قال وزير الخارجية التونسي الطيب البكوش في تصريحات صحفية له اليوم الثلاثاء 25 أغسطس 2015: إن السلطات التونسية فتحت قنوات تفاوض مع الجهاديين في سوريا، مشيرًا إلى إمكانية عودة عدد منهم إلى تونس خلال الفترة القادمة.
وأضاف البكوش أنهم أجروا اتصالات مع قنصليات تونس في تركيا وتأكدوا من وجود بعض الجهاديين الراغبين في العودة إلى تونس ونحن بصدد تنظيم عودتهم.
يأتي ذلك عقب التشديدات التي أعلنتها تونس في مواجهة الجماعات الجهادية.
ولم يتطرق البكوش حول احتمالية اقتصار القرار على الجهاديين في سوريا، أو أنه يتنزل في إطار خطة تشمل مختلف الجماعات الجهادية، ولم يقدم أيضًا معطيات حول طبيعة قنوات التفاوض وما إذا كانت رسمية يقودها مسئولون أم غير رسمية تتم عبر قيادات إسلامية.
في الوقت نفسه، نفت وزارة الخارجية التونسية ما نشر حول فتح قنوات تفاوض مع الجهاديين التونسيين المتواجدين بسوريا مع إمكانية عودة البعض منهم.
وأضافت الوزارة أن البكوش صرح بأن عددًا من الجهاديين المتواجدين بسوريا قد اتصلوا بالقنصلية العامة لتونس بإسطنبول، وأعربوا عن رغبتهم في العودة إلى أرض الوطن، ولم يتم بعد النظر في هذا الشأن.
وكانت الوزارة في وقت سابق، مواطنيها إلى عدم السفر إلى ليبيا إلا في حالات الضرورة القصوى، وذلك على خلفية انتشار الجماعات الإرهابية في لييببا في ظل الفوضى التي تشهدها..
قد يثير قرار التفاوض مع الجهاديين جدلًا حادًّا في الأوساط السياسية خاصة العلمانية التي ترفض أي شكل من أشكال التفاوض مع جماعات جهادية لا تؤمن بالدولة المدنية، ولا بنمط تدين التونسيين ولا بقيم التعايش وحق الاختلاف، وتسعى إلى ما تقول إنه "بناء دولة خلافة" باستخدام السلاح.
ويتصدر التونسيون قائمة مقاتلي داعش حيث يتجاوز عددهم 3 آلاف مقاتل يحتل العشرات منهم مراكز قيادية مهمة في صفوف التنظيم.
كان ذكر تقرير صدر عن معهد ''كويليام'' البريطاني، أن عدد الإرهابيين التكفيريين الأجانب الذين يقاتلون حالياً في سوريا والعراق إلى جانب تنظيم " داعش" وبقية التنظيمات الإرهابية التكفيرية، وصل إلى 16337 شخصاً، على رأسهم التونيسيون؛ حيث بلغ عددهم 3 آلاف مقاتل.
تقر السلطات الأمنية التونسية بأن أبرز التنظيمات الجهادية التي تشكل خطرًا على البلاد هو تنظيم داعش التي تتخذ من مرتفعات سلسلة الجبال المحاذية للحدود الغربية مع الجزائر معقلًا لها.
وحتى الآن لا يزال سفر عدد كبير من التونسيين، إلى سوريا، للمشاركة في الحرب ضد النظام السوري الحاكم، حيث أجرى المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، دراسة تناول فيها المواصفات الاجتماعية لـ 72 من القتلى التونسيين في المعارك السورية، و43 من التونسيين الذين اعتقلتهم الحكومة السورية، بعد دخولهم إلى أراضي سوريا بطريقه غير شرعيه.
وجاء في الدراسة أن غالبية القتلى من المدن الساحلية في تونس، وأن منطقه القلعة الكبرى التابعة لمركز سوسه من أكثر المناطق تصديرًا للمقاتلين، وتأتي منطقه تونس الكبرى، والتي تتكون من 4 محافظات هي تونس، منوبه، بن عروس، أريانة، في المرتبة الثانية، وفي المرتبة الثالثة مدينه "بنزرت"، شمال تونس، وهي من أهم المناطق الصناعية والفلاحية في البلاد، ثم تأتي محافظه مدنين، في أقصى الجنوب الشرقي، في المرتبة الرابعة.
قال رفيق الشلي المكلف بالشئون الأمنية في وزارة الداخلية، في وقت سابق: إن من أبرز التنظيمات التي تشكل خطرًا على تونس جماعة الولاء لتنظيم داعش، غير أنه لم يقدم إيضاحات حول ما إذا كانت الجماعة هي تنظيم مهيكل أم مجرد مجموعة؟
وأكد الشلي أن الأجهزة الأمنية نجحت خلال الشهرين الماضيين في تفكيك 15 خلية إرهابية، منها ما تتولى القيام بتسفير الشباب إلى سوريا، ومنها خلايا تعتزم القيام بعمليات إرهابية، مؤكدًا أنه تم العثور على عدة مخططات إرهابية تستهدف بالأساس بعض المناطق الحساسة ومنها السياحية؛ من أجل ضرب الاقتصاد الوطني.
وكثفت السلطات الأمنية التونسية خلال الأشهر الماضية جهودها في مكافحة الجماعات الجهادية، وقادت تلك الجهود إلى تفكيك العشرات من الخلايا، وضيقت عليها الخناق؛ ما دفعها إلى التسلل من داخل المدن باتجاه الأرياف، فيما تم إيقاف أكثر من الف عنصر جهادي منذ الهجوم على متحف باردو الأثري الذي تبناه تنظيم الدولة وخلف 22 قتيلا أغلبهم من السياح الأجانب.
يحظى التنظيم الذي يقوده أبو بكر البغدادي بـ"تعاطف" الآلاف من الشباب التونسي؛ حيث أعلنت السلطات الأمنية بداية العام 2015 أنها منعت 1500 شاب وفتاة من السفر إلى سوريا للالتحاق بمقاتلي الدولة الإسلامية.
كما أقرت السلطات الأمنية بأن أكثر من 500 جهادي كانوا يقاتلون في صفوف داعش عادوا إلى تونس، ونظموا صفوفهم في إطار خلايا متوثبة لتنفيذ سلسلة من الهجمات تستهدف مؤسسات الدولة والمنشآت الحيوية.
وعقب هجوم سوسة الدموي الذي شنه جهادي تابع لداعش في 23 يونيو الماضي، وأسفر عن سقوط 38 قتيلًا و39 جريحًا أقرت السلطات التونسية بأن الهجوم كان "ضربة في الصميم" و"استهدف الدولة المدنية التي باتت مهددة في كيانها في حال تواصل الهجمات".
وقال الرئيس الباجي قائد السبسي آنذاك: إن "تونس في حالة حرب مع الإرهاب" وأعلن حزمة من الإجراءات منها فرض حالة الطوارئ.
وكانت وافقت وزارة النقل التونسية علي التخفيض في أسعار تذاكر الطيران الخاصة بعودة التونسيين بالخارج إلى ديارهم خلال هذا الصيف، حيث قال أحمد عمار الينباعي وزير الشئون الاجتماعية التونسي، آنذاك: إن التخفيض بنسبة 15 بالمائة، مشيرا إلى أنه جاري انتظار موافقة الحكومة علي 15 في المائة المتبقية.