بعد الجريمة البشعة التى تعرض لها رجل دين مسالم لم يؤذ أحدا طفت إلى ذهنى مشاهدمن الذاكرة دعونى أحكيها لكم:-
فى طفولتى الباكرة وفى قريتى الحبيبة منشأة ناصر بمحافظة الشرقية لاحظت وجود رجل غريب فى مندرة بيتنا كان يرتدي طربوشا وبالطو أسود ،كان الرجل يبيت فى المندرة وفى الصباح يتناول إفطاره مع أبى ويغادر المنزل ويأتى ليتناول وجبة الغداء ويستريح قليلا ثم يغادر الدار ويعود بعد المغرب،تساءلت عن سبب وجوده فلم يهتم بسؤالى أحد.
أهل علينا شهر رمضان بعبقه وجماله فى نهاية خمسينيات القرن الماضى،وطبعا صام الكبار وكنا أطفالا لانطيق الصيام بعد.
ما أدهشنى أن الرجل حضر فى ميعاد الغداء وتناول وجبته وسط دهشتى أن وإبن عم لى فخرجنا لنعلن على الملأ أن هذا الرجل الكبيرفاطر!!!،لنتلقى صفعتين من أبى الذى أخبرنا فيما بعد بأن هذا الرجل مسيحى لايصوم صيامنا ولكن له صياما بطريقة أخرى، كان هذا أول عهدى بمعرفة الدين والملل وأن هناك قوما يدينون بالمسيحية كما ندين نحن بالإسلام.
أما من هو هذا الرجل ولماذا أقام فى بيتنا أكثر من ستة أشهر؟كان هذا الرجل هو المعلم نجيب أمهر نجار فى الجهة كلها استدعاه أهل قريتى من بلده نوسا البحر دقهلية، لماذا؟ليتولى صنع وتركيب الأبواب والشبابيك والتحف والمنبر الرائع المحلى بأثمن أنواع الأرابيسك ،أين يا سيدى ؟فى مسجد قريتنا .
كان اللقاء الثانى لى بالمسيحية عندما التحقت بمدرسة أولادصقر الإعدادية حيث تعرفت على الزميل العزيز نادر يوسف اسكندر رحمه الله وكان أبوه قسا وأبى إمام المسجد وكانت صداقتنا مضرب الأمثال فقد كان غلاما طيبا دمث الأخلاق وكان مشهدا طيبا أن ترى ابن القس وابن الشيخ متلازمين لايفترقان ،ولم نشعر أنا ولاهو بأن اختلاف الملة قدمثل عائقا أمام صداقتنا.
فى المرحلة الثانوية التحقت بمدرسة أحمد عرابى الثانوية حيث تعرفت على الزميل العزيز مدحت لبيب غطاس والزميل العزيزسمعان محروس نيقولا الذى كان خادما فى الكنيسة فلم يقف الدين عائقا أبدا أمام صداقتنا ،وكنا نتناقش ونتحاورحيث كان مدحت بروتستانتى وسمعان أرثوزوكسى وأنا مسلم ولم يحدث أبدا أن تنازعنا لأنه كان هناك اتفاق غير معلن بيننا على أن يحترم كل منا مشاعر الآخر.
فى كلية الطب لم تترك لنا الدراسة الشاقة وقتا لترف المناقشات والحوارات ولكن فى دراسة الماجستير تعرفت على الإخوة مجدى أبادير وتواب مسيحة فى مستشفى بولاق الدكرور وكانت مذاكرتنا معا وسهراتنا معا ومرة أخرى لم يقف الدين عائقا أبدا أمام صداقتنا.
بعد افتتاح العيادة والزواج وتكوين الأسرة والإنغماس فى الحياة العملية لاحظت الآتى:
الذهب الذى قدمته كشبكة ابتعته من محل المعلم شوقى اندراوس مسيحة
كتب أولادى من مكتبة عزت عزيز مسيحة
موتور المياه وصيانته وكذلك صيانة الأجهزة الكهربية لدى الزميل العزيز جرجس عزيز مسيحة أو ألإخوة عياد وعريان مسيحة
الريسيفر والدش وسائر الإليكترونيات من محل عماد سوارس الذى التحق بالسلك الكنسى فتحولت إلى محل عماد سمير مسيحة.
نظاراتى أنا وأولادى يتكفل بها المهندس منصور وهبة مسيحة
بنزين سيارتى من محطة رضاسركيس مسيحة
ولست وحدى من يتعامل مع هؤلا ولكننا فى مدينتنا أولاد صقر نشعر بأننا نسيج واحد لافرق أبدا بين مسلم ومسيحى.
إذن ،من أين يأتى الخلل؟
جواب ذلك فى مقال قادم إن شاء الله تعالى .
اجمالي القراءات
2422