يا ليبراليي السياسات: أين أنتم من مد الطوارئ؟

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٢٦ - مايو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المصرى اليوم


بقلم ضياء رشوان ٢٦/٥/٢٠٠٨
في الثامن عشر من أغسطس ٢٠٠٥، أعلن الرئيس مبارك برنامجه الانتخابي الذي تضمن ضرورة «ضمان تبني قانون جديد لمكافحة الإرهاب، يكون بديلاً تشريعياً لمكافحة هذه الظاهرة، دون الحاجة لمكافحتها بتطبيق قانون الطوارئ ». وفي ٢٢ مارس ٢٠٠٦ تعهد الدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء، أمام مجلس الشعب بإنهاء حالة الطوارئ بعد إصدار قانون جديد لمكافحة الإرهاب، معلناً عن إصداره قراراً بتشكيل لجنة من ذوي الخبرة والتخصص وممثلي الوزارات المعنية، لإعداد مشروع قانون مكافحة الإرهاب.



وفي ٣٠ أبريل من العام نفسه، وافقت أغلبية الحزب الوطني في مجلس الشعب علي قرار رئيس الجمهورية رقم ١٣١ لسنة ٢٠٠٦ بمد حالة الطوارئ لمدة عامين ينتهيان في ٣١ مايو ٢٠٠٨، أو لمدة تنتهي بصدور قانون لمكافحة الإرهاب أيهما أقرب - حسب نص القرار - وفي هذه الجلسة، أعلن رئيس مجلس الوزراء أن الحكومة قد طلبت مد حالة الطوارئ عامين فقط بدلاً من ثلاثة أعوام، كما كان معتاداً، لأنها تري أن «سنتين أو أقل هي مدة، قدّرنا أن يتاح خلالها إعداد القانون الجديد لمكافحة الإرهاب وما يتطلبه من تعديلات في الدستور وبعض القوانين».

وفي ٢٦ مارس ٢٠٠٧ تم الاستفتاء علي التعديلات الدستورية بما فيها المادة ١٧٩ الخاصة بمكافحة الإرهاب، التي قدمها الرئيس وحزبه، باعتبارها القاعدة الضرورية لإصدار القانون المختص بذلك.

كل هذه التواريخ توضح أن عامين ونصف العام قد مرت منذ وعد الرئيس مبارك بإصدار قانون خاص بمكافحة الإرهاب، وأن أكثر من عامين قد مرت علي قرار الدكتور نظيف بتشكيل اللجنة المختصة بوضع مشروع هذا القانون، وأن أكثر من عام قد مر منذ تعديل الدستور ليناسب مواد هذا القانون الذي لم يصدر قط..

وبعد كل هذه الفترة الطويلة التي تكفي لإعداد عشرة قوانين لمكافحة الإرهاب، وبعد عشرات الاجتماعات السرية التي عقدتها اللجان المكلفة بذلك، والرحلة التي قام بها بعض أعضائها إلي بريطانيا للتعرف - كما قالوا علي خبرتهم هناك في هذا المجال - ها نحن اليوم، مرة أخري أمام قرار جمهوري علي وشك الصدور بمد حالة الطوارئ لمدة عام آخر.

والحقيقة أن التعامل الحكومي مع هذا الأمر بتلك الطريقة المهينة للشعب المصري كله ولنخبته ولقواه السياسية وأحزابه، بما فيهم الحزب الوطني نفسه، لا يحتمل إلا أحد تفسيرين: إما أن الحكومة قاصرة وفاشلة وعاجزة عن صياغة قانون مكافحة الإرهاب بعد كل تلك السنوات، وهو ما يضيف سبباً آخر إلي الأسباب الكثيرة التي توجب إقالتها أو استقالتها، وإما أن الحكومة والحزب الوطني والنظام السياسي كلهم يخدعون المصريين، ويستهينون بهم، ويفعلون بهم ما يريدون في الوقت الذي يريدون، وكلهم ثقة بأن لا أحد سوف يحاسبهم علي غيهم هذا.

وفي الحالتين يتساءل المرء: أين تلك الوجوه اللامعة فيما يسمي جناح لجنة السياسات في الحزب الوطني والدولة، أو أصحاب الفكر الجديد الذين لا يتوقفون عن الترويج لأنفسهم، باعتبارهم «الليبراليين» الحقيقيين في مصر؟ ولماذا لا نسمع لأحد منهم صوتاً في نقد مد حالة الطوارئ الاستثنائية، ولا حتي في تبرير هذا المد؟ أبناء السياسات بكل أطيافهم..

من هم في قلب الدولة والحكومة والحزب ومن يتحلقون حولهم من الطامعين في الصعود عن طريقهم، لا يعرفون من «الليبرالية» التي صدعوا رؤوس المصريين بها سوي تلك الاقتصادية التي تفتح لهم الأبواب لتدمير اقتصاد هذا البلد وقبله حياة أبنائه وما بقي من مجتمعه الممزق.. أبناء السياسات بكل أطيافهم، ليس لدي أحدهم الشجاعة أو القناعة لكي يرفع إصبعه أو يفتح فمه اعتراضاً علي تلك المهزلة، التي يعرفون جميعاً أنها تقترب من حدود المأساة.. وإذا كان لدي أحد من هؤلاء السادة أي قدر من الشجاعة السياسية الحقيقية أو القناعة الليبرالية الصادقة، فليسمعنا صوته أو ليقرئنا رأيه في تلك المأساة - الملهاة.

إن هؤلاء الهابطين علي سدة حكم مصر من الشركات الخاصة، أو من قصور آبائهم، أو من قاع التيارات السياسية الأخري، أو من وسط السلم الوظيفي أو الاجتماعي حيث يتأرجحون، لم يكونوا قط ليبراليين حقيقيين ولن يكونوا قط ليبراليين صادقين، فكل ما يبحثون عنه هو أنفسهم ومصالحهم الكبيرة أو الصغيرة، وإذا وقفت الليبرالية، التي يدعون، في طريقهم فلتذهب إلي الجحيم.

لقد تعددت اللحظات الكاشفة لحقيقة هذا الادعاء والانتحال الليبرالي من أهل السياسات خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، من تزوير للانتخابات العامة علي يد حكومتهم وحزبهم، وإصدار لقوانين تتعارض مع أي مبدأ ليبرالي من أغلبيتهم في البرلمان، واعتداءات أمنية علي المواطنين بمن فيهم رجال السلطة القضائية، لنصل اليوم إلي ذروة الكشف عن حقيقة هؤلاء الاستبدادية بمشاركتهم بالتأييد أو بالصمت في جريمة مد حالة الطوارئ.



اجمالي القراءات 4195
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق