لقد خرج مئات المصلحين هنا في أوروبا عبر التاريخ محاولين أن يصلوا بالكنيسة إلى أن تقول ربع الخطاب الإنساني الذي يقوله البابا اليوم، ولكنهم كانوا دائماً يصطدمون بحائط صلب من الكهنة المتشددين الذين يريدون تطبيق نصوص حرفية خارج سياقها و زمنها، بل وحتى فهمها الحقيقي، فتم تصفيتهم وإحراقهم و مات الملايين على هذا الطريق في حروب طائفية من أجل دين الكهنة وليس دين الله .. و اليوم استطيع القول بعد خطاب البابا فرنسيس أن الكنيسة استعادت دورها الإنساني في العالم من جديد عندما وضعت كل المفاهيم والنصوص لشرحها وفهمها من منظور إنساني فطري بحت، فوصلت أخيراً إلى خطاب أكثر عالمية وأقل تطرفا يليق بدين سماوي، وهذا ما كان يتوجب حقيقة لديننا الحنيف كرسالة خاتمة أن يصل إليه لو تم فهمه من منظوره القرآني العالمي الإنساني الحقيقي، وليس من منظار كهنوتي طائفي ضيق ... ومن هنا نصل عموماً لبضعة نقاط يمكن استنتاجها مما سبق :
1 - لقد سبق كثير من المصلحين الكنيسة بفهم معاني الدين، رغم أن الكهنة كانوا يدعون احتكار فهم الدين الصحيح، وأنهم هم الطريق الحصري إلى الله، وقد كلفتهم رقاب هؤلاء غالبًا وضياع مئات من السنين قضتها أوروبا في تخلف وهمجية، كما هي حالنا اليوم و ياليتنا نتعلم فنحن نقوم بنفس الأخطاء ونتوقع الوصول لنتائج مختلفة وهذه هي قمة الحماقة.
2 - لقد مات على طريق الوصول إلى الفهم الإنساني للدين وازهقت أرواح ملايين الناس الذين عطلوا عقولهم في حروب دينية لأنهم طبقوا فهم الكهنة و اتبعوهم دون تفكير، وخاصة في هرطقة أصحاب العقول و الفطرة السليمة الذين لم يريدوا إلا خير مجتمعاتهم
3 - لقد أدت ثورات المجتمع على الكهنة و الكنيسة إلى و إجبارها على عدم التدخل في الشأن العام لمساعدتها على مراجعة نفسها جذرياً، إلى الوصول اليوم إلى فهم أرقى للدين و للنصوص مع نبذ كثير من النصوص التراثية التي تتناقض مع هذا الفهم.
و السؤال الذي على المسلمين اليوم الإجابة عليه، هل علينا فعلا يجب أن نبقى مرتهنين عقولنا لدى كهنة المذاهب و نخوض نفس التجربة التي خاضها اخواننا المسيحيين حتى نكتشف أن الدين ليس إلا دين الفطرة السليمة، وأن أي فهم لايصب في هذا الإطار هو فهم مغلوط مهما قال الكاهن وبدا مقنعاً في ذلك ..وخاصة أنه يفترض أن لا كهانة في ديننا حيث يقول تعالى ( اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون )
و يقول تعالى عن ماهية الدين القيم اي الذي له قيمة حقيقية عنده مايلي ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ-;---;-- فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ-;---;-- لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ-;---;-- ذَٰ-;-لِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰ-;-كِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ-;---;-- كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ )
فهل أوضح من هذه الآيات البينات ام فعلا هي تحتاج إلى كاهن لشرحها .. ودائما صدق الله العظيم
اجمالي القراءات
8009
الطريق الخصري للوصول للحق هو الرحوع للفظرة التي فطر الله الناس عليها ..
الفطرة السليمة ستفهم النص الالهي بمعناه الحقيقي الفطري ..
بالفطرة سيتم حصار من هم ضد الفطرة من رجال الدين داخل مؤسساتهم حتى ينصلح خطابهم وينخرطوا في خدمة مجتمعهم ..
هذا هو قطار الاصلاح الغربي .. حيث وصل لمحطته النهائية وهي محطة حقوق الانسان والديمقراطية والعدالة والشفافية والتسامح ..
فماذا عن قطار الاصلاح عندنا ..؟؟!! من المؤكد انه سيصل للمحطة النهائية التي وصل اليها قطار الغرب الاصلاحي .. ولكن لابد لهذا القطار ان يتوقف في محطات الاستبداد الديني والسياسي ..ندعو الله الا يتوقف القطار مدة كبيرة ...