مترجم: إسرائيل تثبت أننا في عصر تحلية المياه

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٠٩ - أغسطس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


مترجم: إسرائيل تثبت أننا في عصر تحلية المياه

يقف العالم اليوم على أعتاب حرب عظيمة على المياه، إثر النقص الحاد الذي حدث في الموارد المائية الذي يضرب العديد من البلدان. فمن معضلة مصر مع سد النهضة الإثيوبي، إلى شح الموارد المائية في قطاع غزة، وصولًا إلى موجات الجفاف التي تضرب العديد من بقاع العالم، تسعى الدول المتضررة إلى إيجاد حلول عاجلة وجذرية لتلك المشكلة قبل وقوع الكارثة.

العديد من الدول قد وجدت حلولًا جذرية لتلك المشكلة، ومن بينها إسرائيل التي كانت قبل سنوات قليلة تعاني من أسوأ موجة جفاف وقعت منذ ما يقرب من 1000 عام. لكنها الآن باتت من بين الدول التي لديها فائض في الموارد المائية، والفضل في ذلك يرجع إلى ترشيد الاستهلاك بدرجة أقل، وإلى محطات تحلية مياه البحر المتوسط، التي قضت على الأزمة بشكلٍ كامل.

في هذا المقال، تصف الكاتبة روان جاكوبسون تجربة الدولة العبرية مع تحلية المياه، من خلال زيارتها إلى محطة سوريك الجديدة لتحلية المياه جنوب تل أبيب، التي تقول إن مساحتها أضعاف مساحة ملعب كرة القدم، وأن المياه تنفجر من أنبوب ضخم يخرج من باطن الأرض، الذي يجلب الماء من محطة استيعاب تقع على بعد ميل.

يضم خزان المياه الضخم كميةً هائلةً من المياه، التي يجري تمريرها على طبقات من الرمال لتنقيتها من الشوائب، ثم تضاف بعض المواد الكيماوية حتى تصبح صالحةً للشرب. وتعتبر محطة سوريك الجديدة الأكبر في العالم من نوعها.

يجري تنقية المياه المالحة عبر تمريرها على أغشية تحتوي على مسام مجهرية، وتُستبعد الجزيئات الملحية الكبيرة. إلا أن وجود الكائنات الحية الدقيقة يحجب المسام، وتكلف عملية إزالتها مبالغ كبيرة ومواد كيميائية معقدة. وهنا تدخل بار زائيف، عضو معهد زوكربيرغ لأبحاث المياه، والخبير في إزالة الشوائب الحيوية من الماء، فقام هو وفريقه بتطوير نظام خالٍ من الكيماويات يزيل تلك الكائنات مبكرًا. وقد سبب ذلك اكتفاءً ذاتيًّا لدى إسرائيل من الموارد المائية.

ولأن الدولة العبرية تتعلم من الدروس، فقد عملت على إنشاء معهد زوكربيرغ، حيث طور الباحثون فيه أساليب مبتكرة للري، ومعالجة المياه وتحليتها. ونُقلت تلك التقنيات إلى مناطق في أفريقيا.

يقول أوزنات جيلور، بروفيسور في معهد زوكربيرغ: «يكاد الجفاف يخنق الشرق الأوسط. وإسرائيل هي الدولة الوحيدة التي لا تعاني منه».

لكن بار زئيف يعتقد أن الحرب على المياه التي تلوح في الأفق في الشرق الأوسط يمكن تجنبها إذا ما تضافرت جهود دول المنطقة للتصدي للمشكلة. «أعتقد أنه يمكن للماء أن يكون نقطة تلاقٍ على مشاريع مشتركة. وأحد تلك المشاريع هو التحلية».

اليأس يسيطر على دول المنطقة

عام 2008، ضربت أزمة جفاف كبيرة إسرائيل، وانخفض منسوب مياه بحر الجليل، أكبر مصدر للمياه العذبة لدى إسرائيل، ففرضت الدولة قيودًا صارمة على استهلاك المياه، وبارت العديد من الأراضي الزراعية.

ولم يختلف الحال في سوريا كثيرًا. فعلى إثر توحش أزمة الجفاف، قام المزارعون بحفر آبار وصل عمق بعضها إلى 500 متر، ولكن دون جدوى. فلم يجد المزارعون بدًّا من العيش في عشوائيات تقع على ضواحي المحافظات الرئيسية بحثًا عن عمل.

تنقل الكاتبة عن مؤلفي ورقة بحثية تحت عنوان «التغير المناخي في الهلال الخصب وتأثيره على الجفاف الأخير في سوريا» قولهم إن هذا هو ما فجر الأوضاع في سوريا، حيث إن تلك العشوائيات كانت تنتشر فيها البطالة والجريمة، ولم يعرها نظام الأسد أي اهتمام. وهذا الحال ينطبق على عدة دول في الشرق الأوسط، منها إيران، والعراق، والأردن.

مياه تزيد عن الحاجة

لكن إسرائيل هي الاستثناء في هذه القاعدة، كما تقول جاكوبسون. فمنذ 2007، عملت السلطات على ترشيد استهلاك المياه في المنازل، وابتكرت نظمًا لإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الري، فأصبحت الدولة الأولى عالميًّا في هذا الصدد.

ومع ذلك، فقد كان لدى إسرائيل عجز يبلغ نصف مليار متر مكعب من المياه الصالحة للشرب سنويًّا، وهو ما جعلها تتجه نحو محطات تحلية المياه بدءًا من عام 2005. فقد أنشأت أربع محطات تحلية حتى الآن، وتعتزم إنشاء المزيد، غطت كامل العجز في مياه الشرب، ووفرت فائضًا منها.

بعد أن اكتفت إسرائيل من حاجتها من المياه، وأصبح لديها فائض، ظهر السؤال المهم، ماذا نفعل بما لدينا من فائض؟

تتسم عملية تحلية المياه بارتفاع التكلفة، لكن استطاعت إسرائيل إدخال تقنيات قللت من تكاليف تحلية المياه إلى الثلث. يمكن لمحطة سوريك الجديدة تحلية 1000 لتر من الماء بحوالي 58 سنتًا فقط.

وتشير الإحصاءات إلى أن حوالي 300 مليون شخص يشربون ماءً محلى، وأن العدد في ازدياد مطرد. وقد باتت إسرائيل الآن تنقل تلك التكنولوجيا إلى دول أخرى، فقد أنهت الشركة التي بنت محطة سوريك للتو بناء محطة مماثلة في جنوب كاليفورنيا، وتتولى الشركة العديد من المشاريع المشابهة حول العالم. حيث يبدو إذًا أنه عصر تحلية المياه، وتتعاون إسرائيل مع الأردن في بناء قناة البحر الأحمر-البحر الميت، وهو مشروع محطة تحلية ضخم مشترك، وستستفيد منه كل من إسرائيل، وفلسطين، والأردن. وهكذا فإن الأعداء السابقين سيشربون نفس الماء.

ومنذ أن كان الماء هو شريان الحياة، فلا بد من إيصاله إلى كافة البشر. وهذا ما يهدف مؤتمر «الماء لا يعرف حدودًا» المزمع إقامته في عام 2018، والذي سيجتمع فيه نخبة من العلماء من مصر، وتركيا، والأردن، وإسرائيل، وفلسطين لبحث الأمر.

اجمالي القراءات 1831
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق