حوار : أحمد عيد – عمرو صلاح
- شريف منصور والتمويل الأجنبى
- الاعجاز العلمى فى القرآن - الجزء الثانى
- الجزء الثانى من الحوار التليفزيونى مع الدكتور منصور -عن داعش
- إهمال ميدان التحرير
- " خازوق " ميدان التحرير
- مليونية فى التحرير أم " سوق الجمعة " ؟
- الجزائر وثورة التحرير أو قصة النحل والدبابير:
- الفرق بين الروح والوحي والنفس
- الدخول في دين الله.
فى الحلقة الماضية تحدث شريف منصور المسؤول السابق عن البرامج بمنطقة شمال إفريقيا فى منظمة «فريدوم هاوس»، عن منظمات المجتمع المدنى وعلاقتها بالشباب الثورى فى مصر، خصوصا «6 أبريل»، اليوم يواصل منصور حديثه عن قضية التمويل الأجنبى التى أشعلت صيف مصر فى 2011 وتبادلت الأطراف السياسية الاتهامات بشأن السماح بسفر المتهمين الأمريكيين فى القضية.
بعدما كشف الضوء عن نشأته فى بيت أب تقدمى كان أستاذا بجامعة الأزهر، قبل أن يتعرض للتكفير من قبل زملائه بالجامعة وللقمع من قبل أجهزة الأمن، ثم بداياته فى مركز «ابن خلدون» مع الدكتور سعد الدين إبراهيم، ركز مسؤول برامج منظمة «فريدوم هاوس» فى شمال إفريقيا شريف منصور «أحد المتهمين فى قضية التمويل الأجنبى» على طبيعة العمل فى المنظمة الحقوقية الدولية الشهيرة ودوره بها.
منصور حرص على الرد على الاتهامات التى تطال «فريدوم هاوس»، حول التمويل، وطبيعة علاقتها بحكومة الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك طبيعة معاملاتها وخدماتها لنشطاء السياسة، خصوصا أعضاء حركة 6 أبريل، و«رحلة صربيا» التى تلقى خلالها أعضاء الحركة دورة تدريبية فى طرق الاحتجاج وتوحيد الصفوف.
قالوا لى فى أمريكا: لا توجد دولة قانون فى مصر
■ كيف بدأ موضوع قضية المنظمات الأجنبية؟
- أنا رجعت مصر فى مارس 2011، عشان نشوف الأجواء إيه بعد الثورة، الناس كانت لسه عندها تفاؤل كبير جدًا، أول لقاء حصل بينا وبين مسؤولين مصريين قولنا لهم عايزين نفتح مكتب فى مصر بطريقة رسمية.
■ مسؤولون من أى جهة؟
- التقينا مع جودة عبد الخالق وزير التضامن، لأنه المفترض قانونًا أنه المسؤول عن نشاط الجمعيات فى مصر، وقولنا له دلوقت الوضع اتغيّر، واحنا عايزين نفتح مكتب لمنظمة فريدوم هاوس فى القاهرة بشكل رسمى، والوزير رحّب جدًا، وقال لازم تقدموا فى وزارة الخارجية لأنكم منظمة دولية، وهمّ هيوافقوا، وإن من المفترض إنه هيكون هناك قانون جديد للجمعيات لو تم إقراره هتمشوا عليه فى إجراءات التأسيس، لو لم يحدث هذا هتمشوا على القانون القديم، الكلام ده كان فى مايو 2011، وبعدها التقينا نائب رئيس الوزراء الدكتور يحيى الجمل وأبدى ترحيبا شديدا.. وروحنا وزارة الخارجية.
■ يعنى انطباعات المسؤولين كانت إيجابية؟
- كانت إيجابية جدًا، ولم يكن هناك أى انطباع سلبى من جانب المسؤولين، والفترة دى كان فيها انفتاح كبير، عدّلوا قانون الأحزاب السياسية بحيث يسهّل من عملية تأسيس الأحزاب، وسمحوا بتشكيل نقابات جديدة، وأطلقت عديد من القنوات الفضائية، والاتجاه العام فى مصر كان مبشّرًا.
■ وماذا حدث فى أثناء استكمال إجراءات التأسيس؟
- قابلنا مسؤولين فى وزارة الخارجية فى مايو 2011، الناس رحّبت كالعادة، وعرفنا منهم إجراءات التأسيس، طلبوا منا أن نتخذ فى البداية مقرًا للمكتب ونسجّله فى الشهر العقارى، ونقوم بتعيين موظفين، ونرسل بياناتهم بالكامل إلى «الخارجية»، ونعد ورقة بالميزانية المتوقعة، والأنشطة والبرامج التى ننوى تنفيذها على مدار السنة. وبالفعل محامى المنظمة فى مصر الأستاذ نجاد البرعى، قام بتقديم كل الأوراق المطلوبة من وزارة الخارجية، واستلموا الأوراق، وطلبوا شوية معلومات إضافية، فتقدمنا بالأوراق مرة أخرى فى 26 سبتمبر وبعدها بثلاثة أيام اقتحمت قوات الأمن مقرات عديد من المنظمات الأجنبية، من ضمنها مقر فريدوم هاوس وعملوا قضية، يعنى بعد ما قالوا لنا قدموا أوراقكم قبضوا علينا.
■ كيف تفسر التناقض بين ترحيب المسؤولين ثم الانقلاب خلال ساعات واقتحام مقرات عديد من المنظمات الأجنبية؟
- من وجهة نظرى، فيه مجموعات أنا أسميها مجموعة الثورة المضادة بدأت فى تشويه الثورة والشباب اللى قام بها، وبدؤوا بحركة شباب 6 أبريل، وأرى أن مايو ويوليو 2011 كانا بداية الانفصال الحقيقى للمجلس العسكرى عن الثورة وتحوله إلى جانب الثورة المضادة، وبدأت إجراءات قمع المتظاهرين وشرّعوا قانون منع وتجريم التظاهرات، يعنى الاتجاه العام كان ضد الثورة وفقدت حكومة شرف صفة أنها حكومة الثورة، وفشلت فى كثير من الملفات وازداد غضب الثوار تجاهها، ومن هنا بدأ الحديث عن الطرف الثالث كنوع من أنواع تبرير الفشل، وكنوع من أنواع توجيه الأنظار نحو عدو خفى، قالّك فيه ناس بتلعب فى البلد وحاولوا يلبسوا فكرة الطرف الثالث لأكثر من حد، وفى الآخر لبستها منظمات المجتمع المدنى.
■ منظمات كثيرة تم التحقيق معها، لكن منظمات بعينها تحولت تحقيقاتها إلى قضية؟
- بدؤوا التحقيقات مع 400 شخص ومنظمة فى مصر، بما فيها هيئات سلفية ومنظمات تنموية، وجمعيات أيتام، كل الناس قالت عندنا مشكلات بمن فيهم السلفيون، ولما فتحوا الموضوع لاقوا فلوس كتير جدًا قادمة من قطر والكويت والسعودية، ولكن إيه اللى حصل فى الكلام ده كله؟ اتحط على جنب، لأن الهدف هو استغلال القضية سياسيًّا، ويقولوا ده الطرف الثالث، فمين ينفع طرف ثالث «أمريكا» طبعًا لأن هناك أسبابا ودوافع حقيقية للغضب من أمريكا وأنا مؤمن بها وقُلت ده لمسؤولين أمريكيين، لأنها على مدار 30 سنة كانت بتدعم مبارك لحسابها والناس عندها فعلا غضب حقيقى تجاه أمريكا، فكان سهلًا جدًا أن يختاروا المنظمات الأمريكية عشان يستثمروا الغضب ده، وفى نفس الوقت برضه عشان ينتقموا من الإدارة الأمريكية، اللى تخلت عن مبارك، يعنى فايزة أبوالنجا اللى اشتغلت مع مبارك عشر سنوات، عندها غضب حقيقى ضد أمريكا عشان ماوقفتش مع مبارك، كانت متخيلة أنه لما الأحداث دى حصلت أن أوباما يعمل حاجة، كده بقى عندها عداء شخصى لأمريكا وعندها عداء شخصى لينا كمنظمات، إحنا برضه بندعم حرية التنظيم بعيدا عن الدولة، وهىّ عايزة تكوّش على المساعدات الخارجية كلها اللى بتييجى لمصر.
■ ما رد فعل منظمة فريدوم هاوس والحكومة الأمريكية فور اقتحام مقرات المنظمات الأجنبية؟
- للأسف، أنا رفضت رد فعل المنظمة والحكومة الأمريكية، وشايف أنه لسه فيه فرصة أننا نعدل المشهد الختامى اللى حصل فى القضية دى.
■ ماذا تقصد بالمشهد الختامى؟
- أقصد هروب المتهمين الأمريكيين فى الطائرة، أنا شايف أنه أسوأ مشهد فى القضية كلها، لأنه أعطى انطباعًا أن كل الحملات الإعلامية لتشويه المتهمين كانت صحيحة، وأن الأدلة صحيحة، إنما مش هوّ ده الصح، الناس فهمت القضية غلط جدًا، التشويه الإعلامى على مدار 6 أشهر، كان على أننا عندنا مخدرات وأسلحة وفلوس، وخرائط تقسيم مصر.
■ وما التعامل الأمريكى الذى رفضته؟
- الحكومة الأمريكية تعاملت فى البداية على أن ما حدث هوجة وهتعدى فطنّشوا، لكن لمّا الموضوع كبر، أمريكا تعاملت مع الأمر وأصبح لها رعايا، تعاملت مع الموقف على أنه قضية رهائن والحكومة المصرية قررت سفر المتهمين بعد الإدانة الإعلامية، وبعد ما أمريكا تدفع الكفالة، وفى النهاية ينتهى الموضوع، كان مشهدًا يرضى طموح الحكومة الأمريكية ويقلل من خسائر الحكومة المصرية، وأنا شايف أن أكتر ناس أضرّت من القضية مش المتهمين إنما القضاة، لأنه أظهرنا كجمهورية موز، بقينا عاملين زى الصومال بنخطف ناس، وبناخد فلوس عليهم ونسيبهم، هكذا تحولت القضية.
■ فى هذا الوقت كنت فى أمريكا، ما الذى جعلك تعود إلى مصر وأنت أحد المتهمين وتعلم جيدا أنك على قوائم ترقب الوصول؟
- فى البداية، كانت هناك تأكيدات أن القضية هتتحل، وأن الحكومة المصرية هتتراجع، فقلت للمنظمة: مستعد أستنّى طالما القضية هتتحل، لكن مش تتحل بصفقة تطلّع الأمريكان وتسيب المصريين، وقلت ده فى كل مكان، قلت «أتخوّف من صفقة يتم على أساسها تهريب الأمريكان»، لأنى شايف أن فريدوم هاوس كمنظمة المفروض مايكونش فيها فرق أو تمييز فى التعامل بين الموظفين، على أساس الجنسية، زى ما بنحارب عشان موظف معين سنقف عشان التانى، الاهتمام انصب على المواطن الأمريكى فقط، لأن الحكومة الأمريكية متلزمة أمام رعاياها، وفى الحقيقة ضميرى ماكنش مستريح لفكرة أن فيه ناس فى مصر بتحضر ورا القفص جلسات المحاكمة، وسُمعتها أضرت، وشرفها مدان وممتهن، بالاضافة إلى وجود ارتباط إنسانى وشخصى بينى وبين الناس اللى بتتحاكم، لأننا كنا شغّالين مع بعض، وفيه ناس كتير منهم اشتغلوا فى المنظمة بناءً على دعوتى لهم، ودى حاجة ستظل أبعد من الوظيفة، بالإضافة إلى سمعتى الشخصية، أنا مش عايز أُمنع من دخول بلدى، أو آخد حكم غيابى، أنا ليه ما أدافعش عن نفسى، خصوصا أننى متأكد أن مافيش حاجة غلط، فقلت لازم أرجع وأدافع عنهم وأثبت بطلان كل الادعاءات بصورة قانونية من داخل مصر، وأنا متأكد أن القضاء سيثبت براءتنا عاجلًا أم آجلًا، وساعتها مش عايز الإعلام يقول إن الحكم استجابة إلى الضغوط الأمريكية، الناس لازم تفهم القضية صح، لأن الأمر برمته تم تسييسه من قبل الحكومة المصرية، لأنها حكومة فاشلة وعاجزة وعايزة تستغل ده لصالحها.
■ هل ما زلت تثق فى عدالة القضاء الذى سفّر المتهمين الأمريكيين؟ وأيضا منعك من السفر؟
- السؤال ده أصبح السؤال الرئيسى فى حياتى، واللى بسأله لنفسى كل يوم، وباحاول أقول «آه»، المشكلة الكبرى فى منعى من السفر، أنا أخدت بالفعل حكم من المحكمة الإدارية برفع اسمى من قوائم الممنوعين من السفر، وده قرار المفروض يتنفّذ، وفى ما عدا ذلك يعد خرقًا لحقوقى الدستورية والقانونية، لذلك قمت بإرسال الصيغة التنفيذية إلى النائب العام والجوازات والداخلية لتنفيذ الحكم. والصراحة قالوا لى فى أمريكا انت راجع ليه، لا توجد دولة قانون فى مصر، لكن من وجهة نظرى أن مصر عشان تبقى دولة قانون بشكل حقيقى هتاخد وقت، وده هيتوقف على أن كل واحد مننا يعمل اللى عليه، عشان اللى جاى بعدينا مش هيكون محتاج يعمل اللى بنعمله دلوقت، وأنا شايف أن القضية سهل أن الواحد يكسبها، وأنى أقدر أدافع عن نفسى فيها طبعًا.. فيه مشاكل كتيرة بتواجهنى، لأن أهلى قلقانين علىّ، وزوجتى اللى تركتها فى أمريكا، بس فى النهاية ده حقى وهاقف وراءه عشان آخده بكل الطرق القانونية، تقدمت بشكوى إلى الخط الساخن الخاص برئاسة الجمهورية، وذهبت إلى منظمات حقوقية مثل المنظمة المصرية لحقوق الإنسان حتى لو وصل الأمر للاعتصام هاعتصم.
■ لو قررت الاعتصام، ما الجهة التى ستعتصم بها؟
- أنا أرسلت إلى النائب العام محضرًا بحجة عدم تنفيذ أحكام قضائية، والمفروض أنه خلال ثمانية أيام لو لم ينفّذ يتعرض النائب العام ومدير مصلحة الجوازات ووزير الداخلية للحبس، وإذا لم يحدث تطور إيجابى من جهتهم سأدخل فى اعتصام مفتوح حتى ينفذ حكم المحكمة، ويسمحوا لى بالسفر، أنا الأول كنت بافكر أعتصم فى مطار القاهرة الدولى، لكن المحامين قالوا لى مطار القاهرة مش جهة تنفيذية للحكم، وإن الاعتصام ممكن يكون عند النائب العام أو فى مصلحة الجوازات.
■ لقد حصلت على الجنسية الأمريكية فى مارس الماضى، فلماذا لم تلجأ إلى السفارة الأمريكية بالقاهرة؟
- ما زلت مُصرًا على أخذ حقوقى كاملة كمواطن مصرى، لأنى متأكد ومتيقن أننى ماعملتش حاجة غلط، لكن لو فشلت كل الطرق القانونية ورفضت الجهات المختصة تنفيذ الحكم القضائى من الممكن أن ألجأ إلى السفارة الأمريكية، لأن هنا فعلًا يبقى مافيش دولة قانون ولا فيه أى حد بيحترم القانون فى البلد، أنا اتّبعت كل الطرق القانونية بما فيها أننى أرسلت شكوى إلى الرئيس مرسى على الخط الساخن لرئاسة الجمهورية، وماعنديش حاجة تانية أقدر أعملها، والمفروض أنى أرجع أمريكا إلى أهلى وزوجتى، لأن ماليش مصدر رزق فى مصر، ده حتى أصدقائى المصريين المتهمين فى القضية بيسافروا وبيرجعوا براحتهم، إلا أنا، لأنى ماكنتش معاهم وقت ما اترفع عنهم الحظر مع الأمريكان، عندما قامت الحكومة الأمريكية بدفع الكفالة المالية، وبالمناسبة الكفالة المالية ستخصمها أمريكا من المعونة الممنوحة لمصر العام القادم، هكذا أعلنوا.
■ هل تنوى مغادرة مصر نهائيًّا؟
- لا طبعًا، أنا مضطر إلى السفر لأن بُعدى عن أهلى وزوجتى خلق ضغوطا كثيرة، ومحتاج أسافر عشان أدوّر على شغل جديد، بعدما تقدمت باستقالتى من فريدوم هاوس لأنها رفضت عودتى إلى مصر.
يوما بعد يوم يزداد قدرك وتزداد مكانتك استاذ شريف منصور ،وتؤكد أن مواقفك تتوافق مع أنك (إبن د- أحمد صبحى منصور ) . لا أُخفى عليك أننا كُنا ولا زلنا قلقين عليك من عودتك لمصر فى هذه الظروف الراهنة ، ولكننا قدرنا شجاعتك واحترمنا فيك ،وفى حرصك على أن تواجه الظلمة وجها لوجه ،وأن تُدافع عن زملائك والا تتخلى عنهم فى ظروفهم الصعبة .. واليوم تُظهر فى حوارك بعض من عوار وتردد أصحاب القرار فى مصر ،وأنهم يتصرفون طبقا لإملاءات وهوى الحاكم .. ففى البداية رحبوا بكم كمنظمة ،وبداتم فى ترخيص فرعها فى مصر ،ولكن لأهواء الحاكم العسكرى وسكرتيرته حدث ما حدث .. والآن تُناضل من أجل ان تكون الدولة هى دولة سيادة القانون ،وأن يُنفذ القانون على الجميع ،وذلك من خلال موقفك وإصرارك على جعل النائب العام والداخلية ورئاسة الجمهور تُنفذ حكم محكمة القضاء الإدارى برفع إسمك من قوائم ترقب الوصول والمنع من السفر .. على كل حال ربما يأخذ الأمر بعض الوقت ، ولكن نتيجته ستكون مُرضية إن شاء الله ،وستكون باب خير على من هم فى نفس ظروفكم الآن ،وساعتها سيكون لك فضل فى رفع العبأ والظلم عنهم ...
بارك الله فيك ،وأعادك إلى أسرتك الكريمة سالما غانما سريعا إن شاء الله .