بعد أن أدخل مصر فى متاهة لمدة سنتين المستشار طارق البشرى لـ«الشروق»: الإعلان الدستورى «منعدم» والرئي

اضيف الخبر في يوم السبت ٢٤ - نوفمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً.


بعد أن أدخل مصر فى متاهة لمدة سنتين المستشار طارق البشرى لـ«الشروق»: الإعلان الدستورى «منعدم» والرئي

الإعلان يمثل عدوانا على الديمقراطية والقضاء ..ويقلقنى صدور الدستور الجديد فى وضع انقلابى

المستشار طارق البشرى لـ«الشروق»: الإعلان الدستورى «منعدم» والرئيس انقلب على الشرعية

 

المستشار طارق البشري
حوار ــ محمد بصل:

لأنه الرجل الذى أشرف على وضع التعديلات الدستورية فى فبراير من العام الماضى، وهى التعديلات التى رسمت لمصر خريطة دستورية لإدارة الفترة الانتقالية، لذا فعندما يتحدث المستشار طارق البشرى الفقيه القانونى، فلكلامه عما يصدر من إعلانات دستورية له وزن مختلف.

 

واليوم يتحدث المستشار البشرى عن التطور القانونى الدستورى الخطير الذى أنتجه الإعلان الدستورى الذى أصدره، أمس الأول، الرئيس محمد مرسى، حيث وصفه المستشار البشرى صراحة بأنه «إعلان منعدم، ويمثل انقلابا على الشرعية الدستورية»، كما انتقد البشرى مسلك الرئيس فى التنقل المستمر بين الشرعية الدستورية والشرعية الثورية والتدخل فى شئون القضاء، مفجرا مفاجأة بأنه كان يمكن مد عمل الجمعية التأسيسية بقرار منها دون تدخل الرئيس بأى صورة.

 

● ما أهم ملاحظاتكم على الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس محمد مرسى، أمس الأول؟

- هو إعلان منعدم، فليس من سلطات رئيس الجمهورية وفقا للإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس إصدار أى إعلانات دستورية جديدة، والحقيقة أن هذا الأمر لا يتعلق برئيس الجمهورية المنتخب فقط، بل كان ينطبق أيضا على المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد إجراء انتخابات مجلسى الشعب والشورى.

 

ولذلك فإننا قلنا سابقا إن الإعلان الدستورى المكمل الذى أصدره المجلس العسكرى فى 17 يونيو هو إعلان منعدم، فليس لأى سلطة صلاحية إصدار إعلان دستورى جديد منذ بدأ تكوين المؤسسات الديمقراطية، أى منذ تشكل مجلسى الشعب والشورى.

 

وعندما تولى رئيس الجمهورية المنتخب مهامه وأنهى دور المجلس العسكرى، وأصدر إعلانا دستوريا جديدا، فهذا كان خطأ بالأساس لأنه لا يملك هذه السلطة، وسلطته التشريعية تقتصر فقط على إصدار مراسيم بقوانين تعرض على مجلس الشعب الجديد بعد انتخابه لمراجعتها وإعادة النظر فيها.

 

● مؤيدو خطوة الرئيس يقولون إنه الرئيس المنتخب ومن حقه إجراء تعديل على الإعلان الدستورى السارى؟

- القول بأن الرئيس يمكنه تعديل الإعلان الدستورى وإصدار إعلان جديد يعنى أن الرئيس يقوم بثورة جديدة على الثورة، والحالة الوحيدة التى يمكن فيها قبول ما حدث أن يقال لنا إنه قد حدث انقلاب على السلطة من داخلها، وإذا أيدت سلطات الدولة هذا الإجراء يكون انقلابا كاملا.

 

● على أى شىء يكون هذا الانقلاب؟

- هو انقلاب على الشرعية الدستورية التى جاهدنا لترسيخها ليصدر الدستور الجديد فى ظل مؤسسات دستورية ديمقراطية منتخبة انتخابا حرا ونزيها، حتى يكون الدستور ابنا شرعيا حقيقيا لثورة 25 يناير، التى هى ثورة شعب مجيدة نادت بالديمقراطية وسيادة دولة القانون.

 

وأنا الآن أشعر بقلق كبير لأنه فى ضوء صدور هذه القرارات فى شكل إعلان دستورى منعدم، فسوف يصدر الدستور الجديد لمصر فى ظل وضع انقلابى على الشرعية الدستورية، لأن هذا الإعلان يمثل عدوانا على الديمقراطية، وعدوانا على القضاء أيضا.

 

● ما مظاهر اعتداء هذا الإعلان على السلطة القضائية؟

- النقطة الأولى أن الرئيس أصدر قرارا بفصل النائب العام، أيا كانت صيغته، فهو فى حقيقته فصل للنائب العام المحصن وفقا لقانون السلطة القضائية، وغير القابل للعزل، بل وقرر اختيار آخر بقرار جمهورى.

 

النقطة الثانية أنه منع حق التقاضى بتحصين جميع قراراته ومراسيمه من الطعن أو وقف التنفيذ أو الإلغاء أمام أى جهة قضائية، وكذلك صادر على سلطة المحاكم بأنه قرر وقف إجراءات دعاوى حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية، وبالتالى فإن هذا كله يمثل انتقاصا من السلطة القضائية.

 

 

المواجهات فى محمد محمود مستمرة رغم الاجراءات الجديدة - تصوير : احمد عبد الفتاح

 

 

● وما رأيكم فيما حمله هذا الإعلان من إعادة المحاكمات فى قضايا رموز النظام السابق؟

- هذا هو المظهر الثالث للاعتداء على السلطة القضائية، فهذه المادة تمثل اقتحاما لهذه السلطة بتشكيلات قضائية جديدة ومحاكم خاصة تشكل بقضاة معينين ونيابة خاصة من أعضاء معينين، للحكم فى هذه القضايا طبقا للقوانين السائدة، وهذا تدخل صريح فى إدارة السلطة القضائية.

 

وقد طالبنا منذ زمن بإنشاء محاكم خاصة لمحاكمة رموز النظام السابق الذين شاركوا فى الفساد السياسى والاقتصادى، وكنا نقصد آنذاك تشكيل محاكم من غير رجال القضاء، تعاقب على أعمال سياسية، وتوقع عقوبات سياسية، أما أن نقتحم السلطة القضائية بتشكيلات جديدة فهذا لم يكن مطلوبا أبدا فى الوقت الحالى.

 

● تقصد أن المحاكم الخاصة كان يمكن قبولها فى وقت سابق؟

- نعم، كان يجب أن تنشأ فى فترة الشرعية الثورية، التى هى الفترة الانتقالية، كان يمكن أن يحدث هذا، لكننا تركنا هذا المسار وسرنا فى طريق الشرعية الدستورية، وبالتالى لا يجوز أن نعود إلى الشرعية الثورية مرة أخرى، فهذا التنقل بين الشرعيتين لا يتحمله ضميرى المهنى كقاض.

 

وأشير هنا إلى أن الأمر ذاته حاول مجلس الشعب السابق أن يفعله فى موضوع قانون العزل السياسى، فلا شك أن العزل كان مطلبا للجميع، ولكنه كان يجوز فى وقت سابق على وقت الانتخابات الرئاسية، حتى لا يفهم منه صراحة أنه موجه للإطاحة بأشخاص بعينهم، وهذا الأمر كان مدعاة لبطلان قانون العزل، لأنه صدر فى غير أوانه.

 

● المادة السادسة من الإعلان تقلق الكثيرين لأنها تتحدث عن صلاحية الرئيس فى اتخاذ أى قرارات ضد من يتعرض لأهداف الثورة، وهو مصطلح مطاط يحتمل أكثر من وجه، فما رأيكم فيها؟

- مقصود بهذه المادة اتخاذ إجراءات استثنائية، ولو كان الرئيس قد اتخذ هذه الإجراءات الاستثنائية ضد ما حدث خلال الأيام الأخيرة فى شارع محمد محمود، فلم يكن فى ذلك شىء، وكان هذا ضروريا بالفعل، لأنه من غير المقنع إطلاقا القيام بهذه الأعمال العشوائية التى تفتقد للهدف الثورى الرشيد، وتؤدى لانقسام بين طوائف المجتمع، وتعرض أجهزة الدولة وترابطها للخطر.

 

والغريب أن بعض القرارات تساند سياسيا ما يحدث فى محمد محمود، مثل مسألة إعادة المحاكمات،

 

إننى أرى الرئيس يتحرك فى تجاه أمور مصر ليست فى حاجة ماسة لها الآن، نحن نحتاج ريادة سياسية خارجية، ونهضة اقتصادية بالداخل، وتوزيع عادل للدخل.

 

●بالنسبة للجمعية التأسيسية، ما مدى صحة قرار مد عملها، لا سيما أنه صدر فى صورة تعديل لمادة دستورية سبق أن استفتينا عليها فى 19 مارس 2011؟

- لهذه المسألة شقان، الأول هو أنه لا يجوز للرئيس المنتخب إدخال تعديل على الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس لأنه فاقد لصلاحية إصدار إعلانات دستورية، وهو ما سبق وأشرنا إليه.

 

الشق الثانى هو أنه لم تكن هناك حاجة أساسا لإجراء هذا التعديل لمد عمل الجمعية، فالموعد المحدد فى المادة 60 من الإعلان الدستورى وهو 6 شهور من تشكيل الجمعية لإنجاز مشروع الدستور، هو موعد تنظيمى.

 

لدينا فى القانون نوعان من المواعيد، النوع الأول هو النوع الملزم بمدة معينة، والنوع الثانى هو النوع التنظيمى، والفترة التى وضعناها فى هذه المادة هى فترة تنظيمية، إرشادية، تهدف لحث الجمعية التأسيسية على إنهاء عملها فى أسرع وقت ممكن، وليس هناك أى مشكلة فى مد العمل بدون إعلان دستورى جديد.

 

● وكيف كان سيصدر قرار مد العمل إذن؟

- بقرار من الجمعية التأسيسية ذاتها، وليس من الرئيس أو البرلمان، فرأيى المعلن سلفا هو أن هذه الجمعية سليمة وتشكلت بطريقة صحيحة، وغير قابلة للطعن، ومعارضتى لبعض النصوص الواردة فى المسودات التى عرضتها هى معارضة موضوعية، لا تنال من صحة تشكيلها، لأن النص الذى وضعناه لا يقصر تشكيلها على الأشخاص من خارج مجلسى الشعب والشورى، بل يمكن النواب المنتخبين من اختيار أنفسهم أيضا.

 

● هل من نصيحة توجهها الآن للرئيس مرسى؟

- لا، أريد فقط الحديث عن الإجراء الأخير، وأؤكد أنه ضرب السلطة القضائية التى يتعين الحفاظ عليها وضمان استقلاليتها عن السلطة التنفيذية، كما أؤكد أن الذى حدث هو انقلاب على الديمقراطية الثورية المرتقبة، التى قارب نتاجها على الظهور متمثلا فى الدستور الجديد.

اجمالي القراءات 3491
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق