رقم ( 22 ) : الباب الأساس
الفصل الثانى عشر : الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 836

ل بن العباس بن رسول‏.)

وعن الأحوال العامة قال :

1 ـ ( ونيل مصر متزايد، والأسعار رخيصة القمح من مائة وثلاثين درهماً الأردب إلى ما دون ذلك، والشعير والفول من ثمانين درهماً الأردب إلى ما دونها‏. )

مقالات متعلقة :

2 (والدينار الأشرفي ( الذى ضربه وسكّه الأشرف برسباى ) بمائتين وستين درهماً من الفلوس التي كل رطل منها بثمانية عشر درهماً ، ومصرف الدرهم الأشرفي ( أي تحويله وقيمته بالنسبة لغيره ) بعشرين درهماً من الفلوس،  والدينار الأفرنتي بمائتين وخمسين درهماً من الفلوس. والأسواق كاسدة‏.).‏

شهر الله المحرم أوله الخميس‏:‏

أخبار النيل والأعياد القبطية المصرية

1 ـ( في يوم الجمعة ثانيه‏:‏ كان نوروز القبط بأرض مصر وهو أول توت‏. وقد صار ماء النيل على ثمانية عشر ذراعاً وثلاثة وعشرين إصبعاً‏.)

2 ـ ( يوم الأحد ثامن عشره‏:‏ وافقه سابع عشر توت وهو يوم عيد الصليب عند أقباط مصر‏. ونودي فيه على النيل بزيادة إصبع لتتمة عشرين ذراعاً تنقص إصبعاً واحداً‏. وهذا أيضاً مما يندر من كثرة ماء النيل‏.)

3 ـ ‏( وفي ثامن عشرينه - الموافق لسابع عشرين توت -‏:‏ نودي على النيل بزيادة إصبع لتتمة عشرين ذراعاً وخمسة أصابع‏.)

‏إتّفاق التقويم القبطى واليهودى والهجرى

( واتفق من الغرائب أن يوم الخميس أول السنة وافقه أول يوم من تشرين وهو رأس سنة اليهود فاتفق أول سنة اليهود مع أول سنة المسلمين، ويوم الجمعة وافقه أول توت - وهو أول سنة النصارى القبط - فتوالت أوائل سنين الملل الثلاث في يومين متوالين. واتفق ذلك أن طائفة اليهود الربانيين يعملون رءوس سنينهم وشهورهم بالحساب ( الفلكى ) وطائفة القرائين يعملون رءوس سنينهم وشهورهم برؤية الأهلة‏ كما هو عند أهل الإسلام ، فيقع بين طائفتي اليهود في رءوس السنين والشهور اختلاف كبير ، فاتفق في هذه السنة مطابقة حساب الربانيين والقرائين للرؤيا، فعمل الطائفتان جميعاً رأس سنتهم يوم الخميس‏. وهذا من النوادر التي لا تقع إلا في الأعوام المتطاولة‏.)

أخبار الحج

( وفي ثالث عشرينه‏:‏ قدم الركب الأول من الحجاج وقدم المحمل من الغد ببقية الحاج‏. ).

وظائف وعقوبات لأكابر المجرمين

عزل أقبغا الجمالى الاستادار وضربه وإهانته وتعذيبه لاستخلاص أموال سرقها

( وفي سادس عشرينه‏:‏ ضرب السلطان الأمير أقبغا الجمالي أستادار ، وأنزله على حمار إلى ييت الأمير التاج والي القاهرة ، ليعاقبه على استخراج المال‏. )

تعيين بديل لأقبغا الجمالى في اليوم التالى وتنقلات وتعيينات في مناصب أكابر المجرمين  :

( وخلع من الغد يوم الثلاثاء سابع عشرينه على الوزير كريم الدين ابن كاتب المناخ وأعاده إلى الأستادارية‏ ، ورفعت يده من مباشرة كتابة السر ، فاستقل بالوزارة والأستادارية . ورسم لشرف الدين الأشقر نائب كاتب السر بمباشرة كتابة السر حتى يستقر( أي يتوظّف ) أحد . وعين جماعة لكتابة السر ، فوقع الاختيار منهم على قاضي القضاة كاتب السّر بدمشق كمال الدين محمد بن البارزى . )

هجوم صليبى بحرى على طرابلس الشام ، وبرسباى ينتقم بمصادرة أموال الايطاليين في دولته:

( وفي هذا الشهر‏:‏ طرق الفرنج ميناء طرابلس الشام في يوم السبت عاشره ، وأخذوا مركباً ، فيه عدد كثير من المسلمين وبضائع لها قيمة جليلة‏. وبينا هم في ذلك إذ قدمت مركب من دمياط فأخذوها أيضاً بما فيها وساروا ، فلما ورد الخبر بذلك كُتب بإيقاع الحوطة على أموال الفرنج الجنوية والقطلان دون البنادقة، فأحيط بأموالهم التي بالشام والإسكندرية‏.)

انسحاب الصليبى حاكم برشلونة من جزيرة جربة التونسية

( وفيه أقلع الطاغية صاحب برشلونة عن جزيرة جربة في عاشره، ومضى إلى جزيرة صقلية‏ بمن معه من جمائع القطلان وأهل صقلية‏.)

شهر صفر أوله السبت‏:

تنقلات في وظائف أكابر المجرمين

1 ـ (  في ثانيه‏:‏ توجه القاصد لاستدعاء القاضي كمال الدين محمد بن البارزي ليستقر في كتابة السر ، وأن يستقر عوضه في قضاء القضاة بدمشق بهاء الدين محمد بن حجي‏ ، وأن يستقر عوضه في كتابة السر بدمشق قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن الكشك الحنفي ، ويستقر ولده شمس الدين محمد بن الكشك في قضاء القضاة الحنفية ، ويستقر جمال الدين يوسف بن الصفي في نظر الجيش بدمشق عوضاً عن بهاء الدين محمد بن حجي . كل ذلك بمال‏. ). نلاحظ انتماء أكابر المجرمين المدنيين الى عائلات متخصصة في خدمة المماليك ، وأنهم يشترون المناصب ـ كالعادة .!

‏2 ـ ( وفي ثامنه‏:‏ خلع على حسن باك بن سالم الذكري أحد أمراء التركمان وابن أخت قرا يلك واستقر في نيابة البحيرة ، ورسم أن يكون ملك الأمراء عوضاً عن أمير علي ، وأنعم عليه بمائة قرقل ومائة قوس ومائة تركاش وثلاثين فرساً‏. ). هذا أمير تركمانى خسر في معاركه في العراق ولجأ الى حليفه برسباى، فعينه برسباى حاكما تابعا له .

3 ـ (  وفي سابع عشرينه‏:‏ كتب باستقرار تاج الدين عبد الوهاب بن أفتكين - أحد موقعي الدست بدمشق - في كتابة السر بها ، لامتناع قاضي القضاة شهاب الدين أحمد ابن الكشك من ولايتها‏. وكتب أيضاً باستقرار محيي الدين يحيى بن حسن بن عبد الواسع الحياني المغربي في قضاء المالكية بدمشق عوضاً عن شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمد الأموي بعد موته‏. )‏‏

قبرص ( المملوكية ) وتجديد الولاء للسلطان برسباى

( وفي سابعه‏:‏ قدمت الرسل المتوجهة إلى قبرس‏.)

( وكان من خبرهم أنهم ركبوا البحر من دمياط في شينين ، فوصلوا إلى الملاحة يوم السبت عاشر المحرم وسار أعيانهم في البر يريدون مدينة الأفقسية دار مملكة قبرس،  فتلقاهم وزير الملك جوان بن جينوس بن جاك في وجوه أهل دولته ، وأنزلهم خارج المدينة ، وعبروا المدينة من الغد يوم الاثنين ثاني عشره ، ودخلوا على الملك جوان‏ في قصره، فإذا هو قائم على قدميه فسلموا عليه ، وأوصلوه كتاب السلطان ، وهو قائم ، وبلغوه الرسالة، فأذعن وأجاب بالسمع والطاعة ، وقال‏:‏ " أنا مملوك السلطان ونائب عنه، وقد كنت على عزم أن أرسل التقدمة‏ ( أي الهدية )". فطلبوا منه أن يحلف فأجابهم إلى ذلك ، واستدعى القسيس وحلف على الوفاء والاستمرار على الطاعة والقيام بما يجب عليه من ذلك، فأفيض عليه التشريف السلطاني المجهّز له‏. وخرجت الرسل من عنده فداروا بالمدينة، وهو ينادي بين أيديهم باستمرار الملك جوان في نيابة السلطنة ، وأن للناس الأمان والاطمئنان، وأمروا بطاعته وطاعة السلطان . ثم أنزلت الرسل في بيت قد أعد لهم ، وأجرى لهم ما يليق بهم من المأكل ، وحُمل إليهم سبعمائة ثوب صوف قيمتها عشرة آلاف دينار مما تأخر على أبيه. وأظهر خصم أربعة آلاف دينار ، ووعد بحمل العشرة آلاف دينار بعد سنة ، وبعث إليهم أيضاً بأربعين ثوباً صوفاً برسم الهدية للسلطان ( المالك الملك  الأشرف أبو النصر برسباى الدقماقى ). وساروا بعد عشرة أيام من قدومهم إلى اللمسون ، وركبوا البحر ستة أيام حتى أرسوا على دمياط ، وعبروا في النيل إلى القاهرة. فقبل السلطان ما حملوه إليه. وقرئ كتابه، فإذا هو يتضمن السمع والطاعة ، وأنه نائب السلطنة فيما تحت يده ونحو هذا‏. ).

تعليق

1 ـ هو التأكُّد التّام من خضوع ملك قبرص للسلطان برسباى ، ولولا خوف الملك القبرصى من سطوة برسباى ما أذعن وما خضع .

2 ـ فارق هائل بين برسباى المنتصر و ضابط المخابرات الذى يحكم مصر الآن ، والذى ما دخل في حرب قط ، والذى لا ينتصر إلا على المصريين .!!

3 ـ خيبته لا مثيل لها في التاريخ ، ولا في ( الجغرافيا ) .!!

 قصة درامية عن قبطى أسلم ثم ارتد فقتلوه

( وفي سادس عشرينه‏:‏ ضربت رقبة رجل ارتد عن الإسلام‏. وكان من خبره أنه كان نصرانياً فوجده بعض الناس عند زوجته، فاتقي من القتل بأن أظهر الإسلام ، ومضى لسبيله . فلم يقم سوى أشهر وجاء يوم جمعة إلى بعض القضاة وذكر له أنه كان نصرانياً وأسلم ثم أنه رغب أنه يعود إلى النصرانية‏. وقصد أن يطهر بالسيف ، وتكلم بما لا يليق من القدح في دين الإسلام وتعظيم دين النصرانية ، وصرّح بما يعتقد من إلاهية المسيح وأمه، فتلطّف به القاضي ومن عنده، وهو يُلحُّ ويعاند ويفحش في القول ، فأمر به فسُجن وعُرض عليه الإسلام مراراً في عدة أيام ، وهو متماد في غيّه ، فلما أعياهم أمره وملّت الأسماع من فُحش كلامه وجهره بالسوء ضربت رقبته. ثم أحرقت. )

تعليق

1 ـ نرى من ملامح الشريعة السنية في العقوبات ( الحدود ) أنهم : ضبطوا قبطيا يزنى بزوجة ( محمدية ) ، ولكى ينجو من القتل أعلن إسلامه ، فعفوا عنه ، أي أن للقبطى اذا زنى بزوجة ( محمدية ) وضبطوه فلا عقاب عليه إذا أعلن بلسانه ( إسلامه ). أما الزوجة الزانية فلا عقوبة عليها. العفو عنه هو مكافأة له على دخوله الدين السُنّى ( وليس الإسلام الحق بطبيعة الحال ) . صاحبنا ( القبطى ) آلمه ضميره القبطى ، وطبقا لشريعته الاستشهادية صمّم أن يتطهّر بالعودة لدينه وأن يُقتل . حاول القاضي إثناءه عن رأيه ، ولكنه رفض بل أخذ في تأكيد دينه ، والطعن في دين المحمديين ، ولمّا يأسوا منه قتلوه وأحرقوا جُثّته . والمقريزى يعبّر عن تعصّبه في قوله عنه ( وعُرض عليه الإسلام مراراً في عدة أيام ، وهو متماد في غيّه ، فلما أعياهم أمره وملّت الأسماع من فُحش كلامه وجهره بالسوء ضربت رقبته. ثم أحرقت. )

2 ـ صدر لنا كتاب ينفى ( حدّ الردة ) عام 1993 . حديث الردة الكاذب يقول ( من بدّل دينه فاقتلوه ) ، أي إن الذى يبدّل دينه يجب قتله ، بمعنى أن القبطى إذا بدّل دينه ودخل الدين السُّنّى  يجب قتله ، ولو بدّل يهودى دينه ودخل المسيحية يجب قتله . ولكن التطبيق مختلف تماما ، إذا يقومون بالترغيب والترهيب بإدخال اليهود والمسيحيين الى الدين السُّنى ، ويقومون بقتل من يخرج منهم عن الدين السُّنّى . الإسلام الحق برىء منهم ومن شريعتهم سواء ما كان منها مكتوبا في بطون الكتب ، أو كان تطبيقا عمليا في الماضى أو الحاضر . في الإسلام العظيم حرية دينية مطلقة للجميع ، ولا إكراه في الدين ، لا إكراه في دخول أي دين أو الخروج منه ، ولا إكراه في تأدية أي عبادة دينية ، فللدين يوم هو يوم الدين ، ومالك يوم الدين سبحانه وتعالى هو الذى سيحكم فيه بين العباد فيما كانوا فيه يختلفون . وظيفة الدولة في الإسلام ( العلمانى ) هي خدمة الناس وليس إدخالهم الجنة . الهداية في الإسلام شأن شخصى ،  ومن اهتدى فلنفسه ومن أساء فعليها .   

شهر ربيع الأول أوله يوم الاثنين‏:

احتجاج الفرنجة على احتكار برسباى للتجارة الشرقية مع التهديد بعدم الشراء

(  فيه قدم رسول ملك القطلان من الفرنج بكتابه وقد نزل على جزيرة صقلية في ثاني رمضان بما ينيف على مائتي قطعة بحرية ، فتضمن كتابه الإنكار على الدولة ما تعتمده من التجارة في البضائع ، وأن رعية الفرنج لا يشترون من السلطان ولا من أهل دولته بضاعة. فرد رسوله رداً غير جميل‏. )

لمجرد التذكير

إحتكار برسباى للتجارة الهندية هو الذى أدى للكشوف الجغرافية للوصول الى الهند ، فاكتشفوا رأس الرجاء الصالح وأمريكا .

بناء قيسارية جديدة في القاهرة ( القيسارية هي مركز تجارى وتجمع لأصحاب الحرف )

‏( وفي رابعه‏:‏ فتحت القيسارية المستجدة بخط باب الزهومة من القاهرة وسكنها الكتبيون  ( باعة الكتب ). وكان سوق الكتب المقابل للصاغة قد هُدم وما حوله في سنة ثلاث وثلاثين ، وبُني قيسارية يعلوها ربع ، وبدائرها حوانيت ، حيث كانت الصيارف تجاه الصاغة ، وحيث كانت النقليون وسوق الكتب والأمشاطيين تجاه شبابيك المدرسة الصالحية بالقاهرة والصليبة . وسكن في القيسارية التي عملت بجوار الكتبيين أرباب الأقفاص الذين كانوا بالقفيصات تحت شبابيك القبة المنصورية وشبابيك المدرسة المنصورية. وصارت هذه القيسارية سوقاً يضاهي الصاغة ، وأسكن في مقاعد القفيصات ودككها قوم من الخريزاتية - بياعي الخرز - وطائفة من أرباب المعايش‏. فلما كملت القيسارية المستجدة بباب الزهومة تجاه درب السلسلة تحول إليها الكتبيون وجاءت من أحسن ما بني بالقاهرة‏.)

المقريزى مولع بالقاهرة وأحيائها ، وله كتابه الرائع في خطط مصر والقاهرة ( الخطط المقريزية ) ، ومنه نعرف أن باب الزهومة كان المكان المخصص لبيع مخلفات الذبائح .

نزهة السلطان

( وفي ثامن عشره‏:‏ سرح السلطان إلى جهة أطفيح برسم الصيد وقدم من الغد آخر النهار وسرح قبل هذا إلى جهة شيبين وإلى بركة الحجاج أربع سرحات‏. )

وظائف أكابر المجرمين

وصول ابن البارزى للقاهرة ليتولى كتابة السّر ، وتكريمه بموكب  :

 ( وفي تاسع عشره‏ :‏ قدم القاضي كمال الدين محمد بن البارزي من دمشق ومثل يدي السلطان ، وقد خرج الناس إلى لقائه ، ثم نزل في داره ، وخلع عليه من الغد يوم السبت عشرينه واستقر في كتابه السر . ونزل في موكب جليل ، فسُّر الناس به سروراً كثيراً ، لحسن سيرته وكفايته وجميل طويته وكرمه وكثرة حيائه يؤيده‏. )  نذكّر بحبّ المقريزى لأكابر المجرمين من الشام . ‏

شهر جمادى الأولى أوله الخميس‏:

نزهة السلطان

(  فيه قدم الأمير مقبل الزيني نائب صفد ، وكان السلطان قد ركب إلى خارج القاهرة فركب في الخدمة إلى القلعة ثم نزل في دار أعدت له‏.)

وظائف أكابر المجرمين

1 ـ( وفي خامسه‏:‏ خلع على ابن ( ..‏. ) واستقر في كشف الوجه القبلي عوضاً عن طوغان العثماني على مبلغ اثنى عشر ألف دينار يحملها من البلاد ). 

ما بين القوسين لم يكتبه المقريزى ، والذى يهمنا هو أن هذا الكاشف ( الحاكم ) الجديد للصعيد التزم بدفع 12 ألف دينار للسلطان يجبيها من أهل الصعيد الذين لا يجدون ما ينفقون ، وطبعا سيجمع منهم  أضعاف هذا المبلغ .

2 ـ ( وفي ثامنه‏:‏ خلع على الأمير أسنبغا الطياري أحد أمراء العشرات واستقر في نظر جدة عوضاً عن سعد الدين إبراهيم بن المرة وأذن لابن المرة أن يتوجه معه‏. ).

تعليق

1 ـ سعد الدين ابن  المرة كان المتخصص في إدارة ميناء جدة ، وقد عزله برسباى وعيّن أميرا مملوكيا مكانه ، مع الاستعانة به رفيقا لهذا الأمير المملوكى في الإدارة المدنية لميناء جدة وما يعنيه من مكوس تقع على التجارة الشرقية التي احتكرها برسباى .

‏2 ـ ( وفيه توجه الأمير مقبل نائب صفد إلى محل كفالته على عادته ، بعد ما قدم مالاً وغيره بنحو اثني عشر ألف دينار‏. ). جاء حاكم صفد ، وأعاده برسباى لوظيفته بعدما قدّم 12 ألف دينار .‏

‏3 ـ ( وفي سابع عشرينه‏:‏ توجه الوزير الأمير أستادار كريم الدين ابن كاتب المناخ إلى الوجه البحري لتحصيل ما يقدر عليه من الجمال والخيل والغنم والمال لأجل سفر السلطان إلى الشام‏. ).

 4 ـ ( وفي حادي عشره‏:‏ نودي للناس بالإذن في السفر صحبة الطياري إلى مكة ، فسُرّوا بذلك سروراً زائداً ، وتجهزوا للسفر‏. ). هذا عن الحامية المملوكية الى الحجاز .

كواكب

( وفي ليلة الثلاثاء ثالث عشره‏:‏ بالرؤية ورابع عشره بالحساب خسف جميع جرم القمر في الساعة الحادية عشر وأقام في الخسوف ثلاث ساعات ونصف ساعة. )

شهر جمادى الآخرة أوله يوم الجمعة‏:

الحامية المملوكية الى الحجاز

1 ـ (  في خامسه‏:‏ أنفق السلطان في المماليك المجردين إلى مكة صحبة الأمير أسنبغا الطياري . وهم خمسون مملوكاً كل واحد مبلغ ثلاثين ديناراً‏. )

2 ـ ( وفي ثامن عشره‏:‏ برز الطياري بمن معه‏. )

3 ـ ( وفيه خلع على سعد الدين بن المرة ليكون رفيقاً للطياري‏. )

4 ـ ( وفي ثالث عشرينه‏:‏ استقل الطياري بالمسير من بركة الحجاج في ركب يزيد على ألف ومائة جمل‏. )‏

توزيع صُرر الأموال على المسافرين صُحبة السلطان الى المشرق

1 ـ ( وفيه ابتدئ بصرّ نفقة السفر إلى الشام‏. )

( صرّ ) النفقة أي جعلها في صُرر لتوزيعها على أربابها .

2 ـ ( وفي حادي عشره‏:‏ أنفق في الأمراء نفقة السفر، فحمل إلى الأمير الكبير الأتابك سودن من عبد الرحمن فضة عن ثلاثة آلاف دينار ، وإلى كل من الأمراء الألوف - وهم عشرة - ألفا دينار ، وإلى كل من أمراء الطبلخاناه خمسمائة دينار كل ذلك فضة‏. )

3 ـ ( 24 جمادى الآخرة ) : (‏ ابتدئ بنفقة المماليك السلطانية وهم ألفاً وسبعمائة لكل منهم صرة فيها ألف درهم أشرفي وخمسون درهماً أشرفية ، عنها من الفلوس  ( أي عند تحويلها ) اثنان وعشرون ألف درهم ، وهي مصارفة مائة دينار من حساب كل دينار بمائتين وعشرين درهماً فلوس ،  والدينار يومئذ يصرف بمائتين وثمانين‏. وكذلك نفقات الأمراء التي تقدم ذكرها إنما حملت إليهم دراهم على هذا. )

الاستادار يُنزل الظلم العظيم بأهل الوجه البحرى لتمويل حملة برسباى على العراق

(  وفي هذا الشهر‏:‏ نزل بأهل الوجه البحري من نزول الأستادار على بلاء عظيم‏. )

تعليق

هي عادة الاستادار وهى وظيفته من أجل السلطان أكبر أكابر المجرمين ، بل هي التطبيق الصريح للمعلوم عندهم بالضرورة من شريعة دينهم السُنُى وقُضاة القُضاة بشرعهم ( الشريف ). ألا لعنة الله جل وعلا عليهم جميعا في الماضى وفى الحاضر . ‏

شهر رجب أوله الأحد‏:

قدوم الاستادار الظالم لسيده السلطان بما حمل

(  في ثالثه‏:‏ قدم الوزير أستادار من الوجه البحري، وقد احتاج ( أي افتقر ) أهله بأخذ خيولهم وأغنامهم وأموالهم، هو وأتباعه . فما عفُّوا ولا كفُّوا‏. ) . لاحظ تعبير المقريزى الموجز الموجع : ( فما عفُّوا ولا كفُّوا‏.  ).!

تعليق :

ونعطى مثالا لأحد لصوص الكبار في العصر المملوكى ، وهو أيضا شهر استادار في عصر المماليك البرجية ، إنه الأمير جمال الدين الاستادار. نستخلص تاريخ حياته مما كتبه عنه المقريزى .

1 ـ قلنا إن الاستادار هو الذي كان يتولى الإشراف على نفقة القصور السلطانية في العصر المملوكي . وصاحبنا جمال الدين بدأ حياته العملية في السرقة حين كان يتولى " مشد " باب رشيد بمدينة الإسكندرية ، والمشد هو الموظف الذي يتولى تنفيذ أوامر السلطة المملوكية ، وينفذها بالضرب وه المخبأة . هذا بينما إعتقل ابن الطبلاوي ابن جمال الدين كي يحصل منه على مائة ألف دينار . وعن طريق ابن غراب – كاتب جمال الدين السابق – عثروا على أموال مخبأة في خرابة خلف مدرسة جمال الدين ( خانقاة جمال الدين الاستادار التي كانت الأشهر في وقتها ، وقد بناها من المال الحرام ، كما هو شائع في شريعتهم السُنية ) ، وكانت جملة تلك الأموال مليون درهم فضة . مع ستة ألاف دينار وأربعة ألاف وخمسمائة درهم ، في أماكن متفرقة .

5 ـ وأمر السلطان برقوق بمصادرة كل أموال جمال الدين ، واعتقاله في داره واعتقل مماليكه وأتباعه ، وبدأت تظهر أمواله المخبأة شيئا فشيئا ، ثم تسلمه الأمير فرج شاد الدواوين ، فأخذ يعذبه ليعترف بما لديه من أموال ( وكانت تلك الوظيفة لجمال الدين من قبل ) . ومع شدة التعذيب فلم يعترف جمال الدين بشيء ، فقام بتعذيبه عدوه ابن الطبلاوي فلم يعترف أيضا بشيء !! بل كان يسب ابن الطبلاوي وهو تحت العذاب.  ثم استدعاه السلطان برقوق ، وحقق معه بحضور كاتبه السابق ابن غراب ، الذي أفشى أسراره أمام السلطان ، فزاد من حقد السلطان عليه ، فأمر بتشديد التعذيب عليه ، حتى مات تحت التعذيب ، وهذا في  ليلة الأحد تاسع رجب عام 799 في الستين من عمره ، ودفنوه في مدرسته .

دوران محمل الحجاج في ظروف استثنائية

( وفي يوم الخميس ثاني عشره‏:‏ أدير محمل الحاج . ولم يعمل ما جرت العادة به من التجمل ، بل أوقف تحت القلعة وأعيد ، و لم يتوجه إلى مصر ( أي ما يعادل القاهرة الكبرى الآن ) ، وهذا شيء لم يعهد مثله‏. )

لمجرد التذكير كان دوران المحمل ( الذى يحمل كسوة الكعبة ) أحد شعائر الحج وقتها ، طبقا للمعلوم بالضرورة من الدين السُنّى .

‏وظائف أكابر المجرمين ( تنقلات وتقلبات )

1 ـ ( وفي سابع عشره‏:‏ أعيد دولات خجا إلى ولاية القاهرة، عوضاً عن التاج لسفره في الخدمة السلطانية مهمندار وأستادار الصحبه وجليساً‏. ). ضمن الوظائف أن يكون أحدهم نديما وجليسا للسلطان ، وهكذا كان التاج ابن الخطير .

2 ـ ( وخلع على شهاب الدين أحمد ابن محمد بن علي - ويعرف بابن النسخة شاهد القيمة - واستقر في حسبة مصر عوضاً عن شمس الدين أحمد بن العطار‏. )

سلطان تونس والمغرب يرسل للسلطان برسباى بأخبار حربه ضght"> ( وفي هذا الشهر‏:‏ تحركت أسعار الغلال ، فأبيع القمح بمائة وثلاثين درهماً الأردب بعد مائة ، وأبيع الأردب الشعير والفول من ثمانين إلى بضع وتسعين بعد ما كان بستين‏. وسبب ذلك أن طائفة من الناس قد اعتادت منذ سنين أن ترجف في أيام زيادة النيل بأنه لا يبلغ الوفاء ، يريدون بذلك غلاء الأسعار ، فتكف أرباب الغلال أيديها عن البيع  ، ويأخذ آخرون في شراء الغلال وخزنها ليتربص بها دوائر الغلاء، فيتحرّق السعر من أجل ذلك ، فإذا بلغ النيل القدر المحتاج إليه في ري الأراضي وزرع الناس أيس طلاب الغلاء ، فباعوا ما قد اختزلوه منها ، فينحل السعر ويتضع‏.)

نائب السلطان في مصر يولى شخصا مجهولا تابعا له مديرا لأمن القاهرة وعزل دولات خجا المشهور بظلمه . والمقريزى ــ على غير العادة يمدح نائب السلطان .!

( وفي ثامن عشرينه‏:‏ عزل نائب الغيبة دولات خجا عن ولاية القاهرة وأقام عوضه دواداره - أعني دولات حجا - وهو مجهول لا يعرف ونكرة لا يتعرف . ومع ذلك فأحوال الناس بالقاهرة جميلة لحُسن سيرة نائب الغيبة،  وتثبته وإظهار العدل مع كثرة الأمن ورخاء أسعار عامة المبيعات كلها‏.).

تعليق

غريب أمر المقريزى ؛ حين يظهر شخص مسئول حسن السيرة يصفه بالنكرة والشخص المجهول ، بينما يُسهب في سيرة أكابر المجرمين 

شهر ذي الحجة أوله الأحد‏:

‏قياس النيل وغلاء الأسعار بسبب الازدحام على شراء وتخزين الحبوب خوفا من مجاعة

( وفي ثامن عشرينه‏:‏ نودي على النيل بزيادة إصبع واحد لتتمة خمسة عشر ذراعاً وثمانية عشر إصبعاً‏. وأصبح الناس يوم الأحد عشرينه - وهو ثالث عشرين مسرى - وقد نقص ستة أصابع ، فازدحم الناس على شراء القمح وقد بلغ إلى مائة وأربعين درهماً الأردب ، فتعدى مائة وخمسين‏. )  

( تطبيق الشريعة السنّية لأكابر المجرمين في عصر السلطان المملوكى الأشرف برسباى )

هناك من يطالب بتطبيق ما يسمونه بالشريعة ، ولا يعرفون أن أسلافهم طبقوا شريعة شيطانية لصالح أكابر المجرمين . هذا الكتاب يعطى تقريرا تاريخيا عن تطبيق شريعة أكابر المجرمين في عصر السلطان برسباى من واقع تاريخ السلوك للمقريزى.
more