة أغرناطة من الأندلس وأخذ من المسلمين النقيرة وغيرها ،  وكان وصياً على ولد أخيه بقشتالة ، فلما هلك قام من بعده ابنه بترو بن ألفنت صاحب برشلونة وبلنسية وغير ذلك من مملكة أرغون، حتى هلكت ملكة نابل ( نابلى ) فاستضاف الجنويون مملكة نابل إلى مملكتهم ، فشق ذلك على بترو بن ألفنت ، وسار إليهم في أربعين قطعة في البحر ، ونزل على قلعة كايات وحصرها ، إلى أن أخذها عنوة ، وخرّبها بعد أن صلب ثلاثة من رؤسائها على السور وأسر جميع من فيها . وتوجه إلى جزيرة غيطلة وهي من أجل مملكة نابل ، وأقام عليها مدة . )

2 ـ  ( فبعث الجنويون إلى المنتصر أبي عبد اللهّ محمد صاحب تونس ومملكة إفريقية رجلاً من أخواله، فإن أمه جنوية ،  يستنجدونه على بترو، فأمدهم بمال ، وجهز لهم اثني عشر مركبة حربية‏. فلما قدمت عليهم مع رسولهم نجدة صاحب تونس ساروا في خمسة وأربعين مركبا - منها ثمانيذين إغتصبوا الأوقاف المصرية وغير المصرية من أراض تحيط بالبيت الحرام وأقاموا عليها فنادق فاخرة ضخمة ، أصبحت بها الكعبة غير مرئية تقريبا .

وباء في المشرق :

( وفيها وقع وباء عظيم ببلاد كرمان‏.( وسط ايران ). وأبتدأَ في مدينة هراة من بلاد خراسان في شهر ربيع الأول وشنع فمات فيه عالم عظيم ، يقول المكثر ثمانمائة ألف . )  

( تطبيق الشريعة السنّية لأكابر المجرمين في عصر السلطان المملوكى الأشرف برسباى )

هناك من يطالب بتطبيق ما يسمونه بالشريعة ، ولا يعرفون أن أسلافهم طبقوا شريعة شيطانية لصالح أكابر المجرمين . هذا الكتاب يعطى تقريرا تاريخيا عن تطبيق شريعة أكابر المجرمين في عصر السلطان برسباى من واقع تاريخ السلوك للمقريزى.
more