الجمعية العمومية بمجلس الدولة توافق علي إخضاع الصحف والمؤسسات الخاصة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات

اضيف الخبر في يوم الخميس ٠٦ - ديسمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المصري اليوم


في مفاجأة مدوية، أصدرت الجمعية العمومية للفتوي والتشريع بمجلس الدولة أمس، فتوي قانونية، تلزم الصحف والمجلات والمؤسسات الصحفية الخاصة، بالخضوع للجهاز المركزي للمحاسبات، وهو الإجراء غير المسبوق والخطير في تاريخ الصحافة المصرية - علي حد وصف بعض رجال القضاء والقانون.



وعلمت «المصري اليوم» أن خلافاً حاداً في الرأي حدث داخل الجمعية العمومية أثناء مناقشة الموضوع، وانقسم المستشارون إلي رأيين، الأول: يري عدم خضوع الصحف والمؤسسات الخاصة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، والرأي الثاني: يري خضوعها، وحذر المستشارون من أصحاب الرأي الأول من مغبة هذا الإجراء لما يمثله من خطر حقيقي وعدوان وشيك علي حرية الصحافة واستقلال الصحف وحريات الصحفيين فيها، مؤكدين أن رقابة الجهاز المركزي علي الصحف الخاصة سيجعلها «تحت الحراسة» لاصطيادها والنيل منها،

وقالوا: «الملكية الخاصة كفلها الدستور، كما أن حرية الصحافة حماها وكفلها الدستور كأصل عام ليحول دون التدخل في شؤونها من خلال القيود التي ترهق رسالتها أو تعطل خدماتها في بناء المجتمع وتطويره»، وأضافوا أن الدستور بلغ من الحفاوة غير المسبوقة بالصحافة كسلطة شعبية مستقلة، إلي حد أن ردد في نصوصه كفالة حرية الصحافة وحظر الرقابة عليها أو إنذارها أو وقفها أو إلغائها إدارياً، واعتبر المستشارون أن رقابة الجهاز باب خلفي لمحاولة لمحاولة السيطرة والهيمنة علي الصحف والتأثير علي حرية الصحافة واختلاق ذرائع لاقتياد الصحفيين إلي النيابات والمحاكم بتقارير صادرة من الجهاز المركزي للمحاسبات، وتحميلهم مشقة إجراءات التحقيق، التي تعتبر في حد ذاتها عقوبة، لافتين إلي أن رقابة الجهاز المركزي ليس لها أساس من الدستور أو القانون،

ودللوا بأن الفتوي بالموافقة علي الرقابة علي الصحف الخاصة، تستند إلي نص في قانون تنظيم الصحافة نفسه رقم ٩٦ لسنة ١٩٩٦، «بخضوع جميع الصحف لرقابة الجهاز»، وأشاوا إلي أن ذلك القانون صدر قبل ١٢ سنة، ومع ذلك فإن الجهاز لم يتحرك إلا خلال هذه الأيام فقط، وأكدوا أن القائمين علي الجهاز المركزي علي قناعة كاملة بأنه ليس لهم صفة، كما أنه ليس من حقهم الرقابة علي الصحف الخاصة حتي إذا كانت هناك مخالفات مالية أو إدارية فإن المنوط بها الجمعية العمومية لتلك الشركات والمؤسسات الخاصة والمراقب المالي والأعضاء المنتدبون.

تقرير للعرض علي الجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع بمجلس الدولة بشأن مدي خضوع الصحف والمؤسسات الصحفية الخاصة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات

الإجراءات:

بتاريخ ٧/١١/٢٠٠٧، ورد إلي هذه الإدارة كتاب السيد الأستاذ المستشار، نائب رئيس مجلس الدولة، ورئيس المكتب الفني للجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع رقم ٦٥٩ المؤرخ ٧/١١/٢٠٠٧، مرفق به ملف الجمعية العمومية رقم ٥٨/١/١٧٤، والمتضمن كتاب السيد الأستاذ المستشار الدكتور، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، المؤرخ ٤/١١/٢٠٠٧، الموجه إلي السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة، بشأن طلب عرض الموضوع المشار إليه عاليه علي الجمعية العمومية، والذي تأشر عليه من سيادته في ٥/١١/٢٠٠٧، بالإحالة إلي السيد الأستاذ المستشار النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، ورئيس الجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع، والذي أشر بدوره علي الكتاب المذكور بإحالته إلي هذه الإدارة، لإعداد تقرير بشأنه توطئة لعرضه علي هيئة الجمعية العمومية الموقرة بجلسة ٢١/١١/٢٠٠٧.

وحاصل الواقعات - حسبما يبين من الأوراق - أنه بتاريخ ١٨/١٠/٢٠٠٧، أرسل الجهاز المركزي للمحاسبات (الإدارة المركزية للرقابة المالية علي المؤسسات الصحفية) إلي الصحف والمجلات الخاصة، وعددها ٣٥ صحيفة ومجلة، كتباً يطلب فيها موافاته بالميزانيات والحسابات الختامية عن آخر ثلاث سنوات مالية معتمدة، ومرفق بها جميع البيانات والإيضاحات المتممة، وكذلك الهيكل الإداري واللوائح المالية والإدارية.

وبتاريخ ٣٠/١٠/٢٠٠٧، رد رؤساء تحرير صحف: (الأسبوع، الخميس، الفجر، المصري اليوم) علي طلب الجهاز بعدم خضوع الصحف الخاصة لرقابته، استناداً إلي أن الجهاز يهدف إلي تحقيق الرقابة المالية علي أموال الدولة والأشخاص العامة الأخري، والشركات التي يساهم فيها شخص عام أو شركة من شركات القطاع العام أو بنك من بنوك القطاع العام، بما لا يقل عن ٢٥% من رأسمالها، وبالتالي فإن مناط الخضوع لرقابة الجهاز هو مساهمة المال العام بهذه النسبة، وهو أمر غير متحقق بالنسبة للصحف الخاصة،

فضلاً عن أن نص المادة «٤» من القانون رقم ٩٦ لسنة ١٩٩٦، بشأن تنظيم الصحافة قد حظر فرض الرقابة علي الصحف. في حين يري الجهاز خضوع الصحف الخاصة لرقابته، استناداً إلي نص المادة «٣٣» من القانون رقم ٩٦ لسنة ١٩٩٦ المشار إليه، الذي ألزم جميع الصحف والمؤسسات الصحفية، بأن توافي الجهاز بحساباتها الختامية خلال الأشهر الثلاثة التالية لانتهاء سنتها المالية، وأن تمكن الجهاز من مراجعتها. وإزاء هذا الخلاف في الرأي، طلب السيد الأستاذ المستشار الدكتور رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، من السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة، عرض الموضوع علي الجمعية العمومية.

الرأي القانوني:

يتنازع هذا الموضوع رأيان علي النحو التالي:

الرأي الأول:

يري عدم خضوع الصحف والمؤسسات الصحفية الخاصة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، ويسند هذا الرأي إلي الحجج الآتية:

- أولاً: أن الدستور قد كفل للصحافة حريتها، ولم يجز إنذارها أو وقفها أو إلغاءها بالطريق الإداري، بما يحول كأصل عام دون التدخل في شؤونها، أو إرهاقها بقيود ترد رسالتها علي أعقابها، وأن المادتين ٤٨ و٢٠٨ من الدستور، قد حظرتا فرض رقابة علي الصحف إلا في الأحوال الاستثنائية، وهي إعلان الطوارئ أو زمن الحرب، علي أن تكون الرقابة محددة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة، أو أغراض الأمن القومي. وقد تضمنت المادة ٤ من القانون رقم ٩٦ سنة ١٩٩٦ المشار إليه، ذات الحكم.

ولما كانت مراجعة الجهاز المركزي للمحاسبات مستندات المؤسسة الصحفية وحساباتها الختامية تشكل نوعاً من أنواع الرقابة عليها، وهو أمر غير جائز وفقاً لنصوص الدستور والقانون، فمن ثم تكون رقابة الجهاز علي الصحف محظورة، دون أن ينال من ذلك النص علي هذه الرقابة في المادة ٣٣ من القانون رقم ٩٦ لسنة ١٩٩٦ المشار إليه، ذلك أن المستقر عليه أن الدستور هو صاحب الصدارة في مدارج القواعد القانونية، إذ هو القانون الأسمي، وعلي ما دونه من التشريعات النزول عند أحكامه، فإذا ما تعارضت هذه وتلك وجب التزام أحكامه وإهدار ما سواها.

- ثانياً: أن مناط اختصاص الجهاز المركزي للمحاسبات، هو الرقابة علي الأموال المملوكة للدولة، وهو اختصاص يتعلق بالرقابة علي أموالها التي نص القانون علي اعتبارها كذلك، ومن بينها الشركات التي لا تعتبر من شركات القطاع العام، والتي يساهم فيها شخص عام بما لا يقل عن ٢٥% من رأسمالها، وكذلك أي جهة أخري تقوم الدولة بإعانتها أو تضمن لها حداً أدني من الربح أو ينص القانون علي اعتبار أموالها من الأموال المملوكة للدولة، والجهاز يباشر هذه الرقابة باعتباره القوام علي الرقابة المالية علي أموال الدولة. ولما كانت الصحف والمؤسسات الصحفية الخاصة مملوكة بالكامل لأشخاص اعتبارية خاصة، وليست مملوكة للدولة، ولا يساهم فيها أي شخص عام بأي نسبة من رأسمالها،

ولا تقوم الدولة بإعانتها ولا تضمن لها حداً أدني من الربح، بالإضافة إلي خلو القانون من نص يعتبر أموال الصحف والمؤسسات الصحفية الخاصة من الأموال المملوكة للدولة، وأن بعضها تسري عليه أحكام القانون رقم ١٥٩ لسنة ١٩٨١ بشأن شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسؤولية المحدودة، فمن ثم لا تخضع لرقابة الجهاز. كما لا ينال من ذلك نص المادة ٣٣ من القانون رقم ٩٦ لسنة ١٩٩٦ المشار إليه، الذي فرض هذه الرقابة، ذلك أن هذ النص يتعارض مع أحكام القانون رقم ١٤٤ لسنة ١٩٨٨ المشار إليه، الذي جعل الغرض من إنشاء الجهاز المركزي للمحاسبات هو الرقابة علي الأموال المملوكة للدولة دون سواها.

- ثالثاً: أن نص المادة ٣٣ من القانون رقم ٩٦ لسنة ١٩٩٦ المشار إليه، يوسع من رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات علي الصحف والمؤسسات الصحفية الخاصة، لتكون رقابة «للتحقق من سلامة ومشروعية إجراءاتها المالية والإدارية والقانونية»، الأمر الذي يتعارض مع نص المادة ٢ من القانون رقم ١٤٤ لسنة ١٩٨٨ بشأن الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي قصر رقابته علي الرقابة المالية والرقابة القانونية علي القرارات الصادرة في شأن المخالفات المالية، دون الرقابة الإدارية أو الرقابة القانونية المطلقة.

- رابعاً: أن المشرع يهدف من نص المادة ٣٣ من القانون رقم ٩٦ لسنة ١٩٩٦ المشار إليه، إلي إخضاع الصحف القومية لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات دون الصحف الخاصة، فقد أفرد لتلك الصحف باباً مستقلاً هو الباب الثالث، الذي جاء تحت عنوان «الصحف القومية» المتضمن لتفصيلات بالنسبة لرقابة الجهاز عليها، ومن ذلك نص المادة «٥٧» من هذا القانون علي أن «يتولي الجهاز المركزي للمحاسبات بصفة دورية مراجعة دفاتر ومستندات المؤسسة الصحفية القومية للتحقق من سلامة ومشروعية إجراءاتها المالية والإدارية والقانونية». ونص المادة «٦٣» من ذات القانون علي أن «تختص الجمعية العمومية للمؤسسة الصحفية القومية بما يلي: «... ٥- مناقشة تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات...»، ونص المادة «٧٠» من ذات القانون علي أنه «فضلاً عن الاختصاصات الأخري المنصوص عليها في هذا القانون يتولي المجلس الأعلي للصحافة الاختصاصات الآتية: ... ٦- المتابعة الفعالة للأداء الاقتصادي للمؤسسات الصحفية القومية من خلال دراسة ومناقشة تقارير الإدارة والجهاز المركزي للمحاسبات...»،

وكذلك الحال بالنسبة للائحة التنفيذية للقانون رقم ٩٦ لسنة ١٩٩٦ المشار إليه، حيث أفردت لتلك الصحف باباً مستقلاً هو الباب الثالث «المواد من ٣٢ إلي ٥٨» الذي جاء تحت عنوان «الصحف القومية» المتضمن لتفصيلات بالنسبة لرقابة الجهاز عليها، فقد نصت المادة «٣٦» من اللائحة علي أن «يحيل رئيس المجلس تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات مقرونة برد مجلس الإدارة المختص عليها وبرأي الجمعية العمومية في هذا الشأن، إلي لجنة الشؤون المالية والإدارية والاقتصادية، لتعد تقريراً عنها يعرض علي المجلس لاتخاذ ما يراه». كما تنص المادة «٤٣» من ذات اللائحة علي أن «يتولي رئاسة الجمعية العمومية في كل مؤسسة صحفية رئيس مجلس إدارتها، ويتولي أمانة السر أمين سر تنتخبه الجمعية العمومية في أول اجتماع لها من بين أعضائها.

ويحضر اجتماعات الجمعية: .... (جـ) مندوب من الجهاز المركزي للمحاسبات يندبه رئيس الجهاز... ولهؤلاء أن يشاركوا في مناقشة ما يعرض علي الجمعية من أمور، دون أن يكون لهم حق المشاركة في التصويت». وتنص المادة «٤٩» من ذات اللائحة علي أن «يعد رئيس مجلس الإدارة تقريراً سنوياً عن أنشطة المؤسسة وفروعها، ويرفق به تقرير مراقب الحسابات، وتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، ورد المؤسسة عليهما، وذلك للعرض علي مجلس الإدارة قبل عرضهما علي الجمعية العمومية، ثم إبلاغ المجلس الأعلي للصحافة بما يتقرر في ذلك».

ولما كان المشرع قد أورد كل هذه التفصيلات، بالنسبة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات علي الصحف القومية، وأوجب حضور مندوب من الجهاز المركزي للمحاسبات لاجتماعات الجمعية العمومية للصحيفة القومية، ولم ترد نصوص مماثلة بالنسبة للصحف الخاصة، الأمر الذي يستشف منه عدم خضوع الأخيرة لرقابته، وحتي بفرض وجود هذه الرقابة فإنها تقل في درجتها ومداها عن الرقابة علي الصحف القومية.

- خامساً: لقد تغاضي الجهاز المركزي للمحاسبات عن ممارسة رقابته علي الصحف والمؤسسات الصحفية الخاصة لمدة تزيد علي أحد عشر عاماً، منذ تاريخ العمل بأحكام القانون رقم ٩٦ لسنة ١٩٩٦ المشار إليه في ١/٧/١٩٩٦ حتي أواخر عام ٢٠٠٧، وذلك إما لقناعته بعدم خضوعها لرقابته أو لانشغاله بمهمته الأساسية المنشأ من أجلها، وهي الرقابة علي الأموال المملوكة للدولة. لذلك فإن عدم تطبيق نص المادة ٣٣ من هذا القانون، طوال هذه المدة، بفرض توافر شروط تطبيقه، يولد عرفاً بتعطيل حكمه.

أما الرأي الثاني:

فيري خضوع الصحف والمؤسسات الصحفية الخاصة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.

ويسند هذا الرأي إلي نص المادة ٣٣ من القانون رقم ٩٦ لسنة ١٩٩٦ المشار إليه، الذي أسند إلي الجهاز المركزي للمحاسبات مهمة مراجعة دفاتر مستندات جميع الصحف والمؤسسات الصحفية بصفة دورية للتحقق من سلامة ومشروعية إجراءاتها المالية والإدارية والقانونية، وألزمها بأن توافي الجهاز بحساباتها الختامية خلال الأشهر الثلاثة التالية لانتهاء سنتها المالية، وأن تمكن الجهاز من هذه المراجعة، ثم يقوم الجهاز المذكور بإعداد تقارير بنتيجة فحصه، وعليه أن يحيل المخالفات إلي النيابة العامة مع إخطار المجلس الأعلي للصحافة في جميع الأحوال. ولما كان هذا النص قد أكد خضوع «جميع» الصحف والمؤسسات الصحفية لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، فمن ثم يتعين إعمال مقتضاه والنزول علي حكمه.

دون أن ينال من ذلك القول بأن مناط اختصاص الجهاز المركزي للمحاسبات هو الرقابة علي الأموال المملوكة للدولة، ولما كانت الصحف والمؤسسات الصحفية الخاصة غير مملوكة للدولة، وبالتالي فإنها لا تخضع لرقابته، وهذا القول مردود عليه بأن المادة «٣» من القانون رقم ١٤٤ لسنة ١٩٨٨ المشار إليه، تنص علي أن «يباشر الجهاز اختصاصاته بالنسبة للجهات الآتية: ... ٦- الجهات التي تنص قوانينها علي خضوعها لرقابة الجهاز...»،

وبموجب هذا النص يختص الجهاز بالرقابة علي أي جهة ينص قانونها علي خضوعها لرقابته، حتي لو لم تكن أموالها مملوكة للدولة. ولما كان المشرع - لاعتبارات قدرها في القانون رقم ٩٦ لسنة ١٩٩٦ المشار إليه- وسع في نطاق رقابة الجهاز المذكور ولم يجعلها مقصورة علي الجهات المنصوص عليها في قانون الجهاز سالف البيان، إذ نص في المادة ٣٣ من ذلك القانون علي خضوع الصحف والمؤسسات الصحفية الخاصة لرقابة الجهاز، فيتعين إعمال النص، وذلك بغض النظر عن طبيعتها وكنه أموالها.

ولا ينال مما تقدم القول بأن المادتين ٤٨ و٢٠٨ من الدستور، قد حظرتا فرض رقابة علي الصحف إلا في الأحوال الاستثنائية، ذلك أن الرقابة المقصودة هنا هي الرقابة علي الرأي، التي تحد من حرية التعبير (في هذا معني حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوي رقم ١٧ سنة ١٤ قضائية دستورية، جلسة ١٤/١/١٩٩٤. أما الرقابة المالية عليها فقد أجازتها المادة «٢٠٩» من الدستور التي تنص علي أن «... تخضع الصحف في ملكيتها وتمويلها والأموال المملوكة لها لرقابة الشعب علي الوجه المبين بالدستور والقانون».

فقد أجاز هذا النص إخضاع الصحف في ملكيتها وتمويلها والأموال المملوكة لها لرقابة الشعب، ولما كان الشعب لا يمارس رقابته بواسطة كل فرد من أفراده، فقد أناب القانون الجهاز المركزي للمحاسبات عن الشعب في ممارسة هذه الرقابة.

فضلاً عن أن المادة ٥٢ من القانون رقم ٩٦ لسنة ١٩٩٦ المشار إليه، قد حددت عدة شروط في الشكل القانوني، الذي يجب أن يتوافر في الصحف التي تصدرها الأشخاص الاعتبارية الخاصة وملكية أسهمها، لذلك كان من المتعين تكليف جهة بمراقبة استمرار توافر هذه الاشتراطات، فتم النص علي اختصاص الجهاز بذلك.

كما لا ينال مما تقدم القول بأن عدم تطبيق نص المادة ٣٣ من القانون رقم ٩٦ لسنة ١٩٩٦ المشار إليه، علي الصحف والمؤسسات الصحفية الخاصة لمدة تزيد علي أحد عشر عاماً، رغم توافر مناط تطبيقه، ينشأ عرفاً بتعطيل حكم هذه المادة، ذلك أن المستقر عليه فقهاً وقضاءً أن العرف الإداري هو عبارة عن الأوضاع التي درجت الجهات الإدارية علي اتباعها في مزاولة نشاط معين ويترتب علي استمرار الإدارة والتزامها لهذه الأوضاع أن تصبح بمثابة القاعدة القانونية الواجبة الاتباع. ويشترط للعرف الإداري شرطان: أولهما: أن يكون العرف عاماً، وأن تطبقه الإدارة بصورة منتظمة.

وثانيهما: ألا يكون العرف مخالفاً لنص قائم لأن العرف يأتي في المرتبة الثانية بعد التشريع. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم ١١٦٣ لسنة ٣٨ قضائية عليا، جلسة ٧/١/١٩٩٥)، ولما كان النص المذكور يخضع الصحف والمؤسسات الصحفية لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، فمن ثم لا يجوز تكوين عرف يخالفه. وأن قعود الجهاز عن القيام بالمهمة التي كلفه بها القانون لا يمنعه من أن ينشط من جديد للقيام بها.

الأمر الذي يتعين معه علي جميع الصحف والمؤسسات الصحفية الخاصة أن توافي الجهاز بحساباتها الختامية خلال الأشهر الثلاثة التالية لانتهاء سنتها المالية، كما يكون عليها أن تمكن الجهاز من هذه المراجعة، وعلي الجهاز المذكور إعداد تقارير بنتيجة فحصه، وعليه أن يحيل المخالفات إلي النيابة العامة مع إخطار المجلس الأعلي للصحافة في جميع الأحوال.

وبعد، فهذان هما الرأيان اللذان يتنازعان الموضوع الماثل، والأمر معروض علي هيئة الجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع الموقرة، للتفضل بالنظر وتقرير ما تراه أقرب إلي صحيح حكم القانون.

** تعقيب اللجنة:

نتفق مع ما انتهي إليه الرأي الثاني الوارد بهذا التقرير من خضوع الصحف والمؤ
 

اجمالي القراءات 4048
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق