التكرار فى القرآن الكريم فى لمحة سريعة
التكرار فى القرآن الكريم فى لمحة سريعة
مقدمة :
هذا سؤال عن التكرار فى القرآن الكريم يقول : ( ليس فى العهد القديم ولا فى العهد الجديد تكرار ، بل موضوعات متصلة . أما فى القرآن فليس فيه موضوعات متصلة ، بل فيه تكرار فى التاريخ وفى التشريع . سؤالى بالتحديد عن لماذا هذا التكرار فى القصص وفى التشريع . )
وأقول :
أولا :
1 ـ العهد القديم وكذلك العهد الجديد يوجد القصص فيهما تأريخا بما يشبه كتابة السيرة ، وإن كان العهد القديم فيه تشريعات ووصايا ، وفيها بعض من التكرار .
2 ـ يختلف الوضع فى القرآن الكريم ، فالقصص فيه يهدف للعظة أساسا ، ومن خلالها يتكرر القصص فى الموضوع الواحد من قصص نوح الى ابراهيم وأنبياء بنى اسرائيل ( فى الماضى ) ثم الى قصص معاصر عن خاتم النبيين عليهم جميعا السلام .
ثم هناك قصص غيبى مستقبلى منه ما تحقق بعد نزول القرآن الكريم مثل انتصار الروم على الفرس : ( الم (1) غُلِبَتْ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (6) الروم ).
ومنه ما لا يزال فى دور التحقق فى عصرنا مثل علامات الساعة ، ومنها قوله جل وعلا : ( حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) يونس ) ، ومنه ما سيتحقق مثل قيام الساعة ومعالم اليوم الآخر من بعث وحشر وحساب وجنة ونار .
ثانيا :
نعطى مثالا عن القصص بقصة موسى عليه السلام .
1 ـ هى من أكثر القصص تكرارا . جاءت فى سور كثيرة منها البقرة ، الأعراف وهود ويونس والشعراء والقصص والنمل والدخان وطه ... وللتكرار فيها مغزى ومعنى ، منه الاضافات ، ومنه الايجاز ، ومنه التفصيل ، ولكن فى هذا كله لا وجود لتناقض أو إختلاف. ولوكان لبشر أن يكتب قصة مكررة فيها تداخل وتشابك بهذا الشكل لوقع فى تناقض وإختلاف كبير .
2 ـ فى سورة طه تبدأ القصة بموسى إذ رأى نارا ، وكلام الله جل وعلا الى فرعون رسولا : ( وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10). وتنتهى القصة بالعظة : ( كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً (99) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْراً (100) طه ) وبينهما تذكير مثل ( فلاش باك ) بأحداث سابقة : ( إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) أَنْ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنْ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40) طه ).
هذا الفلاش باك جاء شرحه فى سورة القصص من بدايتها الى منتصفها تقريبا . وهناك لمحات وتفصيلات فى السور الأخرى . ونعيد القول بأنه لوكان لبشر أن يكتب قصة مكررة فيها تداخل وتشابك بهذا الشكل لوقع فى تناقض وإختلاف كبير .
ثالثا : فى التشريع
1 ـ فى التنزيل المكى نزلت عموميات تشريعية مثل قوله جل وعلا :
( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (33) الاعراف ). ثم فى التنزيل المدنى جاء التفصيلات، بلا إختلاف أو تناقض عما سبق .
2 ـ فى موضوع الطعام بالذات ، تكررت التشريعات فى التنزيل المكى مفصلة بتحريم الأكل من أشياء محددة ، إلا فى حالة الضرورة ، وما عداها حلال لا يجوز تحريمه ، ومن حرم هذا الحلال فهو عدو للرحمن جل وعلا ، ونرجو تدبر قوله جل وعلا :
2 / 1 ـ ( فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115) وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117) النحل ) .
2 / 2 ـ ( قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145) الانعام )
2 / 3 : ـ ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ أَاللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59) وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (60) يونس ).
3 ـ وتكرر هذا فى التنزيل المدنى : قال جل وعلا :
3 / 1 : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) البقرة ).
3 / 2 : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) (1) المائدة ) .
3 / 3 : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3) يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّهُ فَكُلُوامِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ) (5) المائدة ).
3 / 4 : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (88) المائدة )
3 / 5 : ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96) المائدة ).
أخيرا
نصل للهدف والمغزى من التكرار القرآنى :
1 ـ الابتلاء والاختبار :
الله جل وعلا أنزل القرآن الكريم للهداية ، وجعل الهداية مسئولية شخصية ، من إهتدى فلنفسه ومن ضل فعليها . والآيات كثيرة فى هذا منها : ( مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (15) الاسراء ) . ولم ينزل الله جل وعلا ملائكة تعاقب من يضلُّ أو من يتلاعب بالقرآن الكريم . أو يلحد فى آياته ، فيوم الحساب آت ، ولا مهرب منه . قال جل وعلا محذرا مهددا : ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) فصلت ) .
ومن إعجاز القرآن الكريم أن أئمة المحمديين هم أكابر الملحدين فى آيات القرآن الكريم ، لا يزدادون به إلا خسارا . ففى القرآن الكريم مجال لم أراد أن يهتدى به ويدعو به للهدى ، وفيه أيضا مجال لمن أراد أن يتلاعب بآياته ليُضلّ الناس . قال جل وعلا : ( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً (82) الاسراء ).
هم يدخلون على القرآن الكريم بأهوائهم الشخصية يصدون عنه يبغونها عوجا ، ينطبق عليهم قوله جل وعلا : ( وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (3) ابراهيم ).
هم يتبعون المتشابه يخرجونه عن سياقه ويتجاهلون ما يخالف هواهم ، ويخلطون الآيات بأحاديثهم الشيطانية ، لكى يجدوا مسوغا لأديانهم الأرضية الشيطانية . هم الذين فى قلوبهم زيغ . قال جل وعلا : ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (7) آل عمران )
2 ـ الإعجاز فى موضوع الطعام بالذات
التكرار هنا ينبىء عن خلل مستقبلى وقع فيه المحمديون ، فهم يحرمون الحلال من الطعام تبعا لأهوائهم ، وما تعافه نفوسهم يسارعون بتحريمه ، مع ان المحرمات محددة ومعينة ويحرم أى إضافة اليها ، ثم يتطرفون فى تحريم كل الخنزير ، مع أن المحرم هو لحم الخنزير فقط ، وفى نفس الوقت يجعلون فى دينهم تقديم الذبائح الى الأولياء المقدسين عندهم ، ويأكلون منها ، مع تحريم أكلها .
3 ـ الوعظ يحتاج الى التكرار ، لأنه تذكير . ومن أسف أن هذا التكرار والتذكير لا تأثير له فى المحمديين لأنه بينهم وبين القرآن الكريم حجابا مستورا . قال جل وعلا : ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً (45) وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً (46) الاسراء ) .
4 ـ مع كل ما فى القرآن الكريم من هدى فقد أعرضوا عنه بل إستخدموه فى الاضلال ، يشهد عليهم ما كتبوه مما يسمى بالتفسير والفقه والحديث والتوحيد ، وتشهد عليهم مناهج التعليم فى الأزهر وفى معاهد التشيع . وعقابهم أنه يعيشون دنيا متخة بالضنك ، ثم ينتظرهم خلود فى جهنم . قال جل وعلا : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127) طه ).
5 ـ ودائما : صدق الله العظيم.!
اجمالي القراءات
2256
شكرا أستاذنا الدكتورأحمد صبحى على هذا التوضيح الرائع ل"التكرارفي القرأن" وكما ذكرت حضرتك أن "الوعظ يحتاج الى التكرار ، لأنه تذكير" وأيضا أشرت لاعجاز القرأن الكريم "ولوكان لبشر أن يكتب قصة مكررة فيها تداخل وتشابك بهذا الشكل لوقع فى تناقض وإختلاف كبير"
وأحب أن أذكر أن التكرار لايكون نسخه واحده من نفس الحدث أو الموضوع بل تختلف في بعض الكلمات والمفردات حسب السياق الذي جاءت فيه الأيات وهذا يضاف لاعجاز القرأن ويعطينا أيضا فرصه ذهبيه للتدبر والتفكير في استخلاص المعاني والمصطلحات القرأنيه وهذا المنهج يساعدنا في البحث العلمي وتنوير الأذهان والأفكار وفي ذلك فليتنافس المتنافسون