رقم ( 9 ) : الباب التمهيدى : عن الدولة المملوكية ومؤرخيها وما قبل السلطان برسباى
الفصل الخامس : ( برسباى ) من طفولته في القوقاز الى أن صار أكبر أكابر المجرمين الذين يتصدرون العناوين

ادته في نيابة الشام. وتحدث معه في سلطنة الأمير برسباي، فوافق على ذلك . وخلع الملك الصالح في يوم الأربعاء ثامنه، فكانت مدته أربعة أشهر وثلاثة أيام . )

7 ـ ثم يقول عن السلطان برسباى : (  السلطان الملك الأشرف سيف الدين أبو النصر برسباي الدقمقاي ( نسبة للأمير المملوكى الذى إشتراه )الظاهري ( نسبة للظاهر برقوق الذى أعتقه )  الجركسي ( نسبة الى موطنه الأصلى ) . .. ومازال قائماً بتدبير أمر الدولة. ثم أحب أن يطلق عليه اسم السلطان، لما خلا له الجو، فأخذ طرباي وسجنه، تم بموافقة نائب الشام على ذلك، فاستدعى الخليفة والقضاة، وقد جمع الأمراء وأرباب الدولة، فبايعه الخليفة في يوم الأربعاء ثامن شهر ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وثمانمائة. ولقب بالملك الأشرف أبي العز، ونودي بذلك في القاهرة ومصر. )

مقالات متعلقة :

8 ـ ويستخلص المقريزى العبرة ، فالمؤيد شيخ لكى يصل الى السلطة قرّب اليه ططر ، وهو من أقل الأمراء شأنا ، فجعله مقدما وعهد اليه بالقيام على ابنه ، فما لبث ططر أن عزل السلطان الطفل وتولى مكانه . وفى تقوية مركزه قام السلطان ططر بتقريب برسباى وهو من أقل الأمراء شأنا ، وعهد اليه بالقيام على إبنه ، ومرض ططر سريعا وترك إبنه في حماية برسباى والأتابك طرباى ( قائد الجيش ). وسجن برسباى الأتابك طرباى وخلع إبن ططر وتولى مكانه . يقول المقريزى :   (  وكان في هذا موعظة وذكرى لأولي الألباب، فإن الملك المؤيد أنشأ ططر وآواه، بعد ما كان من أقل المماليك الناصرية الهاربين من الملك الناصر فرج. وما زال يرقية حتى صار من أكبر أمراء مصر، وائتمنه على ملكه. فقام بعد موت المؤيد بكفالة ولده أحمد المظفر. وما زال يحكم الأمر لنفسه إلى أن خلع ابن المؤيد، وتسلطن، وأودع ابن المؤيد وأمه ببعض دور القلعة في صورة معتقل. فلما أشفي ططر على الموت، عهد إلى ابنه محمد، واستأمن برسباي- لقرابة بينهما- على ولده، بعد ما كان برسباي مقيماً بدمشق من جملة أمرائها، وجُلّ مناه أن يبقى المؤيد عليه مهجته، فآواه ططر، وجعله من أكبر أمراء مصر، فقام بأمر ابنه الملك الصالح قليلاً، واقتدى بأخيه ططر في أخذ الملك لنفسه. فلما أخذ طرباي، كما قبض ططر على الأمراء بدمشق، ولم يبق من يخشاه إلا نائب الشام، بعث يخيره بين أن يكون الأمير الكبير بديار مصر مكان طرباي وبين أن يستمر على نيابة الشام، فرغب في السلامة، وأتى إلى بين يديه، فأمن برسباي عند ذلك، وتسلطن، وأودع الصالح محمد بن ططر وأمه في دار بالقلعة. من يعمل سوءاً يجز به. )

9 ـ وفى سنة ست وعشرين وثمانمائة يقول المقريزى ( أهلت وسلطان مصر والشام والحجاز الملك الأشرف برسباي الدقماقي ... ) وصل برسباى الى درجة أكبر أكابر المجرمين .!

10 ـ ظل يحكم برسباى الى أن مات بعد مرض أليم عام 841 .

أخيرا :

1 ــ قال عنه المقريزى في وفيات عام 841 : ( ومات السلطان الملك الأشرف برسباى الدقماقى الظاهرى في يوم السبت ثالث عاشر ذى الحجة، وقد أناف على الستين‏. كان أبوه من أوضع أهل بلاده قدرًا وأشدهم فقرًا فأسلم إبنه هذا لحداد، فكان ينفخ عنده بالكير ثم مات فتزوجت إمرأته برجل فباع برسباى هذا وهو صغير من رحل يهودى إسمه صادق‏. فخدمه مدة وتلقن أخلاقه وتطبع بطباعه حتى جلبه إلى ديار مصر فإبتاعه الأمير دقماق‏.ثم بعث به في جملة تقدمه ( هدية ) لما إستقر في نيابة ملطية‏. فأنزله السلطان الملك الظاهر برقوق في جملة مماليك الطباق‏. ثم أخرج له قبل موته خيلًا وأنزله من الطباق وقد أعتقه‏. فلما كانت الأيام الناصرية فرج خرج فيمن خرج إلى الشام وإنتمى إلى الأمير نوروز ثم إلى الأمير شيخ فلما قدم الأمير شيخ بعد قتل الناصر إلى مصر كان فيمن قدم معه فرقاه وصار من جملة أمراء الألوف وعمل كشف التراب‏. ثم ولاه نيابة طرابلس وعزله وسجنه بقلعة المرقب‏. ثم أنعم عليه بإمرة في دمشق‏. فلما مات المؤيد شيخ قبض عليه الأمير جقمق نائب الشام وسجنه‏. ثم أفرج عنه الأمير ططر لما توجه بإبن المؤيد إلى الشام‏. ثم أنعم عليه بإمرة ألف وعمله دوادار السلطان لما تسلطن وقدم به إلى القاهرة ، فلما مات الظاهر ططر قام بأمر ولده ثم خلعه وتسلطن فدانت له البلاد وأهلها وخدمته السعود حتى مات‏. وكانت أيامه هدوء وسكون إلا أنه كان له في الشح والبخل والطمع مع الجبن والجور وسوء الظن ومقت الرعية وكثرة التلون وسرعة التقلب في الأمور وقلة الثبات أخبار لم نسمع بمثلها وشمل بلاد مصر والشام في أيامه الخراب وقلة الأموال بها‏.  وإفتقر الناس وساءت سير الحكام والولاة مع بلوغه آماله ونيله أغراضه وقهر أعدائه وقتلهم بيد غيره لتعلموا أن اللّه على كل شىء قدير‏. )

2 ـ نشأ برسباى في بلاد الجركس التي أتى منها معظم المماليك ( الأجلاب / الجلب ) لذا يطلق على المماليك البرجية لقب المماليك الجراكسة . ( جركس هي الآن القوقاز ) . لو ظل برسباى في بلده ما علم به أحد ، وما صار من أكابر المجرمين الذين يتصدرون العناوين .

( تطبيق الشريعة السنّية لأكابر المجرمين في عصر السلطان المملوكى الأشرف برسباى )

هناك من يطالب بتطبيق ما يسمونه بالشريعة ، ولا يعرفون أن أسلافهم طبقوا شريعة شيطانية لصالح أكابر المجرمين . هذا الكتاب يعطى تقريرا تاريخيا عن تطبيق شريعة أكابر المجرمين في عصر السلطان برسباى من واقع تاريخ السلوك للمقريزى.
more