لماذا صمت أبوغزالة 19 عاماً؟!

د. أيمن نور   في الإثنين ١٥ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً


لم أر أحداً في حياتي لديه قدرة علي الصمت البليغ، كما هو المشير عبدالحليم أبوغزالة ولأكثر من 19 عاماً، كظم فيها ألمه، ووجعه عن الناس، التي ظلت تحفظ للرجل الكثير، رغم غيابه وصمته الطويل.

..لا أتحدث عن الكفاءة والعبقرية العسكرية للمشير أبوغزالة، فربما يكون ما ماذكرته الموسوعات العسكرية كفيلاً بأن يعطي للرجل قدره المهني ويسجل له بعد نظره ووطنيته وإخلاصه لوطنه.



..كم كان امتناننا عظيماً، لانحياز المشير أبوغزالة - بكل هيبته وجلاله - للدولة «المدنية» والشرعية.

..كم كان تقديرنا لدوره في إخماد ثورة الأمن المركزي!! وقراره بالتدخل «المحدود» والانسحاب «السريع» لقواته، برئاسة اللواء ماجد الفار لتعود إلي ثكناتها، لتغلق الأبواب أمام شكوك وهواجس فجرتها ضخامة وخطورة الحدث الجلل!!

..دونما تزيد - لا محل له - كان الرجل شامخاً، وراقياً، ومتحضراً، وسياسياً .. رغم عدم اشتغاله المباشر، أو انشغاله، بطموح سياسي «!!».

..عندما خرج أبوغزالة من موقعه كوزير للدفاع، كانت كل التكهنات والتوقعات ترشحه أن يشغل موقع نائب رئيس الجمهورية، إلا أنه انتقل رسمياً لموقع «مهجور» لا وجود له في الدستور، أو هيكل مؤسسة الرئاسة، وهو موقع «مساعد» رئيس الجمهورية!!

..البعض توقع أن الطبيعة «الكاريزمية» للمشير أبوغزالة، قد تصنع اختصاصات للموقع المجهول، إلا أن هذا لم يحدث!! وظل المشير أبوغزالة يعيش في الظل منذ أن كان عمره « 59 عاماً» ولقرابة عقدين من الزمان «!!».

..وحاولت إقناع المشير أبوغزالة، بأن ينشر مذكراته مستغلاً تجربتي السابقة في إقناع المشير الجمصي بنشر مذكراته، إبان عملي مديراً إقليمياً لجريدة «الحياة» اللندنية، إلا أنه رفض النقاش في الموضوع، معتذراً بأنه يفضل الصمت «الآن»!! وأنه لا يحب أن يكون - بشخصه - مقاماً لكلام، أو موضوعاً لجدل!! أو سبباً في توتر «!!».

..كررت المحاولة عام 2004 عندما بادرني باتصال معاتباً علي نشر خبر يتصل به في جريدة «الغد»، إلا أن المحاولة الثانية آلت لذات النتيجة، التي آلت إليها المحاولة الأولي «!!».

..في ذلك الاتصال الأخير، بيني وبين المشير عام 2004، أبلغته أن حزب الغد قرر أن يخوض معركة الانتخابات الرئاسية، وأننا بحاجة للاستنارة برأي رجل بحجم وثقل المشير أبوغزالة «!!» فضحك الرجل، وبذكاء شديد، اعتذر لظروفه الخاصة!!.

..رغم صمت أبوغزالة، وبعده عن الساحة السياسية، وعن العمل العام، لأكثر من تسعة عشر عاماً كاملة، فإن الرجل ظل دائماً في دائرة اهتمام الناس، التي انتظرت منه أن يعود لدائرة الضوء، الذي ظل محجوباً عنه، زاهداً فيه، متعففاً عن أي محاولة لإثنائه عن موقفه.

..رغم أنني شخصياً، لا أذكر أن صادفت يوماً، شارعاً، أو زقاقاً، أو مدرسة.. أو غيرها يحمل اسم المشير أبوغزالة - حتي في قريته بالبحيرة - فإنني أحسب أن هذا الاسم سيظل محفوراً في ذاكرة الناس محتفظاً بمكانة خاصة في نفوسهم!! رغم ما تعرض له من محاولات ساذجة لتشويه صورته!!

لا أعرف لماذا أصر الرجل علي الصمت، حتي آخر لحظة في حياته!! ولم أندهش عندما عرفت أن المرض اللعين الذي ألم به مؤخراً، أصاب حنجرته، وكأنه كان يعطينا الإشارة إلي «أن صمت المشير سيتحول إلي صمت أبدي طويل!!.. رحم الله الفقيد الكبير.. بقدر محبة وتقدير الناس له.

اجمالي القراءات 9893
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   وفاء محمد     في   الثلاثاء ١٦ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[26895]

فارس الحربيه ,, وداعا

عاش هذا الرجل مبدعا عبقريا في مجال التصنيع الحربي وله طالت مده خدمته قبل ان يقدم استقالته المزعومه لكان تغير حال مصر واصبحت من اقوي جيوش العالم العربي بل والعالم اجمع


لقد كامن خططه الطموحه للجيش بما ارسل من بعثات لتدريب بعض القاده علي الفنون القتاليه واستخدام الاسلحه المتطوره كانت له نظره ثاقبه وطموح عسكري هائل ولكن للاسف لم يتمكن من تكلمه مشواره لوجود الحاقدين ولضغوط الغرب الذين يهم بالدرجه الاولي فشل مصر عسكريا لمصلحه الابنه المدللة اسرائيل , وايضا الكاريزما التي تمتع بها من حب كل افراد الجيش لما فعله لهم من رفع معيشتهم ولاخلاصه ايضا في عمله , هذا قدر مصر ان يظل الفاشل في موقعه اما الناجح الذي يحقق المعجزات جزاءه تقديم استقالته بمعني اقالته من منصبه , ايضا هذا الرجل رفع راس مصر وحافظ علي كرامتها في مواقف كثير لم يستطيع غيره ان يفعلها غيره ,, وداعا يامن سطرت تاريخك الحربي بحروف من ذهب علي صفحه فضيه من صفحات الحلوه مصر . الله يرحمك رحمه واسعه ويدخلك فسيح جناته بقدر ماقدمت لتلك الوطن .



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق