الإثنين ٠٣ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
شكرا على هذا السؤال الهام والذكى . ونوضح الآتى :
1ـ فى الآية الكريمة (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ)( يس 12 ) كلمة (وَآثَارَهُمْ ) معطوفة بالواو على :
(وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا )، والعطف هو ( عطف بيان ) أى عطف بالواو للتوضيح ،أى أن الآثار هى نفسها الأعمال التى قدموها فى حياتهم وليست بأى حال أعمال لناس آخرين مترتبة على أعمالهم ، ويؤكد هذا قوله جل وعلا فى الآية المحكمة والتى جاءت باسلوب القصر و الحصر(وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى) ( النجم 39 : 40 ). فكل إنسان سيرى سعيه هو وعمله هو والذى سيؤاخذ به وسيحاسب على اساسه ، والناس جميعا سيرون كل اعمالهم وكل سعيهم بالخير أو بالشر من حسنات أو سيئات قبل أن يصدر الله جل وعلا غفرانه لمن تاب منهم ويكون مصيره الجنة .( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) ( الزلزلة 6 : 8 ).
والسعى يعنى عمل الانسان أثناء حياته بنفسه من قول او فعل او اعتقاد . وهذا السعى هو الأثر المترتب على الانسان ، وهو الأثار الصادرة عن نفسه وجسده الفانى المادى . وهذا الجسد المادى الدنيوى يموت و يعود الى الأرض التى أتى منها وينتهى الى لا شىء بتدمير الأرض وكل العالم يوم القيامة ، ولا يبقى للنفس سوى الآثار المترتبة على جسده الفانى ، أى السعى و العمل ، وهو الذى يتم كتابته وتدوينه وحفظه لترتديه النفس ثوبا لها وجسدا آخر لها يوم الحساب ، وعلى أساسه يكون نعيمها أو عذابها .
والتفاصيل فى سلسلة مقالات ( لكل نفس بشرية جسدان ).
وهنا ننصح بمراجعة كلمة (سعى ) ومشتقاتها فى القرآن الكريم للتأكد من مدلولها على حركة الانسان الاختيارية حال حياته فى هذه الدنيا .
وبالتالى فمن بنى مسجدا يبتغى وجه الله جل وعلا سيكون له سعيه فى بناء المسجد حين سعى فى ذلك وهو حىّ . فإذا مات وتحول المسجد الى مسجد ضلال وضرار فلا مسئولية عليه ، ولو ظل مسجدا للحق والهدى فقد أخذ أجره كاملا على سعيه الدنيوى . ونفس الحال فيمن يسعى ويبنى مرقصا للدعارة والفسق ، يحمل وزر سعيه حين سعى ، أما إذا ظل المرقص يؤدى مهمته أو أقلع عنها ـ بعد موت صاحبه فقد انقطعت الصلة بالموت ، وتنتقل المسئولية للأحياء فى المسجد أو فى المرقص.
وعند الموت ينتهى سعى الانسان ويتم غلق وقفل كتاب أعماله لا يستطيع أن يزيد فيه أو ينقص منه ، بل يصرخ المجرم طالبا فرصة أخرى بلا فائدة،وتبشره الملائكة بالجنة أو بالنار لتخفف عنه هول المفاجأة فلا يخاف ولا يحزن إن كان من اهل الجنة ، ولتزيده حسرة و رعبا إن كان من أهل النار .
ثم يستيقظ عند البعث يظن أنه نام يوما او بعض يوم .
أما قوله جل وعلا عن علماء الضلال : (لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ) ( النحل 25 ) فالآية تقول بصيغة المضارع (يُضِلُّونَهُم )و لم تقل ( أضلوهم ) ، وهذا من إعجاز وآيات إختيار اللفظ فى القرآن الكريم ، وسبحان من أنزل هذا الكتاب هدى وبيانا معجزا .
لو قال بصيغة الماضى ( وأوزار الذين أضلوهم بغير علم ) لكان المعنى منصرفا الى من وقع فى الضلال بعد موت أولئك العلماء المضلين ، ومثلا لا يقال إن من قرأ كتاب البخارى ووقع فى الضلال بسببه يحمل البخارى وزره . وهذا لا يجوز لأن البخارى يتحمل سعيه الذى كان يقوم به ( فى المضارع ) حال حياته . أى من أضلهم البخارى فى حياته سيتحمل البخارى وزرا إضافيا بسبب ذلك . لأن هذا الاضلال يقع ضمن سعى البخارى فى حياته وقبل موته . ومن هنا جاء التعبير بالمضارع (يُضِلُّونَهُم)، أى يقومون باضلالهم حال حياتهم ، وليس بعد موتهم .
( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18) فاطر )..
لا يمكن لنفس وازرة أن أن تزر وزر أخرى.. ولا يمكن لها أن تدع نفس مثقلة بالذنوب ، وذلك لأنه لا يحمل منه شيئا .. لذلك ..
(لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) لا يمكن حمل عمل سيئ من نفس أخرى .. ولا اخذ عمل حسن من نفس اخرى ..
وذلك لقول الله سبحانه وتعالى لا يحمل منه شيئاُ حتى ولو كان هناك قرابة .. حتى لو فرض جدلاً ان هناك قرابة يوم القيامة .. وذلك لقول الله سبحانه وتعالى في موضع آخر ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) النازعات ).. ( ) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ (101) )( المؤمنون )..فلا يوجد قرابة ولا نسب يوم القيامة ..
القرآن الكريم يزيد المؤمن إيمان ويزيد الكافر كفراً (وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً (82) ) الأسراء .
فالقرآن يزيد الكافرين خسارا ..
.. هناك من يزيده كتاب البخاري إيمانا بإكتمال القرآن .. أي ان كتاب البخاري هذا الكتاب الشيطاني يزيدنا إيمانا! بإن القرآن الكريم لم يفرط في شيئ ..!! فهل سيأخذ البخاري أجراً على هذه الأثار اطيبة التي حدثت بعده ؟؟؟ بالطبع لا ..!!
كتاب البخاري هو آية على صدق القرآن الكريم يقول الله سبحانه وتعالى على أعداء النبي مثل البخاري وغيره (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (27) يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً (29) وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنْ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً (31) الفرقان ..
وكذلك فإن كتاب البخاري يزيد بعض الناس إضلالاً وضلالاً ..
(
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9) العنكبوت
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12) فاطر
أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الأَرْضِ فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21) غافر
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) غافر .
من خلال الأربع مواضع السابقة في سور العنكبوت وغافر وفاطر نستخلص أن الأثار هي جزء من العمل او هي توضيح للعمل ..
(لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ) ( النحل 25 )
هذه الآية الكريمة وما فيها من إعجاز تبين أن الإنسان يحاسب على الأعمال التي ساهم بها وكان عضوا مشاركا فيها سواء كانت خيرا أو شرا ، ومعنى (يضلونهم) فى الآية يبين ويوضح أن الفعل المضارع يجعل الإنسان ركنا
أساسيا فى العمل أي حال وجوده حيا يقوم بفعل الضلال ، وهذا المعنى زاد فهمى لموضوع الصدقة الجارية الذي يسيطر على عقول معظم المسلمين بحيث يحلم الجميع مهما كان ضالا فاسقا فاجرا بأنه سيخدع المولى عز وجل ويدخل الجنة بقليل من العمل أو بمجرد أن يقوم بعمل صدقة جارية أو يقوم بها من ينوب عنه بعد موته خرافات أرضية لا علاقة لها بالقرآن الذي يحتم علينا أن نجتهد ونجدد إيماننا ونكثر منأعمال الخير وأعمال الصالحات حتى ننجو من عذاب جهنم بعد كل هذا الجهاد فى سبيل الله فالأمر ليس سهلا كما يعقتد معظم المسلمين
ليس لأي إنسان إلا ما سعى ، والسعى هنا يتطلب وجود الإنسان على قيد الحياة ، ولا يمكن أن يسعى الإنسان بعد موته
ومن ناحية أخرى فإن الله جل وعلا بقدرته يعلم ويقدر ما يسعى الإنسان من خير ويعطيه الثواب عليه دفعة واحدة في حياته ويسجل هذا السعى وهذا الثواب في حياة الإنسان
ومن ناحية أخرى تخص خطورة ثقافة الصدقة الجارية على المجتمع ::: ان الصدقة الجارية هي منفذ ووسيلة سيئة لفساد المجتمع وانتشار الظلم الاجتماعى والسرقة وكل شيء مفسد فى الارض طالما ان هناك وصفة أو روشتة غاية فى السهولة أن يترك الإنسان أموالا للورثة يقيموا بها أي عمل يكون بمثابة مصنع للحسنات له بعد موته ظنا منهم أنه سيدخل الجنة طالما بقي هذا المصنع يعمل فى انتاج الحسنات فهذه كلها خيالات واعتقادات خاطئة في عقيدة معظم المسلمين ولا علاقة لها بقانون المولى عز وجل فى الثواب والعقاب ومحاسبة الناس على أعمالهم ، وكل هذا سببه الرئيسي البعد عن مفاهيم ومصطلحات ومفردات القرآن الكريم التي تشرع وتبين لكل شيء لأن المولى جل وعلا قد فصل كل شيء فى هذا القرآن الكريم
من مات وترك دينا عليه ، هل يسدده عنه أهله ، ومن يسدده منهم هل لهم ترتيب معين في السداد ، أي هناك أحقية لأحدهم في سداد الدين دون الآخر ؟ لو سمح وقت الدكتور لأني لا أريد الجزم بنفسي في هذه المسائل .
أعتقد (و الله أعلم) أن القنبلة الشيطانية التي فجرها البخاري مثلاً، و المتمثلة بالأحاديث الكاذبة المضلة ، و رحل ، سيحاسب على من أصابهم بها بعد موته ، حتى لو بعد آلاف السنين ، و أقولها بالعامية كما أقولها كلما رأيت ضحية من ضحايا البخاري ، الله يهديك و يجازي اللي كان السبب!! كما أعتقد (و الله أعلم) أن القنبلة القرآنية التي فجرها الدكتور منصور يوماً ما ، و المتمثلة بهذا الموقع الكريم ، سيؤجره الله تعالى على ما أصابنا و أصاب أبناءنا من خلالنا و ما سيصيب أي إنسان آخر من خير، من أي حقيقة قرآنية أو تدبر قرآني تعلمناه أو سنتعلمه من هذا الموقع المبارك ، حتى لو بعد آلاف السنين . و كل ذلك يحصيه الله جل و علا وحده ، ولا تدركه أي عدالة أرضية مهما كانت كاملة بالمفهوم البشري.
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5117 |
اجمالي القراءات | : | 56,871,502 |
تعليقات له | : | 5,451 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
ثلاثة أسئلة: السؤ ال الأول : ما رأيك كباحث تاريخ ى فى...
يتلونه حق تلاوته: رايت اعلي فديوه اتك صوره لك وانت تمسك...
سؤالان : السؤا ل الأول اسطو رة شيخ الجام ع أنا...
مواقف من الصلاة: تأثرت جدا بمقال ك عن الصلا ة بين المشق ة ...
طعام عاشوراء حرام: كنا فى تركيا للسيا حة وصادف نا إحتفا ل ...
(سكرا ) من تانى .!: أختلف معك فيما قلته أن قوله تعالى ( وَمِن...
الدعاء والقدر: هل الدعا ء يغير قدر الانس ان ؟...
خصم مبين : ناصر Sender Name : na@gmail.c om Real IP : 217.164.11 .16 -...
هل نملك جسدنا؟: نشرت فتاة تونسي ة صورته ا على الانت رنت ...
السياسة والاخلاق: يقولو ن: السيا سة ليست شغلة الناس الأحر ار ...
هذا حرام بلا شك ..!: انا متزوج ولي ابناء والحم د الله مستقر في...
النبى فى الطائف: ما قصة ذهاب الرسو ل علية السلا م الى الطائ ف ...
الإنزال مفطر: هل الوصو ل إلى النشو ة الجنس ية من غير لمس...
قاعة البحث (1): السلا م عليكم استاذ نا أحمد صبحي أنا من...
قتل شبه عمد: هل يوجد فعلا ما يسمى( بالقت ل شبه العمد )فى...
moreجريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
القاموس القرآنى : ( البشر والانسان )
( من مات قامت قيامته ) تلك الأُكذوبة السلفية الكافرة بالقرآن الكريم
دعوة للتبرع