رقم ( 5 )
الباب الأول الفصل الثالث

الباب الاول

الفصل الثالث : وسائل الشيطان

تزيين الشيطان الضلال لأتباعه المحمديين

وعود الشيطان لأتباعه المحمديين بالشفاعة يوم الدين

الشيطان وعبادة الهوى

مقالات متعلقة :

( النسيان ) وسيلة الشيطان فى غواية الانسان

النجوى والشيطان

 

 

 

تزيين الشيطان الضلال لأتباعه المحمديين

مقدمة : نضع ( المحمديين ) فى العناوين مع أن الأمر يخصُّ أبناء آدم جميعا ، ذلك أننا نعتمد على القرآن الكريم الذى يزعم المحمديون الإيمان به وهم يكفرون به متمسكين بالوحى الشيطانى وتقديس شياطين الإنس من أمثال البخارى والكافى والغزالى . لو كانوا يؤمنون بالقرآن الكريم فعلا وصدقا ما إحتجنا الى التنبيه عليهم بالذات . وسائل الشيطان فى إغواء أوليائه تشمل الجميع ، ولكن أهم ضحاياه هم الذين يزعمون الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم وهم فى جيب الشيطان الرجيم ..يتلاعب بهم مبتسما.ونعطى لمحة عن تزيينه الشّر والضلال للمحمديين :

أولا : التزيين بين الهدى والضلال

1 ـ إذا شاء الانسان الهداية زاده الله جل وعلا هدى ، وزين له الهدى . قال جل وعلا : ( وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَاَن ) ﴿الحجرات: ٧﴾.

2 ـ إذا شاء الانسان الضلالة زاده جل وعلا ضلالا ، أو ( زيّن ) له ضلالاته. قال جل وعلا :

2 / 1 : (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَسُبُّوا اللَّـهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗكَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ) ﴿١٠٨﴾ الانعام )

2 / 2 : ( إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ ﴿٤﴾ النمل )

3 ـ وتزيين الله جل وعلا الضلال للضال يعنى أنه جل وعلا تركه للقرين الشيطانى يزين له سوء عمله فيراه حسنا . قال جل وعلا  عن دور القرناء فى تزيين الضلال : ( وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ) (25) فصلت )

ثانيا : التزيين بالمبنى للمجهول:

وأغلبية البشر ضالون ، إختاروا الضلالة فتسلط عليهم الشيطان ، لذا يأتى التعبير عنه بالمبنى للمجهول ، والمقصود هو الشيطان .

1 ـ ويأتى ذلك عموما . قال جل وعلا :

1 / 1 :( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122) الانعام )

1 / 2 :( أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّـهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴿٨﴾ فاطر )

1 / 3 : (  أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُم ﴿محمد: ١٤﴾

1 / 4 :(وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿١٢﴾ يونس )

1 / 5 : (  بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ ۗ وَمَن يُضْلِلِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴿٣٣﴾ الرعد )

2 ـ وجاء عن :

2 / 1 : فرعون : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ﴿٣٦﴾ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا ۚوَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ ۚ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ ﴿٣٧﴾ غافر )

2 / 2 : العرب فى الجاهلية . قال جل وعلا :( إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّـهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّـهُ ۚ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴿٣٧﴾ التوبة )، كانوا يتلاعبون بحُرمة الأشهر الحرم فى القتال. الخلفاء الفاسقون ( أبو بكر وعمر وعثمان ..) إرتكبوا جريمة الفتوحات فى الأشهر الحرم الأربع معا ، ولم يراعوا حرمتها . وتناسى المحمديون الأشهر الحُرُم وحُرمتها من وقتئذ . وحروبهم مستمرة طيلة الأشهر العربية والميلادية وحتى القبطية .!

2 / 3 : الأعراب المنافقين  :(  بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَىٰ أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا ﴿الفتح: ١٢﴾

 ثالثا : تفصيلات عن إغواء الشيطان بالتزيين :

1 ـ من البداية أعلن إبليس عزمه على إغواء بنى آدم بتزيين الشرّ خيرا : ( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٣٩﴾ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ (40) الحجر )

2 ـ زيّن الشيطان للأمم السابقة فأغواهم . قال جل وعلا :

2 / 1 ( فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٤٣﴾ الانعام )

2 / 2 ( وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ ۖ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ﴿٣٨﴾ العنكبوت )

2 / 3 ( إنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ﴿٢٣﴾ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّـهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ﴿٢٤﴾ النمل )

2 / 4ـ وزيّن للعرب الجاهليين :

2 / 4 / 1 : عن  قتلهم أولادهم قال جل وعلا : :( وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ ۖ وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴿١٣٧﴾الانعام )

2 / 4 / 2  : عن خروج جيش قريش الى بدر قال جل وعلا : ( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ ۖ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّـهَ ۚ وَاللَّـهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴿٤٨﴾ الأنفال )

رابعا : تزيين ( زينة الدنيا )

1 ـ من الإختبار الذى يتعرض له الإنسان فى حياته الدنيا هو تلك الأرض بزينتها . قال جل وعلا : (  إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴿الكهف: ٧ ) . الخاسر هو من تستغرقه الدنيا بزخارفها وزينتها فينسى الآخرة  ومتاعها الأبدى أو عذابها الأبدى .الشيطان هو الذى يزين للإنسان الحياة الدنيا وزينتها ويجعله ينسى الآخرة والعمل الصالح لها .

2 ـ لذا يأتى ذكر متاع الدنيا مع التنبيه على الجنة وهى خير من ذلك . قال جل وعلا :

2 / 1 :  ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14)آل عمران ) بعدها قال جل وعلا عن الجنة :( قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) آل عمران )

2 / 2 : عن زينة الحياة الدنيا (  الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا  ) عن العمل الصالح ومثوبته قال جل وعلا : ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ) ﴿الكهف: ٤٦﴾

2 / 3 : عن الصراع والتنافس فى هذه الحياة الدنيا : ( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴿ ٢٠﴾ الحديد ) بعدها قال عما ينبغى أن يكون فيه التنافس وهو الجنة : ( سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَرُسُلِهِ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّـهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴿٢١﴾ الحديد )، المسابقة بين الأشخاص . أما ( المسارعة ) فهى عن الزمن أى أن يسارع المؤمن بعمل الخيرات مبكرا ما أمكن وقبل أن يدركه الأجل ، قال جل وعلا : ( وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴿١٣٣﴾ آل عمران ) .

3 ـ قد يكون أحدهم فعّالا للخير ، لا يتركه الشيطان ، يجعله فعّالا للخير ولكن ينسيه الآخرة  ، ويجعله ينتظر مثوبته من عمله الصالح فى الشهرة وثناء الناس والرياء . هذا الصنف يعطيه الله جل وعلا أجره وثوابه فى الدنيا ، ولكن ليس له فى الآخرة إلا النار خالدا فيها. قال جل وعلا : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ (15) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16) هود ).

4 ـ بتأثير الشيطان يحب البشر هذه الدنيا العاجلة ويذرون الآخرة . قال جل وعلا :

4 / 1 :( كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ﴿القيامة: ٢٠﴾

4 / 2 : ( إِنَّ هَـٰؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا ﴿الانسان: ٢٧﴾

4 / 3 : ( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴿١٦﴾ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ﴿١٧﴾ الأعلى )

4 / 4 : وكان منهم قارون الذى إغتر بكنوزه وزينته ومواكبه فخسف الله جل وعلا به الأرض .( القصص 76 ــ ).

5 ـ مع صراعهم حول المال فلا يأخذ أحدهم سوى الرزق المعين له سلفا ، يسرى هذا على المؤمن مريد الآخرة الذى يسعى فى الدنيا بالعمل الصالح ، كما يسرى على مريد الدنيا الذى لا يأبه بالآخرة ولا يعمل لها. كلاهما يأخذ رزقه المحدد مهما كافح وناضل ، يفلس الميلونير ويثرى الفقير ، وهذا كله تقدير الرحمن جل وعلا. بالتالى فإن المؤمن الذى يسعى للآخرة يأخذ بسعيه الصالح أجره المحدد فى الدنيا علاوة على الجنة ، أما مريد الدنيا فقط فلا يأخذ سوى الرزق المقدر له ثم نهايته الخلود فى الجحيم . فمن هو الأفضل ؟ ما أروع قول الله جل وعلا : ( مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا ﴿١٨﴾ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا ﴿١٩﴾ كُلًّا نُّمِدُّ هَـٰؤُلَاءِ وَهَـٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ﴿٢٠﴾ انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ﴿٢١﴾ الاسراء ) .

6 ـ وتتابعت الأوامر والنواهى للنبى محمد بشأن زينة الحياة الدنيا . قال له جل وعلا :

6 / 1 : (  لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿الحجر: ٨٨﴾ (   وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ﴿طه: ١٣١﴾

6 / 2 : ( لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ ﴿١٩٦﴾ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴿١٩٧﴾ آل عمران  ) . الملأ الحاكم فى دول المحمديين يتقلب فى البلاد ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد .

6 / 3 : (  فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴿التوبة: ٥٥﴾ (  وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴿التوبة: ٨٥﴾). الملأ الحاكم فى بلاد المحمديين شقاؤه بسبب أمواله وأولاده .

6 / 4 : ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴿٢٨﴾ الكهف ). المؤمنون المتقون لا يريدون علوا فى الأرض ولا فسادا ( القصص 83 ).

7 ـ جاء تخيير نساء النبى محمد عليه السلام بين ( أن يطلقهن ويسرحهن سراحا جميلا إذا أردن الحياة الدنيا وزينتها ) أو ( أن يردن الآخرة والجنة ) . قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (29) الاحزاب ) .

8 ـ وللمؤمنين جميعا قال جل وعلا : ( وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلا تَعْقِلُونَ (60) القصص ).

أخيرا

بغواية الشيطان يتصارع المحمديون حول زينة الحياة الدنيا . ويؤمنون بالشفاعات فى الآخرة . وهذا موضوعنا القادم .

 

 

 

وعود الشيطان لأتباعه المحمديين بالشفاعة يوم الدين

مقدمة : نقول عنهم ( محمديون ) لأنهم خلقوا إلاها أسموه محمدا وجعلوا أول مهمة له له أن يشفع فيهم يوم الدين . هم بذلك إتخذوا من دون الله جل وعلا شفعاء شأن أتباع الشيطان فى الجاهلية والذين قال عنهم رب العزة جل وعلا : ( أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ )﴿الزمر: ٤٣﴾. الفارق أن العرب الجاهليين كانوا يزعمون أن آلهتهم تشفع لهم ، وواجه خاتم النبيين ( عليهم السلام ) هذا الإفك بالقرآن الكريم ، ومرت الأيام وجعل ( المحمديون ) إلاها اسموه ( محمدا ) يشفع فيهم يوم الدين . نجح الشيطان فى غواية المحمديين وخدعهم بالأمانى وبالوعد الغرور .

نعطى بعض التفصيل .

أولا : خاتم النبيين لن يشفع لأحد يوم القيامة .

1 ـ  النبى محمد عليه السلام لا يعلم الغيب وليس له أن يتحدث فى الغيبيات عن الآخرة وأحوالها ، فالأحاديث المنسوبة له لم يقلها ، وهى وحى شيطانى من شياطين الانس كالبخارى وأضرابه : ( قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿١٨٨﴾الأعراف  ) (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴿٩﴾ الأحقاف  ) ( قُل لَّا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّـهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ۚ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ ۚ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ ﴿٥٠﴾الأنعام    )

2 ـ سيأتى عليه السلام شاهدا خصما للكافرين ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴿٤١﴾النساء  ) (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَـٰؤُلَاءِ ۚ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ ﴿٨٩﴾ النحل   ). يشهد أنهم إتخذوا القرآن الكريم مهجورا (  وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَـٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴿٣٠﴾ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ ۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ﴿٣١﴾الفرقان  ) . وشهادة الخصومة عكس الشفاعة . وسيتخاصم النبى مع كافري قومه ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ﴿٣٠﴾ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ﴿٣١﴾ الزمر  )

3 ـ من حقت عليه كلمة العذاب لا يمكن للنبى أن ينقذه من النار (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ ﴿١٩﴾ الزمر ) والله جل وعلا لا يبدل قراره ( قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ ﴿٢٨﴾ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ﴿٢٩﴾ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ﴿٣٠﴾ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ﴿٣١﴾ق  )   .

4 ـ التأكيد على حساب الأنبياء أكثر من حساب أقوامهم ( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ﴿٦﴾ ) الأعراف ) والتأكيد على حساب النبى محمد أكبر من حساب قومه ( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴿٤٤﴾الزخرف  ) وفى الحساب لن ينفع النبى محمد أصحابه ولن ينفعه اصحابه ( وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ ) ﴿٥٢﴾الأنعام  ) كما لن تجزى نفس عن نفس شيئا ( وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ﴿البقرة: ٤٨﴾( وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ﴿البقرة: ١٢٣﴾. وهذا عام فى الجميع فهى عدالة الرحمن جل وعلا حيث لا ظلم يوم الدين . سيقول جل وعلا  للناس :(  الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴿١٧﴾ غافر) .

5 ـ الشفاعة ليست لبشر بمفهوم التوسط  المعروف فى الدنيا ، قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ  ۗوَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿٢٥٤﴾ البقرة )

6 ـ  الشفاعة فى اليوم الآخر ترجع لرب العزة جل وعلا وحده ، هو وحده جل وعلا الولى المعبود وهو وحده جل وعلا الشفيع : (  لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴿الأنعام: ٥١﴾ (  لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّـهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ ) ﴿الأنعام: ٧٠﴾ (  اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴿السجدة: ٤﴾ ( قُل لِّلَّـهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿الزمر 44 ).

7 ـ وهى للملائكة بعد إذن الرحمن جل وعلا ورضاه ( وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ) ﴿سبإ: ٢٣﴾( مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴿يونس: ٣﴾

8 ـ وهى بناء على معرفته جل وعلا بما بين ايدي الناس وما خلفهم : (   ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ) ﴿٢٥٥﴾ العظيم  ) ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۚ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ ﴿٢٦﴾ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴿٢٧﴾يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴿٢٨﴾ الانبياء) ( يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَـٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا ﴿١٠٩﴾ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴿١١٠﴾ طه  ). ( فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ ۖ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ ﴿٧﴾الأعراف  ) .

9 ـ والنبى محمد عليه السلام لم يكن يعلم السرائر ، بل كان من أصحابه من مرد على  النفاق ولم يكن يعلمهم ومات وهو لا يعلم بهم :(  وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ ﴿١٠١﴾ التوبة  ) ، وشأن الأنبياء جميعا أنهم سيعلنون يوم القيامة أنه لا علم لديهم بمدى هداية أقوامهم : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّـهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ ۖ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا ۖإِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴿١٠٩﴾ المائدة )  

10 ـ والشفاعة هى للملائكة المختصين بها :

10 / 1 : الذين يشهدون بالحق : ( وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴿الزخرف: ٨٦﴾ .

10 / 2 :  وهم المعهود لهم بالشفاعة (  لَّا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَـٰنِ عَهْدًا ﴿مريم: ٨٧﴾

10 / 3 : وقال عنهم جل وعلا : (  وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّـهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ ﴿٢٦﴾ النجم )

10 / 4 : وتحديدا هم ملائكة العمل الخاصة بكل فرد ( رقيب وعتيد ) ستتحول يوم القيامة الى ( سائق وشهيد ) أحدهما يسوقه والآخر يشهد : ( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴿١٧﴾ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴿١٨﴾ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴿١٩﴾ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ﴿٢٠﴾ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ﴿٢١﴾ ق  ). إن كان عمله صالحا أصبح شاهدا له ، أى شفيعا له بعمله الصالح ، وإن كان عمله عصيانا أصبح شاهدا عليه .

11 : المشركون هم الذين يتخذون من أنفسهم شفعاء يعتقدون بملكيتهم قوة التشفع فيهم . عن إتخاذهم شفعاء قال جل وعلا :

 11 / 1 : (  أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ ﴿الزمر: ٤٣﴾

11 / 2 : (   وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴿غافر: ١٨﴾

11 / 3 : (  وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ﴿الأنعام: ٩٤﴾

11 / 4 : ( وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّـهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّـهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ) ﴿يونس: ١٨﴾

 11 / 5 : (  وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ ﴿الروم: ١٣﴾

11 / 6 (  هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴿الأعراف: ٥٣﴾

12 ـ هذا كله فى القرآن الكريم الذى يزعم المحمديون الإيمان به . ولكن الحقيقة هم يؤمنون بأحاديث الشفاعة الشيطانية ومن أجلها يكفرون بالقرآن الكريم ، وحين واجهناهم بآيات القرآن الكريم حاربونا وحكموا بكفرنا وردّتنا عن ( دينهم ) ، ولا يزالون .

 ثانيا :  توعّد إبليس بأن ( يغُرّ ) بنى آدم بالأمنيات والوعد الغرور

1 ـ اساطير شياطين الإنس من أئمة المحمديين عن الشفاعة لا شأن لها بالنبى محمد عليه السلام ، بل هى الدليل الأكبر على كفرهم وكفر أتباعهم ، وأنها الدليل الأكبر على نجاح الشيطان الساحق فى إغوائهم بوعده الغرور.

2 ـ قال جل وعلا عنه :

2 / 1 :( لَّعَنَهُ اللَّـهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ﴿١١٨﴾ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّـهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّـهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا﴿١١٩﴾ النساء ) هو هنا يقرن الإضلال بالتمنى ، وهى عبقرية فى الشّرّ ، لأن الضال إذا عرف أن مصيره أن يلقى جزاء ضلاله فقد يتوب ، ولكن إذا إعتقد أنه بضلاله سيدخل الجنة فسيستمر فى ضلاله حتى الموت . وبالتالى تنجح الشفاعات المزعومة فى إجهاض الإصلاح .

2 / 2 : ـ قال جل وعلا بعدها عن وعود الشيطان :( يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴿١٢٠﴾ النساء )

2 / 3  ـ بعدها قال جل وعلا عن مصيرهم الحتمى : ( أُولَـٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا ﴿١٢١﴾النساء ).

3 ـ وقد حذّر رب العزة جل وعلا الناس من وعد الشيطان ، فقال :

3 / 1 :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا ۚ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ ﴿٣٣﴾ إِنَّ اللَّـهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴿٣٤﴾ لقمان )

3 / 2 :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ﴿فاطر: ٥﴾

3 / 3 : (  الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّـهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿البقرة: ٢٦٨﴾

4 ـ وأخبر رب العزة جل وعلا مقدما بنكث وعده لأتباعه فى الآخرة : (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّـهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖإِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٢٢﴾ ابراهيم ).

5 ـ ومع هذا فالمحمديون بدينهم الأرضى الشيطانى متمسكون .

 

 

 

الشيطان وعبادة الهوى

مقدمة : لا كهنوت فى العلم ولا فى الدين الالهى الحق

1 ـ ( س ) تناقش مع ( ص ) فى موضوع سياسى ، كانت حجة ( س ) هى الأقوى ، غضب ( ص ) فقال ل ( س ) : هل معنى هذا أننى جاهل ؟ .تحول النقاش من ( الموضوعى ) الى ( الشخصى ) . هنا الخلط بين ( موضوع النقاش ) و ( أشخاص المتناقشين ).الجاهل فى موضوع النقاش يتحول الى مهاجم رفيقه فى النقاش ليدارى جهله . فى الموضوعات البحثية ليكون النقاش ناجحا لا بد من باحثين وليس أدعياء علم . الباحث هو من ( يبحث ) عن الحقيقة وعن الصواب فى موضوع البحث. لا يهم من يكون معه الصواب . المهم هو الوصول الى هذا الصواب . وبالتالى فإن حوارهما هادف وناجح ، ويثمر إحتراما بينهما ، وحتى لو إختلفا فإن الاختلاف فى الرأى لا يفسد الود بينهما . إذا كان أحدهما جاهلا فما أسهل أن يلجأ الجاهل الى الدفاع عن نفسه بالهجوم على رفيقه فى النقاش وتحويل النقاش الى شأن شخصى . هنا يكون ( الهوى ) الذاتى ملجأ الجاهل فى الدفاع عن جهله وعن ذاته .

 2 ـ نشرت سلسلة من المقالات عن النساء فى حياة هارون الرشيد معتمدا فيها على المصادر التاريخية الموثقة . إعترض بعضهم قائلا إن المشهور أن هارون الرشيد كان يحج عاما ويغزو عاما ولم يكن له وقت للجوارى . تحاورنا وظهر جهله فقال محتدا غاضبا : هل معنى ذلك أننى جاهل ؟ قلت له : لم أتعرض لك ، أنا أتكلم عن هارون الرشيد فى المصادر التاريخية . إنفضت الجلسة وقد كسبت عداوته  بدون قصد .!.

3 ـ نشرت مقالات عن الانحلال الخلقى فى العصر المملوكى ومنه الشذوذ الجنسى الذى جعله التصوف دينا. هاجمنى صحفى تحت عنوان مفاده أن آباءنا العظام لم يكونوا شاذّين . كان العنوان ومحتوى المقال تحريضيا ، وأدى الغرض منه فى التحريض على شخصى . لم يسأل أحدهم عن الأدلة من كتب التاريخ وكتب التصوف . هذا لأن المناخ العام ( أو الهوى العام ) كان ــ ولا يزال ـ فى تقديس السلف . وفى هذا المناخ يفوز الجهل وأربابه . ـ  هى مشكلة خطيرة حين يتحكم الهوى فى المجالات العلمية ، إذ يؤسس الجهل بدلا من البحث العلمى الموضوعى . لهذا فإنه لا وجود للكهنوت فى البحث العلمى الجاد .

4 ـ تكون المشكلة أخطر حين يتحكم الهوى فى ( الدين ) . إذ أن الدين الشيطانى مؤسس على الهوى . الشيطان يتسلل الى هوى الإنسان فيجعل هواه إلاها ودينا  خلال وحى شيطانى . إذا كان الهوى فى الغزو والاحتلال والسلب والنهب والتسلط جعله الشيطان دينا يقول :( أُمرتُ أن أقاتل الناس ..) وتحت مسمى ( السُّنّة ) ، وإن كان فى اللهو واللعب والرقص والانحلال بكل أنواعه صار دينا بعنوان ( التصوف ) ، وإذا كان الهوى فى الثقافة القومية ( الشعوبية ) الفارسية تحول الى دين ( التشيع ).

5 ـ والكهنوت فى كل دين أرضى هم أعاجيب فى الجهل . ولا يجرؤ أحد على نقاشهم ، فالمطلوب هو السمع والطاعة مهما قال الشيخ . ومثلا فإن من أعاجيب الجهل مخلوق قضى خمسين عاما فى تقديس البخارى ، فلما كشفنا عورات البخارى إتضح أن الشيخ لم يقرأ البخارى. إستهلك وقته هجوما علينا يتوعدنا بجهنم وبئس المصير . لم يلتفت الى أدلتنا من البخارى وعرضها على القرآن الكريم . هو فى الحقيقة لا يدافع عن البخارى . هو يدافع عن نفسه وعن جهله ، فلا يصح بعد خمسين عاما من تقديسه البخارى أن يظهر أنه حمار . هو يرفض أن يكون حمارا ، حتى لو كان حمارا مخططا بدرجة رئيس جامعة .

6 ـ الهوى فى الدين هو صناعة شيطانية . نتتبع هذا ببعض التفصيل  :

أولا : معنى الهوى قرآنيا

  الهوى نقيض التعقل : لو إستعمل الانسان عقله ما سجد لتمثال أو لقبر ميت تحول الميت فيه الى تراب ، وما قدّس مخلوقا مثله يتبول و( يخرى ) ويمرض ويموت . الشيطان هو الذى يجعل الانسان يفقد عقله .

 1 ـ  قال جل وعلا :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿١٦٨﴾ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿١٦٩﴾ البقرة ) هنا تحذير من إتباع خطوات الشيطان الذى يأمر بالسوء والفحشاء والتقول على رب العزة جل وعلا . وقد خدع الشيطان الأسلاف ، وجعل دينهم الشيطانى ( ثوابت )، بحيث أتى اللاحقون يرفضون إتباع ما أنزل الله جل وعلا بسبب تمسكهم بتلك الثوابت التى ولدوا عليها ووجدوا عليها آباءهم ، مع أن آباءهم كانوا ( لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ) قال جل وعلا : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّـهُقَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَايَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴿١٧٠﴾ البقرة ) بعدها قال جل وعلا عنهم يشبههم بالأنعام :  ( وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴿البقرة: ١٧١﴾

2 ـ بل هم شر الدواب ، أى كل ما يدب على الآرض من البيكتيريا الى الحشرات والحيوانات . قال جل وعلا عن الكافرين :

2 / 1 :( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّـهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٥٥﴾  الانفال)  

2 / 2 :  ( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّـهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ﴿الأنفال: ٢٢﴾

3 ـ هذا لأنهم إتخذوا الهوى إلاها .قال جل وعلا : ( أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا  ( ٤٣﴾  أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖبَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴿٤٤﴾  الفرقان )

ثانيا : الهوى الشيطانى ضد رب العزة جل وعلا

1 ـ جعل إبليس نفسه إلاها حين تحدى رب العزة جل وعلا قائلا : (لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ﴿١١٨﴾) النساء ). بالتالى فإن الهوى الشيطانى المؤسس للأديان الأرضية الشيطانية يناقض الحق الالهى ( لا إله إلا الله )

2 ـ ردا على الهوى الشيطانى قال جل وعلا :

2 / 1 : (  لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ ﴿الأنبياء: ١٧﴾

2 / 2 : (  وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ ﴿المؤمنون: ٧١﴾.

ثالثا : الهوى الشيطانى ضد الكتاب الالهى

1 ـ عن القرآن الكريم قال جل وعلا :( كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿٢﴾ اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴿٣﴾ الاعراف ). الإتّباع هو للقرآن الكريم وحده ، مع النهى عن إتباع غيره من الكتب وأولياء الشيطان كالبخارى والكلينى والشافعى والغزالى ..الخ .

2 ـ وهذا الحق الالهى نزلت به كل الرسالات الإلهية ، وكان مأمورا به كل رسل الله جل وعلا. وقد قال رب العزة جل وعلا للنبى داود :(  يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴿ص: ٢٦﴾، فالهوى نقيض الحق  ، وإتباع الهوى الشيطانى يعنى الضلال عن سبيل الله جل وعلا .

3 ـ وعن الحق القرآنى قال جل وعلا : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ﴿ ٣﴾ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ﴿٤﴾ النجم )

رابعا : شيوخ الكهنوت شيوخ الهوى الشيطانى

1 ـ يرفض الكافرون الإستجابة للقرآن الكريم وهو الهدى الإلهى تمسكا منهم بإتباع الهوى الشيطانى . ولأن القرآن الكريم هو الميزان فإن الله جل وعلا قال لخاتم النبيين :(  فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿القصص: ٥٠﴾

2 ـ ولأن القرآن هو العلم فيما يخص الدين فإن رب العزة جل وعلا يصف متبعى الهوى الشيطانى بأنهم إتبعوا أهواءهم بغير علم . قال جل وعلا : ( بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ  ﴿٢٩﴾  الروم  )

3  ـ وهى عادة سيئة فى الكهنوت القائم بين الناس ،. فالكهنوت يبرر وجوده بأن يجادل فى ( الله ) يزعم أنه وكيل عن الله ومتحدث بإسمه وواسطة بينه وبين الناس . يوجد هذا بين  الناس فى أى زمان ومكان . قال جل وعلا :

3 / 1 : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ ﴿٣﴾ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ ﴿٤﴾ الحج ). هنا ترى ذلك الذى يجادل فى الله جل وعلا متبعا لألهه الشيطان .

3 / 2 :  ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ ﴿الحج: ٨﴾ ﴿لقمان: ٢٠﴾.هنا تراه بلا علم وبلا هدى وبلا كتاب إلهى منير .

4 ـ  وعن أئمة الضلال قال جل وعلا فى تحقيرهم إذ تركوا الحق الالهى واتبعوا الهوى الشيطانى : ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ﴿١٧٥﴾ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿الأعراف: ١٧٦﴾

5 ـ وقال عنهم جل وعلا : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّـهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّـهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴿الجاثية: ٢٣﴾. جعلوا هواهم الشيطانى إلاها من دون الرحمن جل وعلا . وكفى بهذا ضلالا أيها المحمديون .!

خامسا : غواية الشيطان فى عبادة الهوى فى عُصاة بنى اسرائيل :

1 ـ نظروا للرسالات الإلهية من واقع هواهم الشيطانى ، فما لا تهواه أنفسهم يرفضونه إستكبارا ، بل وكانوا يقتلون الرسل .  قال جل وعلا :

1 / 1 :( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴿البقرة: ٨٧﴾

1 / 2 : (  لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ ﴿المائدة: ٧٠﴾

2 ـ بل دفعهم الهوى الشيطانى الى قتل المصلحين من غير الرسل الذين يأمرون بالقسط . قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّـهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٢١﴾ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ﴿٢٢﴾آل عمران ). مع ملاحظة أن فتاوى القتل تلاحقنا لأننا ندعو للقسط بين الناس .!

سادسا : نهى الله جل وعلا النبى محمدا عن إتباع الهوى  الشيطانى لأهل الكتاب والعرب ، تمسكا بالقرآن الكريم وحده :

1 ـ عن أهل الكتاب قال جل وعلا لخاتم النبيين عليهم السلام :

1 / 1 :(  وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّـهِ هُوَ الْهُدَىٰ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّـهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴿البقرة: ١٢٠﴾

1 / 2 :(  وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ ﴿البقرة: ١٤٥﴾

1 / 3 :(  وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ) ﴿المائدة: ٤٨﴾

1 / 4 :(  وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ إِلَيْكَ ) ﴿المائدة: ٤٩﴾

1 / 5 : (  قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّـهَ حَرَّمَ هَـٰذَا فَإِن شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴿الأنعام: ١٥٠﴾

1 / 6 : (  فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّـهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّـهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴿الشورى: ١٥﴾

2 ـ وفى النهى عن إتّباع الهوى الشيطانى للعرب الجاهليين قال جل وعلا  لخاتم النبيين :

2 / 1  :(   قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ قُل لَّا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴿الأنعام: ٥٦﴾

2 / 2 : ( وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّـهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ ﴿الرعد: ٣٧﴾

2 / 3 : (  وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴿الكهف: ٢٨﴾

2 / 4 :  (  فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لَّا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ ﴿طه: ١٦﴾

3 ـ وعموما ، قال جل وعلا :

3 / 1 :(   ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) ﴿الجاثية: ١٨﴾

3 / 2 : ( أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُم ﴿محمد: ١٤﴾

سابعا : نهى المؤمنين عن إتباع الهوى الشيطانى

1 ـ قال جل وعلا لأهل الكتاب : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴿المائدة: ٧٧﴾

2 ـ قال جل وعلا للمؤمنين:

2 / 1 : فى قول القسط : (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّـهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّـهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴿النساء: ١٣٥﴾

2 / 2 : فى تشريع الطعام : ( وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّـهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ ) ﴿الأنعام: ١١٩﴾

ثامنا : أغلبية البشر يتبعون الهوى الشيطانى .

1 ـ عموما قال جل وعلا : ( وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ ﴿القمر: ٣﴾

2 ـ وفى عصر النبى قال جل وعلا :

2 / 1 : عن آلهة العرب : ( إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّـهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَىٰ ﴿النجم: ٢٣﴾

2 / 2 : عن المنافقين : ( وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّـهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ﴿محمد: ١٦﴾

3 ـ كان هذا فى عصر نزول القرآن فكيف بالمحمديين الآن ؟

أخيرا : فى الآخرة

  قال جل وعلا : ( فَأَمَّا مَن طَغَىٰ ﴿٣٧﴾ وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴿٣٨﴾ فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىٰ ﴿٣٩﴾ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ﴿٤٠﴾ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ ﴿٤١﴾ النازعات ) . الذى ينهى النفس عن الهوى مصيره الجنة .!

 

 

 

( النسيان ) وسيلة الشيطان فى غواية الانسان

مقدمة

1 ـ يتعرض الإنسان للنسيان خصوصا فى مرحلة الشيخوخة.ليس هذا موضوعنا .

2 ـ موضوعنا عن إستغلال الشيطان نسيان البشر ليجعلهم ينسون رب العزة جل وعلا فلا يتقون . وبدلا من أن ( يتذكر ) الانسان ربه فيكون متقيا تراه قد وقع فى أسر الشيطان فأنساه ذكر ربه جل وعلا ، ولا يزال ينسيه الى أن يفوق من غفلته عند الاحتضار ، ولكن .. بلا فائدة .

3 ـ نعطى لمحة عن النسيان الدينى وإستغلال الشيطان له فى غواية البشر .

أولا : البشر والنسيان  

  الأنبياء : يتعرضون للنسيان .

  1 : النبى موسى عليه السلام قال للعبد الصالح (  لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ﴿الكهف: ٧٣﴾

  2 : النبى محمد عليه السلام قال له ربه جل وعلا :

   2 / 1 : (  سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰ ﴿الأعلى: ٦﴾

  2 / 2 (  وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ  ) ﴿الكهف: ٢٤﴾

المؤمنون

1 ـ يدعون ربهم جل وعلا أن لا يؤاخذهم إذا نسوا أو أخطأوا بلا قصد : ( رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) ﴿البقرة: ٢٨٦﴾

2 ـ وعظهم الله جل وعلا ألّا ينسوا الفضل فيما بينهم ، أى يتعرفوا بالفضل لأصحاب الفضل ، قال جل وعلا : ( وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴿البقرة: ٢٣٧﴾

3 ـ المؤمن التقى إذا مسّه طائف الشيطان فجعله ينسى ويوشك على عمل المعصية فسرعان ما يتذكر ربّه جل وعلا ، قال جل وعلا : (  إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)﴿الأعراف: ٢٠١﴾

الكافرون

1 ـ بعد الآية السابقة قال جل وعلا عن إخوان الشياطين  الذين يمدونهم فى الغى أى النسيان الكامل لتقوى الله جل وعلا :( وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ ﴿٢٠٢﴾الاعراف )

2 ـ وعن نسيان عموم الكافرين قال جل وعلا عن :

2 / 1 : متخذى الأحاديث الشيطانية مكذبى القرآن الكريم ، قال جل وعلا : (  وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا﴿الكهف: ٥٧﴾

2 / 2 : الفاسقين  ، قال جل وعلا  محذرا : ( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّـهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴿١٩﴾ الحشر )

2 / 3 : منكرى البعث ، قال جل وعلا : (  وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴿يس: ٧٨﴾.

3 ـ الانسان الكافر عند الكارثة :

3 / 1 : يدعو ربه مستغيثا ناسيا آلهته ، قال جل وعلا  : (  بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِن شَاءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ ﴿الأنعام: ٤١﴾

3 / 2 : بعد أن ينقذه ربه جل وعلا ينسى ربه جل وعلا : ( وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّـهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ﴿الزمر: ٨﴾

4 ـ فى إهلاك المشركين : ينسون أوامر الله جل وعلا ونواهيه فيهلكهم بذنوبهم . قال جل وعلا :

4 / 1 :(  فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ ﴿الأنعام: ٤٤﴾

4 / 2 :  (  فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴿الأعراف: ١٦٥﴾

5 :  نسيان بعض أهل الكتاب:

5 / 1 : السامرى . قال عنه جل وعلا فى عبادة العجل :(   فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَـٰذَا إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ ﴿طه: ٨٨﴾

 5 / 2 : نسيانهم الميثاق الذى أخذه الله جل وعلا عليهم . قال جل وعلا :

5 / 2 / 1 : عن بنى اسرائيل  :(  فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواحَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ) ﴿المائدة: ١٣﴾

5 / 2 / 2 : عن النصارى :(  وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ) ﴿المائدة: ١٤﴾

5 / 3 : الكهنوت منهم ، يأمرون غيرهم بالبر وينسون انفسهم ، قال لهم جل وعلا : (  أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿البقرة: ٤٤﴾

6 ـ الجزاء من نفس العمل : نسوا طاعة الله جل وعلا فنساهم الله جل من رحمته . قال جل وعلا :

6 / 1 : عن المنافقين :( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّـهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴿التوبة: ٦٧﴾

6 / 2 : عمّن ينسى الايمان بكتاب الله جل وعلا وحده :( قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ ﴿طه: ١٢٦﴾

6 / 3 : عمّن ينسى اليوم الآخر والكتاب الإلهى  : (  الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴿الأعراف: ٥١﴾

6 / 4 : عمّن ينسى اليوم الآخر :

6 / 4 / 1 :(  وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ﴿الجاثية: ٣٤﴾

6 / 4 / 2  : (  فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴿السجدة: ١٤﴾

6 / 4 / 3 : ( إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴿ص: ٢٦)   

7 ـ وهم فى اليوم الآخر

7 / 1 :  فى البعث : ينسون عصيانهم بينما أحصاه الله جل وعلا : ( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّـهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّـهُ وَنَسُوهُ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴿المجادلة: ٦ )

7 / 2 : عند الحساب  يتبرأ منهم من كانوا يعبدونهم قائلين : (  قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا ﴿الفرقان: ١٨﴾   

7 / 3 : وهم فى النار يذكّرهم رب العزة بسخريتهم من المؤمنين : (  فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ ﴿المؤمنون: ١١٠﴾ .

ثانيا : أنواع النسيان :

 النسيان المؤقت :

  يقع فيه المؤمنون المتقون ولكن سرعان ما يتذكرون .

1 ـ وأشهر حالاته :

1 / 1 : الخشوع فى الصلاة . فالمفلحون من المؤمنين لهم صفات أولها الخشوع فى الصلاة ، قال جل وعلا : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴿١﴾ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴿٢﴾ المؤمنون ). الشيطان يركز جهده على المؤمن ينسيه الخشوع فى الصلاة . وقلما يوجد شخص يظل منتبها خاشعا طيلة صلاته قائما راكعا ساجدا . لا بد أن ينسى مؤقتا . والشيطان هو الذى يشغله ويجعله ينسى ، بينما إذا كان يشاهد مباراة رياضية أو عملا دراميا فإن يستغرق فيه بكل جوانحه . المؤمن الذى يتحرى الخشوع فى صلاته ينجح حينا ،ولكن يظل فى ( النسيان المؤقت )

1 / 2  ـ والمؤمن المتقى هو الذى إذا أنساه الشيطان ربه فأوشك أن يقع فى المعصية يسارع بتذكر الرحمن فيستعيذ به جل وعلا من الشيطان الرجيم متقيا ربه جل وعلا : ( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٠٠﴾ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ﴿٢٠١﴾  الاعراف ) هو هنا أوقعه الشيطان فى نسيان مؤقت .

2 ـ . وأشهر من أوقعهم الشيطان فى النسيان المؤقت :

2 / 1 : آدم نسى فأوقعه الشيطان فى المعصية، قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴿١١٥﴾ طه )

2 / 2  ـ وجاء فى قصة يوسف عليه السلام : ( وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ﴿٤٢﴾ يوسف )

2 / 3  ـ وجاء فى قصة موسى عليه السلام : (  فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴿الكهف: ٦١﴾ ...( قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ) ﴿الكهف: ٦٣﴾

2 / 4  ـ وقال جل وعلا لخاتم النبيين عليهم السلام :  ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿٦٨﴾ الانعام )

ثانيا : النسيان المتدرج

 الشيطان مخلوق مثابر فى عمله لا ييأس ولا يملُّ . المؤمن المتقى ينجو من حبائله بتذكر رب العزة جل وعلا . إذا لم يفعل إصطحبه الشيطان فى الضلال خطوة خطوة ، فى كل خطوة ينسيه ربه ، وهذا ما نسميه النسيان المتدرج الى أن يسيطر عليه الشيطان و ( يضعه فى جيبه ) . واشهر حالاته :

إتباع خطوات الشيطان : لم يأت هذا التعبير فى القرآن إلّا عن الشيطان نهيا عن إتّباع خطواته وهو العدو المبين .

جاء هذا صريحا فى قوله جل وعلا :

1 ـ فيما يخص الحلال والحرام فى الطعام :

1 / 1 :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿البقرة: ١٦٨﴾

1 / 2 (   وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّـهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿الأنعام: ١٤٢﴾

2 ـ فى السلام (   يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿البقرة: ٢٠٨﴾

3 ـ الفحشاء والمنكر : (   يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ) ﴿النور: ٢١﴾

وجاء ضمنيا فى :

1 ـ إستغلال عصيان الانسان بعد هدى ليزيده عصيانا . قال جل وعلا :

1 / 1 : ( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ ﴿محمد: ٢٥﴾

1 / 2 : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا )  ﴿آل عمران: ١٥٥﴾

2 ـ استغلال المعصية لتتطور الى تكذيب لآيات الله :( ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَىٰ أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّـهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ ﴿١٠﴾ الروم )

3 ـ فى النهاية يسود النسيان ويصدأ القلب بالمعصية فيكون وجهه مسودا يوم القيامة ومحجوبا من رحمة الله جل وعلا ، قال جل وعلا : ( كَلَّا ۖ بَلْ ۜرَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴿١٤﴾ كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ﴿١٥﴾ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ﴿١٦﴾ المطففين )

 ثالثا : النسيان الراسخ الثابت عبر الأجيال ( الأديان الأرضية : الثوابت الدينية )

المحمديون يؤمنون بخرافات واكاذيب وأنواع مضحكة من الإفك والبهتان ، ولأنها متوارثة عبر القرون فقد سمُّوها ( ثوابت ) ، وهى ما وجدوا عليه آباءهم ، وفى سبيل هذا الإفك المتوارث ينسون الحق الالهى .

1 ـ قال جل وعلا عن الكافرين يوم القيامة :( إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ ﴿٦٩﴾ فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ ﴿٧٠﴾ الصافات )

2 ـ فعلت ذلك قريش . قال جل وعلا عنهم :

  2 / 1 (  وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴿ ١٠٤﴾ المائدة )

2 / 2 ـ  (  بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ ﴿ ٢٢﴾ الزخرف ) فقال جل وعلا يجعلها قاعدة عامة : (  وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ ﴿  ٢٣ ﴾ الزخرف ) أى هى قاعدة عامة فى كل مجتمع يسيطر عليه المترفون الذين حازوا السلطة والثروة بإستغلال الدين الأرضى ، وبالتالى يتمسكون به رفضا للدين الإلهى .

3 ـ واساسها الشيطان الذى أنساهم الحق بمرور القرون ، قال جل وعلا : (  وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّـهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ ﴿لقمان: ٢١﴾

4 ـ وفى قصة ابراهيم عليه السلام مع قومه أروع مثل على دور الشيطان فى الإضلال بالنسيان .

4 / 1 : البداية عن دور الشيطان الذى يظهر فى حوار ابراهيم مع أبيه الكافر ، إذ قال له : ( يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ عَصِيًّا ﴿٤٤﴾ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَـٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ﴿٤٥﴾ مريم )

4 / 2 : ثم فى حواره المنطقى مع قومه وردهم عليه بأنه ما وجدوا عليه آباءهم ، أى ( ثوابت ) ، قال جل وعلا :

4 / 2 / 1 : ( إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ﴿٥٢﴾ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ ﴿٥٣﴾ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٥٤﴾ الانبياء )

4 / 2 / 2 : ( إذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ ﴿٧٠﴾ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ ﴿٧١﴾ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ﴿٧٢﴾ أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ ﴿٧٣﴾ قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ ﴿٧٤﴾ قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ﴿٧٥﴾ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ ﴿٧٦﴾ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴿٧٧﴾ الشعراء ) .

لو ذهبت الى قبر الحسين ( مثلا ) وقلت لهم مقالة ابراهيم سيعتبرونك معتديا على ( ثوابتهم الدينية ) ينطبق عليهم قوله جل وعلا :( إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ ﴿٦٩﴾ فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ ﴿٧٠﴾ الصافات ) .

أخيرا : النجاة من غواية الشيطان

1 ـ ذكر الله جل وعلا وقراءة كتابه الكريم مستعيذا بالله العظيم من الشيطان الرجيم . قال جل وعلا : (  فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴿ : ٩٨﴾ النحل )

2 ـ الاستعاذة بالله جل وعلا من وسوسة الشيطان ونزغه :

2 / 1 :(  وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿فصلت: ٣٦ )

2 / 2 :  ( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٠٠﴾  الاعراف )

  3 : الاستعاذة بالله جل وعلا من همزات كل الشياطين ، وأن يحضروا معك : (وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ﴿ ٩٧﴾وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ ﴿٩٨﴾ المؤمنون )

4 ـ ليس للمؤمن التقى قرين من الشيطان . الكافر يقترن به شيطان يضله ويجعله يحسب نفسه على الهدى . قال جل وعلا فى الفارق بين المؤمن التقى والكافر : ( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴿٩٩﴾ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ ﴿١٠٠﴾ النحل  ) .

 

 

 

 

 النجوى والشيطان

1 ـ القصص القرآنى يختلف عن الروايات التاريخية . الروايات التاريخية تلتزم بأركان الحدث التاريخى ( أسماء الأشخاص ، وتحديد الزمان والمكان ). القصص القرآنى يركز على العبرة لأن القرآن ليس كتابا فى التاريخ بل فى الهداية ، وفى القصص القرآنى يكون الهدف هو العظة ولذا فلا تركيز على أسماء الأشخاص ولا تحديد الزمان أو المكان ، لتكون القصة القرآنية متحررة من أسر الزمان والمكان ، لتنطبق على المنافقين والكافرين والمؤمنين والفاسقين والمجرمين فى كل زمان ومكان . القصص القرآنى منه ما نزل معاصرا يتحدث عن أحداث جرت فى وقتها فى عصر النبى محمد عليه السلام ، ومنه قصص أخبر عن الماضى . ولأن الصراع محور أساس فى تاريخ البشر فقد كان للنجوى أو التآمر نصيب ، منه ما كان تناجيا يوسوس به الشيطان ، أو تناجيا يقوده الشيطان وهو يتلاعب بأوليائه . التناجى الذى وسوس به الشيطان عبّر عن الذى قلناه من قبل من ( النسيان المؤقت ) الذى يعقبه توبة وإستغفار . النجوى الشيطانية  كانت تقع من الكافرين والمنافقين والذين تحكم فيهم قرناؤهم من الشياطين يجعلون بينهم وبين الهدى حجابا مستورا .

2 ـ ونعطى أمثلة قرآنية :

أولا : التناجى الشيطانى بين الكفار فى عهد النبى محمد عليه السلام  

1 ـ قال جل وعلا فى سورة مكية يخاطب خاتم النبيين عليهم جميعا السلام ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا ﴿٤٥﴾ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا ﴿٤٦﴾ نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا ﴿٤٧﴾ انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ﴿٤٨﴾ الاسراء ).

2 ـ نعطى تدبرا سريعا لهذا التناجى الشيطانى :

2 / 1 : مع إنه خطاب مباشر للنبى محمد عن مشركى عصره الرافضين للقرآن الكريم إلّا إنه ينطبق على أئمة المحمديين . فى تناجى المشركين فى مكة كانوا يتهمون النبى بأنه كان مسحورا ( وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا ﴿٤٧﴾ انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ﴿٤٨﴾ الاسراء ). وتكرر هذا الإتهام فى سورة مكية أخرى : ( وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا﴿٨﴾ انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ﴿٩﴾ الفرقان ) . ثم فيما بعد صاغه البخارى وغيره إتهاما للنبى أن يهوديا سحره . إفترى البخارى لعنه الله جل وعلا هذا الحديث : ( 5430 - حدثنا إبراهيم بن موسى: أخبرنا عيسى بن يونس، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني زُرَيق، يقال له لبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة وهو عندي، لكنه دعا ودعا، ثم قال: (يا عائشة، أشَعَرْتِ أن الله أفتاني فيمااستفتيته فيه، أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب، قال: من طبَّه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مُشط ومُشاطة، وجُفِّ طَلْع نخلة ذَكَر. قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذَرْوان). فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه، فجاء فقال: (يا عائشة، كأن ماءها نُقاعة الحِنَّاء، أو كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين). قلت: يا رسول الله: أفلا استخرجته؟ قال: (قد عافاني الله، فكرهت أن أثَوِّرَ على الناس فيه شراً). فأمر بها فدُفنت.  ). وربما تناجى البخارى ( وإسمه الحقيقى : أبن برزدويه ) مع رفاقه من شياطين الإنس وهو يصيغ هذا الحديث .

2 / 2 : القرين الشيطانى يتحكم فى نفس المشرك الكافر فيمنع وصول نور الحق القرآنى اليها ، ولأن النفس تنتمى الى عالم البرزخ غير المرئى لنا ولأن القرين الشيطانى ينتمى الى نفس العالم البرزخى فإن الحجاب الذى يضعه على النفس يكون بالنسبة لنا مستورا .

2 / 3 : تتأكد هذه النجوى الشيطانية للكافرين فى قوله جل وعلا عنهم : ( لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ۗ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَـٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ۖأَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ﴿٣﴾ الانبياء ).

ثانيا : التناجى بين الحق والإثم فى قصص النبى محمد عليه السلام عن بعض الصحابة من غير المنافقين

1 ـ ( زايد الزينى ) ينتمى الى عائلة ( الزينى ) أكبر عائلة فى القرية . ( زايد ) ولد فاسد . بالليل سرق جاموسة من بيت (حسان الشبراوى ) . كشف ( حسان الشبراوى ) السرقة وأبلغ العمدة . أرسل العمدة شيخ الخفر فعثر شيخ الخفر على الجاموسة فى زريبة ( زايد الزوينى ). شيخ الخفر ينتمى الى عائلة الزوينى . أسرع بإبلاغهم بالأمر ليتداركوا الموقف منعا لإحراجه أمام العمدة . بعض الخفراء أشاع فى البلد انهم عثروا على جاموسة ( حسان الشبراوى ) فى زريبة ( زايد الزينى ) . اصبح موقف عائلة ( الزوينى ) حرجا . بالليل إستدعوا ( زايد ) وحققوا معه فإعترف بالسرقة . ( تناجوا ) فيما بينهم فى طريقة للخروج من هذه الفضيحة ، وكان معهم شيخ الخفر الذى إقترح أن يضع الجاموسة فى زريبة  الولد ( شعبان ). ثم يذهب هو بالخفر الى دار الولد ( شعبان ) ليضبط الجاموسة المسروقة فى زريبته . ثم يقبض عليه ، وإقترح عليهم أن يذهبوا فى الصباح الى دوار العمدة يشكون من إتهام ابنهم ( زايد ) ظلما وهو لم يسرق شيئا . وافقوا . وقام شيخ الخفر بتسريب الجاموسة من بيت ( زايد ) وربطها ليلا فى زريبة ( شعبان ) . ثم قام بحملة وضبط الجاموسة فى زريبة ( شعبان ) وقبض على شعبان وقاده مكبلا بالأغلال الى دوار العمدة . وفى الصباح الباكر إشتكى شيخ الخفر للعمدة من تشنيع أهل البلد على ابن عمه ( زايد ) وطلب منه أن يبرىء ساحة ابن عمه بعد أن ظهرت براءته وظهر أن السارق هو ( شعبان ). دعا العمدة الى إجتماع عام ، وأعلن فيه براءة ( زايد الزينى ) وطلب من أهل البلد الاعتذار له لأنهم إتهموه ظلما . هذا بينما أرسلوا المسكين ( شعبان ) الى السجن .

2 ـ هذه قصة مصنوعة الآن ، ولكنها تعبر عن ( صناعة التلفيق ) والتى يدخل بها البرىء السجن ظلما ، ويتمتع المجرم الحقيقى بالبراءة والثناء ، ويتحقق المثل الشعبى المصرى ( يا ما فى السجن مظاليم ) .

3 ـ ولأنها ( حالة ) تتكرر فى أى مجتمع ، فقد حدث مثيل لها فى المدينة فى عصر النبى محمد عليه السلام . سرق بعضهم شيئا وإنكشف أمره فعقد أهله مؤتمرا سريا ( تناجوا ) فيه بالإثم والعدوان ، وأودعو المسروق فى بيت شخص برىء ، وذهبوا للنبى يشتكون من إتهام ابنهم ظلما ويطلبون من النبى الدفاع عن براءته ، ولأنه عليه السلام لا يعرف الغيب فقد صدقهم ، ودافع عمّن ظنّه بريئا دون أن يعرف ان البرىء الحقيقى أضحى متهما بالظلم . ونزل فى ذلك آيات ( 105 : 115  ) من سورة النساء .

4 ـ قال جل وعلا : ( إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّـهُ ۚ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ﴿١٠٥﴾وَاسْتَغْفِرِ اللَّـهَ ۖ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿١٠٦﴾ وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴿١٠٧﴾ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّـهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا﴿١٠٨﴾ هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّـهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا ﴿١٠٩﴾ وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّـهَ يَجِدِ اللَّـهَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿١١٠﴾ وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴿١١١﴾ وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ﴿١١٢﴾ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ ۖ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ ۚ وَأَنزَلَ اللَّـهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴿١١٣﴾ لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّـهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴿١١٤﴾ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴿١١٥﴾النساء )

5 ـ ونعطى للآيات الكريمة تدبرا سريعا :

5 / 1 : طبقا لمنهج القرآن فى القصص فلم يأت ذكر أسماء الأشخاص لكى تتحول القصة التاريخية الى حالة تتحرر من أسر الزمان والمكان لتنطبق على كل زمان ومكان يدور فيه تلفيق التُّهم للابرياء لينجو أصحاب النفوذ.

5 / 2 : النبى محمد عليه السلام لم يكن يعلم الغيب ، ولن يشفع لأحد أو أن يجادل عن أحد يوم القيامة .

5 / 3 : عصمة الرسول بالقرآن ، وبالقرآن أنقذه رب العزة من إضلال بعض أصحابه وكذبهم عليه . ولولا الوحى ما إنكشف تضليلهم .

5 / 4 : هناك صحابة ليسوا من المنافقين ولكن وصفهم رب العزة بالخيانة والمبالغة فى الإثم ( خوانا أثيما )

5 / 5 : تأكيدا على مسئولية الآثم الشخصية عن إثمه جاءت القواعد الآتية :

5 / 5 / 1 : آثم ثم يبادر بالاستغفار . وهذا يغفر الله جل وعلا له .

5 / 5 / 2 : الآثم هو الذى يتحمل الإثم وحده وليس غيره .

5 / 5 / 3 : الآثم الذى يرمى إثمه على برىء يكتسب إثما زائدا . ( النساء 110 : 112 ) .

6 ـ الذى يدخل فى موضوعنا عن ( الشيطان والنجوى ) هو أن أولئك الخوانين الآثمين من الصحابة تناجوا بالليل على تدبير فعل أثيم ، ونفذوه بتلفيق تهمة ظالمة لشخص برىء ، وقاموا بتبرئة مجرم عريق .  ويبدو أن التناجى السّرّى فيما بينهم كان عادة عريقة فيهم ، وكان أغلب تناجيهم فيما لا خير فيه ، وكان بعضه فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، إلّا إنهم حين تناجوا فى الشّر يستخفون من الناس ولا يستخفون من رب الناس جل وعلا فقد وقعوا فى شقاق مع الله جل وعلا ورسوله من بعد ما تبين لهم الهدى ، وهو تحذير لهم جاء فى آيتى ( 114 : 115 ) .

ثالثا : تناجى المنافقين :  

1 ـ كان المنافقون الملأ المسيطر على يثرب قبل أن يهاجر اليها النبى والمؤمنون. بالهجرة تغير الوضع لغير صالحهم . لم يكن لهم أن يتركوا ( المدينة ) وفيها أموالهم وأهاليهم وليس مقبولا أن يتركوها ليكونوا تبعا لغيرهم . ثم وهم فى المدينة فقد كفلت لهم الدولة الاسلامية الحرية المطلقة فى المعارضة الدينية والسياسية طالما لا يرفعون السلاح . وإستغلوا هذه الحرية أسوأ إستغلال . كان تشريع الشورى بمعنى الديمقراطية المباشرة يعنى إشتراك كل سكان المدينة رجالا ونساءا فى الشورى مثل جمعية عمومية . لم يسعد المنافقون بهذا فإتهموا النبى بأنه (أُّذُن ) أى يسمع لمن هب ودبّ . قال جل وعلا :  ( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ۚقُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ ۚ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّـهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٦١﴾ التوبة ) .

2 ـ فى تشويش المنافقين على الشورى الاسلامية إبتدع المنافقون ( النجوى ) أى الأحاديث السرية التى لا تخلو من تآمر . وإنخدع بهذا بعض المؤمنين . جاءهم النهى كثيرا فلم يطيعوا ، وظلوا سادرين فى تناجيهم الشيطانى بالإثم والعدوان فقال جل وعلا للنبى محمد عليه السلام : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّـهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّـهُ بِمَا نَقُولُ ۚحَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا ۖ فَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿٨﴾ المجادلة ) وقال جل وعلا للمؤمنين يحذرهم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴿٩﴾إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ ۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴿١٠﴾ المجادلة ). وعليه فالنجوى بالمعروف والبر والتقوى هى النجوى الاسلامية. والنجوى التى تكون بالإثم والعدوان هى من الشيطان .

3 ـ جدير بالذكر أن المنافقين أسّسوا مسجدا للتآمر كانوا يتناجون فيه قال جل وعلا عن نوعية نجواهم الشيطانية : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ) (١٠٧﴾ التوبة  )

رابعا : التناجى بين الحق والإثم فى قصة يوسف عليه السلام

1 ـ أخوة يوسف تناجوا فيما بينهم بالإثم حين تآمروا على أخيهم يوسف فى طفولته . قال جل وعلا : ( لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ ﴿٧﴾إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٨﴾ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ﴿٩﴾ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ﴿١٠﴾ يوسف )

2 ـ  فى مصر جرت ثلاث إجتماعات تآمرية آثمة :

2 / 1 : الأول بين النساء المترفات فى العاصمة المصرية القديمة فى جلسة نميمة حول غرام إمرأة العزيز بفتاها يوسف ، ولم يكنّ قد رأينه بعدُ . قال جل وعلا : ( وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ۖإِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٣٠﴾ يوسف ).

2 / 2 : الثانى : حين تناجت معهم إمرأة العزيز فى خطة للإيقاع بيوسف . قال جل وعلا : ( فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّـهِ مَا هَـٰذَا بَشَرًا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴿٣١﴾ قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ۖ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ۖ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ ﴿٣٢﴾ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖوَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ﴿٣٣﴾ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٣٤﴾ يوسف )

2 / 3 : ثم تناجى الرجال أصحاب السلطة فيما بينهم وانتهت نجواهم بسجن يوسف ظلما لتفادى الفضيحة . قال جل وعلا : (  ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ ﴿٣٥﴾ يوسف )

3 : حين جاء أخوة يوسف اليه ومعهم أخوهم ( شقيق يوسف ) فإحتجزه يوسف بتهمة ملفقة بقصد إنقاذه منهم . ولأن أباهم قد أخذ عليهم العهد بإرجاعه فقد حاولوا مع يوسف الذى يظنونه عزيز مصر فرفض . ولما يئسوا من إسترجاعه  تناجوا مع بعضهم . قال جل وعلا : ( فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا ۖ قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللَّـهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ ۖ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّـهُ لِي ۖ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴿٨٠﴾ ارْجِعُوا إِلَىٰ أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ ﴿٨١﴾ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا ۖ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴿٨٢﴾ يوسف ). هنا التناجى فى صحوة ضمير .

خامسا : لمحة عن التناجى الشيطانى والتناجى الاسلامى فى قصة موسى

1 ـ سياسة المستبد سلاسل من التناجى بالشرور والإثم والعدوان والمكر . قال جل وعلا عن أكابر المجرمين الحكام المستبدين : ( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا ۖ وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴿١٢٣﴾ الانعام ) . وفرعون موسى كبير المجرمين وهو السّلف لمن جاء بعده منهم . و فى القصص القرآنى عنه نرى ملامح التآمر فى كل خطوة ، وجاء لفظ النجوى صريحا فى هذه الآيات : ( فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَىٰ ﴿٦٢﴾ قَالُوا إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ ﴿٦٣﴾ فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا ۚ وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَىٰ ﴿٦٤﴾ طه )

2 ـ وفى المقابل كان الضحايا من قوم موسى يتناجون بينهم ، نفهم هذا من قوله جل وعلا : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٨٧﴾ يونس ) .

سادسا : النجوى عند المتقين هى الخشية بالغيب

1 ـ المتقى يخشى الله جل وعلا  سواء فى السّر أو فى العلانية ، لأنه يعلم أن الله يرى  ( أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ ﴿١٤﴾ العلق )، و يعلم أنه جل وعلا ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿٧﴾ المجادلة )، ويعلم أنه جل وعلا يسمع سرهم ونجواهم : ( أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم ۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴿٨٠﴾ الزخرف )( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّـهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴿٧٨﴾ التوبة )، ويعلم انه جل وعلا على كل شىء شهيد ( إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا ﴿٣٣﴾ النساء  )   ( وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا ﴿النساء: ٧٩﴾( 166 )

2 ـ لذا يخشى المتقون ربهم فى الغيب : ( الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ﴿الأنبياء: ٤٩﴾  (   إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ ) ﴿فاطر: ١٨﴾( إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴿يس: ١١﴾ (  مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ﴿ق: ٣٣﴾( إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴿الملك: ١٢﴾

3 ـ ولهذا فإن التشريع الاسلامى يركز على تقوى القلب وخشيته وليس على مجرد الضبطية القضائية . ومثلا ففى تشريع الطلاق يتكرر الوعظ بالتقوى فى التطبيق : ﴿البقرة: ٢٣١،٢٣٢، الطلاق :  1: 2 )

 

التعليقات(4)

1   تعليق بواسطة  مصطفى اسماعيل حماد     في   الأحد 04 اغسطس 2019

[91231]


ملاحظات



وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا﴿٨﴾ انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ﴿٩﴾ فى سورة الفرقان

وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا ۖ وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴿١٢٣﴾فى سورة الأنعام

 

فى تدرج المعصية تقول الآية الأولى (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه)وأعتقد أن عمل السوء وظلم النفس مرحلة سابقة على اقتراف واكتساب الآثام

مازلت عند تعهدى وإنما أخرنى طارئ.

 

2   تعليق بواسطة  آحمد صبحي منصور     في   الأحد 04 اغسطس 2019

[91234]


مشكور د مصطفى ، أكرمك الله جل وعلا



وأنت الأصلح لهذه المهمة لأنها تشمل المراجعة ، وأنت عبقرى فى اللسان العربى


 

3   تعليق بواسطة  موسى إبراهيم     في   السبت 17 اغسطس 2019

[91260]


بارك الله تعالى فيك على هذا التدبر القرآني



يقول الخالق العظيم: (ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحۡسَنَ ٱلۡحَدِیثِ كِتَـٰبࣰا مُّتَشَـٰبِهࣰا مَّثَانِیَ تَقۡشَعِرُّ مِنۡهُ جُلُودُ ٱلَّذِینَ یَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ ثُمَّ تَلِینُ جُلُودُهُمۡ وَقُلُوبُهُمۡ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ ذَ ٰلِكَهُدَىٱللَّهِیَهۡدِیبِهِۦمَنیَشَاۤءُۚوَمَنیُضۡلِلِٱللَّهُفَمَالَهُۥمِنۡهَادٍ)[سورةالزمر23]. يقشعر بدني عند قراءة آيات في مقالك  كنت امر عليه دون تدبر. الحمدلله رب العالمين . شكرا كثيرا دكتور أحمد منصور على هذا التدبر في النجوى. أتعلم الكثير من كل مقالة تكتبها، وأحمد الله تعالى على ذلك. يا ليت قومي يعلمون ! لكن قلوبهم غلف . (
(وَلَا تُؤۡمِنُوۤا۟ إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِینَكُمۡ قُلۡ إِنَّ ٱلۡهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ أَن یُؤۡتَىٰۤ أَحَدࣱ مِّثۡلَ مَاۤ أُوتِیتُمۡ أَوۡ یُحَاۤجُّوكُمۡ عِندَ رَبِّكُمۡۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِیَدِ ٱللَّهِ یُؤۡتِیهِ مَن یَشَاۤءُۗ وَٱللَّهُ وَ ٰسِعٌعَلِیمࣱ۝ یَخۡتَصُّ بِرَحۡمَتِهِۦ مَن یَشَاۤءُۗ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِیمِ )
[سورة آل عمران 73 - 74]

4   تعليق بواسطة  آحمد صبحي منصور     في   الأحد 18 اغسطس 2019

[91276]


بارك الله جل وعلا فيك استاذ موسى ابراهيم

وننتظر المزيد من مقالاتك

( المحمديون إتخذوا الشيطان وليا من دون الله جل وعلا )
( المحمديون إتخذوا الشيطان وليا من دون الله جل وعلا )
هذا الكتاب : مواجهة صريحة لمن يزعمون أنهم مسلمون ، بل ويعتبرون أنفسهم أنهم ( خير أمة أُخرجت للناس ) وهم شرُّ أمة فى عصرنا. السبب هو أنهم إتخذوا الشيطان وليا من دون الرحمن جل وعلا ، وهذا وأن معهم القرآن الكريم الذى يزعمون به بينما هم قد إتخذوه مهجورا تمسكا منهم بالوحى الشيطانى الذى كتبه شياطين الانس من أئمتهم كالبخارى والكلينى والغزالى . وطالما لا يزالون يتمسكون بهذا الوحى الشيطانى وطالما ظلوا ( محمديين ) فمستحيل أن يتقدموا ويلحقوا بالغرب . سيظلون فى تخلفهم وتقاتلهم . ظهر هذا الكتاب فى مقالات ، وتمّ تجميعها فى هذا الكتاب .
وأقدم خالص الشكر للدكتور ( مصطفى
more