لماذا ينجح الأطفال في تعلم لغتين معا أكثر من الكبار؟

اضيف الخبر في يوم السبت ١٦ - أبريل - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الشروق


لماذا ينجح الأطفال في تعلم لغتين معا أكثر من الكبار؟

إن تعلم لغة أجنبية أمر صعب ومربك للكبار، ولكن يختلف الأمر بالنسبة لصغار السن، فبحسب الأبحاث تُعد الطفولة المبكرة هي أفضل توقيت ممكن لتعلم لغة جديدة.

قالت «نايا فريان راميريز» الباحثة في جامعة «واشنطن»، إن الأطفال الذين يستخدمون لغتين منذ الولادة يصبحون ناطقين أصليين بكلا اللغتين، بينما غالبًا ما يعاني البالغون عند تعلم لغة ثانية ونادرًا ما يصبحوا ناطقين أصليين بها، ولكن يظل السؤال: هل يكون تعلم لغتين معًا أمرًا مربكًا للأطفال؟

أشارت الأبحاث إلى أن الأطفال يبدأون في تعلم الأصوات اللغوية قبل ولادتهم، فأثناء وجودهم بداخل أمهاتهم يصبح صوت الأم واحدًا من أبرز الأصوات التي يسمعها الطفل قبل أن يولد.

وبمجرد ولادة الأطفال لا يمكن للمولودين الجدد معرفة الاختلاف بين لغة أمهاتهم وأي لغة أخرى فقط، وإنما أيضًا يمتلكون القدرة على التمييز بين اللغات.

توضح راميريز في مقالها على موقع "The Conversation" الأسترالي، أن تعلم اللغات يعتمد على عملية معالجة الأصوات، فتتكون جميع لغات العالم مجتمعة من حوالي 800 صوت، وتستخدم كل لغة حوالي 40 صوت لغوي فقط أو "الصوتيات" التي تمييز لغة عن أخرى.

عند الولادة، يمتلك عقل المولود هدية استثنائية ألا وهو إمكانية معرفة الفرق بين الأصوات الـ800 جميعها، وهذ يعني أنه عند هذه المرحلة يمكن للمواليد تعلم أي لغة يتعرضون لها، وتدريجيًا يكتشف المواليد أي الأصوات التي يسمعونها أغلب الوقت.

وفي الفترة ما بين 6 إلى 12 شهرًا، يصبح المواليد الذين يترعرعون في أسر أحادية اللغة أكثر تخصصًا في المجموعات الفرعية للأصوات في لغتهم الأصلية، بمعنى آخر، يصبحون متخصصين في اللغة الأصلية، وبمرور سنة على ولادتهم يبدأ أولئك الأطفال في فقدان قدرتهم على سماع الاختلافات بين أصوات اللغات الأجنبية.

ولكن ماذا عن أولئك المواليد الذين يسمعون لغتين منذ الولادة؟ هل يمكن أن يكون عقل المولود متخصصًا في لغتين؟ إذا كان هذا ممكنًا، كيف تكون هذه العملية مختلفة عن التخصص في لغة واحدة؟

إن معرفة كيفية تعلم عقل المولود لغة واحدة في مقابل لغتين يُعد أمرًا هامًا لفهم المراحل التطورية في تعلم التحدث، فعلى سبيل المثال، غالبًا ما يتسآل والدا الأطفال ثنائي اللغة حول ماهو نموذجي أو متوقع وماهو ليس كذلك، أو كيف سيختلف طفلهم عن أولئك الأطفال الذين يتعلمون لغة واحدة.

تقول راميريز إنها درست مؤخرًا هي وزملائها المعالجة الدماغية للأصوات اللغوية في المواليد البالغين من العمر 11 شهرًا وهم إما من منازل تستخدم لغة واحدة وهي الإنجليزية فقط أو منازل أخرى تستخدم لغتين وهما الإنجليزية والإسبانية.

واستخدم أولئك الباحثون تكنولوجيا تشخص توقيت وموقع النشاط في العقل أثناء استماع المواليد إلى المقاطع الإسبانية والإنجليزية، ووجد الباحثون بعض الاختلافات الرئيسية بين المواليد الذين ترعرعوا في منازل أحادية اللغة وأولئك الذين ترعرعوا في منازل ثنائية اللغة.

فبعد مرور 11 شهرًا من الولادة، وقبل أن يبدأ أغلب المواليد في التحدث بكلماتهم الأولى كشفت تسجيلات الدماغ أن المواليد المترعرعين في منازل أحادية اللغة (الإنجليزية) متخصصون في معالجة أصوات الإنجليزية وليس الإسبانية التي تُعد لغة غير مألوفة لهم، بينما المواليد المترعرعين في منازل ثنائية اللغة (الإنجليزية والإسبانية) كانوا متخصصين في معالجة أصوات كلا اللغتين.

ولكن هل تعلم لغتين أمرًا جيدًا؟

تقول راميريز إن هذا الأمر له آثار هامة، فأهالي الأطفال أحادي وثنائي اللغة على حد سواء يتوقون للحظة التي ينطق فيها أطفالهم كلماتهم الأولى، ولكن هناك شعور بالقلق مشترك وخاصة لدى الأهالي ثنائي اللغة وهو أن أطفالهم لا يتعلمون بسرعة كافية.

بحسب راميريز، فالمواليد ثنائي اللغة أظهروا استجابة دماغية قوية للأصوات الإنجليزية متساوية لتلك الموجودة لدى المواليد أحادي اللغة، وهذا يشير إلى أن المواليد ثنائي اللغة يتعلمون الإنجليزية بمعدل متساوي مع المواليد أحادي اللغة.

كما يشعر أهالي الأطفال ثنائي اللغة بالقلق أيضًا من أن أطفالهم لن يعرفوا عدد الكلمات التي سيعرفها الأطفال أحادي اللغة، وإلى حد ما فإن هذا القلق صحيح، فالمواليد ثنائي اللغة يقسمون أوقاتهم بين لغتين وبالتالي يسمعون كلمات أقل في كلا اللغتين، ومع ذلك أظهرت الدراسات أن الأطفال ثنائي اللغة لا يتخلفون عند تدارس كلا اللغتين.

كما خلصت الدراسات إلى أن حجم الكلمات التي يعرفها الأطفال ثنائي اللغة عند الجمع بين اللغتين يكون متساويًا أو أكبر من حجم الكلمات التي يعرفها الأطفال أحادي اللغة.

ومن الأمور المثيرة للقلق أيضًا هو أن ثنائية اللغة تسبب الارتباك، وينبع جزء من هذا القلق من أحد سلوكيات التحدث وهي جمع ثنائيو اللغة بين لغتين، ولكن أظهرت الأبحاث أن هذا السلوك ينبع لدى الأطفال بسبب قيام البالغين حولهم بهذا الأمر.

وعلى عكس الأطفال أحادي اللغة، فالأطفال ثنائي اللغة لديهم لغة ثانية يمكنهم استخدامها بسهولة إذا لم يتمكنوا من تذكر الكلمة المناسبة في اللغة الأولى.

ومن بين الأخبار الجيدة أن الأطفال الصغار حول العالم يمكنهم اكتساب لغتين معًا، في الواقع فإنه في أجزاء متعددة من العالم أن تكون ثنائي اللغة هو القاعدة وليس الاستثناء.

من المفهوم الآن أن الحاجة الدائمة لتحويل الانتباه بين اللغات يؤدي إلى مزايا معرفية متعددة، فخلصت الأبحاث إلى أن البالغين والأطفال ثنائي اللغة يظهرون أداءً تنفيذيًا محسنًا للعقل وهو أنهم قادرين على تحويل الانتباه والتبديل بين المهام وحل المشكلات بصورة أكثر سهولة.

كما أن هناك أدلة تشير إلى أن ثنائية اللغة تساعد على تسهيل عملية تعلم لغة ثالثة، كما أنه يُعتقد أن التأثير التراكمي لاستخدام ثنائية اللغة يُترجم إلى آثار وقائية ضد التدهور المعرفي بسبب الشيخوخة وظهور مرض آلزهايمر.

في النهاية، إذا أردت أن تعرف طفلتك أكثر من لغة، من الأفضل أن تبدأ ذلك في سن مبكر قبل حتى أن تبدأ في التحدث بلغتها الأولى، فهذا الأمر لن يسبب ارتباكًا لطفلتك بل ربما يمنحها دفعة قوية في أشكال أخرى من الإدراك.

اجمالي القراءات 3706
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   السبت ١٦ - أبريل - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[81167]

موضوع مهم للعائلات العربية فى المهجر .


موضوع مهم للعائلات العربية فى المهجر .



يقول لهم لا داعى من القلق والخوف من أن تركيز ابناءهم منذ الصغر فى لغتين معا ربما يقلل من تركيزهم فى اللغة الرسمية للبلد التى يعيشون فيها .بل على العكس ربما يكون عاملا مساعدا على تنمية مهاراتهم وقدراتهم على التعلُم أكثر وأكثر ..فيا ريت كل العائلات العربية فى المهجر تعمل وتُحافظ على تعليم اولادهم لغة وطنهم الأُم (بلد الأب والأم )  ،ولا يفرحون بأن اولادهم اصبحوا بارعين فى لغة بلد المهجر ،وقد نسوا أو تناسوا  تماما لغة اوطانهم الأصلية .



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق