في وداع بوش ... انتكاسات وأعاصير
الرئيس جورج بوش يستعد لمغادرة منصبه هذا العام كأسوأ رئيس عرفه التاريخ الأمريكي، والوصف للرئيس الأسبق جيمي كارتر، فالفشل والكوارث تحاصرانه وتلاحقانه من كل حدب وصوب. الرئيس الذي لطخ سمعة أمريكا فيما يتعلق بالقيم والحقوق والمبادئ، وخاض حروبا مدمرة، مسببا معاناة إنسانية هائلة، يقف مرشح حزبه الجمهوري جون ماكين، بعيدا عنه وعن نهجه، رافعا صوته عاليا بشعار التغيير عن سياساته الفاشلة وعلى كل الأصعدة.
فأفغانستان، حيث بدأ بوش حربه ضد "الإرهاب"، تشهد عودة قوية لطالبان بعمليات نوعية معقدة وسيطرة على مناطق واسعة في البلاد وخسائر متزايدة في صفوف الحلفاء. أما في العراق، حيث تتباهي إدارة بوش بالنجاحات الأمنية التي حققتها، والتي دفعت وزير الدفاع الأمريكي جيتس للقول إن بلاده وصلت إلى نهاية اللعبة في العراق، فإن الوضع ما زال هشا، كما أعلن الجنرال ديفيد بتريوس، وحذر من إعلان النصر.
وحتى لو افترضنا أن السيطرة الأمريكية الحالية على العراق محكمة، فإن العراق الجديد، الذي يمتلك فائضا ماليا كبيرا، يوقع عقودا نفطية غامضة بالمليارات، فيما تنتشر في أقدس مدنه الكوليرا ويتفشى فيه الجوع، ويحوي على كثير من الألغام المختلفة والقابلة للانفجار والإطاحة بديمقراطية العشائر والمراجع، دليل على فشل أمريكي وانحدار أخلاقي كبير.
أمريكا بوش غاصت في أوحال العراق وأفغانستان، فدفعت بروسيا للعودة بقوة إلى المسرح الدولي، واستعراض قوتها ودورها الجديد في جورجيا، والتمدد نحو البحر المتوسط عبر ميناء طرطوس السوري. التراجع الأمريكي وعودة الدب الروسي، شجعا بوليفيا وفنزويلا على طرد السفير الأمريكي لديهما، وهندرواس على رفض قبول أوراق اعتماد السفير الأميركي الجديد لديها، بل إن الرئيس الفنزويلي شافيز هدد بالرد عسكريا في حال الإطاحة بحليفه الرئيس البوليفي إيفو موراليس، بعد أن أكد وصول القاذفات الروسية الإستراتيجية تي يو-16 إلى بلاده هذا الأسبوع.
وحتى تكتمل مراسم وداع جورج بوش، ضرب إعصار آيك ولايته تكساس والتي كان حاكما عليها، وغمرت المياه الشوارع بارتفاع يزيد على خمسة أمتار، كما انقطع التيار الكهربائي عن أكثر من ثلاثة ملايين ونصف من سكانها.
واعتبر حاكم ولاية تكساس، ريك بيري، أن الإعصار "آيك" قد يحدث أضرارا تقدر بـ1 مليار دولار، لتجعل منه الكارثة الأعلى تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة. الأعاصير الأخيرة تعيد للذاكرة إعصار كاترينا، الذي كان شاهدا صارخا على الفشل الإداري والقيادي لجورج بوش.
إدارة الرئيس الأمريكي بوش وسياستها البيئية، تتحمل قسطا كبيرا من المسؤولية عن الأعاصير المدمرة التي تضرب الولايات المتحدة، فهذه الإدارة، رفضت بإصرار التوقيع على معاهدة كيوتو للاحتباس الحراري، مما أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة في المحيطات، وبالتالي تشكيل الأعاصير الواحد تلو الآخر، حسب الخبراء والمختصين، والتي تضرب سواحل الولايات الأمريكية بين الحين والآخر.
ماذا ينتظر بوش في أسابيعه الأخيرة في البيت الأبيض؟ مزيد من الإخفاق والفشل وحصاد الخيبة.
اجمالي القراءات
1412