كاتب إماراتي: «التعبير عن الرأي صفة سيئة! وهكذا يجب أن تتعامل الإمارات مع المعارضين»

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٠٥ - نوفمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


كاتب إماراتي: «التعبير عن الرأي صفة سيئة! وهكذا يجب أن تتعامل الإمارات مع المعارضين»

يذكر كاتب المقال المواطن الإماراتي جاسم الزعابي أن حرية التعبير بلا قيود، كما هو الحال في الولايات المتحدة، إحدى أوجه الحضارة الغربية التي تزعجه باستمرار.

مقالات متعلقة :

نشر موقع «واشنطن سكوير نيوز» مقالًا للطالب الإماراتي المبتعث بالولايات المتحدة، جاسم الزعابي، تناول فيه الفارق بين حرية التعبير في المجتمعين الإماراتي والأمريكي، ورأيه الشخصي فيما ينبغي أن تسير عليه الأمور.

تشجع الإمارات الطلاب – أمثال جاسم – على الدراسة بالخارج، ليس لاكتساب المعرفة غير المتاحة في البلاد فحسب، وإنما أيضًا لجمع الخبرات غير المتوافرة في الداخل. يُشجع الطالب المبتعث إلى الخارج على المشاركة في الثقافة الأجنبية وعلى الاندماج في المجتمع الجديد، لكنَّ حرية التعبير بلا قيود، كما هو الحال في الولايات المتحدة، إحدى أوجه الحضارة الغربية التي تزعج جاسم باستمرار، وعلى الرغم من أنَّ ذلك قد يبدو غريبًا، فإن جاسم يرى أنَّ هذه الركيزة من ركائز المجتمع الغربي متنافرة مع المجتمع الإماراتي، بل ضارة به، وأنها ليست شيئًا جيدًا بشكل متجرد.

مجتمع لا يتسامح مع حرية التعبير

كون المرء مفكرًا ليبراليًا، منتقدًا أو تعبيريًا يتعارض مع نموذج الدولة

ويرى جاسم أنَّ حرية الحديث والانتقاد تسمح للإماراتيين الذين يدرسون بالخارج في الولايات المتحدة بأن يصبحوا مفكرين راديكاليين ومنشقين صرحاء ضد قضايا ومنظمات يرونها ظالمة. ومع أنَّ القدرة على التعبير الصريح عن الرفض أمر عادي تمامًا في الولايات المتحدة، وبحسب جاسم فإنَّ المجتمع الإماراتي ليس من بين المجتمعات التي تتسامح مع هذا الأمر. ولو نحت الحجج الأخلاقية جانبًا عن قيمة وجود قاعدة ليبرالية محبة للاستطلاع في الخليج حاليًا، فإن جاسم يعتقد أنه من وجهة نظر القيادة الإماراتية، الاستمرار في تقييد الوصول إلى الفكر الليبرالي للحفاظ على حالة الازدهار التي تنتج النموذج الحالي للمواطن الصالح.

 

 

ويذكر جاسم أنَّ التعبير عن الرأي صفة سيئة بالأساس بالنسبة للمواطن، لكنها مع ذلك صفة سيئة بالنسبة للمواطن الخليجي على وجه الخصوص، ذلك أنَّ كون المرء مفكرًا ليبراليًا، منتقدًا أو تعبيريًا يتعارض مع نموذج الدولة. ويسرد جاسم ما تعلمه في الفصول الدراسية التي درسها في جامعة نيويورك، من مواد علمية لنقد الأعمال الفنية، والخيالية والنظرية السياسية، هو ما استخدمه وطبقه خارج الفصل لتحليل الأعمال الحقيقية. وبحسب جاسم فإنَّ غرض النقد، حتى النقد الموجه، تقوية حالة المجتمع وتحسينه؛ إذ ليس ثمة مؤسسة أو دولة مثالية. ومع ذلك، فثمة توتر أصيل كامن في تقديم هذا المفهوم إلى مجتمع مثل المجتمع الإماراتي، ذلك أنَّ النقد، الذي ينظر إليه بصفته أداةً خطيرةً، يمنع الدولة من العمل بكامل كفاءتها.

سيطرة الدولة

جاسم ومواطنو الإمارات العربية المتحدة يسلمون حرية التعبير إلى الدولة مقابل الأمن الإقليمي، وبحسب جاسم فهو ثمن يراه جميع المواطنين – عن حق – مستحق الدفع.

ويُكمل جاسم أن تسليط بعض الضوء على الغرابة الشديدة لحرية التعبير بالنسبة المواطن الإماراتي من المهم لفهم كيف يبدو المجتمع في الإمارات. فعلى الرغم من تحقيق الإمارات قفزات هائلة في مجالات التجارة والتكنولوجيا والأعمال، فإنها ما تزال راكدة فيما يخص توسيع الحقوق الفردية مثل حرية التعبير. ويذكر جاسم في فترة وجوده داخل الإمارات كان يحصل على الأخبار من صحيفة واحدة مملوكة للدولة تدعى «الإمارات اليوم» ثمة صحف أخرى مثل «The National» و«Gulf News»، لكنها متأثرة بشدة، هي الأخرى، بمؤسسات الدولة. يؤدي هذا إلى تجانس الرأي العام، إذ يجري تقييد عدد كبير من مصادر الأخبار. بعض المنافذ الإخبارية المستقلة مثل «ميدل إيست آي»، محظورة بالفعل داخل الإمارات، كما أنَّ الإنترنت يخضع للرقابة.

 

 

ويؤكد جاسم أن هذا لا يعني أنَّ الإمارات دولة وحشية يسحق فيها الأفراد لأدنى تعبير، لكنَّها تتطلب مستوى معينًا من التحكم من أجل أمن الدولة. ومن المهم ملاحظة أن نموذج الدولة مستند إلى نظام يحدد السردية العامة من أجل تحسين المجتمع داخل البلاد؛ إذ يتطلب الأداء المناسب لمثل هذا المجتمع أن تحافظ الدولة على سيطرة نسبية على الرأي العام. حيث أن جاسم ومواطني الإمارات العربية المتحدة يسلمون حرية التعبير إلى الدولة مقابل الأمن الإقليمي، وبحسب جاسم فهو ثمن يراه جميع المواطنين – عن حق – مستحق الدفع. وإنَّ نتيجة الانغماس في مجتمعات لا تشارك هذه القيم، إما أشخاصًا منشقين ضارين بالدولة، أو منعزلين لا يشاركون في هذه الثقافة. ويضرب جاسم بجمال خاشقجي مثلًا، وبحسب وصفه هو منشق سعودي، وقع للأسف ضحية حادث كلفه حياته بسبب موقفه، وكونه منتقدًا صريحًا لدولة خليجية. بطبيعة الحال ينبغي أن يظل خاشقجي ومنشقون آخرون في المنفى بسبب الحرية المحدودة المسموح بها للفكر الليبرالي في دول الخليج. ومن تجربة جاسم يسرد أن نتيجة جلب حرية التعبير إلى الداخل متعارضة مع غرض الدراسة بالخارج. ففي أحسن الأحوال يخلق هذا الأمر ارتباكًا داخل المواطن الإماراتي الذي يتكيف مع قيم غير قابلة للتطبيق في الوطن.

تقييد الحرية خير من الحرية!

على حكومة الإمارات إما فرض المزيد من القيود أو الانفتاح الكامل

ويعترف جاسم أن من الغريب اعتقاد دولة أكثر تقييدًا هي دولة أفضل، ولكن مع ذلك فأن يتعامل مع هذا الاعتقاد من حيثية ما هو أفضل للدولة، لا ما هو أفضل للمواطن. ويرى أنَّ بالإمكان التعامل مع مجتمعات، مثل الإمارات والولايات المتحدة بوصفهما ثنائيين – أبيض وأسود. ذلك أنَّ الطريقة التي تعمل بها الدولتان، والحريات التي يسمحان بها لمواطنيهما مختلفة للغاية، ومتعارضة في نهاية المطاف. لا يمكن المزاوجة الفعالة بين هذه المجتمعات كما هي، وبحسب جاسم فإن على حكومة الإمارات، إما فرض المزيد من القيود، أو الانفتاح الكامل.

ويؤكد جاسم وجهة نظره مرة أخرى من خلال رؤية تداعيات التوازن مع موت لخاشقجي. ويرى أن هذا الحادث نتيجة مباشرة لمحاولة الدولة الخليجية أن تسير على الخط الفاصل بين السماح للمواطنين بالمشاركة في مجتمعات حرة والمطالبة بالسيطرة المطلقة. ومن شأن السماح بتهجين القيم الغربية والقيم الخليجية لهذا أن يؤدي إلى صراعات وحوادث مماثلة لموت خاشقجي.

الأمن مقابل الحرية

إنَّ دولًا مثل الإمارات دون مسار سلمي ينبغي أن تستمر في العمل كما كانت، وهو ما يعني تضييق الحرية ويتطلب تعاون جميع المواطنين من أجل أمن وسلامة البلاد.

ويكمل جاسم أن من المهم رؤية قيمة هذه الإجراءات التقييدية في المنطقة لأنها توفر الأمن على حساب الحرية. ويستكمل ذاكرًا أن الإمارات كانت واحدة من البلدان القليلة التي أفلتت من الربيع العربي دون أذى تقريبًا، وقد كان هذا إلى حد كبير بفعل السردية العامة التي تسيطر عليها الدولة. كما يتمتع المواطنون الإماراتيون بمستوى عال من المعيشة نتيجة لنفط الإمارات ونموذجها الاقتصادي القاضي بعدم فرض الضرائب، الذي يعتقد جاسم أنه لم يكن ممكنًا إلا بغياب التمثيل ووجود رأي عام موحد. إنَّ الإحساس السائد بالاتحاد داخل الأمة يأتي من حجمها الصغير للغاية وثقافتها القبلية. في الحقيقة، فإنَّ اسم جاسم الأخير – الزعابي – هو اسم قبيلته التي يشاركها مع آلاف المواطنين الإماراتيين. ويذكر جاسم أنَّ انتقاد الحكومة يعني ذكر جميع مواطني الإمارات بالسوء، إذ ينظر إلى الانتقاد على أنه أمر خبيث، ويقع الضرر على أولئك الذين هم على الأرجح مقربون للغاية من الشخص. باختصار: إن الإماراتيين ممنوعون بطبيعتهم من انتقاد الدولة.

كتب خاشقجي، في مقاله الأخير – الذي نشر بعد موته – أنَّ حرية التعبير هي ما يحتاجه العالم العربي أكثر من غيره. وبالنظر إلى قيادة دولة الإمارات، يعارض جاسم بشدة هذا المفهوم؛ لأنه ببساطة سوف يكون ضارًا بالدولة، ولا يريد في الأساس سوى مصلحة الإمارات. لقد استفاد جاسم من قدرته على المشاركة في مثل هذا الحوار المفتوح بجامعة نيويورك، إذ أصبح مفكرًا تحليليًا أكثر وصار قادرًا على خلق انتقاد منطقي يتحدى المؤسسات القوية، لكنه لا يرى سبيلًا لمجتمع إماراتي مفتوح يتمتع فيه المنشقون والمنتقدون بالحرية ذاتها الموجودة في الولايات المتحدة دون إلحاق الضرر، وتحدي سلطة دولة الإمارات، إذ إنَّ نمط الحكم الأساسي يتطلب غياب تحدي السلطة. وبينما يعتبر نفسه مدافعًا عن حرية التعبير، فإنه يعتقد أيضًا أنَّ محاولة غرس هذه الحرية في الإمارات المتحدة سوف يؤدي إلى انزلاقها إلى حالة من الفوضى أو الحرب الأهلية خلال الفترة الانتقالية. إنَّ دولًا مثل الإمارات دون مسار سلمي ينبغي أن تستمر في العمل كما كانت، وهو ما يعني تضييق الحرية، ويتطلب تعاون جميع المواطنين من أجل أمن وسلامة البلاد.

اجمالي القراءات 2075
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق