الدجّالون الوافدون" خطر يهدد تماسك المجتمع الإماراتي

اضيف الخبر في يوم الأحد ١٠ - يونيو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ايلاف


الدجّالون الوافدون" خطر يهدد تماسك المجتمع الإماراتي

الأحد 10 يونيو

"الدجّالون الوافدون" خطر يهدد تماسك المجتمع الإماراتي واستقراره

أحمد قنديل

انتشرت في المجتمع الإماراتي في الآونة الأخيرة ظاهرة السحر والشعوذة، حيث يقوم دجّالون وافدون إلى الدولة عبر مساعدة أصدقائهم ومعارفهم بإيهام المرضى النفسيين أو أصحاب الأمراض المستعصية والمشاكل الاجتماعية وذوي الحاجة بأنهم قادرون على علاجهم من تلك الأمراض أو حل مشاكلهم النفسية والاجتماعية بشكل سريع وفعال مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 3000 درهم و15 ألف درهم للجلسة الواحدة مع الدجال.


أحمد قنديل من دبي: يضطر المرضى لسداد تكاليف الجلسة مع الدجال الوافد أملاً في الحصول على العلاج المطلوب أو حل القضايا الاجتماعية التي تشغل تفكيرهم.

 

والأمر الغريب أنه على الرغم من التطور العلمي وزيادة الوعي لدى المواطنين والمقيمين في دولة الإمارات فإن هذه الجرائم لا تزال متكررة ومتزايدة، حيث سجلت شرطة دبي 11 قضية ممارسة سحر وشعوذة خلال العام الماضي 2011، مقابل 10 قضايا في عام 2010. هذا إضافة إلى وقوع أربع قضايا سحر وشعوذة معلنة منذ بداية العام الجاري حتى أيار/مايو الماضي، ناهيك عن الكثير من الدجالين، الذين مازالوا بعيدين عن أعين الشرطة، نتيجة عدم قيام الضحايا بالإبلاغ عنهم.

فهناك عدد كبير من ضحايا جرائم السحر والشعوذة لا يلجؤون إلى الشرطة للإبلاغ عن هؤلاء السحرة والمشعوذين، حيث يمنعهم حياؤهم وخجلهم من إبلاغ الشرطة أو كشف سذاجتهم أمام المجتمع. هذا ويجد الدجالون ضالتهم عند أصحاب الأمراض المستعصية وذوي الحاجة، الذين يتعلقون بأي أمل سعيًا إلى الحصول على العلاج.

النساء أكثر الضحايا
من جهته أكد الاختصاصي النفسي الدكتور أحمد عبدالحميد لـ"إيلاف" أن بعض الأشخاص الذين يقعون ضحية النصب والاحتيال في قضايا السحر والشعوذة يكونون مدركين أنه لا فائدة من العلاج بالسحر والشعوذة، ورغم ذلك يلجؤون إلى هؤلاء المشعوذين، نتيجة يأسهم من وجود حل للمشاكل التي يعانونها، وكذلك نتيجة نصائح أصدقائهم بأن هذه المشاكل أو الأمراض التي يعانونها قد تكون بسبب أعمال السحر التي قد يدبّرها لهم أعداؤهم أو أناس لا يريدون لهم الخير. مضيفًا أن أكثرية ضحايا السحر والشعوذة في الإمارات هم من النساء الإماراتيات، وذلك لأنهن يؤمن بأن هناك "حسدًا وسحرًا" تدفعه الضغائن والغيرة بين النساء أكثر من الرجال.

وأشار عبدالحميد إلى أن الدجال عادة ما يوهم ضحاياه بقدرته على جلب الحظ، وزيادة الرزق، وعلاج الأمور المستعصية، وحل المشكلات العائلية، والتوفيق بين الأحباء، باستخدام وسائل سحر وشعوذة مختلفة. متسائلاً: إذا كان هذا الدجال يستطيع أن يفعل كل ذلك.. لماذا لا يقوم بخدمة نفسه أولاً، ويجلب الرزق لنفسه، ويترك أعمال الدجل والشعوذة، التي قد توقع به في أيدي الشرطة، وتودي به إلى السجن في أي وقت؟.

وأوضح عبدالحميد أن القضايا والخلافات الزوجية هي السبب الأول لذهاب النساء إلى الدجالين، خاصة إذا اقتربت تلك الخلافات من درجة الطلاق أو وصلت إليه بالفعل، أو في حال قيام الزوج بالزواج بامرأة أخرى، وهنا تبدأ الحرب النفسية من المرأة تجاه الرجل، حيث تسعى الزوجة إلى إعادة زوجها إليها بشتى الطرق المتاحة، بصرف النظر عن كون تلك الطرق مشروعة أو غير مشروعة، لافتًا إلى أنه عادة ما تظن النساء أن اللجوء إلى الدجالين هو الخيار الأمثل لأؤلئك النساء من أجل عودة أزواجهن إليهن أو لقيامهم بتطليق زوجاتهم الجدد، وذلك عبر استخدام السحر والمكيدة والأعمال الانتقامية.

هنا يقوم الدجال بخداع ضحاياه من خلال اللعب على الوتر النفسي لديهم، واستغلال حاجتهم لحل تلك المشاكل الاجتماعية التي تهدد استقرار ومستقبل أسر الضحايا. ومن ثم يقوم الضحايا بإغداق هؤلاء الدجالين بالأموال، متخيلين أنهم يستطيعون جلب منفعة، غير مدركين أن المشعوذ لو كان بيده تسخير الجن لاستغله لنفسه.

ولفت عبدالحميد إلى أن الضحية عندما تكتشف بعد مرور فترة طويلة من استنزافها ماديًا نتيجة تعاملها مع ذلك الدجال أن لا فائدة منه وأن كل نصائحه وتعويذاته لم تعود بالنفع، تلجأ إلى أحد الخيارات الآتية: إما أن تقوم بالبحث عن دجال آخر أكثر خبرة ومعرفة لإنهاء مشكلتها، أو أن تقوم بالإقتناع بأنه لا فائدة من أمور السحر والشعوذة، وأن كل هذا هراء، أو أن تقوم بإبلاغ الشرطة عما حدث معها، تمهيدًا لقيام الشرطة بالقبض على ذلك الدجال، ولكنه أكد أنه نادرًا ما تلجأ الضحايا إلى الحل الأخير خوفًا من انكشافهن أمام أزواجهن بالنسبة إلى النساء أو خجلاً من المجتمع وشعورهم بالسذاجة بالنسبة إلى الرجال.

وشدد عبدالحميد على ضرورة عدم الانسياق وراء الأفكار الخاطئة الشائعة عن قدرة بعض الناس الذين يوهمون ضحاياهم بأنهم رجال دين، وأصحاب "كرامات"، وأن لديهم القدرة على تسخير الجن لخدمتهم، مضيفًا أنه على كل من يعاني مشكلات نفسية أو اجتماعية أن يذهب إلى الطبيب النفسي، وأن على كل من يعاني مرضًا مزمنًا أو مستعصي العلاج أن يصبر على هذا المرض، عبر متابعة الأطباء المتخصصين بدلاً من السعي وراء دجالين، هدفهم الأول والأخير ممارسة النصب والاحتيال على زبائنهم، لجمع المال فقط، من دون وجود قدرة حقيقية لديهم لعلاج هؤلاء الزبائن أو حل مشكلاتهم.

وأكد على ضرورة تعاون جميع شرائح المجتمع مع الأجهزة الشرطية من أجل القضاء على ظاهرة السحر والشعوذة، ومساعدة رجال الأمن في القبض على هؤلاء المحتالين، الذين يستغلون المرضى وأصحاب المشاكل الاجتماعية والحاجة أسوأ استغلالن ويتسببون في انحطاط المجتمعات وفسادها.

حوادث السحر والشعوذة
تحوي ملفات شرطة دبي العديد من قضايا السحر والشعوذة التي حدثت خلال العامين الجاري والماضي، وكان آخرها منذ قرابة أسبوعين فقط خلال شهر أيار/مايو الماضي، حيث قبضت شرطة دبي على مشعوذ من جنسية دولة آسيوية، يتخذ من أحد البيوت الشعبية في منطقة ديرة في دبي مقرًا له لإدارة أعمال دجل وشعوذة ويمارس الاحتيال، حيث يوهم زبائنه بأنه قادر على علاج الأمراض المستعصية والتوفيق بين الأحباء وحل المشكلات الصعبة مقابل مبالغ مالية تصل إلى 5000 درهم في الحالة الواحدة.

وقد مارس هذا المشعوذ أعمال السحر والشعوذة لمدة ثلاث سنوات متتالية، استغل خلالها عددًا كبيراً من الأشخاص، خاصة النساء، وكان هذا الشخص يعمل على تغيير مكان سكنه وتغيير هواتفه باستمرار حتى لا يقع في أيدي الشرطة.

وقد تم القبض على الدجال عبر تكليف إحدى الشرطيات بأداء دور مريضة، والتواصل مع المتهم بطريقة حذرة، وتمكنت الشرطية من لقائه بالفعل، وادعت إصابتها بأمراض صعبة، إضافة إلى معاناتها مشكلات أسرية. ورحّب بها الدجال، وأكد لها قدرته على علاجها من المشكلات والأمراض كافة التي تعانيها، وطلب منها 5000 درهم مقابل خدماته، لأنه يستطيع علاجها تمامًا، وأنها لن تشكو مجددًا من أمراضها، وفور تسلم المشعوذ المبلغ الذي قدمته له الشرطية تم القبض عليه متلبسًا.

وفي شهر نيسان/أبريل الماضي ضبطت شرطة دبي مشعوذة تحمل جنسية دولة أفريقية، تنتحل صفة طبيبة علاج بالأعشاب، وتطلب رسومًا مرتفعة مقابل خدماتها، وتدعي قدرتها على علاج الأمراض المستعصية والمشكلات الزوجية والتوفيق بين الأحباء، وتمارس نشاطها في الخفاء داخل الدولة منذ 28 عامًا، وسبق أن حكم عليها بالسجن والإبعاد.

وكانت مواطنة قد تعرّفت إلى هذه المرأة، التي تدّعي قدرتها على العلاج بالسحر والأعشاب، ولجأت إليها حين عانت الصداع المؤلم والمتكرر، وزارتها في منزلها. وطلبت منها المشعوذة 3000 درهم مقابل وصفة عشبية تتناولها خلال ثلاثة أيام، ودفعت المجني عليها المبلغ فورًا على أمل الشفاء من الصداع، لكن مرت الأيام الثلاثة من دون فائدة تذكر ولم تتغير حالتها. ما دفعها إلى اللجوء إلى المشعوذة مرة أخرى، فأبلغتها بأنها تحتاج علاجًا أقوى مقابل 5000 درهم، كان عبارة عن وصفة عشبية مختلفة، وزجاجة ماء قرأت عليها بعض الطلاسم، وأكدت لها أن هذه الوصفة كفيلة بالقضاء على الصداع مهما كانت أسبابه أو قوته.

المجني عليها لم تتحسن بالطبع، ولجأت إليها مرة ثالثة، فطلبت منها هذه المرة مبلغًا كبيرًا، وهو 14 ألف درهم، مؤكدة أنها الوصفة الأخيرة التي لن تحتاج شيئًا بعدها، ما دفع المرأة إلى اللجوء إلى الشرطة، والإبلاغ عن المشعوذة، بعدما شعرت بأنها تعرّضت لعملية احتيال متكررة.

وعن أبرز قضايا الشعوذة التي حدثت في العام الماضي 2011 تلك التي وقعت في شباط/فبراير من العام نفسه، وهي القبض على دجال أفريقي كان يمارس أعمال الاحتيال بالسحر والشعوذة، بعدما حاول الاحتيال على مواطن، من خلال إيهامه بأن لديه قدرات مختلفة، من بينها القدرة على التواصل مع الجن وعلاج الأمراض المستعصية وحل المشكلات الأسرية على اختلاف أشكالها وأنواعها مقابل مبالغ مالية.

أما أبرز قضايا عام 2010 فكانت تلك التي تم الكشف عنها في شهر آب/أغسطس حينما ألقت إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، القبض على طبيب نفسي من جنسية دولة خليجية في العقد السادس من عمره، كان قد حوّل عيادته إلى وكر لممارسة الدجل والشعوذة، وتمكن من إيهام عدد كبير من النساء بقدرته على حل مشكلاتهن الزوجية مقابل مبالغ مالية ضخمة.

اجمالي القراءات 3646
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق