سعد الدين ابراهيم Ýí 2016-12-03
ألغت محكمة النقض الحُكم بإعدام الرئيس السابق محمد مرسى وآخرين فى اقتحام السجون.
■ وحكم إخلاء سبيل علاء وجمال مبارك فى قضية قصور الرئاسة.
■ ورفع اسم الفريق أحمد شفيق من قائمة ترقب الوصول فى المطارات والمنافذ الحدودية.
وقد استبشرت خيراً بتلك الأحكام، والتى كنت قد طالبت بها، كما طالب آخرون معى بمثلها طوال السنوات الثلاث الأخيرة، ذلك حتى نترك إرث الماضى وراء ظهورنا، ونتفرغ لمواجهة تحديات الحاضر، وننطلق لبناء المستقبل، للوطن المصرى، بل للأمة العربية بأسرها.
فالتاريخ هو الذى سيحكم فى النهاية، على كل أطراف هذه القضايا والأحداث، والتى مضى عليها بالفعل أكثر من خمس سنوات، وُلد فيها ستة ملايين مصرى، يحتاجون للرعاية الصحية والغذاء، والدواء والمسكن، والتعليم، إلى جانب ثلاثين مليوناً آخرين، من الشباب تحت سن الأربعين.
ولأننى كنت قد اقترحت هذه المُصالحات خلال السنوات الثلاث الأخيرة، فإننى، دون قصد، فتحت على نفسى نيرانا صديقة ونيرانا غير صديقة، من أطراف عديدة فى مجتمعنا المصرى المأزوم، منذ ثورة الربيع العربى، التى فجّرها شباب مصر فى ٢٥ يناير ٢٠١١، بعد شهر واحد من ثورة نظرائهم، شباب تونس ضد نظام الرئيس زين العابدين بن على.
وضمن من فتحوا علىّ النيران أحد المُحامين الذى تخصّص فى تحريك دعاوى قضائية ضد المُعارضين من النُشطاء فى السنوات العشر الأخيرة، كان سابقها تملقاً لنظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وكان لاحقها تزلفاً لنظام الرئيس عبدالفتاح السيسى. وفى كلتا الحالتين كان ذلك المُحامى يُخفى تملقه الرخيص خلف ستار «الوطنية»، أى الغيرة على الوطن المصرى المُستهدف دائماً، فى نظره، من أعداء كثيرين فى الخارج، شرقاً وغرباً، مثل روسيا والصين وأوروبا وأمريكا. ومن أعداء إقليميين مثل تركيا وإسرائيل وقطر. وبالطبع فهناك فى نظر نفس هذا المحُامى المغوار، أعداء داخليون، فى مقدمتهم الآن، الإخوان المسلمون والسلفيون والشيعة والبهائيون، وانضم إليهم مؤخراً بعض العناصر المدسوسة بين أهلنا فى النوبة، وأهلنا فى سيناء! وباختصار، يتصور هذا المُحامى المعتوه أن وراء كل شجرة عدوًّا لمصر، ووراء كل باب خصما داخليا ساذجا أو مضحوكا عليه.
ويهوى الإعلامى المُشاغب، وائل الإبراشى استضافة ذلك المحامى فى برنامجه العاشرة مساءً. وقد فعل ذلك مرة أخرى حينما استضافنى فى نفس البرنامج، ليلة الأحد ٢٧ /١١ /٢٠١٦.
وكانت الطلقة الأولى لوائل الإبراشى وذلك المُحامى هى شخصنا بسبب دعوتى لمُصالحة وطنية بين جماعة الإخوان المسلمين، ونظام الرئيس عبدالفتاح السيسى. وكانت حيثياتى لتلك الدعوة هى:
١ـ حقن الدماء، التى ما زالت تنزف من جنود الجيش فى سيناء وأفراد الشُرطة فى كل مكان يستطيع الإخوان الوصول إليه، يضربون ويهربون.
٢ـ تحقيق القدر المطلوب من الاستقرار، الذى جعلت منه هيئات مانحة دولية، ومُستثمرون أجانب شرطاً لضخ مُساعداتهم واستثماراتهم فى مصر.
٣ـ التفرغ للتخطيط المستقبلى المتوسط والطويل المدى، لكى تُحقق مصر برامجها التنموية الطموحة، والتى تضمنها وثيقة مصر ٢٠٣٠.
٤ـ لكى تعود مصر إلى الريادة الإقليمية والقيادة العربية، المُفتقدة حالياً، والتى كان غيابها أحد الأسباب الرئيسية فى انفجار العديد من المُشكلات الداخلية، والنزاعات الإقليمية، فى دول الجِوار العربية والأفريقية. وقد اتضح أنه لا بديل لمصر للقيام بهذا الدور، فهى الأكثر تهيؤاً للقيام بدور ضابط الإيقاع الإقليمى. ولكن اتضح أن دعوة «المُصالحة» ما تزال غير مقبولة من قطاعات واسعة من الرأى العام المصرى. بل يرفضها كثيرون، كما وضح من المُكالمات الهاتفية التى تلقاها وائل الإبراشى من مُشاهدى برنامجه.
وبالمناسبة، لم تكن تلك هى المرة الأولى التى أطرح فيها مُبادرة، تستفز وتُغضب قطاعات واسعة من الرأى العام المصرى. ولكن دور المُثقف، فى نظرى على الأقل، هو أن يُفصح عن أفكاره واجتهاداته، حتى لو تسببت له فى كثير من الإيذاء والازدراء. وغالباً، ما يهدأ الرأى العام بعد مدة، ثم يتقبل تدريجياً معظم هذه المُبادرات. مثال ذلك تنبيهنا قبل ثلاثين عاماً لهموم الأقباط المصريين، وإحساسهم بالحرمان من بعض حقوق المواطنة. ودعوتنا أن تكون أيام الأعياد القبطية إجازات رسمية لكل المصريين. ودعوتنا أيضاً أن تتضمن الكُتب المدرسية فى كل مراحل الدراسة تعريفاً بالتاريخ القبطى، وإسهامات الأقباط فى التاريخ المصرى وفى بناء مصر الحديثة. وهو ما تم فعلاً، بعد لَأى. وقد فعلنا نفس الشىء بالإلحاح على النص فى الدستور على نصيب معلوم من مقاعد الهيئات الرسمية والمجالس المُنتخبة، للنساء والشباب وذوى الاحتياجات الخاصة.
وفى نفس السياق، وبنفس روح المُصالحة، دعوت إلى إعادة تأهيل وقبول عناصر نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى المجرى الرئيسى للحياة السياسية المصرية. وحسناً استجاب الرئيس السيسى مؤخراً، بتصريحه أن «مصر تتسع للجميع، وأنها لكل المصريين، الذين لم تتلوث أيديهم بدماء غيرهم من أبناء الوطن، سواء كانوا من الجيش والشُرطة أو المدنيين».
وبالنسبة للإخوان المسلمين تحديداً، فإن مُبرراتى للمُصالحة بهم، أنهم من أبناء نفس الوطن، وأن عددهم كما صرّح بذلك، نائب رئيس مُرشدهم الأسبق، خيرت الشاطر، هو سبعمائة ألف (٧٠٠.٠٠٠)، أقسموا يمين البيعة للمُرشد، على السمع والطاعة.
وعلى فرض صحة هذا الرقم، وعلى فرض أن كلا من هؤلاء السبعمائة ألف، هو عضو فى أسرة من خمسة أفراد، على الأقل، فإننا نكون إزاء أكثر من ثلاثة ملايين شخص. وهو عدد لا تتسع له كل السجون المصرية. وحتى لو شيّدنا سجوناً إضافية تتسع لهم، فإن متوسط تكلفة إيواء كل سجين يومياً، هى حوالى مائة جنيه (مأكل ومشرب وملبس وحراسة)، أى أكثر من ثلاثين مليار سنوياً. وهو مبلغ باهظ تحتاجه مصر بملايينها التى تقترب من المائة، لسد احتياجاتهم الأساسية.
إن الفكر الإخوانى، وتداعياته التنظيمية، بما فيها التزمت والتشدد، واستخدام العُنف، لإرهاب المُخالفين، لا يمكن مُقاومته أو استئصاله بوسائل أمنية فقط. فكما تم غرس هذا الفكر فى عقول أصحابه، فلا تتم مواجهته جذرياً إلا بالفكر. وهو ما تنبّه إليه مُبكراً الرئيس عبدالفتاح السيسى، حينما طالب الأزهر، قلعة الفكر الإسلامى، بإصلاح الخطاب الدينى. وللأسف فإن الأزهر لم يفعل ذلك إلى حينه. ولكن لذلك حديث آخر، فى مقال آخر، مستقبلاً.
كان وما يزال أسوتنا فى مُبادرة المُصالحة كل من الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم)، حينما عاد إلى مكة بعد سنوات الهجرة والغُربة، وسأله كبار مكة، عما هو فاعل بهم؟ فقال لهم «اذهبوا فأنتم الطُلقاء». وكذلك الزعيم الأفريقى الأسطورى، نيلسون مانديلا. فهو أطول سجين سياسى فى التاريخ. فرغم ما سامه النظام العُنصرى الأبيض من عذاب وتنكيل له ولآلاف المُناضلين من أبناء وطنه، إلا أنه بعد الإفراج عنه، وتبوئه رئاسة الجمهورية فى جنوب أفريقيا، فإنه أطلق مُبادرة مُماثلة هى مُبادرة «الحقيقة والمُصالحة» (Truth and Reconciliation). وقد حذوت حذوه بُلدان غربية أخرى ـ مثل بولندا، وتشيكوسلوفاكيا، وشيلى. وكذلك بُلدان عربية ـ مثل الجزائر والمغرب والعِراق.
وفى كل الأحوال إذا كان لدى رئيس جمهورية مصر العربية شك أو تردد فى قبول اقتراحنا بمُبادرة التصالح، فليعرضها على الشعب فى استفتاء عام.
أقول قولى هذا، وأستغفر الله لى وللمُخالفين معى..
وعلى الله قصد السبيل.
المؤسسة الأزهرية: لا هى راغبة ولا قادرة على التطوير
الجشع والفساد فى تجريف أراضى المحروسة
هل الشعب المصرى فى حالة عِشق دائم مع جيشه؟
دعوة للتبرع
زواج الهبة حرام: اتفقت معها على ان تهب لى نفسها بالزو اج ...
منهج أهل القرآن: في رؤية كنت تطلب منى أن أقوم بدعوة إلى الفكر...
الاستعاذة فى الصلاة: تقول انه لا بد من الاست عاذة من الشيط ان ...
اهلا بك وسهلا: لقد بعثت برسال ة لى الدكت ور منصور الليل ة ...
القرآن والسريانية : اتابع مقالت ك دكتور احمد وخاصة القام وس ...
more