آحمد صبحي منصور
:
قال الراوى
ص 6 الأحرار 9/5/1994
افتراء على الله ورسوله
في عدد شوال 1414 هـ نشرت مجلة دينية سلفية في باب أسئلة القراء سؤالا من قارىء يستفسر عن صحة بعض الأحاديث بعضها ــ فى رأينا ــ مضحك مثل حديث " من استُغضب فلم يغضب فهو حمار , ومن استُرضى ولم يرضى فهو شيطان " ولكن أخطر تلك الأحاديث ما يقول " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات محرمات ثم نسخ بخمس معلومات وتوفي النبي (ص) وهن فيما يقرأ من القرآن " .
والمحرر الذي تولى الإجابة على السؤال أفاد بأن ذلك الحديث صحيح وقد أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي في رواية عائشة ...
ـ ولنا تعليقات , فالحديث أورده أبو داود والنسائي وذكره مسلم في باب التحريم بخمس رضعات , وأورد بعده بابا بعنوان " باب رضاعة الكبير " والذي يدعي فيه رواية أخرى عن عائشة فيها أن النبي أمر سهلة بنت سهيل بأن ترضع رجلا كبيرا لأن زوجها يغار منه , ولما أرضعته من ثديها أصبحت حراما عليه ولم يعد زوجها أبو حذيفة يغار منه !!
ـ هي أحاديث وردت في تلك الكتب , ولكن هل يعني ذلك أنها صحيحة كما زعم محرر تلك الجريدة ..؟؟
هل يصح لامرأة أن تكشف عن ثدييها لرجل تام الرجولة وأن يرضع منها شأن الطفل الوليد .؟ وهل تحدث الرضاعة في الرجل الكبير الذي اكتمل بناؤه نفس ما تحدثه في بناء الطفل المولود في تنشئة المخ والعقل بحيث يحرم الرجل على من ارضعته بمثل ما يحرم الطفل على أمه من الرضاع ..؟؟ وهل من المعقول أن يأمر خاتم النبيين بمثل هذا ؟..
ـ وهل نصدق تلك الرواية التي نسبوها لعائشة من أنه كانت في القرآن آية تحرم الرضاعة بعشر رضعات , ثم ألغيت بآية أخرى بخمس رضعات معلومات , ثم توفي النبي وكان المسلمون يقرأونها , ثم ألغيت بعد النبي ..؟؟!!
إن معني هذا هو التشكيك في القرآن , وأنه تعرض للتغيير والتبديل في عهد النبي , ثم تعرض للتحريف بعد وفاة النبي , وإذن فقوله تعالى " ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر : 9 " قول مشكوك فيه طالما نؤمن بأن ما قاله مسلم وأبو داود والنسائي صحيح .. فإما أن نؤمن بالقرآن الكريم وبأن الله تعالى هو الذي تولى حفظه من التحريف والعبث كما تولى انزاله، وإما أن نؤمن بأن تلك الأحاديث التي تطعن في القرآن أحاديث كاذبة .. وليس هناك وسط أو توسط ..
ـ لقد ثار جدل فقهي هائل في موضوع الرضعات التي تحرم الزواج ..ولا تزال كتب الفقه تحمل أوزار هذا الجدل حتى الآن , وذهب كل فريق يعزز مذهبه بكل ما يستطيع من الأحاديث المفتراه , وكان أخطرها ذلك الحديث الذي تطرق إلى الطعن في القرآن وفي حفظه لكي يؤكد مذهبه في التحريم بخمس رضعات معلومات , فقد كان من العادات السيئة اختراع الأحاديث التي تدعم وجهات النظر الفقهية بل والتي تمدح أئمة المذاهب أو تطعن فيهم مثل الأحاديث الموضوعة في مدح الشافعي وفي ذمه وفي مدح أبي حنيفة وفي ذمه .. عدا آلاف الأحاديث المتعارضة في الموضوع الواحد بل وفي الصفحة الواحدة .. وبدلا من أن ننهض لتنقية ذلك التراث وفحصه علميا وتبرئة الرسول عليه السلام منه نجد أنصاف المتعلمين قد اكتفوا بألقاب المشيخة وإطلاق اللحية وعكفوا على تلك المؤلفات يسبحون بحمدها ويدافعون عنها حتى لو كانت تطعن في الله تعالى ورسوله وكتابه الكريم ..
ـ وقد نسكت على تطاولهم علينا،ولكن لا نسكت على طعنهم في الإسلام ..
ـ إن موعدنا معهم أمام الله العزيز الجبار يوم الحساب " (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ـ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ) هود : 18 , 19
مقالات متعلقة
بالفتوى
: