سبيل المجرمين

الجمعة ١٠ - مارس - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
ما هو المقصود ب ( ولتستبين سبيل المجرمين ) فى سورة الأنعام ؟
آحمد صبحي منصور :

قال جل وعلا عن بيان القرآن الكريم : ( وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55) الانعام ).

1 ـ ( المجرمون ) مرادف لصفات الكفار المشركين الفاسقين ، وقادتهم موصوفون ب ( أكابر المجرمين ). والله جل وعلا فى كتابه الكريم أوضح وبيّن وفسّر وفصّل سبيل الكفار المجرمين ، أى عقائدهم وثقافتهم وسلوكياتهم بحيث تنطبق على من شهد عصر النبى محمد عليه السلام ومن أتى وسيأتى بعده ، وانطبقت من قبل على الأمم السابقة من قوم نوح ومن أتى بعدهم .

2 ـ  وبيان القرآن الكريم فى توضيح سبيل ودين الكفار يأتى :

2 / 1 ـ بتوضيح الحق المناقض للكفر والشرك ، أو سبيل المجرمين .

2 / 2  ـ بتفصيل عقائد المجرمين فى تقديس البشر والحجر مع إيمانهم بالله جل وعلا ، أى لا يؤمنون بالله جل وعلا وحده ، ولا يؤمنون بالله جل وعلا إلا وهم به مشركون . ويوم القيامة سيقال لجميع أهل النار : ( ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (12) غافر )

2 / 3  ـ بتفصيل مواقفهم المناوئة للرسل ومن تمسكهم بثوابتهم الدينية وما وجدوا عليه آباءهم .

3 ـ ويأـى التعبير عن تطابق كل مواقف الكافرين بأساليب شتى ، منها :

3 / 1 : تجميع كل أقوالهم معا فى رفضهم للرسل ، مع إختلاف الزمان والمكان واللسان ، فى بضع آيات ، كقوله جل وعلا : (  أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10) قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (11) وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ (12) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمْ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14) ابراهيم ).

3 / 2 : التركيز على جزئيات بعينها جاء فيها التطابق ، إذ  كرّر الكفار فى عصر خاتم النبيين نفس ما قاله الكافرون قبلهم،  مثل :

3 / 2 / 1 :رفض أكابر المجرمين دعوة الرسل تكبرا ، يرون أنهم أحق من الرسل بأن ينزل عليهم الوحى . قال جل وعلا :

3 / 2 / 1 / 1 : (  وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (123) وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124)  الأنعام )

3 / 2 / 1 / 2 : قال قوم ثمود عن النبى صالح عليه السلام  (  كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (23) فَقَالُوا أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (24) أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25)  القمر )

3 / 2 / 1 / 3 : قالت قريش عن النبى محمد عليه السلام :

3 / 2 / 1 / 3 / 1 : (  وَانطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاقٌ (7) أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8)   ص  )

3 / 2 / 1 / 3 / 2 : ( وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32)   الزخرف )

3 / 2 / 1 / 4 : (  مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) فصلت )

 إتهامهم الرسل بالسحر والجنون ، من نوح الى محمد عليهم جميعا السلام . قال جل وعلا : (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53)  الذاريات )

3 / 2 / 2 : تمسكهم بثوابتهم الدينية وما وجدوا عليه آباءهم . قال جل وعلا :

3 /2 / 2 / 1 : ( إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70) الصافات )

3 / 2 / 2 / 2 : (  بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23)  الزخرف )

3 / 3 : إنكار البعث (  بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (83)   المؤمنون )

3 / 4 : طلب معجزات. قال جل وعلا : ( وَقَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118)  البقرة )

3 / 4 : تعليل كفرهم بأنها مشيئة الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا . قال جل وعلا : (  وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (35) النحل ) .

3 / 5 :  وأوضح رب العزة أن المشركين الآتين بعد عصر خاتم النبين سيقولون نفس المقالة. قال جل وعلا :  ( سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ (148) الأنعام ) .

4 ـ المحمديون من سنيين وشيعة وصوفية يكررون ما قاله المجرمون السابقون ، يؤكدون بهذا ليس فقط كفرهم بالقرآن الذى يزعمون الايمان به بل أيضا يؤكدون صدق القرآن الكريم فيما أخبر مقدما عن الثقافة الدينية الموحّدة لجميع المجرمين مع إختلاف الزمان والمكان واللسان . الفارق الوحيد أن المحمديين أسوأ من الكافرين السابقين ، فالقرآن الكريم معهم شاهدا عليهم ، وهم به يتلاعبون بما يسمى التفسير والحديث والنسخ وأسباب النزول . 



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 2761
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5322
اجمالي القراءات : 65,616,032
تعليقات له : 5,520
تعليقات عليه : 14,917
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


العدل والتقوى: هل العدل صنو التقو ى اي اذاكا ن الانس ان ...

حوار مع مأفون: دار حوار بيني وبين احد شيوخ الدين الارض ي عن...

البقرة 204 : 206 : ما هو المرا د بقول الله سبحان ه وتعال ى : (...

حلال العمل فيها: هل العمل في البنو ك حرام ام حلال...

تكفيرى: يقولو ن عن الاره ابيين إسم ( تكفير يين ) ، هل...

الأوراد: زارنا شيخ صوفى من بلدنا ومن أقارب ى ، وصليت...

يوبقهن : ما معنى قوله تعالى ( أَوْ يُوبِ قْهُن َّ ...

المعجزة والآية: هل يجوز أن نقول على القرأ ن أنه معجزة...

أهلا بك: لم يعد لي عقل كما لم يعد للأمة عقل وماتق ولونه ...

اربعة أسئلة : السؤ ال الأول هل التنب ؤ فى الارص اد ...

ليس حراما: لي جار هاجر منذ مايزي د عن 30 سنه ولجار ي شجره...

عذاب القبر و البرزخ: السلا م عليكم و رحمة اللة وبركا تة ، ما رأيكم...

واسع: هل ( واسع ) من أسماء الله الحسن ى ؟ ...

أكرمك الله جل وعلا: سلام عليكم , اتمنى تكونو في خير وعافي ة, ودتت...

ضد التعذيب من زمان: من أروع ما قرأته لك هو مقالا ن ضد التعذ يب فى...

more