نسخ ما فات وقت تدمير الموقع:
قصص إنسانية على هامش الحروب بين العرب والروم البيزنطيين

آحمد صبحي منصور Ýí 2021-09-26



قصص إنسانية على هامش الحروب بين العرب والروم البيزنطيين


أحمد صبحى منصور
 
الحوار المتمدن-العدد: 6802 - 2021 / 1 / 29 - 18:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

المزيد مثل هذا المقال :

مقدمة : بين تشريعات الإسلام وتشريعات الخلفاء الفاسقين
في الإسلام :
القتال دفاعى فقط . قال جل وعلا :
1 ـ ( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)البقرة )
2 ـ ( وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا ) (2) المائدة )
ويحرم قتل الجندى في الجيش المعتدى في ساحة المعركة إذا :
1 ـ نطق بلفظ السلام ، قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (94 ) النساء)
2 ـ استجار بالمسلمين ، قال جل وعلا : ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (6) التوبة ).
ويحرم قتل الأسير، بل المنُّ عليه باطلاق سراحه ، أو بتبادل الأسرى ، قال جل وعلا : ( فَإِذا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا )(4) محمد )
بعد إطلاق سراحه يجب إكرامه، قال جل وعلا : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (8) الانسان )، وإذا سار في بلاد المسلمين يكون له حق ابن السبيل
شريعة الخلفاء الفاسقين
1 ـ بدءوا عمليا بالفتوحات غزوا وإعتداءا وقتلا وسبيا وسلبا ونهبا وإحتلالا ، وقتلا للأسرى من المدافعين عن أوطانهم . وربط الخلفاء الفاسقون هذا بالإسلام ، فهم الذين نشروا ــ ليس الإسلام ـ بل الكفر بالإسلام ، إذا ما لبث أن تكونت في البلاد المفتوحة أديان أرضية تؤمن بأن القتال المعتدى هو جهاد في سبيل الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا . من ناحية أخرى شب النزاع حول خيرات الأمم المفتوحة ، وتحولت الى حروب أهلية ، لا تزال مستمرة بين الحكام وخصومهم ، إذ لم يخرج ( المحمديون ) من نفق الفتنة الكبرى حتى الان . وفى نوعى الحرب ( الأهلية و مع الآخر ) تم تشريع قتل الأسرى ، وافترى ابن إسحاق في السيرة التي كتبها من دماغه أن النبى محمدا عليه السلام كان يقتل الأسرى ويسبى النساء . !.
2 ـ تحارب العرب والروم البيزنطيون فى مناطق التخوم فى آسيا الصغرى فى العصريين الأموي والعباسي . إنتصر الأمويون وتوسعوا على حساب الروم إلى درجة محاصرة القسطنطينية ، إختلف الوضع في العصر العباسى ، أصبحت الحرب سجالا بين الخصمين ، ثم بدأ توسع الروم على حساب العرب وتطور الى درجة الهجوم على حلب ودمشق . وعلى هامش هذه الحروب تولدت دراما إنسانية وسط أنهار الدماء وأشلاء القتلى .
3 ـ ونعطى لمحة سريعة
أولا : في العصر الأموى :
1 ـ أشتهر مسلمة بن عبد الملك بغزواته المتتابعة ضد الروم فى العصر الأموي ، وكان مسلمة أفضل أبناء عبد الملك وأصلحهم للخلافة والملك لولا أن أمُّه لم تكن عربية ، وقعد به ذلك عن ترشيحه لولاية العهد وفق المعايير الأموية ، وشغل مسلمة طموحه فى غزواته المتلاحقة على ممتلكات الروم فى آسيا الصغرى وأرمينيا ، وكان يتخلف عن هذه الغزوات قتل الكثيرين ونهب الأموال وسبى النساء . وكانت الغارات صيفا في الأغلب بسبب البرد وتُسمّى وقتها بالصائفة ، واشتهر من بين المتطوعة عبد الله البطّال ( صيغة مبالغة من : بطل ) وصحبه أتباعه . ومثلا تقول الرواية في تاريخ الطبرى :
في عام 113 : ( .. فمن الحوادث فيها‏:‏ هلاك عبد الوهاب بن بخت، وهو مع البطال بن عبيد الله بأرض الروم ، وذلك أن عبد الوهاب غزا مع البطّال فكشفوا ( أي إنهزموا )، فألقى بيضته ( أي خوذته ) عن رأسه وصاح‏:‏ " أنا عبد الوهاب بن بخت أمن الجنة تفرون ؟ " ، ثم تقدم في نحور ( وسط ) العدو فمر برجل يقول‏:‏ واعطشاه فقال له‏:‏ تقدم فالريُّ أمامك " ( أي أنهار الجنة أمامك ).! فخالط القوم ( أي ألقى بنفسه في صفوفهم ) فقُتل‏.‏). هذا القتال المعتدى حسبوه إسلاما .!
في عام 114 : ( .. فمن الحوادث فيها غزوة معاوية بن هشام الصائفة اليسرى وسليمان بن هشام الصائفة اليمنى ، والتقى عبد الله البطال هو وقسطنطين في جمع فهزمهم، وأسر قسطنطين ، وبلغ سليمان بن هشام قيسارية‏.‏)
في عام : 117 ( .. فمن الحوادث فيها‏:‏ غزوة ابن هشام الصائفة اليسرى وسليمان بن هشام الصائفة اليمني من نحو الجزيرة ، وفرّق سراياه في أرض الروم‏.‏)
في عام 118 : ( ... فمن الحوادث فيها‏:‏غزوة معاوية وسليمان ابني هشام بن عبد الملك الروم‏.‏)
فى عام 124 : ( وفي هذه السنة‏:‏ غزا سليمان بن هشام الصائفة فلقي أليُونْ ملك الروم ، فسلم وغنم ).
2 ـ كان مقتل البطّال عام 122 .
2 / 1 : يقول الطبرى عن سنة مقتله :( وفيها قتل عبد الله البطال في جماعة من المسلمين بأرض الروم ).
2 / 2 : وذكر ابن الأثير في تاريخه ( الكامل ) عن ( البطّال ) في نفس العام 122 : ( في هذه السنة قتل البطال، واسمه عبد الله أبو الحسين الأنطاكي، في جماعة من المسلمين ببلاد الروم، وقيل: سنة ثلاث وعشرين ومائة، وكان كثير الغزاة إلى الروم والإغارة على بلادهم، وله عندهم ذكر عظيم وخوف شديد. حُكي أنه دخل بلادهم في بعض غزاته هو وأصحابه، فدخل قرية لهم ليلاً وامرأة تقول لصغير لها يبكي: تسكت وإلا سلمتك إلى البطال! ثم رفعته بيدها وقالت: خذه يا بطال! فتناوله من يدها. ) أي يغزون القرى ، وقد سبى طفلا من بين ذراعى أُمّه .!! ويجعلون هذا جهادا إسلاميا .! وتمضى الرواية عن بداية ظهوره في خلافة عبد الملك بن مروان حيث صحب إبنه مسلمة بن عبد الملك : ( وسيره عبد الملك مع ابنه مسلمة إلى بلاد الروم ، وأمّره ( أي جعله أميرا ) على رؤساء أهل الجزيرة والشام، وأمر ابنه أن يجعله على مقدمته وطلائعه، وقال : إنه ثقة شجاع مقدام، فجعله مسلمة ( قائدا ) على عشرة آلاف فارس، فكان بينه وبين الروم معارك ) ( وسار مرة مع عسكر للمسلمين، فلما صار بأطراف الروم سار وحده فدخل بلادهم، فرأى مبقله ( حقل باقلاء ) فنزل فأكل من ذلك البقل، فجاءت جوفه وكثر إسهاله، فخاف أن يضعف عن الركوب ، فركب وصار تجيء جوفة في سرجه ، ولا يجسر ينزل لئلا يضعف عن الركوب، فاستولى عليه الضعف، فاعتنق رقبة فرسه ، وسار عليه ولا يعلم أين هو، ففتح عينه، فإذا هو في دير فيه نساء، فاجتمعن عليه وانزلته إحداهن عن فرسه وغسلته وسقته دواء فانقطع عنه ما به، وأقام في الدير ثلاثة أيام، ثم إن بطريقاً ( أي قائدا من الروم ) حضر الدير فخطب تلك المرأة . وبلغه خبره البطال ، فتبعه فقتله ، وانهزم أصحاب البطريق ، وعاد البطال إلى الدير، وألقى الرأس ( رأس البطريق ) إلى النساء ، وأخذهن ، وساقهن إلى العسكر، فنفل ( أي أهدى ) أمير العسكر تلك المرأة ( للبطال ) ، فهي أم أولاد البطال.) أي سبى البطّال النساء اللاتى أنقذنه ، وإغتصب إحداهن وصارت أم أولاده . يالها من شهامة .!. ولكن هذا مقياس البطولة وقتها .
حفلات الأمويين في قتل الأسرى البيزنطيين
كانوا يقيمون حفلات لقطع رءوس الأسرى الروم . في تاريخ الخليفة سليمان بن عبد الملك تقول الرواية : ( حجّ سليمان ، وحجّ ( معه ) الشعراء، فلما كان بالمدينة قافلاً ( راجعا ) تلقوه بنحو أربعمائة أسير من الروم، فقعد سليمان وأقربهم منه مجلساً عبد الله بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب، فقُدّم بطريقهم، ( أي جىء بقائدهم ) فقال: يا عبد الله اضرب عنقه! فأخذ سيفاً من حرسي ( جندي من حرس الخليفة ) فضربه ، فأبان ( أي قطع وفصل ) الرأس وأطنُ الساعد .. ودفع البقية ( بقية الأسرى ) إلى الوجوه ( وجوه القوم ) يقتلونهم، ودفع إلى جرير ( الشاعر جرير) رجلاً منهم، فأعطاه بنو عبس سيفاً جيداً، فضربه فأبان رأسه، ودفع إلى الفرزدق ( الشاعر ) أسيراً، فأعطوه سيفاً ردياً لا يقطع، فضرب به الأسير ضربات فلم يصنع شيئاً، فضحك سليمان ( الخليفة ) والقوم ، وشمت به بنو عبس أخوال سليمان. ) .
قصص إنسانية على هامش هذه الحروب الأموية
فى سنة 86 كان مسلمة فى إحدى غزواته وقد أسر كثيرين وأمر بقتلهم ، وكان من بين المحاربين الأسرى شيخ كبير ، فقال لمسلمة : " ما حاجتك إلى قتل شيخ مثلى ؟! ، إن تركتني جئتك بأسيرين من المسلمين. " فقال له مسلمة : " ومن يضمنك ؟" : قال : " دعني أطوف فى معسكرك لأجد من يضمنني ." . وظل الشيخ يطوف بمعسكر المسلمين يتصفح الوجوه حتى مرّ بفتى من ( قبيلة ) بنى كلاب قائما يحرس فرسا له ، فتأمله الشيخ الرومي وقال له : " يا فتى اضمني عند الأمير " ، وقص عليه قصته . فجاء الفتى إلى الأمير وضمن الشيخ ، فقال له مسلمة : " أتعرفه ؟ " .. فقال الفتى : " لا والله "، قال : " فلماذا ضمنته ؟ " قال : " رأيته يتصفح الوجوه فاختارني من بين الناس فكرهت أن أخلف ظنه ". فأطلق الأمير مسلمة ذلك الشيخ الرومي بعد أن ضمنه الفتى العربى . وفى الغد عاد الشيخ الرومي ومعه اثنان من الأسرى المسلمين من الشباب فدفعهما إلى الأمير مسلمة وقال له : " ائذن لي يا أيها الأمير أن أصحب ذلك الفتى الذي ضمنني وأن يرجع معي إلى حصني لأكافئه على جميله معي " ، واتضح أن ذلك الشيخ الرومي هو صاحب الحصن الرومي القريب من مسلمة ، فسمح له مسلمة ، وسار الفتى مع الشيخ إلى الحصن . فلما وصلا للحصن قال الشيخ للفتى : " يا فتى هل تعلم إنك ابني ؟ . قال : " كيف أكون ابنك وأنا رجل مسلم عربي وأنت رجل نصراني رومي ؟" . قال : " أخبرني عن أمك من هي ؟ " : قال الفتى : " هي رومية ". فقال الشيخ : " فإني أصفها لك فإن صدق وصفى فأخبرني ".. ووصفها الشيخ فقال الفتى : " هي كذلك ، فكيف عرفت أنى ابنها ؟" فقال له الشيخ : " بالشبه بينكما وتعارف الأرواح وصدق الفراسة ووجود شبهي فيك. ! " ، ولما وصل إلى داخل الحصن أخرج إليه امرأة شابة فلما رآها الفتى وجد فيها شبه أمه، وخرجت معها امرأة عجوز كأنها هي، فأقبلا يقبّلان رأس الفتى ، فقال له الشيخ :" هذه جدتك ،وهذه خالتك.! "، ثم نادي شبابا من الروم وكلمهم بالرومية، فأقبلوا على الفتى العربي يقبلونه و يحتضنونه ، فقال الشيخ : " هؤلاء أخوالك وبنو خالتك وبنو عم والدتك . "، وأعطاه أموالا وحليا وثيابا وقال : " هذه لوالدتك وقد احتفظنا به لها ، فخذه معك وادفعه لها فإنها ستعرف أموالها وحليها وثيابها ." ثم أوصله إلى معسكر مسلمة بما معه . وعاد الفتى إلى منزله ، وأخذ يخرج الأمتعة وأمه تراها وتبكى ، ثم سألته عن أي بلد دخلها وحصل منها على هذه الثياب والحلي ، وهل قتلوا أصحاب ذلك الحصن، فوصف لها أهل الحصن وصفة الحصن فزاد بكاؤها ، فسألها عن سبب بكائها فاعترفت له بأن الشيخ والدها وهم أسرتها، فقص عليها الخبر ، وأعطاها ما أرسل به أبوها لها . .
ثانيا : في العصر العباسى
1 ـ في العصر العباسى الثانى بدأ الروم حرب الاسترداد ،وورد ذكرها في تاريخ المنتظم لابن الجوزى الذى أرّخ لهذا العصر في الأجزاء الأخيرة من كتابه .من الجزء 14 نأخذ أمثلة : يقول :
1 / 1 : ( ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين وثلثمائة : ... وفي صفر‏:‏ ورد الخبر بورود الروم إلى أرزن وميافارقين وأنهم سبوا وأحرقوا‏.‏ وفيها‏:‏ ورد كتاب من ملك الروم يلتمس منديلًا كان لعيسى عليه السلام مسح به وجهه فصارت صورة وجهه فيه ، وذلك المنديل في بيعة الرها وأنه إن أنفذ إليه ( أي بعث المنديل اليه ) أطلق من أسارى المسلمين عددًا كثيرًا ، فاستؤمر المتقي بالله ( الخليفة العباسى ) فأمر بإحضار الفقهاء والقضاة فقال بعض من حضر‏:‏ " هذا المنديل منذ زمان طويل في هذه البيعة لم يلتمسه ملك من ملوك الروم وفي دفعه إلى هذا غضاضة على الإسلام ، والمسلمون أحق بمنديل عيسى عليه السلام‏.‏" ، فقال علي بن عيسى‏:‏ " خلاص المسلمين من الأسر أحق بمنديل عيسى عليه السلام . " فأمر المتقي بتسليم المنديل وتخليص الأسارى‏.‏ )
1 / 2 ـ ( ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة : فمن الحوادث فيها أنه في ربيع الأول دخل الروم رأس العين وسبوا من أهلها ثلاثة آلاف إنسان ، ونهبوا البلاد ، وكان الذي قصدها الدمستق ( الامبراطور البيزنطى ) في ثمانين ألفًا‏.‏ ).
1 / 3 ـ ثم دخلت سنة تسع وثلاثيين وثلثمائة: ( فمن الحوادث فيها أنه ورد الخبر في يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة‏:‏ بأن سيف الدولة غزا فأوغل في بلاد الروم وفتح حصونًا كثيرة من حصونهم وسبى خلقًا كثيرًا ، فلما أراد الخروج من بلاد الروم أخذوا عليه الدرب الذي أراد أن يخرج منه ، فتلف كل من كان معه من المسلمين أسرًا وقتلًا ، وارتجع الروم ما أخذه من السبي ، وأخذوا خزانته وكراعه وسلاحه ، وأفلت في عدد يسير ، وقد كان معه ثلاثون ألف رجل‏.‏ ).إشتهرت الدولة الحمدانية وحاضرتها ( حلب ) بالصراع مع البيزنطيين الذين كانت غاراتهم تصل حلب وتتجاوزها . واشتهر من فرسانهم أبو فراس الحمدانى الشاعر صاحب قصيدة ( اراك عصى الدمع ..) ، وهو ابن عم سيف الدولة ، وقد وقع في أسر الروم عام 347 ، وظل في السجن بضع سنين .
1 / 4 : في تأريخه لعام 335 يقول ابن الجوزى في المنتظم ، : ( وقد روينا عن مكرم بن بكر القاضي قال‏:‏ كنت خصيصًا بالوزير أبي الحسن علي ابن عيسى، فأقبلت عليه يومًا وهو مهموم جدًا ، فسألته عن ذلك فقال‏:‏ كتبتُ إلي عاملنا ( الوالى ) بالثغر ( التخوم أو منطقة الحدود بين الدولة العباسية والدولة البيزنطية ) أن أسارى المسلمين في بلد الروم كانوا على رفق وصيانة إلى أن ولي آنفاُ مُلك الروم حدثان ( شابان صغار السّنّ ) منهم ، فعسفا الأسارى وأجاعاهم وأعرياهم وعاقباهم وطالباهم بالتنصر، وأنهم في عذاب شديد ولا حيلة لي في هذا ، والخليفة لا يساعدني ، فكنت أنفق الأموال وأجهز الجيوش إلى القسطنطينية فقلت‏:‏ ها هنا أمر سهل يبلغ به الغرض فقال‏:‏ قل يا مبارك‏!‏ قلت‏:‏ " إن بأنطاكية عظيمًا للنصارى يقال له‏:‏ البطرك وبالقدس آخر يقال له‏:‏ الجاثليق ، وأمرهما ينفذ على الروم وعلى ملوكهم ، والبلدان ( انطاكية والقدس ) في سلطاننا ، والرجلان في ذمتنا ، فيأمر الوزير بإحضارهما ويتقدم إليهما بإزالة ما تجدد على الأسارى .." فكتب يستدعيهما فلما كان بعد شهرين جاءني رسوله ، فجئت فوجدته مسرورًا فقال‏:‏ " جزاك الله عن نفسك ودينك وعني خيرًا ، كان رأيك أبرك رأي وأسدُّه ، هذا رسول العامل ( الوالى ) قد ورد، وقال ( الوزير ) له‏ ( اى لرسول الوالى ) :‏ "خبّر بما جرى. " ، فقال‏:‏ " أنفذني العامل ( أي أرسلنى الوالى ) مع رسول البطرك والجاثليق إلى القسطنطينية ، وكتبا إلى ملكيهما : "أنكما قد خرجتما بما فعلتما عن ملة المسيح عليه السلام وليس لكما الاضرار بالأسارى فإنه يخالف دينكما وما يأمركما به المسيح عليه السلام ، فإما زلتما عن هذا الفعل وإلا حرمناكما ولعناكما على هذين الكرسيين . " فلما وصلنا إلى القسطنطينية حُجبنا أيامًا ( أي المنع ) ثم أوصل الرسولان إليهما واستدعياني ، فقال الترجمان‏:‏ يقول لكما الملكان‏:‏ " الذي بلغ ملك العرب من فعلنا بالأسارى كذب وتشنيع وقد أذنا لك في دخولك لتشاهدهم على ضد ما قيل وتسمع شكرهم لنا. "، فدخلت فرأيت الأسارى وكأن وجوههم قد خرجت من القبور تشهد بما كانوا فيه من الضر ، ورأيت ثيابهم جميعًا جددًا ، فعلمت أني حجبت تلك الأيام لتغيير حالهم‏.‏ ( أي منعوهم من رؤية الأسرى حتى يصلحوا أحوالهم ) ، فقال لي الأسارى‏:‏ " نحن شاكرون للملكين .. " وأومأ إلي بعضهم : " أن الذي بلغكم كان صحيحًا إنما خفّف عنا لما حصلتم ها هنا ، فكيف بلغكم أمرنا ؟ " فقلت‏:‏ " وُلّي الوزارة علي عيسى ، وبلغه حالكم ففعل كذا وكذا . " فضجوا بالدعاء والبكاء ، وسمعت امرأة منهم تقول : " يا علي بن عيسى لا نسي الله لك هذا الفعل‏!‏ " ، فلما سمع الوزير ذلك أجهش بالبكاء ، وسجد شكرًا لله تعالى . فقلت‏:‏ " أيها الوزير أسمعك كثيرًا تتبرم بالوزارة فهل كنت تقدر على تحصيل هذا الثواب لولا الوزارة ؟." فشكر لي. وانصرفت‏.‏ ).

اجمالي القراءات 2552

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5123
اجمالي القراءات : 57,054,185
تعليقات له : 5,452
تعليقات عليه : 14,828
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي