نظرات في مقال السرقة المزعومة لسورة مريم

رضا البطاوى البطاوى Ýí 2024-11-17


نظرات في مقال السرقة المزعومة لسورة مريم
صاحب المقال مجديوس السكندري وهو يدور حول أن خاتم النبيين(ص) سرق سورة مريم(ص) من شعر أمية بن أبى الصلت
وقد استهل مقاله بأن أمية ادعى النبوة وذكر في أشعاره حكايات الرسل المختلفة ومنه نقل خاتم النبيين(ص) وفى هذا قال :


"قول جواد علي في “المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام” جـ 5 ص 399:
” قد عدّ الأخباريون في زمرة الحنفاء: قس بن ساعدة الإيادي، وزيد بن عمرو إبن النفيل، وأمية بن أبي الصلت، وأرباب بن رئاب، وسويد بن عامر المصطلقي، وأسعد أبو كرب الحميي، ووكيع بن سلمة سيف بن ذي يزن اليمني، وورقة بن نوفل القرشي…”.
ادّعى النبوّة قبل محمد، حيث أورد في شعره الكثير من الأخبار والأساطير التي اقتبسها أو بالأحرى سرقها منه نبي الإسلام ووضعها في قرآنه."
وكما هى عادة النصارى أو اليهود أو غيرهم عندما يقولون بالسرقة فهم لا يقولون أنها سرقة كاملة ولكنها كما يقول كع اضافة التوابل والبهار وهو قوله :
"نورد فيما يلي أبياتاً من إحدى قصائده ويذكر فيها قصة السيدة العذراء مريم وفيها بعض التشويه، لكن محمداً أبقى على نفس القصة مع بعض التعديلات من توابل وبهارات والكثير من المغالطات والافتراءات في قرآنه تحت عنوان سورة مريم.
قمنا بترتيب قصيدة أمية على طريقة قرآن محمد بهدف المقارنة، لاحظ الشبه الكبير بين محمد وأمية سواء في النظم أو المعنى أو الكلمات.
فهل جاء أمية بمثل ما جاء به صلعم من قرآن، أم جاء بأفضل منه، خياران لا ثالث لهما ولك أنت أن تحكم."
قطعا هؤلاء الجهلة يتناسون أن الحكايات حول الرسل(ص) منتشرة في أى بقعة يتواجد فيها أهل أديان مختلفة ولكن هذه الحكاية ليست واحدة فما عند فرق النصارى يخالف بعضه بعضا فهناك من يقول مثلا بالصلب ومنهم من ينفيه وهناك من يعتبر المسيح ابن الله وهناك من يعتبره الله وهناك من يعتبره ثالث ثلاثة وكل هذا في دين واحد
إننا مثلا في بلد فيه نصارى ومن ثم لابد أن يكون البعض سمع منهم حكايات عن الرسل (ص) وغيرهم وعندما يحكيها قد يحكيها منتقدا إياها أو يحكيها كما سمعها ولا يعتبر هذا شىء اسمه سرقة
النصرانية كانت موجودة في مكة بدليل وجود أمثال صهيب الرومى وغيره من النصارى الذين وصلوا إليها نتيجة الحج أو نتيجة البحث عن الحقيقة أو نتيجة البيع في أسواق الرقيق
ومن ثم تناقل الحكايات بين الناس أمر عادى ولكن هناك من يقف متصديا لما في بعض الحكايات
وطرح مجديوس الجاهل سؤالا عن أن خاتم النبيين كاذب سارق لأنه أخذ الحكاية من رجل سبقه بعشرات السنين فقال :
"لكن السؤال يبقى ما الجديد الذي أتى به رسول الإسلام إذا كان رجل من الجاهلية قد سبقه صلعم بعشرات السنين، قد أخبر نفس القصص التي ذكرها صلعم في قرآنه؟ ألا يصبح تحديه صلعم في البقرة جملة رقم 23 ” وَإِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مّمّا نَزّلْنَا عَلَىَ عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مّن مّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَآءَكُم مّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ” مجرد هراء وكلام فارغ ؟"
قطعا ما قاله السكندرى ليس له قيمة لأن أمية قد يكون هو السارق لأن قصة مريم وعيسى (ص) كانت معروفة قبله فلماذا ينطبق عليه نفس القول وهو السرقة ممن سبقه إن كانت الأسبقية الزمنية دليل صدق وهى ليست كذلك
السكندرى كما قال في كلامه يثبت أن خاتم النبيين(ص) لم يسرق باعترافه أن بوجود بهار وتوابل ليست عند أمية فالسارق يسرق الشىء كاملا وليس يكسره ليسرق بعضه ويترك بعضه فعندما يجد اللص المال أو المجوهرات يأخذه ولا يدع منه شىء وهذا هو المعروف في السرقة
ذم ذكر شعر أمية في حكاية مريم (ص) فقال:
وهذا ما كتبه أمية ابن أبي الصَلت عن مريم
"وَفي دينِكُم مِن رَبٍ مَريمَ آيةٌ مُنَبِّئَةٌ بِالعَبدِ عِيسى اِبنِ مَريمِ (1)"
اَنابَت لِوَجهِ اللَهِ ثُمَّ تَبتَّلَت فَسَّبَحَ عَنها لَومةَ المُتَلَوِّمِ (2)
لا يوجد في سورة مريم أى نص في تبتل مريم ولا إنابتها كما زعم السكندرى ثم قال ناقلا :
"فَلا هِيَ هَّمَت بالنِكاحِ وَلا دَنَت إِلى بَشرٍ مِنها بِفَرجٍ وَلا فَمِ (3) "
وحكاية عدم نكاح وهو زواج مريم ليس مذكورا نصا في السورة
ثم قال :
ولَطَّت حِجابَ البَيتِ مِن دُونِ أَهلِها تغَيَّبُ عَنهُم في صَحاريِّ رِمرِمِ (4)"
لا يوجد دليل على أن المرأة عاشت في الصحارى في السورة وإنما الموجود هو وجودها في جهة الشرق كما قال تعالى :
"واذكر فى الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا "
ثم قال :
"يَحارُ بِها السارِي إِذا جَنَّ لَيلُهُ ولَيسَ وإِن كانَ النَهارُ بِمُعلَمِ (5)"
وهذا الكلام ليس في السورة ولا يمت بما فيها بصلة فلم يذكر السارى في الليل والنهار
ثم قال :
تَدّلى عَليها بَعدَ ما نَامَ أَهلُها رَسولٌ فَلم يَحصَر ولَم يَتَرَمرَمِ (6)"
وتدلى الملاك ونوم الأهل لا وجود في السورة وإنما أرسل الله إليها جبريل (ص) كما قال تعالى :
"فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا"
ثم قال :
" فَقالَ أَلا لا تَجزَعي وتُكذِّبي مَلائِكَةً مِن رَبِ عادٍ وجُرهُمِ (7) "
ولا ذكر في السورة لرب عاد وجرهم وحتى جرهم المزعومة لا وجود لها في القرآن كاملا
ثم قال :
أَنيبي وأَعطي ما سُئِلتِ فاِنَّني رَسولٌ مِن الرَحمنِ يَأتِيكِ بابنَمِ (8)"
ولا ذكر للانابة واعطاء السؤال في سورة مريم إطلاقا وإلا كان السكندرى ذكر تلك النصوص ولكن كعادة القوم يذكرون أمرا عاما دون ان يفصلوا لأن التفصيل يكشف كذب ما يقولون
ثم قال :
فَقالت لَهُ أَنّى يَكونُ ولَم أَكُن بَغيّاً ولا حُبلى ولا ذاتَ قَيّمِ (9)"
ولا يوجد في السورة ذكر حبلى في كلامها مع جبريل(ص) وهو قوله تعالى :
"قالت أنى يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر ولم أك بغيا"
ثم قال :
" أَأُحرَجُ بالرَحمنِ إِن كُنتَ مُسلِماً كَلامِيَ فاقعُد ما بَدا لَكَ أَو قُمِ (10)"
قطعا لم تذكر مريم ولم تطلب قعود جبريل(ص) أو انصرافه وإنما ما ذكرته هو خوفها منه إن كان كافرا أى غير تقى وهو قوله تعالى :
"قالت إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا"
ثم قال :
"فَسَبَّحَ ثُمَّ اغتَرَّها فالتَقَت بِهِ غُلاماً سَوِيَّ الخَلقِ لَيسَ بِتَوأَمِ (11)"
هنا يذكر أن جبريل(ص) سبح وهو ما وجود له في القصة ولا ذكر لاغترارها أيضا
ثم قال :
بِنَفخَتِهِ في الصَدرِ مِن جَيبِ دِرعها وما يَصرِمِ الرَحمَنُ مِلأَمرِ يُصرَمِ (12)
وهنا جبريل خلق الولد بالنفخ في صدرها من جيب درعها وهو أمر لم يذكر في السورة اطلاقا لأن القول هو :
"قال كذلك قال ربك هو على هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا"
ثم قال :
فَلمّا أَتَمَتَّهُ وجاءَت لِوضعِهِ فآوى لَهُم مِن لَومِهم والتَنَدُّمِ (13)
وَقالَ لَها مَن حَولَها جِئتِ مُنكَراً فَحَقٌّ بأَن تُلحَي عَلَيهِ وتُرجَمي (14)"
والقصة في القرآن لم يذكر فيها ان القوم أرادوا رجمها وإنما ما قيل كما في القصة كالتالى :
"فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا يا أخت مريم ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا"
ثم قال :
فَأَدرَكَها مِن ربّها ثُمَّ رَحمَةً بِصِدقِ حَديثٍ مِن نَبيٍّ مُكَلَّمِ (15)"
وهو كلام ليس في القصة
ثم كرر بيت سابق فقال :
"أَنيبي وأَعطي ما سُئِلتِ فاِنَّني رَسولٌ مِن الرَحمنِ يَأتِيكِ بابنَمِ (16)"
وهذا التكرار ليس في القصة
ثم قال :
وأُرسِلتُ لَم أُرسَل غَويّاً ولَم أَكُن شَقيّاً ولَم أُبعَث بِفُحشٍ وَمَأثَمِ (17) …"
وهذا بعض من كلام عيسى (ص)ولكنه بالمعنى وليس باللفظ حيث قال :
" قال إنى عبد الله أتانى الكتاب وجعلنى نبيا وجعلنى مباركا أينما كنت وأوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتى ولم يكن جبارا شقيا"
بالقطع لا يمكن أن يكون هناك سرقة لأن الفروق بين الحكاياتين كثيرة :
ذكرت القصيدة الأمور التالية وهى ليست في السورة :
1-عيش مريم في الصحارى
2-عدم نكاح وهو زواج مريم
3- إنانبة مريم وتبتلها
4-السارى في الليل والنهار
5-تدلى الملاك ونوم الأهل
6- عدم تُكذِّيب مَلائِكَةً مِن رَبِ عادٍ وجُرهُمِ
7- اعطاء السؤال
8- كون مريم حبلى
9- قعود جبريل(ص) أو انصرافه
10- تسبيح جبريل(ص)
11-جبريل (ص)خلق الولد بالنفخ في صدرها من جيب درعها
12- ان القوم أرادوا رجمها
هذا 12 شىء ذكرها الشعر ولك تذكرها السورة بينما السورة ذكرت التالى ولم يرد في الشعر :
1-ارسال الملاك في صورة بشر سوى منا قال تعالى :
"فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا"
2- تعوذ مريم كما في قوله :
" قالت إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا "
3- صفة الغلام وهىالزكى في قوله :
قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا "
4- كون الأمر هين عند الله ولآية في قولهتعالى :
"قال كذلك قال ربك هو على هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا "
5- حمل مريم وذهابها لمكان بعيد في قوله تعالى :
"فحملته فانتبذت به مكانا قصيا"
6-ولادة مريم تحت النخلة في قوله تعالى :
" فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة"
7- تمنى مريم الموت والنسيان في قوله تعالى :
قالت يا ليتنى مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا"
8- نداء جبريل (ص) لها من تحتها واخبارها بالطعام والشراب في قوله تعالى :
"فناداها من تحتها ألا تحزنى قد جعل ربك تحتك سريا وهزى إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلى واشربى وقرى عينا"
9- الأمر بالقول بنذر الصوم عند رؤية الناس في قوله تعالى:
فإما ترين من البشر أحدا فقولى إنى نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا"
10- ذكر والدها ووالدتها في قوله تعالى:
" يا أخت مريم ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا"
11- إشارة مريم لابنها وسخرية القوم في قوله تعالى :
"فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا"
12- القول بعبودية عيسى(ص) وبره بوالدته كما في قوله تعالى :
"قال إنى عبد الله أتانى الكتاب وجعلنى نبيا وجعلنى مباركا أينما كنت وأوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتى ولم يكن جبارا شقيا والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا"
وليس من المعقول أن يكون هناك سرقة مع وجود 24 فرق بين النصين في حوالى خمسة عشر سطرا فالمسروق لابد أن يكون متشابها حرفيا أو معنويا كاملا ولكن هنا المشترك بين النصوص قليل

اجمالي القراءات 121

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2008-08-18
مقالات منشورة : 2619
اجمالي القراءات : 20,804,224
تعليقات له : 312
تعليقات عليه : 512
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt