رقم ( 25 ) : الباب الأساس
الفصل الخامس عشر : الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 839

الفصل الخامس عشر : الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 839 

قراءة في تاريخ السلوك للمقريزى  / المقريزى شاهدا على العصر 

قال المقريزى في التأريخ لسنة 839

مقالات متعلقة :

 ( سنة تسع وثلاثين وثمانمائة )

 شهر اللّه المحرم أوله يوم الخميس‏:‏

النيل

( في خْامسه - الموافق ثامن مسرة‏:‏ - كان وفاء النيل ستة عشر ذراعاً وأربعة أصابع ، فركب المقام الجمالي يوسف ابن السلطان حتى خلق المقياس ، وفتح الخليج على العادة‏. )

تعليق

كان تخليق المقياس للنيل بفتح الخليج مناسبة لابن السلطان ليكتسب شعبية .

ملاحظة

بقية أخبار شهر محرم وصفر تأتى في صراعات الشرق في الكتاب القادم .

شهر ربيع الأول ، أوله يوم الأحد‏:

وظائف أكابر المجرمين

1 ـ ( ‏وفي يوم الاثنين ثانيه‏:‏ خلع على شرف الدين أبي بكر الأشقر نائب كاتب السر واستقر كاتب السر بحلب ، عوضاً عن عمر بن أحمد بن السفاح ، بعد ما امتنع من ذلك أشد الامتناع ، وهُدّد بالقتل‏. وسبب ذلك أن ابن السفاح كتب مراراً بالحطّ على الأمير قرقماس نائب حلب ، وأنه يريد الخروج عن الطاعة، ويخامر على ( يتآمر أو يخون )  السلطان ، وآخر ما ورد كتابه في ذلك في نصف صفر . فطُلب الأمير قرقماس ليحضر ، وتوجه النجاب بذلك ، وقد حصل القلق خوفاً من عدم حضوره لامتناعه ، فلم يكن بأسرع من مجيء نجاب نائب حلب في خامس عشرينه ، يستأذن في القدوم ، وقد بلغه شيء مما رمى به من المُخامرة‏. فغضب السلطان على ابن السفاح ، ورسم بعزله ، واستقرار شرف الدين المذكور عوضه . لأنه علم أنه لو كان قرقماس مخامراً لما استأذن في الحضور ،  وسُرّ بذلك ، وكتب بحضوره‏. وكان هو عندما ورد عليه المثال الأول خرج على الفور من حلب ، فقدم خارج القاهرة في سادس ربيع الأول هذا‏. ).

تعليق :

ابن السفاح كاتب السّر للأمير قرقماس نائب حلب يتآمر عليه ، يتهمه بخيانة برسباى ، وعزله برسباى عندما تأكد من إخلاص قرقماس .

2 ـong>

تعليق

 يتسلم السلطان جزءا من تركة قصروه نائب الشام . هو مبلغ هزيل ، حوالى 200 ألف دينار من عرق المستضعفين في الأرض . في الشريعة السُّنّية ليس هذا حراما وليس من المال السُّحت ، بل هو من المعلوم عندهم من دينهم بالضرورة . ومن يعترض فليشرب من البحر الأبيض والبحر الأحمر ، والبحر الأسود أيضا .

4 ـ (  فيه قدم جمال الدين يوسف بن الصفي الكركي ، ناظر الجيش بدمشق مطلوباً ، وهو مريض بضربان المفاصل ، ومعه تقدمة جليلة . فقُبلت تقدمته ، وأُمر بالإقامة في منزله حتى يبرأ‏. ) .

تعليق

 جىء بأحد أكابر المجرمين مطلوبا للتحقيق أو العقاب ، فكان مريضا ، ومع هذا فقد اصطحب معه ( تقدمة ) أي هدايا للسلطان ، فقبلها السلطان . وأمر بإقامته في بيته بالقاهرة الى أن يبرأ .

أخبار أكابر المجرمين

 حادث أليم لناظر الجيش عبد الباسط :

 1 : ( وفي سادس عشره‏:‏ أصيب القاضي زين الدين عبد الباسط ناظر الجيش بضربة فرس على ركبته اليمنى ، وهو سائر مع السلطان إلى الرماية ، عند جامع المارديني خارج باب زويلة ، فتجلّد ، حتى وصل ناحية كوم أشفين من البلاد القليوبية‏ ، ثم عجز فألقى نفسه عن الفرس ، فأُركب في محفّة إلى داره . ولزم الفراش ثلاثة عشر يوماً‏.  ) .

 2 : ( وفى ثامن عشرينه ركب القاضي زين الدين عبد الباسط  الى القلعة ، وقد عوفى مما كان به .  ) .

تعليق

يتتبع المؤرخ أخبار أكابر المجرمين في نزهاتهم ، وحتى لو تعرّض أحدهم لحادث عارض . أما المستضعفون في الأرض فلا إهتمام بهم إلا عند الكوارث من أوبئة ومجاعات ومذابح وسلب ونهب . ويذكر المؤرخ أعدادهم بعشرات ومئات الألوف . وفى هذا الكفاية ، لا يستحقون أكثر من هذا ، فهم ( ملح الأرض ) الذى يدوسه  أكابر المجرمين بنعالهم .

  حركة تنقلات بسبب ما يحدث شرق الدولة المملوكية  

 1 : ( وفي يوم السبت عشرينه‏:‏ خلع على الأمير تغري برمش أمير أخور ، واستقر في نيابة حلب ، عوضاً عن الأمير أينال الجكمي‏. وكتب بانتقال الجكمي إلى نيابة الشام عوضاً عن قصروه بحكم وفاته ، وجهز له التشريف والتقليد‏. ).

 2 : ( وفي حادي عشرينه‏:‏ سار الأمير تغري برمش إلى محل كفالته بحلب‏. ). 

ارتفاع الأسعار ، والجوعى يتظاهرون بسبب الغلاء ، وبرسباى لا يهتم بهم ، مع وجود الغلال في مخازنه

قال المقريزى

1 ـ ( هذا ، وقد ارتفعت الأسعار بالقاهرة،  فبلغ الأردب القمح ثلاثمائة وستين ، والبطة الدقيق مائة وعشرة ، والخبز نصف رطل بدرهم ، والأردب من الشعير أو الفول مائتي درهم وعشرة دراهم ، ولحم الضأن ثمانية دراهم ، ولحم البقر خمسة دراهم ونصف. وكل ذلك من الفلوس . وبلغ الزيت الطيب - وهو زيت الزيتون - أربعة عشر درهماً الرطل‏. وبلغ الشيرج اثني عشر درهماً الرطل‏.) 

2 ـ ( وفي رابع عشرينه‏:‏ ركب السلطان للرماية ، فضجّ العامة ، واستغاثوا من قلة وجود الخبز في الأسواق، مع كثرة وجود القمح بالشون . فلم يلتفت إليهم‏. ).

تعليق

1 ـ لا يجب أن نغضب كثيرا ــ  جدا ـ  من برسباى لعدم اهتمامه بمظاهرة العوام الجوعى ، يكفى أن تركهم يتظاهرون . ضابط المخابرات الذى يحكم مصر الآن "RTL">وظائف أكابر المجرمين

1 ـ ( ‏وفي حادي عشره‏:‏ قدم الأمير غرس الدين خليل بن شاهين نائب الإسكندرية بهدية ، فخُلع عليه من الغد يوم الإثنينْ ثاني عشره‏ ، ونزل من القلعة ، فأدركه من خلع عنه الخلعة وأعادها إلى ناظر الخاص . وذلك أنه بلغ السلطان عنه أنه أفرج للتجار عدة أحمال فلفل حتى باعوها للفرنج بمال أخذه منهم، وكان قد تقدم مرسوم السلطان بمنع التجار من بيع الفلفل ، وأن الفرنج لا تشتريه إلا من الديوان السلطاني‏. ).

تعليق

 إبن شاهين نائب السلطان في الإسكندرية كرّمه برسباى بالخُلعة ، ثم علم السلطان إنه خانه في موضوع الاحتكار فسلب منه الخُلعة . برسباى يسامح الموظف المفسد لأنه يشاركه في ربحه من  الفساد ، لكن لا يسامح فيمن يختلس منه مالا ، وهو يعتبر نفسه صاحب الحق الوحيد في البيع والشراء . تسبب هذا في عزله عن نيابة الإسكندرية وعن نظرها ، ثم سيأتى فيما بعد أن برسباى قلّد ابن شاهين وظيفة ، مع علمه بفساده، فدولة العسكر مؤسسة على الفساد .! . كانت ولا تزال .!

2 ـ ‏( وفي عشرينه‏:‏ خلع على أقباي البشْتكَي أحد الدوادارية ، واستقر في نيابة الإسكندري>تعليق

1 ـ اختلافات في تقدير أعداد الموتى حتى في مدينة تعز اليمنية . أما موتى القرى وسُكّان الجبال فلا تعداد لهم . ونفس الحال مع الموتى في الحبشة والصومال وأفريقيا . لو مات في الوباء حاكم لاسرع المقريزى بذكره . أما المستضعفون فلا ( بواكى لهم ).!!

2 ـ الوباء لا يفرّق بين المحمديين والمسيحيين والوثنيين ، كما إنه لا يمنع التقاتل بينهم . كان هذا في الماضى ، ولا يزال حتى الآن ، فالمحمديون يتقاتلون تحت قصف كورونا ، في اليمن والصومال وليبيا وسيناء وسوريا وأفغانستان.. الخ .

3 ـ الشيطان لم ولن يقدم استقالته .! مهما تكاثر أتباع الشيطان عددا ــ وهم بالفعل أكثرية البشر ـ ففي جهنم متّسع لهم جميعا . قال جل وعلا : (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) ق   ) . يحتجّون بأكثريتهم العددية ، وأننا أهل القرآن أقلية ، ولا يعلمون أن الله جل وعلا وصف الأكثرية بأنها لا تؤمن ولا تعقل ولا تعلم .!! هنيئا لهم بوصف الأكثرية ، فمن ضمن الأكثرية من يعبد بوذا والبقر والشجر والحجر والموتى في القبور ! .

 شهر ذي القعدة : أوله يوم الجمعة  ‏

وظائف أكابر المجرمين

( في ثاني عشره‏:‏ رسم باستقرار شمس الدين محمد بن علي بن عمر الصفدي في قضاء الحنفية بدمشق ، عوضاً عن بدر الدين الجعفري ، بمال وعد به‏. )

تعليق

1 ـ فضيلة القاضي ( وعد بمال ) ليتولى الوظيفة . فضيلة القاضي ليس معه وقتها ( كاش ) ، ولكنه متأكّد أنه سيدفع الرشوة لاحقا حين يتولى الوظيفة قاضيا لقضاة الحنفية في دمشق . سيجنى الكثير من وظيفته ، وسيدفع منها القليل لأكبر أكابر المجرمين برسباى ، الذى يلقبه المقريزى بسلطان الإسلام !.

2 ـ ويا أيها الإسلام العظيم كم من الجرائم يرتكبونا باسمك .!!. ليس مثل الإسلام دين ظلمه المنتسبون اليه .!!

احتكار

( وفي رابع عشره‏:‏ مُنع الناس بالقاهرة من ضرب أواني الفضة وآلاتها ، وأن يحمل ذلك إلى دار الضرب ليُضرب دراهم‏. )

تعليق

1 ـ وصلت شراهة برسباى الى المنع من تصنيع أدوات البيوت من الفضة ، وألزمهم بتسليمها الى ( دار سكّ النقود ) لتصنيعها دراهم ( مغشوشة ) .

2 ـ  لا ينطبق هذا بالطبع على قصور أكابر المجرمين ، والمتاع فيها بالذهب وليس الفضة فقط ، بل إن خيولهم ــ  المُعدّة للمواكب ــ كان يتم تحليتها وتزيينها بالذهب ، يقال ( كنبوش من ذهب ).! .

3 ـ هذا يذكرنا بالمترفين البتروليين الذين يصنعون من الذهب دورات مياههم ومقاعدهم ، ويطرزون به عباءاتهم . يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله جل وعلا بل يصدون عن سبيل الله جل وعلا يبغونا عوجا . تفوقوا في هذا على الكهنوت الكافر من أهل الكتاب ، وقد قال جل وعلا للمؤمنين : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنْ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35) التوبة )

4 ـ  تفوّق على برسباى في جشعه وكراهيته للفقراء ضابط المخابرات الذى يحكم مصر الآن . هو الذى يسرق مناجم الذهب المصرى ، ويبنى لنفسه وأكابر المجرمين القصور والمُدُن المُحصّنة ويهدم مساكن الفقراء ، ويقوم باجلائهم من بيوتهم ليبيع أرضها بالبلايين . هو الذى يسرقهم بالفواتير والضرائب ويقفل أبواب الرزق في وجوههم ، ويغلق المصانع ، ويحتكر كل شيء ، يعلن بلسان المصريين أنهم ( فقراء أوى ) ، وهو يهرب مئات البلايين الى الخارج . ويؤيده في كل جرائمه شيخ الأزهر .

5 ـ عليهم جميعا لعنة الله جل وعلا والملائكة والناس أجمعين .!

اعتقال رسل ملك بنجال الهندى

( وفي تاسع عشرينه‏:‏ قبض بمكة على رسل ملك بنجاله من بلاد الهند ، وسبب ذلك أن السلطان جهز في سنة خمس وثلاثين هدية من القاهرة إلى السلطان جلال الدين أبي المظفر محمد بن فندوا صحبة بعض الطواشية ، فوصل بها إلى بنجالة ، وقدمها إلى السلطان جلال الدين ،فقبلها ، وعوض عنها بهدية قيمتها عندهم اثنا عشر ألف تنكة حمراء.  ومات في أثناء ذلك . وقام من بعده ابنه المظفر أحمد ، فأمضى هدية أبيه ، وزادها من عنده هدية أخرى ، فيها ألفا شاش وعدة ثياب بيرم وخدام طواشيه وطُرف‏. وجهز الجميع ، وبعث معهم عدة من خدامه الطواشية ،   وعلى أيديهم خمسة آلاف شاش ، ليبيعوها ويشتروا له بها أمتعة‏ . فركبوا في البحر فحيرهم الريح وألقاهم إلى بعض جزائر ذيبة، فمات بها الطواشي المجهز من مصر‏. وبلغ صاحب ذيبة أنه عتيق غير السلطان ، فأخذ ما تركه ، ولم يتعرض لشيء من الهدية . فاتفق مع ذلك قتل ملك بنجالة أحمد الذي جهز الهدية الثانية ، وقام آخر بعده‏ . فلما اعتدل الريح ، ساروا عن ذيبة إلى أن قاربوا جدة ، غرق مركبهم بما فيه عن آخره‏. فنهض الصاحب كريم الدين من مكة ، وقد بلغه الخبر ، حتى نزل جدة ، وندب الناس ، فأخرج من تحت الماء الشاشات والثياب البيرم بعد مكثها في الماء ستة أيام‏. وتلفت المراطبينات ( أوانى خزف ) التي بها الزنجبيل المربا والكابلي المربا ونحو ذلك‏. فسلم الشاشات والبيارم إلى القصَّارين حتى أعادوا جدتها‏. وكتب إلى السلطان بذلك‏. فكتب بالقبض على طواشية ملك بنجالة ، وأخذ الخمسة آلاف شاش منهم ، ومنعهم من المجيء إلى القاهرة‏. وأن من ورد ببضاعة إلى جدة من ذيبة أخذت للديوان بأسرها ، فندب أبو السعادات ابن ظهيرة قاضي مكة الشافعي ، ومعه أبو البقاء بن الضياء قاضي الحنفية ، لإيقاع الحوطة على الشاشات‏. ورسم على الطواشية حتى أخذت منهم بأسرها ، بعضها صنفاً ، وثُمTL">بقية أخبار شهر ذي الحجة في الكتاب القادم .

( تطبيق الشريعة السنّية لأكابر المجرمين في عصر السلطان المملوكى الأشرف برسباى )

هناك من يطالب بتطبيق ما يسمونه بالشريعة ، ولا يعرفون أن أسلافهم طبقوا شريعة شيطانية لصالح أكابر المجرمين . هذا الكتاب يعطى تقريرا تاريخيا عن تطبيق شريعة أكابر المجرمين في عصر السلطان برسباى من واقع تاريخ السلوك للمقريزى.
more




مقالات من الارشيف
more