سعد الدين ابراهيم Ýí 2008-10-16
أكبر تجمع علمي أمريكي يدافع عن الإخوان
د. سعد الدين إبراهيم
في مقال سابق تحدثت عن مبادرة جديدة وفريدة، وهي احتضان مدارس الراهبات الكاثوليكيات في فرنسا، للتلميذات المسل&at;ات المسلمات المحجبات اللائي لفظتهن المدارس الرسمية. وكانت هذه اللفتة من الكاثوليك الفرنسيس، بقدر ما تنطوي عليه من كرم إنساني نحو المسلمين في فرنسا، فإنها أيضاً ترد على مقولة إزدواجية المعايير الغربية تجاه العرب والمسلمين. فإن ما فعله الفرنسيون الكاثوليك هو الانتصار لهؤلاء المسلمات ضد التعنت العلماني للدولة الفرنسية. إنه نموذج لموقف مبدئي نبيل ومتسامح.
فهل كان الكاثوليك الفرنسيون دائماً كذلك؟
لا، لم يكونوا دائماً كذلك. فقد كانوا في وقت من الأوقات رأس الحربة في الحروب الصليبية، منذ عشرة قرون. ولكن الأمانة تقتضي من أي مراقب منصف أن يرصد ما يحدث للجماعات المختلفة من تغيير وتطور. وهذا ما حدث وما يزال يحدث لمعظم أتباع الطوائف المسيحية الغربية، وفي مقدمتها الكاثوليك: الذين طالما اضطهدوا غيرهم حتى من المسيحيين الآخرين.
وتشاء الصدفة أن أتلقى دعوة من أكبر تجمع علمي أمريكي، وهو "الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم" (AAAS) American Association for Advancement of Science" " التي يصل عدد أعضاؤها إلى حوالي المليون. والعمود الفقري لهذا التجمع الضخم ثلاث أكاديميات: الأكاديمية الوطنية للعلوم، والأكاديمية الوطنية للمهندسين، والمعهد الطبي الأمريكي. وكان الاجتماع السنوي الأخير (7/10/2008) مخصص لمناقشة ما يتعرض له العلماء والمهندسين والأطباء، من زملائهم، من اضطهاد وتنكيل.
وحينما حان دور مناقشة حالة حقوق الإنسان في مصر، كان هناك ملف كامل عن العلماء والمهندسين والأطباء المصريين الذين وضعهم النظام خلف القضبان، وهم:
1ـ د. محمود أحمد أبو زيد، أستاذ الجراحة بطب القاهرة.
2ـ د. عصام عبد المحسن عفيفي، أستاذ الكيمياء البيولوجية بطب القاهرة.
3ـ د. محمد علي بشر، استاذ الهندسة الكهربائية بجامعة االمنوفية.
4ـ د. ضياء الدين فرحات، طبيب جراحة من جامعة المنصورة.
5ـ المهندس أيمن عبد الغني، مدير إحدى شركات المقاولات وعضو مجلس إدارة نقابة المهندسين.
6ـ االمهندس مدحت أحمد الحداد، مهندس مدني بشركة المقاولون العرب.
7ـ د. عصام حشيش، أستاذ بهندسة القاهرة.
8ـ المهندس ممدوح أحمد الحسيني.
9ـ د. صالح الدسوقي مراد، أستاذ مساعد التشريح بطب القاهرة.
10ـ مهندس محمد خيرت الشاطر، عمل بهندسة المنصورة، وبعد فصله منها أنشأ وأدار مجموعة شركات، وعضو مجلس إدارة عدد من البنوك.
11ـ المهندس أحمد محمود شوشة، الذي كان يعمل في شركة مقاولات خاصة.
وكان المطلوب مني أن أشهد على دقة وحيادية المعلومات التي جمعها وفد الباحثين الذين كُلفوا بالسفر لمصر لتقصي الحقائق. ولم يكن لدي من المصادر المستقلة أن أشهد على دقة المعلومات المفصلة عن جميع الإحدى عشر حالة. ولكن مزاملتي لأربعة منهم في سجن مزرعة طرة (2000-2003) جعلني أؤكد صحة المعلومات.
وجاء في ملف المعلومات التي وزّعت على من حضروا الاجتماع ما يُفيد أنهم جميعاً ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، وأنه تم القبض على معظمهم بواسطة مباحث أمن الدولة، وبدون أمر قبض وإحضار من النيابة. كذلك جاء في ملف المعلومات أنهم حُوكموا أمام محكمة عسكرية، أدانتهم وحكمت عليهم بالسجن ثلاث سنوات.
سأل أعضاء الأكاديميات الثلاث (العلمية والطبية والهندسية)، عما إذا كان الإخوان المسلمين هم وحدهم الذين يتعرضون لامتهان حقوقهم الإنسانية؟ وإذا كان ذلك كذلك، فلماذا؟
وكان عليّ قبل الإجابة على هذين السؤالين، أن أعرض لاختلافي العميق مع فكر الإخوان وممارساتهم، ورؤاهم لمستقبل المجتمع والدولة. ومع هذا الاختلاف، فإنني أدافع عن حقوقهم الإنسانية، كما أدافع عن حقوق غير المسلمين، وحتى غير المتدينين، بما في ذلك المُلحدين.
أما إذا كانوا وحدهم التي تتعرض حقوقهم للانتهاك، فقد كانت إجابتي أن حقوق الشعب المصري كله تتعرض للانتهاك، وإن اختلفت حدة هذه الانتهاكات من فئة لأخرى. وأعطيت أمثلة لهذه الانتهاكات ـ من عمال المحلة الكبرى إلى بدو سيناء، ومن الأقباط إلى الشيعة والبهائيين. وأحلت أعضاء الأكاديميات الثلاث إلى تقريري دار الحرية ووزارة الخارجية الأمريكية اللذان كانا قد صدرا قبل أيام من الاجتماع.
أما استهداف الإخوان بشكل مُركز ومنظم فهو صحيح. وذلك لأنهم تيار سياسي واسع، وقوي، ومنظم. وهو تيار يمثل بالفعل بديل للنظام القائم، والذي استنفذ عمره الافتراضي. بعد ما يقرب من ثلاثين سنة في السلطة. والنظام أصبح مثل سيدنا سُليمان، الذي توفى وهو مُستند على عصاه، وظل الناس لسنوات يتعاملون معه وكأنه ما زال حي يرزق... إلى أن قام النمل بأكل طرف عصاه الذي كان يلامس الأرض.
وحكيت ما حدث مع إبراهيم عيسى وعدد من الصحفيين الذين تساءلوا، مجرد تساؤل، عن صحة قمة النظام، وهو الرئيس محمد حسني مبارك (أطال الله عمره). ولأن النظام أكبر من الرئيس، فإن أركانه هي التي تنتفض للفتك بأي بديل... ومن هنا استهداف من يبدون كبديل منظم ويتمتع بشعبية ومصداقية لدى بعض قطاعات المجتمع، نتيجة سيطرتهم على المساجد من ناحية، وما يقدمونه لعامة الشعب من خدمات من ناحية أخرى.
سأل أعضاء الأكاديميات عن تفسير لاستهداف النظام لكل من أيمن نور، ولشخصي. وكان أسهل عليّ الحديث عن أيمن نور، خاصة وأن قرينته، السيدة جميلة إسماعيل، كانت في زيارة لكل من نيويورك وواشنطون قبل ايام قليلة من اجتماع الأكاديميات. وهنا كان لا بد من إعطاء الحضور فكرة عن أيمن نور وحزب الغد الذي ظهر للوجود أواخر 2004 وتدفق الشباب لعضويته بشكل غير مسبوق، مما أزعج النظام، وبدى الحزب الجديد وكأنه بديل ثالث، مثل الإخوان، فكان لا بد من خنقه في المهد، والتنكيل بزعيمه، وإزاحته من الساحة تماماً.
سال بعضهم عن مستقبل مصر بعد مبارك. فذكرت ما يدور على الساحة المصرية من ثرثرة على النيل، وسيناريو التوريث، وسيناريو تدخل المؤسسة العسكرية، ومسلسل جبهة وطنية لمرحلة انتقالية تعد البلاد، خلال ثلاث أو أربع سنوات، لانتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف دولي.
وسألتهم أنا بدوري، لماذا اهتمامهم بالإخوان، فالحالات الإحدى عشر، الذين أعدوا ملفات عنهم، هم جميعاً من الإخوان. وكانت إجابة رئيس لجنة حقوق الإنسان، وهو عالم السياسة المشهور بجامعة هارفارد، سيدني فيربا، أن أعضاء كل أكاديمية هم بمثابة قبيلة ـ ولأنهم علماء ومهندسون وأطباء، فإنهم ينتصرون فقط للإخوان المسلمين إذا كانوا علماء مثلهم، أو أطباء أو مهندسين!
وسأل أعضاء الأكاديميات عما يمكن أن يكون عليه موقف الإخوان من الأكاديميات الثلاث إن هي أصدرت بياناً للتضامن مع المضطهدين منهم، أو إذا سعت لدى الحكومة الأمريكية والكونجرس والحكومة المصرية للإفراج عنهم.
وكانت إجابتي هي: الله أعلم، حيث لا أستطيع التخمين عما سيكون عليه رد فعل الإخوان.
فسألوني وماذا كان شعورك وموقفك حينما وقفنا معك وزملائك الخلدونيين منذ عدة سنوات؟
قلت أنا شخصياً كنت أرحب بأي صوت يتضامن معي ومع زملائي الخلدونيين فمثل هذا التضامن من وجهة نظري هو "موقف إنساني" أكثر منه "موقف سياسي"... وفي كل الأحوال عليهم أن يفعلوا ما تمليه عليهم ضمائرهم بصرف النظر عن أي ردود فعل متوقعة من الإخوان. وقوبل هذا التعليق الختامي بالاستحسان والتصفيق.
كان من بين من رافقوني في لقاء الأكاديميات الزميل الدكتور نعيم الشربيني، الاقتصادي المعروف وممثل مركز ابن خلدون في شمال أمريكا، والمحامية النابهة دينا رزق جرجس. ودارت تعليقاتهم في طريق العودة حول ما إذا كانت مثل هذه المبادرة من أكبر تجمع علمي في أمريكا والعالم يمكن أن تجعل المصريين والعرب يقلعون عن كراهية الغرب واتهامه بازدواجية المعايير؟
قلت لهما إن ذلك مستبعد في الأجل المنظور. فكراهية الغرب عموماً وأمريكا خصوصاً هي البضاعة الأكثر رواجاً في الوقت الحاضر. والله أعلم
المؤسسة الأزهرية: لا هى راغبة ولا قادرة على التطوير
الجشع والفساد فى تجريف أراضى المحروسة
هل الشعب المصرى فى حالة عِشق دائم مع جيشه؟
دعوة للتبرع
مسألة ميراث: توفى أبى وترك شقة . عرضنا ها للبيع وإشتر اها ...
الى د عثمان : الع ربي حجاج ...
أكل لحم الانسان: إن الآيا ت التي تتحدث حول تحريم بعض أنواع...
معدودات ومعلومات : ما هو الفرق بين ( معلوم ات ) و ( معدود ات ) فى...
أمل فى المستقبل: فى كتابك ( شاهد على بضعة أشهر من حُكم السيس ى )...
more