القرآن...ليس بمعجزة..!!

محمد خليفة Ýí 2011-11-22


القرآن ليس بمعجزة !!

 

قد يكون العنوان … صادما  للقارئ، لكنه ومع التريث قليلا للقراءة المتمهلة سوف نجد أن وصفنا للقرآن بأنه معجز… هو حقيقة لا مراء فيها، لكن وصفنا له بأنه معجزة فيها إقلال من شأنه وتصغير لقدره فهو يعلو عن أن يكون معجزة.

فالقرآن كل ما فيه معجز...

وهو جامع لكل أوصاف وتفاصيل المعجزات الحسية التي جاءت على أيدي رسل الله وأنبياءه من قبل أن يسطع نور الهدى بمحمدr.

كذلك هناك إعجاز في نظمه وترتيبه وبيانه وشمول شرائعه وأحكامه، أيضا في عدم تعارضه مع أي حقيقة علمية أذن الله في التوصل إليها ، بل أن فقراته المنجمة أطلق عليها لفظ الآيات أي أنها معجزات دلالية مقروءة ومسموعة وتعدى الأمر إلى أن حركة الحرف الواحد فيه بأتي بمعنى أعمق وأشمل وأدق مما جرى العرف عليه وقد ساق الله الدليل على أن القرآن معجز بأن تحدى الثقلين بأن يأتوا بمثله أو حتى بعشر سور من مثله  أو يأتوا بمجرد سورة واحدة.

أيضا بات من المعلوم عند الكافة أن طرق العلم ووسائل إدراكه تنحصر في  السمع والأبصار والأفئدة ، لذلك كان العلم ومدركاته أكثر النعم وجوبا لشكر المنعم سبحانه وتعالى .

 

ولأنه وبالسمع تعرف صفة واحدة من صفات الأشياء والأحياء حين حركتها أو احتكاكها أو نطقها وهى الصوت المصاحب أو المميز لها، لذا ورد دائما في كتاب الله مفردا  ( السمع ).

كما أنه بالبصر يعرف العديد من الصفات كاللون والشكل والحجم والنوع وهذه الصفات كلها – عدا اللون – يمكن إدراكها  بالحواس الأخرى لكن لها في ذات الوقت صورة بصرية، لذلك قد يغني البصر عن تلك الحواس إلى حــــــــد بعيد فالبصر
- في حقيقته - جمع من الحواس لذا يرد جمعا ( الأبصار )  إذا ما ورد قي القرآن.

 

وقد جاء اقتران السمع والأبصار ثلاثة عشرة مرة في القرآن الكريم وذلك فيما يخص الإدراك البشري ، فالوعي والإدراك والنطق والبيان هي خصائص للإنسان تكتسب بالسمع عمن سبق وممن سبق ، وهكذا نقلا عن نقل عن نقل حتى الوصول إلى آدم عليه السلام 

إذن نصل إلى اللــــــه كحقيقة يقينية وضرورة حتمية.

اللههو خالق هذا الإنسان وهو مصدر علمه.

والسمع لا يحده ـ نسبيا - لا الزمان ولا المكان ولا إرادة الإنسان، لذا جاءت معجزات الأنبياء جميعا ـ قبل رسول الله محمدrـ  كلها معجزات بصرية حسية أي أنها إشارة علمية من الله بأنها محدودة الزمان ومحدودة المكان وتحكمها إرادة الإنسان.

أما الإشارة السمعية الوحيدة التي تكرم بها الله علي البشر فكانت القرآن لا يحدها زمان ولا يحدها مكان ولا سلطان لإرادة الإنسان عليها.

 

والمعجزة البصرية بذلك تكون دليلا قهريـــا على الإيمان، والمؤمن بعد رؤية المعجزة هو مؤمن مقهور على الإيمان لذا يداخله الشك أو الخوف أو كليهما معا.

 

أما القرآن ولأنه دليل عـقـلي علي الإيمان فهو ليس بمقهر من يقـرأه عليه ، لكنه مع الـتـدبر والـتـفكـر والـتعـقـل يكون الإيمان اليقيني والذي ينبـع في الـقـلب الوجداني لينتشر بعدها تموجيا إشعاعيا حتى تمتلئ به الجوانح .

 

والمؤمن بالـدلـيـل الـعقـلي تجده دائما،  رابط الجأش، قوي الشكيمة،  ثابت الموقف واضح الرأي، رزين العقـل، حليم أواه منيب. إذا حاججه أحد وجده جبلا فكريا صامدا لا يزحزحه عن رأيه حاكم ظالم أو معتد أثيم أو قوي متغطرس حتى وإن كان – هذا المؤمن –  واهن العظم  خديج الجسم خفيض الصوت فلا يوجد في دنياه من يخافه أو يخشاه سوى خالقه . 

ويكون القرآن بذلك أكبر من أن يوصف بأنه معجزة.

 

ولا أجد في اللغة ما يمكن أن يكون مصطلحاً يصلح للتعبير عن هذه الكينونة سوى أن نقول أن هذا هو كلام الله وهو محفوظ بحفظ الله.

 

ورحم الله عميد الأدب العربي الأستاذ طه حسين إذ  أنه حين أراد أن يضع تصنيفا للغة العربية أفاد بأنها نثر و شعر و قرآن.

فلا يستطيع كائن من كان أن يصنف القرآن على أنه نثر ولا هو بشعر وأيضا هو ليس بخليط منهما معا.

لذا يقصر بياننا عن وصف القرآن، ونـُقـِر بعجزنا أمام بيانه، ويكون والحال كذلك وصفنا للقرآن بأنه معجزة فيه غبن للقرآن وعدم إعطاءه حقه من التقدير، ولا يوجد مصطلح في اللغة العربية كلها يصف هذه الحالة، فإننا لا نستطيع أن نصف القرآن بأنه معجزة بل هو حتما أكبر من المعجزة.

اجمالي القراءات 16683

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2011-11-20
مقالات منشورة : 103
اجمالي القراءات : 1,593,290
تعليقات له : 5
تعليقات عليه : 107
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt