الرياضيات هل كنت تكرهها؟ هذه الخريطة ستربط لك علومها ببساطة

اضيف الخبر في يوم الخميس ١٦ - فبراير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


الرياضيات هل كنت تكرهها؟ هذه الخريطة ستربط لك علومها ببساطة

منذ 2 ساعتين، 16 فبراير,2017

الاستثناء الوحيد سيكون أنك كنت من محترفي علم الرياضيات خلال الدراسة الثانوية، لكن فيما عدا ذلك، فغالبًا لا تتذكر سوى أشياء غامضة عن علم الرياضيات تسمى الهندسة، والجبر، والنهايات، والتفاضل، بالإضافة إلى متساوي الساقين، وذات الحدين، ويا لها من أسماء.

الحقيقة أن هذه النظرة إلى علم الرياضيات هي شيء مؤسف بالنسبة لعشاقها، وربما يعود السبب الرئيسي إلى نظم التعليم نفسها، لأن الرياضيات هي واحدة من أروع اللغات التي ابتكرتها الإنسانية في التاريخ كله، نعم لغة في ذاتها يمكنها أن تعبر عما يدور حولك في صورة أرقام ومعادلات لا غير.

لكن بدون خبرة على المستوى الجامعي، فأنت غالبًا ما ستكون قضيت أوقاتًا سيئة للغاية في محاولة لمعرفة كيف تسير الأمور، مثل نظرية الشواش (أو نظرية الفوضى)، والهندسة الكسيرية ورابطها فيما يتعلق بتعلم الآلة، وكل تلك الأرقام الأولية التي نظل نحافظ عليها. ما هي النهايات وما فائدتها في الواقع؟ ولماذا نتعامل مع الهندسة الفراغية، ولماذا كل هذه المعادلات المعقدة في الجبر؟ وما فائدة اللوغاريتمات؟

دومينيك واليمان.. خريطة لا تُصدق

إذًا، لماذا لا ندخل إلى عالم «اليوتيوبر» دومينيك واليمان، الذي نشر في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2016 خريطة لا تصدق عن الفيزياء (ربما نعود ونفرد لها تقريرًا خاصًا)، لكنه عاد الآن لمساعدتنا في العثور على -أو استعادة- شغفنا بالأشياء من خلال الأرقام.

ويقول واليمان إن الرياضيات التي نتعلمها في المدرسة لا تقدم لنا صورة عادلة لعلم الرياضيات كما ينبغي، فنحن فقط نحصل على لمحة من زاوية واحدة من ذلك العلم الواسع، لكن الرياضيات ككل هي موضوع كبير ومتنوع ورائع إلى أقصى حد.

سنقوم الآن بالإبحار في هذه الخريطة المعقدة لعلم الرياضيات، وأفضل مكان للبدء هو الوسط، حيث تصور الدائرة البنية البرتقالية أصول اهتمام الإنسان بالرياضيات، وكيفية نشأة هذا العلم من البداية. وسنلاحظ بعد ذلك وجود قسمين رئيسيين يمثلان اثنين من الميادين الرئيسية في الرياضيات في يومنا هذا، الرياضيات البحتة (تقدير وإدراك لغة الأرقام نفسها)، والرياضيات التطبيقية (كيف أن هذه اللغة يمكن أن تستخدم في حل مشاكل العالم الحقيقي).

يمكنك أن تنظر إلى هذه الصورة بشكل أكثر تفصيلًا، وتقريبها من خلال هذا الرابط. كما سيمكنك طباعتها، لتكون في متناول يديك بينما نبحر فيها قليلًا.

وحتى نقدر تمامًا خريطة واليمان في الرياضيات، فيجب عليك بالتأكيد مشاهدة الفيديو أدناه للحصول على جولة رائعة، والتي سنستعرض بعضها خلال السطور القادمة، لكنك ستستمتع أكثر بعد مشاهدة الفيديو بالكامل.

تطور الرياضيات (الدائرة الوسطى)

أصل الرياضيات يأتي من الحساب. في الواقع، فإن الحساب أو العد ليست سمة بشرية فقط، فبعض الحيوانات الأخرى تملك القدرة على الحساب أيضًا.

وتعود عمليات الحساب عند البشر إلى عصور ما قبل التاريخ، وهي التي تظهر خلال القيام بعملية العد عبر وضع إشارات على عظام الحيوانات تدل على العدد منذ أكثر من 50 ألف سنة ماضية. وعلى مر الزمن، اخترع الإنسان العديد من الاختراعات في علم الحساب، مثل المصريين القدماء الذين اخترعوا أول معادلة رياضية عام 3000 قبل الميلاد.

وخطا الإغريق خطوات مميزة لاحقة في مجالات متعددة مثل الهندسة وعلم الأعداد، خصوصًا بين عامي 600 – 300 قبل الميلاد، واكتشفت الأعداد السالبة في الصين عام 200 قبل الميلاد، كما استخدم الصفر كرقم لأول مرة في الهند عام 628 ميلادية.

وخلال العصر الذهبي للدولة الإسلامية، خطا علماء الرياضيات الفرس خطوات أخرى، وكتب في هذا العصر أول كتاب في علم الجبر، ثم تطورت الرياضيات بشدة في عصر النهضة الأوروبية (بدءًا من القرن الثامن عشر) بجانب التطور المذهل في الكثير من العلوم.

هناك الكثير من التفاصيل عن تاريخ الرياضيات التي يمكن التوسع بها، لكن دعونا الآن ننتقل إلى علم الرياضيات كما هو موجود في عصرنا الحديث. ينقسم علم الرياضيات حاليًا -كما ذكرنا سابقًا- بشكل واسع إلى قسمين أساسين: الرياضيات البحتة التي تدرس الرياضيات والعلاقات بين الأعداد في ذاتها، والرياضيات التطبيقية، والتي تتعلق بتطوير العلوم البحتة للمساعدة في حل مشاكل العالم.

لكن هذا لا يمنع من وجود الكثير من التداخلات بين هذين القسمين، وفي الواقع فإنه على مر التاريخ، شهدنا عدة حالات عندما انطلق علماء في الرياضيات بشكل مطلق عام، يحركهم فضولهم للمعرفة، وحس ما، ليقوموا باختراع فرع كامل جديد من علم الرياضيات التي تبدو رائعة ومشوقة، لكنها لا تقدم أي شيء مفيد على أرض الواقع.

لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فبعد مرور مائة عام -على سبيل المثال- سيقوم شخص ما بالعمل على حل مشكلة تتعلق بالفيزياء أو الحاسوب أو غيرها من المجالات التطبيقية، ليكتشف أن هذه النظرية القديمة في الرياضيات البحتة هي بالتحديد ما يحتاج إليه لحل هذه المشكلة الموجودة بين يديه.

الرياضيات البحتة

كل هذه الأسماء الغريبة في الرياضيات: الهندسة الفراغية، والتحليل المركب، والهندسة التفاضلية، قد لا تبدو لك أشياء مقبولة بشكل كبير بالنسبة لك، ولكن عليك أن تعلم قريبًا أنهم في الحقيقة مجرد وصف لأشكال الأشياء في عالمنا، وستعرف أيضًا أن الطريقة التي تتغير بها هذه الأشكال في الزمان والمكان يجري وصفها والتعبير عنها من خلال أشياء مثل حساب التفاضل والتكامل، ونظرية الفوضى.

عليك أن تعرف أيضًا أن الرياضيات البحتة (حتى لو لم نجد لها تطبيقًا في الواقع) هي جزء ثمين من العلم في ذاته، وهي من الأشياء المهمة التي ينبغي على العلماء الاستمرار في القيام بها، أولًا لأنها أمر ساحر في ذاته، وثانيًا لأنها يمكن أن تحمل جمالًا حقيقيًّا مميزًا وأناقة لا يمكن وصفها، والتي هي أقرب إلى الفن منه إلى العلم.

وتنقسم الرياضيات البحتة إلى عدة أقسام؛ دراسة الأعداد مثلًا تبدأ بالأعداد الطبيعية، وما يمكنك القيام به عبر العمليات الحسابية المختلفة، ثم توجد أنواع أخرى من الأعداد مثل الكسور، والأعداد الصحيحة (تضم الأرقام السالبة)، والأعداد الحقيقية (تضم الجذور المختلفة والأعداد التي لا يمكن إتمامها إلى النهاية مثل الرمز باي)، والأرقام المركبة، وغيرها الكثير.

هناك مجموعة من الأعداد التي تملك خواصًا مميزة، مثل الأعداد الأولية وباي والأسس. وهناك بعض العلاقات الطريفة بين أنواع الأعداد هذه، فنحن نعلم أنه يوجد عدد لا نهائي من الأعداد الصحيحة والأعداد الحقيقية، لكن لا نهائية الأعداد الحقيقية أكثر من لا نهائية الأعداد الصحيحة.

وعندما تبدأ في دراسة التركيبات سيؤدي بك الأمر إلى دراسة المعادلات، أخذ الأرقام ووضعها داخل معادلات في صورة متغيرات. ويحتوي فرع الجبر على القواعد التي تحكم التعامل مع هذه المعادلات. وستجد أيضًا المتجهات والمصفوفات وهي أرقام لكن في أبعاد متعددة، والقواعد التي تحكم العلاقات بينها تسمى الجبر الخطي.

يمكنك أن تجد الكثير والكثير من فروع الرياضيات البحتة خلال الفيديو السابق، مثل نظريات الأعداد والتوافقيات، ونظرية المجموعات، ونظرية الترتيب والأشكال في الفراغ، وحساب المثلثات، والتفاضل، والتكامل.

الرياضيات التطبيقية

والآن بعد أن خضت داخل الأشياء النظرية وفهمت العلاقات بينها، ننتقل إلى فروع الرياضيات التطبيقية، والتي تنطبق على تخصصات الفيزياء، والكيمياء، والأحياء، حيث تكون أنظمة الأعداد جزءًا لا يتجزأ من فهم الكيفية التي عليها الكون وكل التصرفات التي تحدث فيه.

بالتأكيد فإن هذه التخصصات: الهندسة، أو الاقتصاد، أو نظرية الألعاب، أو الاحتمالات، أو الترميز، أو علوم الكمبيوتر، كلها ببساطة لم تكن لتصبح موجودة لو لم يضع أجدادنا الأسس النظرية للرياضيات منذ قرون.

الرياضيات تنطبق حرفيًّا على كل شيء في الحياة والكون، وهو الهتاف والكلام الذي لطالما ذكره لك مدرسو الرياضيات في المرحلة الثانوية، لكنك كنت لا تعيره ربما الكثير من الاهتمام، أو تظنها مجرد أساطير. لكن رأيك هذا تغير كثيرًا عندما دخلت بالتأكيد إلى مرحلة الدراسة الجامعية.

الرياضيات التطبيقية تتضمن بداية الفيزياء، التي تستخدم كل شيء تقريبًا في الرياضيات البحتة بدرجات مختلفة لتفسير الظواهر الموجودة في الكون، وتستخدم الرياضيات في الكثير من العلوم الأخرى مثل الكيمياء (دراسة أنماط تركيب المركبات)، والأحياء (دراسة علم التطور).

كما تستخدم الرياضيات بقوة في الهندسة، فبناء الأشياء يحتاج إلى الكثير من الرياضيات، وهو الأمر المعتمد منذ عصور المصريين القدماء والبابليين في العراق، كما أن الأنظمة الكهربية المعقدة جدًّا مثل الطائرات وشبكات الكهرباء تستخدم طرقًا في الأنظمة الديناميكية يطلق عليها اسم  نظرية التحكم.

ويستخدم التحليل العددي بشكل شائع في الأماكن حيث تصبح الرياضيات معقدة جدًّا لدرجة عدم القدرة على الوصول لحل واضح. لذلك بدلًا من هذا التعقيد، يستخدم العلماء تقريبات بسيطة، ثم يقومون بجمعها معًا ليحصلوا على إجابة تقريبية صحيحة، وهو الأمر المستخدم بقوة في الحواسيب العملاقة.

الحديث والتطبيقات هنا لا تنقطع، لكن المؤكد أن حياتنا لم تكن لتسير قيد أنملة للأمام دون علم الرياضيات. فهي تغطي كل ما يمكن أن نعتبره أسرار الكون، حتى ما كان يعتقده البعض سابقًا من البديهيات التي لا تحتاج لبرهان عليها.

اجمالي القراءات 3072
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق