حمدى البصير Ýí 2010-08-08
تستعد الأمة الإسلامية فى الأيام الحالية لإستقبال شهر رمضان الكريم.
ولن اتحدث كثيرا عن الإستعدادت الهادئة لإستقبال شهر القران ،خلال السنوات الماضية ،وبالتحديد فى العقود الثلاثة الماضية،وقبل أن يستفحل المرض الإستهلاكى داخل اوصال المجتمع المصري ، وتتعمق داخله غريزة التبذيروحب التملك وتقليد الغير والإنفاق دون حساب، وغيرها من الأنماط الاستهلاكية السلبية المصاحبة للعهد الليبرالى وطغيان فلسفة إقتصاد &Ccedد السوق.
فأبناء جيلى كانوا يستقبلون رمضان فى السبعينات والثمانينيات بشكل هادىء ،وبرغبة فى ان يكون شهر رمضان فرصة للتخلص من الذنوب ،وحصد الحسنات ،ومساعدة المحتاجين ،خاصة أن ايام ذلك الشهر كانت روحانية ،وذات مذاق خاص ،وكانت هناك علامات مميزة لشهر رمضان ، ليس فقط فى تعليق الزينة فى الشوارع ،ولكن فى تعلقنا بالإذاعة،والتى كانت تجعل من أيام رمضان ولاسيما قبل الإفطارمباشرة ومن بعده،مذاقا روحيا مختلفا، ومخلوطا بعبق التاريخ.
فقد كان صوت الشيخ محمد رفعت فى تلاوته لقران المغرب بالإذاعه خشوعا لايقدره سوى من عاش تلك الايام ،وكنا ننتظر صوت مدفع الإفطار فى رمضان وكأنه هدية السماء التى تنبهنا الى بدء الإفطار.
بل إن طعام الإفطار فى رمضان كان له مذاقا ونكهة وحلاوة قلما نجدها عندما نتناول نفس الطعام فى أى شهر أخر،لأننا كنا نتناوله ونحن نسمع أدعية الشيخ سيد النقشبندى ذو الصوت الساحر،بل كنا نجد على مائدة الطعام كل ماتشتهيه الأنفس رغم بساطة ما كان يقدم على المائدة أحيانا ،وحتى لو كان الطعام" أرديحى " أى بدون لحوم ،لإن الشهية كانت مفتوحة وفى الطعام بركة،وكان القصد وقتئذ أن نفطر دون تبذير ،ونشعر بالمساكين ،ونشاطر الفقراء فى طعامنا.
وكنا نتسابق بعد الإفطار لنسمع فزورة المذيعة القديرة أمال فهمى ،ومن بعدها مسلسل فكاهى للفنا الراحل فؤاد المهندس ،ثم حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة ،ولاسيما مقدمة الحكاية التى كانت بصوت الفنانة الراحلة زوزو نبيل ،والتى كانت تحكى بصوت قوى وبه شجن ،كان يجعلنى أشعر بقشعريرة فى جسدى أحيانا،كما أن الموسيقى المصاحبة لحكايات ألف ليلة وليلة جعلتنى حتى الأن محبا للموسيقى الكلاسيكية.
وكانت صلتنا تنقطع بالإذاعة ،بمجرد رفع أذان العشاء وذلك من أجل الصلاة جماعة ،ثم بعد ذلك نصلى التراويح .
ولاأعتقد أن التلفزيون كان يقدم شيئا هاما فى رمضان وقتئذ سوى فوازير ثلاثى أضواء المسرح ومسلسل كوميدى إجتماعى أبيض وأسود،بالإضافة الى مسلسلات دينية وتاريخية، ولكن كنا نخلد الى النوم من أجل الإستيقاظ فى السحور،ولم يكن هناك سهرات رمضانية الا فى حدود ضيقة.
وقد تطور الترفيه فى رمضان بعد ذلك ،ولاسيما فى عهد الإنفتاح ،ولكن لم يكن بهذة الصورة الصارخة فى الوقت الحالى .
فعلى سبيل المثال كانت هناك فوازير للفنانة نيللى وللفنان سمير غانم "فطوطة" وشريهان،وأصبحت حلقات ألف ليلة وليلة مصورة تلفزيونيا،وكانت هناك مسلسلات تعرض خصيصا فى رمضان مثل ليالى الحلمية ،وأخرى كوميدية للفنان محمد صبحى وللفنان الراحل عبد المنعم مدبولى ،ولكن لم يكن هناك أبدا هذا الكم الرهيب من المسلسلات والتى وصلت فى رمضان الماضى الى129مسلسلا .
وكأن شهر رمضان تحول الى شهر للترفيه وعرض البرامج والمسلسلات،التى تتخللها مئات الإعلانات أى أصبح ميعاد بعد الإفطار الى وقت لتسلية الصائمين ،رغم إن التسلية يجب ان تكون وقت ساعات الصوم وتكون تسلية بريئة حتى لاتفسد الصيام.
ولكن نظرا لطغيان المادة حتى فى شهر العبادات ،تحولت أيام رمضان إالى بيزنس كبير ،ليس له علاقة بشهر القران،وأصبحت أيام رمضان وسيلة لأن يكسب البعض الملايين ،لا أن يحصل الفقراء والمساكين على مساعدات تعينهم طوال العام من اموال الزكاة وخلافه .
فقد صعقت عندما قرأت إستعدادت التلفزيون المصرى والقنوات الفضائية الخاصة لشهر رمضان ، وإستعرضت قصص عشرات المسلسلات التى ستعرض فى وقت به أعلى نسبة مشاهدة وهو للأسف وقت صلاة العشاء والتراويح وحتى مطلع الفجر.
لم أجد فى هذا الكم الهائل من المسلسلات مسلسلا دينيا فى قوة مسلسل محمد رسول الله الذى كان يذاع منذ حوالى ربع قرن،أومسلسلا تاريخيا يلقى الضوء مثلا على شخصية إسلامية فذة مثل عمر بن عبد العزيز،ولم أجد مسلسلا يدعو الى التقارب بين الأديان،او يحض على دفع الزكاة كى يستفيد الفقراء والمساكين الذى جعل الله صيام رمضان من أجلهم،ولكن وجدت مسلسلات أخشى ان تدعو الى الرزيلة والفسق فى شهر القران والعبادات.
وعناوين هذه المسلسلات تدل على محتواها الذى لايتناسب ابدا مع رمضان شهر القران، ومنها"منتهى العشق ونداء العشق وزهرة وأزواجها الخمسة وعايزة اتجوز ويوميات عانس وايام الحب والشقاء وذاكرة الجسد وإمرأةسيئة السمعة وإمرأة فى ورطة والقطة العمياءوماما فى القسم،وألف لمبى ولمبى ومش ألف ليلة وليلة والفوريجى وحامدقلبه جامد واللص والكتاب وأزمة سكر والعار.
إذا كان من فضائل الصيام هو صوم الجوارح وتجنب شهوة الفرج، فلا أعتقد إن تلك المسلسلات ستساعد على ذلك بل ستحول ليالى رمضان الى مسابقات لحصد السيئات.
وإذا كان من شروط الصوم أيضا كسر شهوة البطن ،فإن التكالب على تخزين الأطعمة من المحلات والمعارض المختلفة التى تقام لهذا الغرض ، وشراء مكسرات ومسليات وياميش ولحوم ودواجن بمليارات الجنيهات فى رمضان جعله شهر الطعام لا الصيام .
نعم أنا مع التطور والتحضر والمدنية ،ولكنى ضد أن نحول شهر العبادات وكسب الحسنات الى شهرالترفيه وحصد السيئات ،وضد ان يكون شهر الصوم والترشيد والشعور بالمساكين هو شهر الطعام وزيادة الإستهلاك والإتجار بالفقراء والكسب الرخيص من ورائهم .
القوة الإقتصادية الكامنة فى مصر " تتوهج " العام المقبل
حفلات " بول بارتى " خليعة للمراهقين ... والتذكرة بـ500 جنيه !
دعوة للتبرع
اذان ونداء: ما الفرق بين الآذا ن (وأذن في الناس بالحج ) ...
كافر بعقيدته: ما حكم من هو مسلم مؤمن بالقر ان فقط ولا يؤمن...
الأشهر الحرم : ما هي الأشه ر الحرم من سيادت كم من خلال...
صالونات التجميل: ما حكم عمل وفتح صالون ات لتجمي ل ...
على بن ابى طالب: كيف يكون الاما م علي من الذين مردو علي...
more
وضعت يدك اخى على الجرح ، وهو هذا الانهيار الخلقى الذى طغى تحت ستار التدين السطحى الزائف ، فالاسم لرمضان ولكن الفعل لابليس ، وشهر البر يتحول الى شهر الفجور ، وشهر الزهد يتحول الى تخمة و استهلاك ، وقد اختفت القناعة والرضا وحل محلهما الجشع و الطمع والحسد والرغبة بما فى يد الغير و التنافس على الشهوات وتلبية الرغبات والغرائز ، حلالا او حراما لا يهم. المهم ان يكون لديك المال لتحظى بالاحترام فى مجتمع ودع الخجل والحياء .
بايجاز اخى العزيز هى ملامح اى مجتمع يسيطر عليه الاحتراف الدينى و التدين السطحى . يملأون المساجد وفى نفس الوقت يملأون الفضاء بالمفاسد ، ويحسبون أنهم يحسنون صنعا . فى مجتمع مريض مثل هذا لا تتعجب من وجود مصرى ( من البوليس ) يتفنن فى تعذيب برىء فى قسم الشرطة ، ثم بعدها يصلى ، ولا تستغرب من تاجر محتال او مسئول دجال يحوقل ويبسمل ويتظاهر بالتقوى . نفاق فى نفاق ، ولكن لا يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون.
كل عام وانت بخير