«العدل» ترسل مشروع «قانون مرعي» بعد تعديله إلي رؤساء الهيئات القضائية
ترسل وزارة العدل اليوم مشروع قانون مجلس الهيئات القضائية بعد تعديله إلي مجلس القضاء الأعلي والمحكمة الدستورية ومجلس الدولة وهيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة،
وكانت الوزارة قد عقدت مؤتمرا صحفيا أمس الأول أكدت فيه حذف المادة الخامسة التي وصفها القضاة بمادة اهدار الحصانة القضائية، كما ادخلت تعديلا علي المادة الأولي منه بالنص صراحة علي مراعاة الأحكام المتعلقة بالموازنة الخاصة للقضاء والمحكمة الدستورية.
وعلمت المصري اليوم أن غضبا واحتقانا شديدين تفجرا بين قضاة مجلس الدولة، بسبب التعديل الأخير علي المشروع والذي تجاهل ملاحظاتهم، ولم يذكر مجلسهم الخاص بكلمة،
وأرجعت مصادر قضائية أن الوزير يعادي في مشروعه مجلس الدولة علنا الآن، بعد أن كان يكتم ذلك في الأوقات السابقة، وأكدت أن المجلس لن يصمت أمام عدوان الوزير علي مجلس الدولة وقضاته الشوامخ، خصوصا في السعي بقوة إلي استقلال موازنتهم المالية عن هيمنة وسطوة الوزير.
من جانبه طالب مجلس إدارة نادي قضاة مصر أمس بسحب مشروع القانون بأكمله وليس حذف مادة، وتعديل نص من هنا أو هناك علي حد قول المستشار زكريا عبد العزيز رئيس النادي، والذي دعا جموع القضاة وأعضاء النيابة العامة إلي حضور جمعيتهم العمومية يوم الجمعة المقبل، قائلا: «لن يخدعونا بهذه التعديلات الشكلية»،
وحذر رئيس النادي رؤساء المحاكم الأبتدائية من منع القضاة من الحضور إلي الجمعية العمومية أو محاولتهم التأثير علي الجمعية بإشاعة أن المشروع تم تعديله ليتوافق مع أراء ومطالب القضاة.
وقال عبد العزيز: «نطالب بعدم تمثيل القضاة داخل مايسمي بمجلس الهيئات القضائية، لأنه مجلس غير دستوري حتي ولو نص عليه في الدستور، كما طالب باستقلال صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية للقضاة عن الهيئات الأخري، وإقرار حق مجلس الدولة في موازنة مستقلة، وضمها لموازنة القضاء العادي واستقلالهما عن ذلك المجلس.
وأعلن عبد العزيز تضامنه الكامل مع قضاة مجلس الدولة في مواجهة تعسف الوزير ضدهم، وتجاهلهم والعدوان عليهم في مشروعه الخطير وهم أحد جناحي السلطة القضائية في مصر، ودعا جموع قضاة مجلس الدولة إلي تشريف الجمعية العمومية يوم الجمعة المقبل.
وأشار المستشار محمود مكي نائب رئيس محكمة النقض إلي أن بيان الوزارة التي وزعته أمس الأول واكدت فيه تعديل مشروع القانون، يثبت نسب المشروع الذي انفردت به المصري اليوم بنشره الثلاثاء الماضي، بعد أن كان يعامل معاملة اللقيط الذي تتبرأ منه كل الجهات المسؤولة،
وقال مكي: «تعديل القانون هو محاولة يائسة لظهور الوزارة بمظهر المدافع عن استقلال القضاء والمهتمة بالوقوف علي رأي القضاة وصون كرامتهم وهيبتهم، فإذا كان هذا صحيحا فمن الذي يعتدي علي استقلال القضاء ويتدخل في شؤونه بقطع الموارد المالية عن القضاة ونواديهم وإهانتهم في أكثر من مناسبة والضرب بعرض الحائط بمطالبهم في تعديلات قانون السلطة القضائية،
وأضاف: «البيان اعتبر أن المشروع يحقق تدعيم استقلال القضاء وتعضيده بإتاحه فرصة للقاضي المرفوع عنه الحصانة للتظلم أمام لجنة إدارية بشارك فيها غير القضاة ويكون لها وحدها بعد اعطاء اثنين من أعضائها التابعين لوزير العدل المحرومين من الحصانة،
وهما قضايا الدولة والنيابة الادارية، حق الفصل ولأول مرة في تاريخ القضاء في خصومة قضائية بحتة، وبذلك بات حرمان القاضي من اللجوء إلي قاضيه الطبيعي للطعن علي قرار رفع الحصانة عنه، فأين ماتدعيه الوزارة من خلال مشروعها لتدعيم الحصانة وتعضيدها بحسب قولها في البيان».
ولفت مكي إلي أن البيان صور المعترضين علي ذلك بأنهم من مثيري اللغط بين القضاة، نتيجة اعتراضهم علي مشروع القانون، وفهمهم الخاطئ، وقال: «ثم ناقض البيان نفسه وانتهي إلي إلغاء المادة الخامسة كلها بعد ما نوه إلي انظمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا ومجلس القضاء الأعلي إلي أصحاب الفهم الخاطئ للمشروع لأنهما اعترضتا علي المشروع وأبديتا عليه ملاحظتهما،
وقام بالتعريض بالقضاة ومجلسهم الأعلي والمحكمة الدستورية ويبدو أن الفهم الخاطئ قد أصاب واضع المشروع وليس قراءه فقط، لأنه افترض أن إضافة عبارة (مع مراعاة الأحكام المتعلقة بالموازنة الخاصة للقضاء والمحكمة الدستورية العليا) إلي المادة الأولي، واعتبره يكفي لإجازة المشروع، وقبوله رغم مابه من عدوان صريح علي الدستور وافتئات علي المواثيق والأعراف الدولية المستقرة،
وقال مكي: «لعل ابرز ما بالمشروع من عيوب يتمثل في تشكيل ذلك المجلس أصلا وجعل الوزير نائبا لرئيسه ويتولي الرئاسة حال غياب الرئيس مما يعصف بمبدأ الفصل بين السلطات بعدما أطاح بمبدأ استقلال القضاء بإعطاء وزير العدل رئاسة من سماهم رؤساء الهيئات القضائية»
ودعوتهم للاجتماع وقتما شاء وأينما شاء، ليعرض عليهم مايراه هو وحده من موضوعات و شؤون مشتركة بين الهيئات، مضيفا أن المشروع اشترط لصدور قرار بتنظيم أمانة المجلس موافقة الوزير حتي ولو كان جميع شيوخ القضاء قد وافقوا بمعني أنه ميز وزير العدل بإعطائه وحده حق الفيتو أمام إجماع رؤساء الهيئات القضائية علي قرار تنظيم أمانة المجلس،
وتساءل مكي أخيرا هل نقبل أن يميز القانون بين مراكز الخصومة ويتم إعطاء هيئة قضايا الدولة وهي الممثلة للحكومة أمام محكمة الأحزاب الحق في اختيار نصف عدد أعضاء الدائرة الأولي من المحكمة الإدارية العليا؟.
وانتهي مكي بقوله: الحالة الوحيدة حتي تكون الوزارة محقة في كلامها بالبيان بحفاظها علي الصالح العام وصالح القضاء ومصلحتهم وهيبتهم وكرامتهم هو أن تسحب المشروع بالكامل لتعود إلي رشدها.
اجمالي القراءات
5308