مسؤول ملف السعودية في هيومن رايتس ووتش لآفاق: لم تتحسن الأوضاع منذ مجيء الملك عبد الله

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٢٤ - أكتوبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ٌافاق


1

أكد كريستوف ويلكي الباحث بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش أنه لم يطرأ أي تحسن جوهري على أوضاع حقوق الإنسان في السعودية منذ مجىء الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى الحكم في عام 2005.

مقالات متعلقة :

وقال ويلكي المسؤول عن ملفي السعودية والأردن في المنظمة لموقع آفاق، في أول حديث مع وسيلة إعلام عربية إن الحكومة السعودية لا تزال تنتهك المعاهدات الدولية المتعلقة بالتعذيب والتمييز ضد النساء والتمييز العنصري وحقوق الطفل، بالرغم من عضويتها في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.


وأضاف أن المملكة تفتقر إلى تطبيق القانون وغياب أنظمة المحاسبة والشفافية والرقابة، مشيرا إلى أن الشرطة الدينية (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) هي الاكثر انتهاكا لحقوق الإنسان في السعودية، حيث تحمي الشرطة والقضاء أعضاءها من المحاسبة وإنزال العقوبة.


وفيما يتعلق بملف السجين الإسماعيلي هادي آل مطيف، قال ويلكي إنه أثار موضوعه مع رئيس القضاء السعودي الشيخ صالح اللحيدان في زيارته الأخيرة للرياض، لكنه لم يتلق أي جواب، مؤكدا أن هادي لم تتم محاكمته وفق المعايير الدولية، واتهم الحكومة بعد الاهتمام بتصحيح أخطائها، بإجراء محاكمة جديدة له.




وفيما يلي نص المقابلة:


آفاق: بعد زيارتين إلى المملكة العربية السعودية أواخر العام الماضي وأواسط العام الحالي ... ما تقييمكم لمدى احترام المملكة لمعاهدات حقوق الإنسان التي وقعت عليها؟ وهل أدى وصول الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى سدة الحكم في أغسطس 2005 وتعهده بالإصلاح إلى أي تحسن في أوضاع حقوق الإنسان؟


لقد أمضيت عدة أسابيع في السعودية، خلال العامين الماضيين، وأنا على اتصال يومي مع السعوديين، من مختلف الأطياف. وما استطيع قوله هو أن السعودية لا تحمي حقوق الإنسان المعترف بها عالميا، بما فيها تلك المتضمنة في المواثيق الدولية. وعلى سبيل المثال فالتعذيب لا يزال مستمرا في السعودية في انتهاك واضح لمعاهدة الأمم المتحدة الخاصة بمناهضة التعذيب، كما يتم إصدار أحكام بالإعدام بحق الأطفال في انتهاك لمعاهدة حقوق الطفل، وبخلاف الرجال لا تستطيع النساء السفر أو الزواج أو الطلاق او الحصول على الجنسية بحرية، وذلك في انتهاك لمعاهدة حظر كافة أشكال التمييز ضد النساء.


ويتم استهداف مجموعات الأجانب مثل التشاديين على أساس جنسياتهم، والتمييز ضدهم، وذلك في انتهاك لمعاهدة حظر التمييز العنصري.


وعليه لم تبذل السعودية جهودا كافية لحماية حقوق الإنسان منذ مجيء الملك عبد الله للحكم.


واقع الإصلاح في السعودية
آفاق: من واقع الاتصالات والرسائل التي تصلكم ومن خلال الفترة التي قضيتموها في المملكة ... هل المطالبة بالإصلاح في السعودية واقع ملموس، ومطلب شعبي له قاعدة عريضة من المؤيدين أم أنها تنحصر في فئات وأقليات معينة من الشعب؟




الإصلاح كشعار ليس الجميع يستخدمه أو يحب استخدامه لوصف التغيير الذي يطمحون إلى رؤيته. لكن هناك شعور واسع بأن الإدارة الفاسدة للدولة، وللقطاع الخاص هي سبب معاناة الناس.


أنا أعتقد أن هناك أعدادا متزايدة من السعوديية يرون في المعاناة انتهاكا لحقوقهم، حيث مفهوم الحقوق والواجبات تقليد إسلامي راسخ وقديم. لكن هناك القليلون فقط هم الذين يستخلصون الاستنتاجات من أن الانتهاكات المنهجية للحقوق، يجب أن تدفع للمطالبة بالشفافية والمساءلة- سواء في المحاكم أو على المستوى الرسمي عموما – من أجل إحداث التغيير، وليس الاكتفاء بعلاج حالات فردية لأشخاص تعرضوا للضرر.


وهناك عدة أسباب، لهذا الواقع – أي قلة عدد من يطالبون بالتغيير الشامل، أحدها أن الانتقاد العلني، والدعوات للتغيير من شأنها أن تؤدي إلى ردود افعال من جانب الحكومة، على شكل مضايقات وتهديدات بالاعتقال والمعاملة السيئة.




تمييز وظلم بالجملة
آفاق: صف لنا أوضاع الفئات التالية في المملكة العربية السعودية: المرأة – المطالبين بالإصلاح – الطائفة الشيعية – الإسماعيليين – الأحمديين – الأجانب – المسيحيين – السجناء.




جميع هذه الفئات تعاني إما من التمييز (في حالة النساء، الاقليات الدينية) أو من أوضاع التهميش الاجتماعي والمالي والقانوني (الإصلاحيون، الأجانب، المعتقلون).


إن التمييز ضد النساء والأقليات الدينية، كان على الدوام ممارسة منهجية على مستوى المؤسسات، لكنه شهد خلال الفترة الماضية بعض التغيير.


فقد أصبحت النساء أكثر ظهورا في الحياة العامة، حيث يتواجدن اليوم في الكليات والجامعات، كما يمارسن الأعمال التجارية أو يمتلكن المؤسسات، ولكنهن لا زلن يواجهن الجدران الفولاذية، من الفصل الصارم بين الجنسين، ووصاية الذكور.


الأقليات الدينية أيضا، أصبح لديها هامش أكبر لممارسة عباداتها، وبناء المساجد، لكن أبنائها لايزالون يواجهون الكراهية الدينية المدعومة رسميا، والتمييز في التعليم والتوظيف.




هيئة الامر بالمعروف
آفاق: ما رأيكم في:


1- نظام الإقامة – 2- نظام القضاء - جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - في السعودية؟




إن قوانين الاقامة والقضاء تعاني من مشكلة مشتركة في السعودية، وهي غياب حكم القانون. فإما أن المسؤولين في الدولة لا يعلمون أو أنهم لا يحترمون تطبيق القانون.


وعلى سبيل المثال فإن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تقول إن قانون الكفيل تم إلغاؤه، ومع ذلك فإن بعض أحكامه لا تزال مطبقة.


أيضا القانون الجديد للسلطة القضائية والذي نشر في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول، ونص على تشكيل محاكم جديدة، بما فيها المحاكم المختصة. ولكن المحاكم الجديدة لوحدها لم تجلب عدالة أكبر إلى قاعات المحاكم في السعودية أو تجعل من أجهزة تنفيذ القانون قيد المساءلة.


وعلى سبيل المثال، فإن الشرطة الدينية (هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر) تنتهك حقوق الإنسان، عبر ممارساتها كل يوم. حتى أنه عندما ضرب عناصرها شخصين حتى الموت، فإنه لم تتم محاسبة مرتكبي هذه الجريمة من قبل المحاكم أو الشرطة.




قناعات سعودية متباينة
آفاق: ماهي الصعوبات والعقبات التي واجهتكم أثناء زيارتكم للسعودية؟ وبرأيك ما الذي يدفع السعودية للموافقة على زيارتكم إذا كانت لا تريد السماح لكم بأداء عملكم بحرية؟




في أوساط الحكومة السعودية توجد قناعات متباينة، بشأن الفوائد من السماح لمنظمة هيومن رايتس ووتش والمنظمات الأخرى المشابهة، بزيارة السعودية والقيام بعملها.


إن حقيقة وجود جماعتين محليتين لحقوق الأنسان، يدل على أن موضوع حقوق الإنسان، أصبح من غير الممكن تجنبه. فالسعودية الآن هي عضو منتخب في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وشغل هذا المنصب يفرض الالتزام بأعلى المعايير في قواعد وممارسات حقوق الإنسان.


من جانبنا في منظمة هيومن رايتس ووتش قلنا لمحاورينا السسعوديين إن بلادهم هي واحدة من بضعة دول تعد على أصابع اليد في عالم اليوم (إلى جانب كوريا الشمالية وبورما وإيران وسوريا)، التي ترفض السماح لنا بحرية الزيارة، وأن من المهم بالنسبة للسعودية التي لا ترغب أن تصنف ضمن خانة هذه الدول، أن تسمح بالتدقيق في ممارساتها وسياساتها، كما تفعل أي دولة طبيعية أخرى، حتى تلك التي تتعرض للمساءلة بشأن سجلها في مجال حقوق الانسان.


قضية هادي آل مطيف
آفاق: حدثنا عن قضية السجين الإسماعيلي هادي النجراني الذي يقبع في السجن منذ 15 عاما بتهمة سب الرسول محمد .... وما الجديد فيها وما الذي ينتظره بعد كل هذه السنين في السجن؟




إن قضية هادي آل مطيف حقيقة هي قضية تراجيدية. فكلمتين زعم أنه قالهما عندما كان شابا يافعا، في أكايمية الشرطة، كلفته 15 سنة من حياته في السجن، حيث حكم عليه بالأعدام بتهمة التجديف.


وكانت هناك آمال كبيرة في أن الملك عبد الله سوف يعفو عن هادي في أكتوبر من العام الماضي، لكن لأنه محكوم في التعدي على الله (إقامة الحد) فإنه ليست لديه سلطة البت في الأمر.


لقد ناقشت قضية هادي مع رئيس القضاء السعودي الشيخ صالح اللحيدان، وقلت له إنه توجد وجهة نظر في المذهب الحنبلي المطبق في القضاء السعودي تقول إن سب النبي محمد يستوجب عقوبة القصاص، ولكنه لا يعد تعديا على الله، لكن القاضي لم يجبني.


إن هادي لم تتم محاكمته وفق المعايير الدولية أو حتى بمعايير الشريعة الإسلامية نفسها. فقد أجبر على الاعتراف، ولم تتوفر لديه مساعدة قانونية، وإنما تسليمه بيانا مقتضبا بالحكم الصادر ضده.


وعلاوة ذلك لم يمنح مهلة الثلاثة أيام المقررة للتوبة عن الكلمات التي قالها.


لقد كانت هناك جهود لإجراء محاكمة جديدة له بسبب الاخطاء التي ارتكبت في محاكمته الأصلية. لكن البطء في إجراءات الحكومة يظهر أنها ليست مهتمة بتصحيح أخطائها، والإفراج عن شاب بريء، أمضى15 عاما في السجن.


وتضاف هذه الـ15 عاما إلى المتاعب النفسية التي يمر بها، وقد حاول الانتحار عدة مرات خلال العام الماضي.




الولايات المتحدة والإصلاح في المنطقة
آفاق: السياسية الخارجية الأميركية وسقوط ملف الإصلاح في الشرق الأوسط من الأجندة الأميركية ... ما أثر ذلك على الإصلاحيين في الشرق الأوسط بصورة عامة وفي السعودية بصورة خاصة وكيف ترى مستقبل حقوق الإنسان في المنطقة؟




إن الجهود الأمريكية لتحقيق الديمقراطية في الشرق الأوسط، تركز كثيرا على قضية الانتخابات.


ومن أجل تطوير حقوق الإنسان، يجب أن تكون هناك قوانين وأنظمة ومؤسسات تحمي حقوق الفئات الأضعف في المجتمع، بغض النظر عما إذا كان الموجودون في السلطة منتخبون أم لا.


إن الولايات المتحدة لا تزال تحاول ترويج بعض الإصلاح، على سبيل المثال إتاحة المجال للمنظمات غير الحكومية للنشاط والعمل. ففي السعودية، لا يمكن لأي منظمة غير حكومية مزاولة العمل ما لم تملك ترخيصا من الحكومة.


وعلى الرغم من أن الارتباط بالسياسية الخارحية للولايات المتحدة، وبصورة أكبر بمصادر التمويل والأشخاص، يمكن أن يشكل "قبلة الموت" بالنسبة لمصداقية الإصلاحيين المحليين، مع ذلك رأينا على امتداد السنوات الماضية أنه عندما تتدخل الولايات المتحدة للضغط من أجل الإصلاحات في المنطقة ، فإن الأنظمة في هذه الدول تسمح بدرجة أكبر من الحريات.


أما في الوقت الحاضر فإن الأبواب موصدة أمام حرية التعبير، وحرية التجمع في العديد من بلدان الشرق الأوسط؟


آفاق: كيف ترتب الدول التالية في جدول الدول الأكثر انتهاكا لحقوق الإنسان. السعودية – مصر – البحرين – الأردن – سوريا.


إن منظمة هيومن رايتس ووتش لا تصنف الدول حسب انتهاكها لحقوق الإنسان. فكل انتهاك قد يعني الكثير. وحقوق الانسان بطبيعتها تشتمل على طيف واسع ومتنوع من الحقوق، بدءا من الزواج وحتى التعبير إلى التعذيب، وكل حق من هذه تصعب مقارنته بغيره من حقوق الإنسان.


فإذا صنفنا الدول، فإن السيئ منها في مجال انتهاك الحقوق، والتي لا تسجل نقاطا أكثر من جيرانها، سوف تشعر على الفور بأنها ليست بحاجة إلى القيام بإصلاحات عاجلة.

اجمالي القراءات 4566
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق