رقم ( 19 ) : الباب الأساس
الفصل التاسع : الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام الطاعون : 833

الفصل التاسع  : الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام الطاعون  : 833

  مقدمة :

1 ـ ـ في هذا العام كانت النقمة بنوعين من المصائب : الوباء والمماليك الجُلبان ، اشتدّ فيه الطاعون ثم خمد ، وقضى على وباء بشرى آخر هو المماليلك الجلبان ، مما جعل برسباى  أكبر أكابر المجرمين يأتي بآخرين منهم .

مقالات متعلقة :

2 ـ جاء برسباى ضمن المماليك الأجلاب. إشتراه الأمير المملوكى دقماق المحمدى ، وأهداه للسلطان الظاهر برقوق فأعتقه السلطان وجعله من مماليكه . وشق الأمير برسباى طريقه يتولى إمارة ثم يدخل السجن ويخرج ، وهكذا، الى أن تولى السلطنة في الثامن من ربيع الأول عام 825 الموافق أول ابريل عام 1422 .  وكعادة السلاطين  السابقين ــ ولتقوية مركزه في أول سلطته ــ بدأ برسباى بشراء مماليكه السلطانية من عام 825 . وكالعادة أيضا لم يكن لديه وقت لشراء أطفال يربيهم ، كان ــ شأن السلاطين البرجية ــ  يريد شبابا جاهزا قادرا على حمل السلاح. كان الشباب في أواسط آسيا وأوربا يوقعون أنفسهم في الرق ليؤتى بهم الى القاهرة ليكونوا أمراء بل ربما سلاطين . ولم يرض لنفسه هذا الوضع إلا الشباب الوضيع العاطلون الغل شهر ، وكانوا قد فعلوا ذلك في نفقة ذي الحجة، حتى زيد كل منهم أربعمائة درهم في كل شهر فبلغت الزيادتان في الشهر نحو الخمسة آلاف دينار. وكان قبل رضائهم بذلك قد استطار شرهم، وتعدوا في العتو طورهم حتى خافهم أعيان أهل الدولة، ووزعوا ما في دورهم خوف وقوع الفتنة ).

تعليق

مماليك برسباى الجلبان يطلبون زيادة المرتبات ، وهم يستطيلون على الناس ، ويرهبهم أكابر المجرمين من الجناح المدنى ، حتى كانوا يقومون بإخفاء ما في قصورهم من ذرية وأموال ومتاع . فماذا عن الشعب المسكين ؟!  

الحج

( وفي حادي عشرينه: قدم ركب من الحاج تقدم أولا، ثم قدم الركب الأول من الغد، وقدم المحمل ببقية الحاج في ثالث عشرينه ).

أخبار خارجية :

ملك شمال أفريقيا يغزو صقلية ومالطة : ( حرب بين أكابر المجرمين في الغرب )

( وفي ثامن عشره: بعث صاحب تونس وإفريقية وتلمسان- أبو فارس عبد العزيز- أسطولاً فيه مائتا فرس، وخمسة عشر ألف مقاتل من العسكرية والمطوعة، لأخذ جزيرة صقلية، فنازلوا مدينة مارز حتى أخذوها عنوة، ومضوا إلى مدينة مالطة. وحصروها حتى لم يبق إلا أخذها فانهزم من جملتهم أحد الأمراء من العلوج، فانهزم المسلمون لهزيمته، فركب الفرنج أقفيتهم، فاستشهد منهم في الهزيمة خمسون رجلاً من الأعيان، ثم إنهم ثبتوا وقبضوا على العلج الذي كادهم بهزيمته، وبعثوا به إلى أبي فارس، فأمدهم بجيوش كثيرة.) .

تعليق

هو صراع شيطانى ، ليس في سبيل الله جل وعلا قتالا دفاعيا ، بل في سبيل الشيطان ابتغاء المال معبودهم الأكبر . كان هذا من الفتوحات الى ارتكبها الخلفاء الفاسقون ، ولا تزال .

 

 ( شهر صفر أوله الأحد‏:‏) 

 وظائف أكابر المجرمين

1 ـ (  في رابع عشره: خلع على السيد الشريف شهاب الدين كاتب السر ونزل إلى الجامع المؤيدي، وقد استقر ناظره على العادة، فقرئ به تقليده بكتابة السر، تولى قراءته منشأة القاضي شرف الدين أبو بكر الأشقر نائب كاتب السر. وقد حضر قضاة القضاة الثلاث، ولم يحضر الحنفي، وحضر الأمير أركماس الدوادار، وكثير من الأعيان، فكان من المجامع الحفلة ( أي الحافلة ) الحشمة ( أي المحترمة ) .

تعليق

 إحتفال بتولية كاتب السّر ناظرا للجامع المؤيدى الذى أنشأه السلطان المؤيد شيخ . وأُقيم حفل بهذه المناسبة . ولا ننسى ان تولى أىّ منصب لا يكون إلا بالرشوة .

2 ـ عزل ابن حجر والعينى من القضاء ، وتنقلات في الوظائف

( وفي يوم الخميس سادس عشرينه: خلع على قاضي القضاة علم الدين صالح ابن شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني، وأعيد إلى قضاء القضاة عوضاً عن الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر، وخلع على قاضي القضاة زين الدين عبد الرحمن التفهني، وأعيد إلى قضاء القضاة الحنفية، عوضاً عن بدر الدين محمود العيني، ورسم باستقراره صدر الدين أحمد بن محمود العجمي في ميشخة خانكاه الأمير شيخو، عوضاً عن قاضي القضاة زين الدين التفهني. ).

قال بعدها المقريزى عن محاولة لاصلاح القضاء : ( ورسم أن لا يزيد الشافعي على عشرة نواب، والحنفي على ثمانية، والمالكي على ستة، والحنبلي على أربعة فكان حسناً أن تم. ).

تعليق

 هل كان عزل ابن حجر ( الشافعى )  والعينى ( اهو البعض فقط .

2 ـ ( وفيه نودي في الناس بصيام ثلاثة أيام وأن يتوبوا إلى الله تعالى من معاصيهم ويخرجوا من المظالم ثم يخرجوا في يوم الأحد رابعه إلى الصحراء‏. هذا والحكام والولاة على ما هم عليه‏:  لا تنه عن خلق وتأتي مثله    عار عليك إذا فعلت عظيم ) .

تعليق

 نداء بالصيام وبالتوبة عن المعاصى والظلم ، والخروج الى الصحراء إعلانا للتوبة . والمقريزى يتندّر قائلا : ( هذا والحكام والولاة على ما هم عليه‏:

 لا تنه عن خلق وتأتي مثله    عار عليك إذا فعلت عظيم ) .! 

3 ـ ( وفي هذا الشهر‏:‏ شنع الموتان الوحي السريع بالطاعون والنزلات التي تنحدر من الدماغ إلى الصدر فيموت الإنسان في أقل من ساعة بغير تقدم مرض‏. وكان أكثر في الأطفال والشباب ثم في العبيد والإماء وأقله في النساء والرجال‏. وتجاوز في مدينة مصر الفسطاط المائتين في كل يوم سوى من لم يرد الديوان‏. وتجاوز في القاهرة الثلاثمائة سوى من لم يرد الديوان‏. وضبط من صلى عليه في مصليات الجنائز فبلغت عدتهم تزيد على ما أوردوه في ديوان المواريث زيادة كه أكابر المجرمين من العسكر ورجال الدين . وفى خانقاة ( سرياقوس ) التي أنشأها السلطان الناصر محمد بن قلاوون كان يموت فيها يوميا حوالى مائتين . والبلدة لا تزال حتى الآن معروفة باسم ( الخانكاة ) في محافظة القليوبية . وعن إنتشار الطاعون في القرى القريبة من القاهرة يقول ( ،  وكثر أيضاً بالمنوفية والقليوبية حتى كاد يموت في الكفر الواحد في كل يوم ستمائة إنسان‏.). ( الكفر ) بفتح الكاف يعنى القرية ، و لا يزال مستعملا حتى الآن .

    ويذكر المقريزى بين سطور الخبر السابق تفصيلات درامية ، يقول :

2 / 1 :( وشنع الموتان حتى أن ثمانية عشر من صيادي السمك كانوا في موضع فمات منهم في يوم واحد أربعة عشر ، ومضى الأربعة ليجهزوهم إلى القبور فمات منهم وهم مشاة ثلاثة فقام الواحد بشأن السبعة عشر حتى وصل بهم إلى المقبرة مات أيضاً‏.)

2 / 2 ( وركب أربعون رجلاً في مركب وساروا من مدينة مصر نحو بلاد الصعيد ، فماتوا بأجمعهم قبل وصولهم الميمون‏.)

2 / 3 :  ( ومرت امرأة من مصر تريد القاهرة وهي راكبة على حمار مكاري ، فماتت وهي راكبة ، وصارت ملقاة بالطريق يومها كله حتى بدأ تغير ريحها فدفنت ولم يعرف لها أهل‏. ) .

تعليق

 أين ذهب المكارى يا شيخنا المقريزى ؟ ( المكارى ) هو الذى يحمل الناس على الحمار.

2 / 4 : ( وكان الإنسان إذا مات تغير ريحه سريعاً مع شدة برد الزمان .)

تعليق

  أي مع شدة البرد كانت الجثث تتجيّف سريعا .!

3 ـ ( وفي العشر الأخر من هذا الشهر‏:‏ وجد بالنيل والبرك التي بين القاهرة ومصر كثير من السمك والتماسيح ، قد طفت على وجه الماء ميتة، واصطيدت بنية كبيرة ، فإذا هي كأنما صُبغت بدم من شدة حمرتها‏. ووجد في البرية ما بين السويس والقاهرة عدة كثيرة من الظباء والدياب موتى‏. وقدم الخبر بوقوع الوباء ببلاد الفرنج‏.).

تعليق

 قبل السد العالى كانت التماسيح تمرح في النيل حتى مصبّه في رشيد ودمياط . ووصل اليها الطاعون ، كما أصاب أيضا الحيوانات البرية من الذئاب والظّباء،. ووصل الطاعون الى أوربا.

 أخبار أخرى بجانب الطاعون

الحج

1 ـ ( فيه برز سعد الدين إبراهيم بن المرة ناظر جدة إلى خارج القاهرة وقد توجه معه كثير من الناس يريدون العمرة والحج‏.) .

تعليق

 الحج وقت الطاعون ، وينتشر الطاعون .

أخبار أكابر المجرمين

 ( وقدم كتاب مراد بن عثمان صاحب برصا بأنه هادن الفرنح ثلاث سنين. ). هدنة بين العثمانيين والبيزنطيين .

أخبار الفساد الذى لم يمنعه الطاعون :

برسباى رأس الفساد

1 ـ ( وفي سادس عشرينه‏:‏ حضر تجار الإسكندرية وقد طُلبوا منها، فأوقفوا بين يدي السلطان ، وألزموا جميعهم أن لا يبيع أحد منهم شيئاً من أصناف البضائع التي تُجلب من الهند كالفلفل ونحوه لأحد من التجار الفرنج وهُدّدوا على ذلك‏. وسبب هذا أن السلطان أقام طائفة تشتري له البضائع وتبيعها، فإذا أخذت بجدة المكوس من التجار التي ترد من الهند حملت فلفلاً وغيره في بحر القلزم من جدة إلى الطور ثم حملت من الطور إلى مصر ، ثم نقلت في النيل إلى الإسكندرية . وألزم الفرنج بشراء الحمل من الفلفل بمائة وثلاثين ديناراً‏. هذا وسعره بالقاهرة خمسون ديناراً‏. فبلغ السلطان أن بعض التجار سأل الفرنج بالإسكندرية أن يبتاعوا منه الحمل بأربعة وستين ديناراً فأبوا أن يأخذوه إلا بتسعة وخمسين فأحب السلطان عند ذلك الزيادة في الفوائد وأن يأخذ ما عند التجار من الفلفل بسعر ما دفع لهم فيه الفرنج ليبيعه هو على الفرنج‏. مما تقدم ذكره فمنعهم من يبيعهم على الفرنج ليبور عندهم فيأخذه حينئذ منهم بما يريد‏.).

تعليق

جشع السلطان برسباى لم يوقفه الطاعون . كان مشهورا باحتكار  التجارة الشرقية . كان يؤتى بها من الهند الى جدة ( في الحجاز التابع للدولة المملوكية ) ، ويتم نقلها من البحر الأحمر ( القلزم ) الى القاهرة ومنها بالنيل الى الإسكندرية ليشتريها التجار الإيطاليون . الفلفل الأسود أهم المستورد من الهند ، ويُباع في القاهرة بخمسين دينارا بينما ألزم برسباى التجار الايطاليين في الإسكندرية بشرائه ب 130 دينارا . وحاول بعض التجار في الإسكندرية أن يبيعوه الى الايطاليين ب 64 ، وأثناء التفاوض علم السلطان بالخبر فاستدعاهم لقلعة الجبل ( مقر الحكم ) وهددهم إذا باعوا شيئا من البضائع الهندية ( للفرنجة ). و قص، مع إنه لم يكن لها جدوى لأن المريض كان يموت سريعا.!

3 ـ  ( وعظم الوباء في المماليك السلطانية - سكان الطباق بالقلعة - الذين كثر فسادهم وشرهم وعظم عتوهم وضرهم بحيث كان يصبح منهم أربعمائة وخمسون مرضى فيموت في اليوم زيادة على الخمسين مملوكاً.) .

من منافع الطاعون إهلاك معظم المماليك الذين إشتراهم السلطان برسباى ( المماليك السلطانية ). كانوا مجرمين حقيقيين ، تسلطوا على المصريين المستضعفين بالسلب والنهب والاغتصاب والقتل والإذلال ، يقول عنهم المقريزى ( الذين كثر فسادهم وشرهم وعظم عتوهم وضرهم ) . لم تكن لديهم حصانة من الطاعون فتساقطوا في حصون القلعة . حصون القلعة أو ( طباق القلعة ) لم تغن عنهم شيئا ( أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ  ) (78) النساء ) . هل يعتبر عسكر مصر الآن ؟!

4 ـ ( وشنع الموت‏  بمدينة فوه ومدينة بليبس ووقع ببلاد الصعيد الأدنى‏.  وانقطع الوباء من البحيرة والنحريرية وكثر بمدينة المحلة‏.). إشتعل الطاعون وبلغ الذروة في الوجه البحرى والصعيد ، بينما خفّت حدته في المناطق الأخرى التي هاجمها أولا مثل البحيرة والنحريرية .

5 ـ ( وفي يوم الخميس سابعه‏:‏ أحصي من صلى عليه من الأموات في المصليات المشهورة خاصة فكانوا نحو الألف ومائتي ميت ، وصُلّى بغير هذه المصليات على ما شاء الله‏. ولم يورد في ديوان القاهرة سوى ثلاثمائة وخمسين وفي ديوان مصر دون الثلاثين‏. وصلى بها على مائة‏.)

كانت هناك ( مُصلّيات ) للصلاة على الموتى في الأوقات العادية ، وتشتهر في أوقات الطاعون باعتبارها مصدرا لتعداد الضحايا بجانب ديوان المواريث الذى فقد صُدقيته . ولكن للمقريزى علم بالمُصليات المشهورة فقط . وهناك الكثير منها غير مشهور .

6 ـ وفى إحصاءات لاحقة عن أعداد الضحايا يقول المقريزى :

6 / 1 : ( وضبط في يوم السبت تاسعه من صُلّى عليه بالقاهرة فكانوا ألفاً ومائتين وثلاثاً وستين ، لم يرد الديوان سوى ما دون الأربعمائة،  فكان عدد من صُلّى عليه بمُصلّى باب النصر في هذا اليوم أربعمائة وخمسين ..... ) مصلّى باب النصر كانت الأشهر في العصر المملوكى ، وكانت بجانب باب النصر الموجود حتى الآن .

6 / 2 : ( وبلغ عدد من صلى عليه بمصلى باب النصر في يوم الأحد عاشره خمسمائة وخمسة ، وهي من جملة أربع عشرة مصلى‏. ....)

6 / 3 :  ( وبلغت عدة من صلى عليه في يوم الاثنين حادي عشره في المصليات المشهورة بالقاهرة وظواهرها ألفين ومائتين وستة أربعين‏. وانطوى عن الذي ضبط الكثير ممن لم يصل عليه فيها، وبلغت عدة من صلى عليه فيها وبلغت عدة من صلى عليه بمصلى باب النصر خاصة في يوم واحد زيادة على ثمانمائة ميت ، ومثل ذلك في مصلى المؤمني تحت القلعة ، وكان يصلي على أربعين ميتاً معاً فما تنقضي الصلاة على الأربعين جميعاً حتى يؤتي بعدة أموات . وبلغت عدة من خرج من أبواب القاهرة من الأموات اثنا عشر ألفاً وثلاثمائة ميت‏.).

 7 ـ ويذكر المقريزى بعض الغرائب ، يقول :

7 / 1 : ( ومات بعض الأمراء الألوف فلم يُقدر له على تابوت حتى أخذ له تابوت من السبيل‏. ومات ولد لبعض الوزراء فلم يقدر الأعوان - مع كثرتهم وشدتهم - على تابوت له حتى أُخذ له تابوت من المارستان‏.  ). ميزة الوباء أنه لا يفرّ بين المستضعفين وأكابر المجرمين . هذا ما نرجوه من كورونا في وقتنا هذا .!

7 / 2 : ( واتفق في هذا الوباء غرائب منها:  أنه كان بالقرافة الكبرى والقرافة الصغرى من السودان نحو ثلاثة آلاف ماأخبار أكابر المجرمين

 الطاعون لم يعطل التعيينات والترقيات والعزل لأنه مورد رزق ( سُحت ) للسلطان بها يأخذ رشوة ، ومن يتولى يسلب أضعافها من المستضعفين .

يقول المقريزى :

  1 : ( وفي يوم الاثنين تاسعه‏:‏ خلع على الطواشي زين الدين خشقدم واستقر مقدم المماليك بعد موت الأمير فخر الدين ياقوت‏. وخشقدم هذا رومي الجنس رباه الأمير يشبك وأعتقه واشتهر ).  

  2 :( وفي سادس عشره‏:‏ قدم الأمير تغري بردي المحمودي من سجنه بدمياط فرسم أن يتوجه من قليوب إلى دمشق ليكون أتابك العساكر بها فتوجه إليها‏.)

 3 :( وفي ثالث عشرينه‏:‏ خلع على بدر الدين حسن بن القدسي واستقر في مشيخة الشيخونية بعد موت صدر الدين أحمد بن محمود العجمي‏.)

أخبار الأسعار

4 ـ ( وفي هذه الأيام‏:‏ انحل سعر الغلال وقد دخلت سعر الغلة الجديدة فأبيع الشعير بتسعين درهماً الأردب والقمح بمائتين وما دونها )

 

 شهر شعبان أوله الأربعاء‏:‏

1 ـ ( في ثالثه‏:‏ منع نواب القضاة من الحكم ، ورسم أن يقتصر الشافعي على أربعة نواب والحنفي على ثلاثة والمالكي والحنبلي كل منهما على نائبين. فما أحسن هذا إن تم‏.).

تعليق

 1 :هذه لمحة عن فساد القضاء ، وتدخل السلطة المملوكية ( الفاسدة ) لاصلاح هذا القضاء بين الناس ، مما يدلّ على أن أكابر المجرمين من القضاة كانوا الأكثر فسادا من برسباى . لا ننسى أن كبيرهم قاضى القضاة الشافعى شيخ الإسلام ابن حجر العسقلانى أمير المؤمنين في الحديث . كانوا في نهم لأخذ الرشاوى لتعويض ما يدفعونه في شراء المنصب . أحس السلطان إنهم يسلبون كثيرا وبما يفوق ما دفعوه من رشوة فاتخذ هذه الخطوة الإصلاحية بتخفيض أعداد ( نواب القضاة ). إنقسم القضاة الى الدرجة العليا وهم قضاة القضاة ( الأربعة ) وعلى رأسهم القاضي الشافعى . وكل منهم يستنيب ( أي يعين ) له نوابا في البلاد ، يأخذون الرشوة على الأحكام .إذ كانوا يدفعون الرشوة كالمعتاد لكى يتولوا المنصب ، فأكثروا من تعيين قضاة ينوبون عنهم .

 2 : المقريزى يعلق يائسا : ( فما أحسن هذا إن تم‏. ). يعنى لم يتم هذا الإصلاح ، لأن الفساد أصله في الرأس ، وهم أكابر المجرمين من مماليك ورجال الدين . ولأن السلطان يحتاج الى فساد القضاة ، إذ يعطيه هذ حُجّة لأن يرتدى ثوب المُصلح ، ثم أن يصادر المفسدين ، ويعزلهم ليولى مفسدين غيرهم ، وكله فسادُّ في فساد !.

المحمل

2 ـ ( وفي يوم الاثنين ثامنه‏:‏ أدير محمل الحاج على العادة و لم نعهده أدير قط في شعبان ، وإنما يدار دائماً في نحو نصف من شهر رجب ، غير أن الضرورة بموت المماليك الرماحة اقتضت تأخير ذلك ، حتى أن معلمي اللعب بالرماح أخذوا في تعليم من بقي من المماليك ما عرفوا منه كيف يمسك الرمح ، فكان الجمع فيه دون العادة‏.).

تعليق

 أهلك الطاعون المماليك الرمّاحة الذين يلعبون بالرماح في إحتفال خروج المحمل بالحجاج ، وكان مناسبة هامة .

وظائف أكابر المجرمين

نعيد القول : الطاعون لم يعطل التعيينات والترقيات والعزل لأنه مورد رزق ( سُحت ) للسلطان ، يأخذ رشوة ، ومن يتولى يسلب أضعافها من المستضعفين . يقول المقريزى :

 1 :( وفي ثالث عشرينه‏:‏ خلع على جمال الدين يوسف بن أحمد التزمنتي - المعروف بابن المجير - أحد فضلاء الشافعية واستقر في مشيخة الخانكاه الصلاحية سعيد السعداء‏. وكان قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن المحمرة قد استنابه فيها‏.). المقريزى يصف التزمنتى بأنه أحد فُضلاء ( الفقهاء ) الشافعية .!. هل يرضى أحد الفضلاء أن يخدم برسباى ويتولى منصبا بالرشوة ؟ ‏

  2 :( واستقر أيضاً بدر الدين محمد بن عبد العزيز - المعروف بابن الأمانة - أحد خلفاء الحكم الشافعي في تدريس الشافعية بالشيخونية ، وكان ابن المحمرة قد استنابه عنه ، فاستقل كل منهما بالوظيفة عوضاً عن مستنيبه ( أي قاضى القضاة الذى جعله نائبا عنه ) ، بحكم إقامته على قضاء دمشق‏.)

3 : ( وخلع أيضاً على أمين الدين يحيى بن محمد الأقصراي واستقر في مشيخة الأشرفية المستجدة وتدريس الحنفية بها ، عوضاً عن كمال الدين محمد بن الهمام ، لرغبته عنها تعففاً وزهادة‏. )    

  انخفاض الأسعار

( وفي هذا الشهر: انحطت الأسعار فأبيع القمح. بمائة وخمسين درهما الأردب فما دونها، والشعير بتسعين فما دونها، والفول بسبعين درهماً فما دونها. وبلغ الدينار الأشرفي إلى مائتين وثمانين درهماً، والأفرنتي إلى مائتين وستين. ).
النيل

( وفي تاسع عشرينه: ابتدئ بالنداء على النيل، وقد بلغت القاعدة ستة أذرع وثلاثة أصابع . )

 

شهر رمضان أوله الأربعاء‏:

أخبار أكابر المجرمين‏

1 ـ (  في تاسعه‏:‏ قرر السلطان في جامعه المستجد بجوار قيسارية العنبر من القاهرة دروساً ثلاثة، فجعل مدرس الشافعية شمس الدين محمد بن علي بن محمد بن يعقوب القاياتي‏. وقرر عنده عشرين طالباً ، وجعل مدرس المالكية عبادة بن علي بن صالح الزرزاري مولده سنة ثمان وسبعين وسبعمائة وعنده عشرة من الطلبة ، وجعل مدرس الحنابلة زين الدين عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله المعروف بابن الزركشي ومعه عشرة من الطلبة‏. ومولد عبد الرحمن الزركشي في تاسع عشر شهر رجب سنة ثمان وخمسين وسبعمائة‏. وسمع علي بن إبراهيم البناني صحيح مسلم)

تعليق

 1 :لتحصين أمواله السُّحت من المصادرة إذا حدث له طارئ، كان الأمير المملوكى أو السلطان

( تطبيق الشريعة السنّية لأكابر المجرمين في عصر السلطان المملوكى الأشرف برسباى )

هناك من يطالب بتطبيق ما يسمونه بالشريعة ، ولا يعرفون أن أسلافهم طبقوا شريعة شيطانية لصالح أكابر المجرمين . هذا الكتاب يعطى تقريرا تاريخيا عن تطبيق شريعة أكابر المجرمين في عصر السلطان برسباى من واقع تاريخ السلوك للمقريزى.
more