مليونية فى التحرير أم " سوق الجمعة " ؟
ملحوظات عديدة رصدتها خلال مشركتى لبعض الوقت فى مليونية تقرير المصير يوم الجمعة الماضى 20 إبريل فى ميدان التحرير ، بعض تلك الملحوظات إيجابية ، والبعض الاخر سلبى ، بل وأزعجنى أن السلبيات أكثر وقد تمس كيان أو هيبة ميدان التحرير رمز اثورة المصرية ، والذى أصبح ملتقى لكل التيارات السياسية ، بل أنه أصبح " دولة الحريات " وقلعة الديمقراطية فى أرض الكنانة .
فقد وقفت امام جميع المنصات " التسع " فى ميدان التحرير بعد أن أديت صلاة الجمعة هناك ، بداية من منصة أنصار المرشح الرئاسى المستبعد حازم صلاح أبوأسماعيل ، المقامة أمام مجمع التحرير من ناحية شارع قصر العينى ، وحتى منصة مصلحة الضرائب المقامة بجوار المتحف المصرى وأمام ميدان عبد المنعم رياض .
فمن الإيجابيات التى لفتت نظرى فى مليونية " تقرير المصير " هى مشاركة ووجود كل التيارات السياسية والاحزاب والجماعات والإئتلافات والحركات والقوى الوطنية تقريبا فى ميدان التحرير ، وعدم هيمنة تيار أو جماعة على المشهد السياسى هناك ، ووجود حالة " سلام سياسى " بين تلك القوى المشاركة فى المليونية رغم تعدد وإنقسام " المنصات "، وكانوا مثل العائلة الكبيرةالواحدة التى تقطن مكانا واحدا ولكنها شبه متخاصمة أو جيران يسكنون فى مسكن واحد ولكن " كل واحد فى حاله " ورغم ذلك كان هناك شبه إجماع على إنقاذ الثورة وإستمراريتها وإستكمال اهدافها ومنع ترشيح الفلول للمناصب السياسية خاصة رئاسة الجمهورية ، وتفعيل قانون العزل السياسى ، والتوافق على الدستور الجديد ، وضرورة تسليم المجلس العسكرى للسلطة المدنية المنتخبة فى 30 يونيو المقبل ، دون تأجيل ، أو ربط ذلك بالإنتهاء من إعدادا الدستور.
بل إن التحرير تحول إلى ملتقى لأبناء مصر من القرى والنجوى المختلفة ، من قبلى وبحرى ، والذين يشاركون بإيجابية ولو بشكل رمزى فى مستقبل بلادهم بعد سنوات طويلة من العزلة والتهميش والإقصاء السياسى ، بل شاهدت عقد قران لعروسين من محافظة الغربية على منصة الشيخ صفوت حجازى ، مما يرسخ المكانة السياسية والإجتماعية المميزة لميدان التحرير بعد ثورة يناير.
ولكن من السلبيات التى شاهدتها فى الميدان ، وكادت تشوه ذلك " العرس " السياسى هى حالة الفوضى التى تسبب فيها وجود الباعة الجائلين بكثرة فى الميدان والذين يبيعون كل شىء هناك ، من الشاى والعصيروزجاجات المياه ، وحتى الكشرى وحمص الشام و" الممبار " ، ووجود خيام لمعتصمين مجهولين لايشاركون فى المليونية ، بل تحولت تلك الخيام فى وسط الميدان " الصينية " إلى سكن ومأوى مجانى للباعة الجائلين والبلطجية والمتسولين واطفال الشوارع ، ونتج عن وجود عربات صغيرة لبيع المثلجات والممبار ، قذارة شديدة فى بعض الأماكن بالميدان ، والتى تحولت إلى مايشبه " سوق الجمعة "، بل بعض هؤلاء الباعة يطاردون ويصطادون بعض المشاركين فى المليونية من أبناء الريف الذين يصطحبون عائلاتهم من أجل " زيارة " ميدان التحرير واداء واجباتهم السياسية ، من اجل بيع بضاعه لهم " بالإلحاح " وذلك بضعف الثمن ن وكأنهم سائحين جاءوا للتنزه فى ميدان التحرير .
ولكن الذى أقلقنى أكثر من وجود الباعة الجائلين الذين يشوهون جمال ميدان التحرير، هوتعدد المنصات ورفع بعضها للافتات تطالب بمطالب " خاصة " وإلقاء خطب من عليها تدعم مواقفها ومطالبها السياسية ، وتختلف عن باقى المجموع ، فمثلا كانت منصة أنصار حازم صلاح أبواسماعيل تندد بإستبعاده من الترشح للرئاسة ومطالبة بحل اللجنة العليا المشرفة على إنتخابات الرئاسة ، ومنصة الإخوان تندد بإستبعاد خيرت الشاطر وتؤكد إن الدكتور محمد مرسى المرشح البديل ، سيستكمل المشوار ويتبنى مشروع النهضة ، أما منصة القوى الثورية ، فقد صبت جام غضبها على المجلس العسكرى وطالبت ، بتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة ومجلس رئاسى ، رغم أن هناك أياما تفصلنا عن غنتخابات الرئاسة ، بل الأغرب هو وجود منصة " فئوية " لموظفى مصلحة االضرائب ، والذين كانوا يكالبون بتطهير المصلحة من الفساد وسقوط حكم " العسكر " فيها ، وكانوا يقصدون إقالة رئيسة المصلحة زوجة الفريق سامى عنان نائب رئيس المجلس العسكرى .
أتمنى أن تقام المليونيات القادمة فى ميدان التحريربعد تشاور كل القوى السياسية ، وأن تكون لأسباب محددة وواضحة حتى ولو أقيمت كل شهر ، أوعلى فترات طويلة ، وأن تكون هناك وحدة فى الهدف ، حتى تؤتى بثمارها ، ولاتفقد بريقها ، وحتى لاتنقسم وتتفتت " دولة التحرير الديمقراطية " ويكون هناك شروخا فى قلعة التحرير للحريات ، والأهم من ذلك كله هو تطهير ميدان التحرير من الإنقساميين والباعة الجائلين ، بدلا من أن يكون مثل سوق" عكاظ " أو سوق " الجمعة "فى الأرياف ، وحتى يظل رمزا نظيفا وجميلا وموحدا للثورة المصرية المباركة .
حمدى البصير
Elbasser2@yahoo.com
اجمالي القراءات
9736
الاستاذ الفاضل/ حمدي البصير ، جزاك الله خيرا على مجهودات الترصد للوقائع السياسية بميدان التحرير .. وما فهمته من مقالك .. ان الميدان به سلبيات اكثر من الايجابيات..
وهذا ما يراهن عليه الفلول ومن يدعمهم من المجلس والجيش... أن الفوضى والسلبيات لو زادت وكثرت تفرق شمل المصريين ووقتها يسهل على الفلول وحماة الفلول .. النيل من المصريين اللاهثين على السلطة والرئاسة..
ولقد توقعت أن يكون سوق ميدان التحرير مثل سوق السيدة عائشة .. دائما ما يحافظ الباعة المتجولون على هذا المشهد الجماهيري ويتمنونه دائما هم والأمن .. حتى يسهل مراقبة ورصد كل الناشطين السياسيين..
شكرا لك وإلى لقاء في مقال لك عن قريب إن شاء الله