مؤرخ أمريكي: هل تهز تيران وصنافير عرش السيسي؟

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ١٢ - أبريل - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: مصر العربية


 مؤرخ أمريكي: هل تهز تيران وصنافير عرش السيسي؟

 



 

 

 

 

 

 


مؤرخ أمريكي: هل تهز تيران وصنافير عرش السيسي؟

 

 

 

 مؤرخ أمريكي: هل تهز تيران وصنافير عرش السيسي؟
 

 

 

  •  
  •  

     

    الرئيس السيسي والملك سلمان

     

    "ستكون مفارقة ساخرة أن يهتز عرش هذا النظام الجديد عبر التصرف في جزيرتين صغيرتين لم يكن الشعب المصري يفكر فيهما على مدى عقود".

    جاء هذا في سياق مقال مطول للمؤرخ الأمريكي الشهير خوان كول بمجلة "ذا نيشن" الأمريكية معلقا على القرار المصري بإعادة ترسيم الحدود البحرية مع المملكة النفطية واعتبار جزيرتي تيران وصنافير سعوديتين.

    المقال المذكور يحمل عنوان "الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي موضع سخرية بعد "بيع" جزيرتين للسعودية".

    وأضاف قائلا: “بالنسبة للعديد من شباب المصريين، فإن استعداد السيسي للتضحية بالأرض المصرية طعما في السخاء السعودي تجسد انتهازية امبراطورية الثورة المضادة".

    وإلى النص الكامل

    زيارة الملك سلمان إلى مصر تجاوزت نطاق التضامن الأخوي الذي روج له العاهل السعودي في خطابه أمام البرلمان.

    اتفاق السيسي على التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة أثار غضبا ضده في وسائل التواصل الاجتماعي، واندلعت مظاهرة صغيرة في القاهرة أُلقي القبض على المشاركين فيها.

    بالنسبة للعديد من شباب المصريين، فإن استعداد السيسي بالتضحية للأرض المصرية طمعا في السخاء السعودي تجسد انتهازية امبراطورية الثورة المضادة.

    الزيارة لم تكن مربحة بالنسبة لمصر بنفس القدر الذي دأبت عليه المملكة خلال السنوات الثلاث الماضية.

    وأعلنت المملكة الوهابية خططا لإنشاء جسر يربط الدولتين عبر البحر الأحمر.

    كما تعهد سلمان بضخ 1.7 مليار دولارات مساعدات، واستثمارات مشتركة بقيمة 16 مليار دولار بدلا من إعطاء مصر دفعة جديدة من المعونة المجانية.

    وكشفت تسريبات في الرياض أن أيام "الأموال المجانية" للقاهرة قد ولت.

    الانهيار الدراماتيكي لسعر النفط تسبب في تقليل دخل المملكة بنسبة تناهز النصف.

    تعهدات دول خليجية العام الماضي بمنح مصر 12 مليار دولار لم تؤد إلى التغييرات المرغوبة في السياسة الأجنبية المصرية.

    فقد امتنعت مصر عن المشاركة بجنود في اليمن، كما أن القوميين المعادين للأصولية في مصر يدعمون روسيا ونظام الأسد في سوريا بما يناهض السياسة السعودية.

    وبعد أن أطاح الجيش عام 2013 بالرئيس المنتخب والقيادي الإخواني محمد مرسي، وسط احتجاجات شعبية، تعهدت السعودية وحلفاؤها الخليجيون بضخ أكثر من 30 مليار دولار للمساعدة على دعم النظام العسكري المهزور في القاهرة.

    وفي ذات الوقت، كانوا يتطلعون إلى كبح الضباط للأخوان المسلمين، تلك الجماعة التي تخشاها العائلات الملكية باعتبارها قوة شعبية لا تظهر مبالاة كافية لمؤسسات المنطقة، وهي المشاعر التي كانت عاملا مشتركا بين السيسي وأصدقائه.

    تحتاج مصر ما يتجاوز كثيرا هذه المبالغ، بالرغم من عدم وجود شفافية حول كيفية استخدام تلك الأموال.

    الدولة المصرية تفتقد الشفافية بوجه عام، فهي تتألف من زمرة عسكرية يغلفها رداء رقيق من الزخارف الدستورية.

    في انتخابات الرئاسة عام 2014، جرى تحذير المرشحين من مواجهة السيسي.

    وعلاوة على ذلك، استُبعدت الأحزاب من التنافس على 80 % من مقاعد البرلمان في الانتخابات البرلمانية 2015، للتقين من قدرة النظام على التقسيم وفرض حكمه وهيمنته على النواب المستقلين غير المنظمين الذين يشكلون غالبية البرلمان.

    الشيء الأكثر جدلا كان قبول مصر إعادة ترسيم الحدود البحرية مع السعودية بحيث يتضمن التنازل عن تيران وصنافير اللتين تقعان على الجانب السعودي من خط متفق عليه.

    وقوع الجزيرتين على جانبي مضيق تيران الذي يتحكم في حركة الدخول إلى خليج العقبة، أكسبهما أهمية إستراتيجية مع افتتاح قناة السويس عام 1869.

    وفي أوائل القرن العشرين ادعت مصر أحقيتها في الجزيرتين استنادا على ترسيم للحدود وضعه العثمانيون.

    وعندما غزا  آل سعود الحجاز عام 1926 هيمنوا على أرض تمتد حتى خليج العقبة، وأصروا على أن الجزيرتين سعوديتان.

    وبعد تأسيس إسرائيل عام 1948، ظهر مدع ثالث بشأن الجزيرتين.

    وسرعان ما اتفقت السعودية التي كانت تمتلك جيشا ضعيفا، مع مصر لاستئجار الجزيرتين عام 1950.

    ثم جاء نظام الرئيس القومي جمال عبد الناصر بعد 1952 ليحيي الادعاءات المصرية بأحقية مصر في الجزيرتين.

    الموقف المصري كان مفاده أن تيران داخل المياه الإقليمية المصرية وليس ممرا مائيا دوليا وطالبت مصر بخضوع السفن التي تمر عبره للتفتيش، وهو المطلب الذي رضخت له الحكومة البريطانية.

    وبينما شيدت إسرائيل ميناء إيلات على خليج العقبة، احتاجت الدخول إلى البحر الأحمر لإبرام صفقات تجارية مربحة مع شرق وجنوب إفريقيا، وأصرت على أن المضيق داخل المياه الدولية وأن على مصر السماح بالمرور.

    وخلال هجوم 1956 على مصر الذي شنته إسرائيل وبريطانيا وفرنسا استحوذت إسرائيل على تيران وصنافير.

    لكن غضب الرئيس الأمريكي آنذاك دوايت آيزنهاور من هذا العدوان الذي يتسم بأنه مع سبق الإصرار والترصد، وتأكيده على أن ذلك يمثل انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة، وخوفه من وقوع مصر داخل أذرع الشيوعية جعل إسرائيل وحليفتيها تتخذان قرارا بالانسحاب.

    وكرر ناصر موقفه في مايو 1967 بأن إسرائيل ليس مسموحا لها اللعب في مضيق تيران.

    واتخذت القيادة الإسرائيلية تصريحات عبد الناصر مبررا للهجوم على مصر في يونيو 1967، واحتلت تل أبيب مجددا الجزيرتين.

    لكن حكومة مناحم بيجين الإسرائيلية أعادتهما إلى مصر عام 1982 نتيجة لاتفاقية كامب ديفيد.

    وتمركزت قوة أمريكية صغيرة في الجزيرتين كجزء من جهود حفظ السلام.

    وفي ذات الوقت، تضاعفت أسعار النفط أربع مرات في سبعينيات القرن المنصرم، بما جعل السعودية إحدى أكثر دول العالم ثراء.

    وفي أواخر عهد مبارك، وتحديدا عام 2010، اتفقت مصر والسعودية على حدودهما البحرية واعترفت مصر، طامعة في سخاء المملكة، بادعاء السعودية ملكية الجزيرتين.

    ولذلك، فإن اعتراف السيسي الرسمي بسيادة السعودية على الجزيرتين هو ببساطة تنفيذ لخطة مبارك.

    وبالرغم من قمع السيسي الهائل ضد المعارضة في الصحافة المصرية والمدونات، والذي سجن خلاله الآلاف، بينهم قيادات شاركت في ثورة 2011، إلا أن التنازل عن الجزيرتين أغضب العامة، بل وامتد الانزعاج إلى النخبة وهو ما أعاد مجددا مشاعر عدم الخوف التي اتسمت بها الفترة الثورية.

    وقبل مساء الأحد، أرسلت 28000 تغريدة تحتوي على اسمي الجزيرتين في هاشتاج.

    كما اجتذب هاشتاج آخر باسم "عواد باع أرضه" والذي يشير إلى شخصية ظهرت في أحد الأفلام 128 ألف تغريدة.

    وسخر أحد المصريين قائلا إن السيسي أقام أوكازيون على الجزيرتين المصريتين.

    وتهكم باسم يوسف ناقد النظام من السيسي مغردا: "اشتري واحدة، تحصل على الأخرى مجانا"، وتابع: "الجزيرة بمليار، والهرم بمليارين وعليهم تمثالين هدية"

    مشاعر الهلع امتدت إلى أعضاء من النخبة المستكينة عادة.

    الخبير الدستوري نور فرحات قال في تصريحات تلفزيونية إن الحكومة لا تمتلك سلطة التنازل عن الأرض بموجب المادة 151 من دستور 2014 الذي وضعه أشخاص عينهم السيسي.

    ولأن إسرائيل انتزعت تيران مرتين من الجيش المصري، ينظر إليها باعتبارها أرض دافعت عنها القوات المسلحة المصرية.

    أحمد النجار رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام كتب بجرأة عبر حسابه على فيسبوك إن حدود مصر غير قابلة للمساس.

    لكن رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل الراغب على ما يبدو في منح السيسي بعض الغطاء لقراره، تعهد فجأة بأن القرار سيخضع لتصويت البرلمان.

    وبشكل طبيعي، رفض مناهضو النظام، كجماعة الإخوان المسلمين، ما سموه "تنازل السيسي" عن الأرض.

    جماعات يسارية معارضة مثل 6 أبريل انتقدت الرئيس.

    خالد علي المحامي والمرشح الرئاسي الأسبق أعلن رفضه لأي تنازل عن أرض مصر.

    وكما ذكرنا أعلاه، فقد ألقي القبض على حفنة من المحتجين في وسط البلد بتهمة إهانة الرئيس والتظاهر بدون ترخيص.

    وتأتي هذه الزلة المتعلقة بالجزيرتين بعد شهور من الجدل بشأن مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي كان موضوع بحثه يتناول النقابات العمالية المصرية.

    وعثر على جثة طالب جامعة كامبريدج ملقاة في طريق صحراوي بالقرب من الجيزة، وعليها حروق سجائر، بما يماثل بصمات تعذيب الداخلية المصرية.

    الأسبوع الماضي، استدعت إيطاليا سفيرها لدى مصر، بدافع مشاعر الإحباط جراء عدم شفافية تحقيقات نظام السيسي.

    وتبنى الشباب المصري قضية الطالب الإيطالي واعتبروها رمزا للاضطهاد الذي يتعرضون له على أيدي الثورة المضادة.

    مسألة التنازل عن الجزيرتين للسعودية قد تثير معارضة أكبر نطاقا للنظام على نحو متزايد.

    الكثير من عامة المصريين رحبوا بالسيسي عام 2013 واعتبروه حصنا ضد عدم الاستقرار ، وضد هيمنة الأصولية.

    لكن يبدو أن السيسي والضباط الآخرين أخطأوا الظن، واعتبروا أن هذا التطلع نحو النظام بمثابة تفويض مطلق لتأسيس دولة بوليسية أخرى رديئة السمعة ومتعالية.

    ستكون مفارقة ساخرة أن يهتز عرش هذا النظام الجديد عبر التصرف في جزيرتين صغيرتين لم يكن الشعب المصري يفكر فيهما على مدى عقود.

     

     

  •  
  •  

     

     

     

  •  
  •  

     

     

     

  •  
  •  

     

     

     

     

     

     

     

     

    اجمالي القراءات 4137
    أضف تعليق
    لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق