سؤالان

الجمعة ٠٢ - أغسطس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
السؤال الأول فى سورة البقرة يقول تعالى عن المشركين : " صم بكم عمى فهم لا يرجعون : 2/18 " ويقول عنهم فى موضع آخر : " صم بكم عمى فهم لا يعقلون : 2 / 171 " . والسؤال هنا : لماذا قال الله تعالى فى الآية الأولى عنهم " .. فهم لا يرجعون " وقال فى الآية الأخرى " .. فهم لا يعقلون " ؟ السؤال الثانى : رزقنى الله تعالى بطفلة أصبحت محور حياتى ، الى درجة أنى فعلا لا أتصورها ستكبر وتتزوج وتتركنى . وأغضب عندما يقولون لى : وكيف ستفعل حين تكبر وتتزوج . وأرد ألعن من يأتى ليتزوجها ويأخذها منى . ويضحكون ، ولكنى فعلا هذه هى مشاعرى . أرجو منك التوجيه .
آحمد صبحي منصور :

إجابة السؤال الأول :

 أن السياق هو الذي يقتضى ذلك .

ونرجع إلى سياق الأولى يقول سبحانه وتعالى :( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (18). قبلها : (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمْ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16) مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ (17) ) فالمنافقون الذين اشتروا الضلالة بالهدى خسروا فى هذه التجارة ولم يربحوا لأن مصيرهم حين باعوا نور الهدى هو الخلود فى النار ، أى أضاعوا النور واستحقوا الخلود فى النار ، والله تعالى يضرب لهم مثلا برجل استوقد نارا ليستفيد منها الضياء فجاءت الريح فأطفأت النار وجعلتها مجرد جمرات بدون نور ، فأصبح فى ظلمات لا يستطيع الرؤية ، وهكذا حال المشركين يعيشون فى ظلمات صما بكما عميا ، لا يستطيعون  الاهتداء ولا الرجوع إلى الطريق المنير .والسياق فى هذا التشبيه يقتضى أن يقول تعالى : " ..فهم لا يرجعون " لأنه المناسب للصورة التمثيلية التى ذكرها القرآن فذلك الرجل حين ضاع منه النور أصبح فى ظلمة لا يستطيع الهداية فى طريقه ولا يستطيع الرجوع . وينطبق هذا على شيوخ الأديان الأرضية فى عصرنا .

أما الآية الأخرى فإنها تضرب للكافرين مثلا آخر ؛ يقول سبحانه وتعالى عنهم :( وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (171)) . والآية قبلها : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (170) أى تتحدث عن إتباع المشركين للسلف المشرك وما اعتاده الآباء مما يخالف القرآن الكريم ، ثم يضرب الله تعالى لهم مثلا بالحيوان الذي ينعق أى يصرخ بما لا يفهم وإذا سمع فلا يعقل غاية ما هنالك أن ذلك الحيوان الأعجم إذا سمع رفيقا له ينعق ويخور أجابه بنعيق آخر وخوار آخر بحكم العادة والطبيعة ، وهكذا المشركون مع آبائهم وأسلافهم ؛ فالأسلاف عبدوا الأصنام والأولياء وقدسوا القبور من دون الله واعتقدوا فيها النفع والضرر فسار على أثرهم الأبناء  . قال فيهم جل وعلا  : ( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24) الزخرف 23)  " وكما قال الله سبحانه وتعالى عنهم : ( إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70) الصافات 69) ( يهرعون ) أى يندفعون بلا عقل ولا تمييز شأن البهائم . وهذا التقليد الأعمى معناه انعدام العقل لذلك قال سبحانه وتعالى عنهم " صم ، بكم ،عمى ، فهم لا يعقلون " وهكذا كان التشبيه فى الآية الأولى برجل ضل الطريق ولا يستطيع الرجوع بينما كان التشبيه فى الآية الأخرى بالحيوان الذي يردد ما يقوله الآخرون بدون عقل . 

إجابة السؤال الثانى :

 1 ـ ذكّرتنى بهذا المثل العربى الجاهلى :  ( شنشنة أعرفها فى أخزم ) يروى أن أبى أخزم الطائى ـ وهو الجد الأعلى لحاتم الطائى ـ كان أغير الناس على بناته الى دردة أنه رفض تزويجهن . قام أبناؤه بوثاقه وضربه حتى أدموه ، وزوجوا البنات . فقال فى هذا شعرا :

إن بنىّ ضرّجونى بالدم

من يلق آساد الرجال يُكلم

شنشنة أعرفها فى أخزم .

أى هى طبيعة بنى أخزم ، وهم آساد الرجال .

2 ـ حُبُّك لبنتك هو حُبُّ إمتلاك وأنانية ، وبه تصبح أمثولة مثل أبى أخزم الطائى .

3 ـ الله جل وعلا خلق الأنثى لتكون زوجة وأُمّا . والأب الصالح يربى بنته على هذا الأساس ، يربيها عارفا أن مآلها أن تتركه وتعيش فى بيت تتسيده وتنجب فيه أطفالا ينتسبون لأبيهم وليس لأبيها . هو ما حدث لوالدتك ، ومن سبقها .

  



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 1114
التعليقات (5)
1   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الجمعة ٠٢ - أغسطس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[95423]

حدث بالفعل .


ربنا يبارك فى عُمرك وعلمك أستاذنا دكتور - منصور ... عن موضوع حُب الأب لإبنته ورغبته فى عدم  زواجها حرصا وخوفا عليها ...... حدث هذا بالفعل فى قريتنا (أبو حريز - كفر صقر شرقية -مصر ) .كان هناك رُجلا طيبا ويُحب إبنته لدرجة أنه رفض رفضا باتا زواجها .فماكان من أبنائه (إخوتها ) إلا أنهم حبسوه فى منزله وأغلقوا عليه البيت وهددوه بتقديم محضر فيه فى قسم الشرطة إلى أن عقدوا عقد نكاحها وذهبت فى حفل زفاف صغير إلى بيت عريسها .... ثم هدأ الرجل وتفهم الوضع ورضى بالواقع وكان دائم الجلوس فى بيتها تقريبا لأن ظروف عمله كانت على الطريق العمومى للبلدة .فمنها جالس ويُشرف على عُمال الطريق ،ومنها جالس مع إبنته التى يُحبها فى بيتها ....هى عاطفة وحُب زيادة لكن فى النهاية الواقع الذى خلقنا الله جل جلاله وهدانا إليه هو الذى سينتصر . فستتزوج ويسعد بها والدها وسيتذكر هذه الأيام والأفكار ويضحك ،وسيُخبرها بها على مدى حُبه لها وحرصه عليها منذ ولادتها ......



إن شاء الله يفرح بها فى بيت زوجها وبأحفاده منها .



2   تعليق بواسطة   حمد حمد     في   الجمعة ٠٢ - أغسطس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[95424]

أحمل نفس المشاعر


جزاك الله خير الجزاء دكتور أحمد المحترم وبارك بعمرك وعلمك ، والشكر موصول للدكتور عثمان المحترم كذلك في تشخيص حالة الأب وحبه لإبنته لدرجة حرمانها من الزواج ، هذه المشاعر كنت دائما أكنها لإبنتي الوحيده التي تعاني من مرض كرونز تقدم لها اكثر من شخص ولكن عند معرفة حالتها المرضيه،يبطل كل شيء ساعات اقول ان الله جل وعلا قدر هذا لكي لاتبعد عني، مع اني ادعوا الله جل وعلا دائما بشفائها لكي أفرح بزواجها والحمدلله الله على كل حال. 



3   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الجمعة ٠٢ - أغسطس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[95425]

حفظها وحفظكم الله أستاذ سعد الحمد .


شفاها وعافاها الله وحفظها وحفظكم الله استاذ سعد الحمد . الطب والعلاج والدواء كل يوم فى تطور وإن شاء الله يكون هناك أدوية للأمراض المُزمنة كعلاج قاطع يُنهى مشاكلها وآلامها ، وإن شاء الله تسعد بها وبأولادها .



4   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الجمعة ٠٢ - أغسطس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[95427]

أدعو الله جل وعلا أن يشفى إبنتك ، وأن يحفظها وأن يسعدها


والأمل فى رحمة الله جل وعلا هو الذى يضىء لنا حياتنا . 

5   تعليق بواسطة   حمد حمد     في   الجمعة ٠٢ - أغسطس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[95428]



أكرمكم الله جل وعلا وحفظكم من كل سوء وتقبل الله جل وعلا  دعائكم. 



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5117
اجمالي القراءات : 56,870,966
تعليقات له : 5,451
تعليقات عليه : 14,828
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


الأيادى فى الصلاة: يتشاج ر الشيع ة والسن ة فى رفع اليدي ن ...

اللوامة و الأمّارة .: يقسم الله تعالى في القرا ن الكري م بالنف س ...

يرحمه الله جل وعلا: رغم إقتنا عى ان دعائي لابي لن ينفعه لان صفحة...

أذكر فى الكتاب: سؤالى هو قو ل الحق سبحان ه (واذ ر فى...

ليس قتلا للنفس: ارجو افادت ى لى ابنه لديها طفل فى عمر 6 اشهر...

Rashad Khalifa: Dear Dr. Mansour, I have been debating Edip Yuksel on facebook and he made the...

عذاب النار عدل: سلام علیکم عزیزي یا دکتر صبحی منصور : لا أشك في...

برجاء قراءة ما نكتب: ---------- ---------- ---------- ---------- ---------- عزيز ي ...

شجرة يقطين: في سورة الصاف ات أنبت الله على سيدنا يونس...

تصحيح الألفاظ : نريد فتح باب تصحيح الألف اظ والمص طلحات ...

المبارزة بالأحاديث: هل من المنط ق الاحت جاج بحديث لنفي كتابة...

تمتع الزوجين حلال: ما حكم شرب الزوج لبن زوجته أثناء المدا عبة أو...

أكلت حق أخى : بتأثي ر زوجته أكل حق أخيه الأصغ ر فى...

إلا الذين ظلموا منهم: كنت مع نقاش مع احد المسي حيين في انه كان هناك...

هو ابنه الشرعى: احد اصدقا ئي استشا رني في مشكلة حصلت مع احد...

more