هل أصبح التسول سياسة حكومية وثقافة شعبية في مصر؟ :
هل أصبح التسول سياسة حكومية وثقافة شعبية في مصر؟

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٢٨ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: مصراوى


كتب –محمد رفعت - التسول في مصر ..أصبح سياسة حكومية وثقافة شعبية..فالحكومة تخصص له بعثات لطرق الابواب تجوب العالم شرقا وغربا لاستجداء المعونات والهبات بحجة إقامة مشروعات تنموية، والحقيقة أن معظم هذه المنح يذهب عائدها وفائدتها لعدد محدود من المحظوظين والقريبين من دوائر صنع القرار..

أما الناس فلم يعد يستح ِ الكثير منهم تحت وطأة الفقر والجوع من الظهور علنا على شاشات القنوات التلفزيونية وصفحات الصحف، سواء وهم يطالبون بالحسنات والتبرعات والاعانات أو يتسلمونها.

والغريب أن معظم من ظهروا في فقرة "دقوا المزاهر" التي قدمها المذيع محمود سعد من خلال برنامج "البيت..بيتك" في رمضان الماضي كانوا من الطبقة المتوسطة التي لم تصل أبدا من قبل الى درجة الاستجداء، ومن بينهم طبيب وطبيبة فشلا في الحصول على شقة الزوجية، فسعيا الى البرنامج للحصول على إحدى الشقق التي تبرع بها رجل الاعمال كجزء من تبييض وجهه ومحاولة زيادة شعبيته، بعد الهجوم الشديد عليه في كثير من صحف المعارضة والصحف المستقة، واتهامه، مما حرم الكثيرين من الحصول -من مالهم الخاص- على شقة من تلك الشقق التي وزعها على البعض صدقة بمناسبة الشهر الكريم.

الغريب أن وزير القوى العاملة عائشة عبد الهادي ظهرت في نفس البرنامج في حلقة يوم الاحد الماضي ، مع المذيع تامر أمين، وفاجأت المشاهدين بمناشدتها لرجل الاعمال الشهير بأن "يتم جميله"، ويوزع 30 شقة أخرى على المتسابقين الثلاثين الآخرين الذين لم يحالفهم الحظ في الفوز بالمسابقة.

هكذا بلا وجل ولا خجل..وبدلا من أن تعترف وزيرة العمال بالفشل في حمايتهم من حيتان الخصخصة ، وتحسين مستوى معيشتهم، وزيادة رواتبهم بما يوفر لهم الحد الادنى من الحياة الكريمة، وبدلا من أن تعلن الوزيرة عن خطة وزارتها لتشغيل ملايين العاطلين والمطرودين من جنة الخصخصة.. نجدها تساهم هي الأخرى في حملة التسول الحكومي على الهواء مباشرة.

والادهى أن المذيع المشهور بحب الاستظراف يغمز بعينيه للوزيرة ويقول لها "وبعدين..مش عايزين نحرق المفاجأة بقه يا معالي الوزيرة"..ويقصد طبعا الايحاء للمشاهدين بأن رجل البر، قرر من فرط انسانيته التبرع من تلقاء نفسه للمتسابقين الآخرين بشقق مماثلة لما حصل عليه الفائزون..وهو يحذر الوزيرة من أن تحرق المفاجأة.

وهكذا يتحول التليفزيون الى بوق آخر من أبواق التسول وداعية جديد الى ثقافة الشحاذة،  في حملة شريرة لتحويل غالبية الناس الى متسولين ينتظرون ما تجود به أنفس رجال البر والتقوى الذين سرقوا قوت الشعب وتاجروا فيه ، ثم يعودون ليلقوا اليه بالفتات، ابراءا للذمة ورياءا للحكام .. ولله يا محسنين!

اجمالي القراءات 2237
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق