نتحدث عن الديمقراطية ونعشق الديكتاتورية
يتشدق الكثيرون منا و لا استثني نفسي بالديمقراطية وحقوق الأنسان , تتشدق بهذه الكلمة احزاب يسارية و ليبرالية و حتي إسلامية , فالديمقراطية لعلها اكثر كلمة متداولة في الصحف العربية وبرامج الفضائيات و حتي أمريكا نفسها قررت ان ان تدخل اللعبة ونشر الديمقراطية في الشرق الأوسط فأنشئت قناة فضائية اسمتها الحرة لهذا الغرض, لكي يزيد عدد الفضائيات التي تلوك كلمة الديمقراطية و هي لا تعرف اننا بعد ان نستمتع بالحوار عن الديمقراطية نغلق التليفزيون ثم نبدأ الاستمتاع الحقيقي بممارسة الديكتاتورية.
إن الديمقراطية بالنسبة لنا هي مجرد كلام للتسلية و إضاعة الوقت الذي لا نعرف قيمته أما الديكتاتورية فهي الحب الحقيقي الذي لا نطيق عنه فراقا.. نمارسها في بيوتنا و أعمالنا و أحزابنا فلماذا نريد أن نستثني حكوماتنا و حكامنا.
أني أبشر أمريكا بالفشل الذريع لكل مشروعاتها لدمقرطة الشرق الأوسط وما يحدث في العراق لهو خير دليل فنحن لسنا اليابان أو ألمانيا.. نحن خير أمة أخرجت للناس.. نتكلم عن الديمقراطية نعم .. أما أن نمارسها فهذا شيء آخر.. لا مانع عندنا ان نأخذ من امريكا الدولارات لإنشاء المراكز التي تدعو الي الديمقراطية و حقوق الأنسان .. ثم نمارس داخل هذه المراكز عشقنا الأول و الأخير .. رزق الهبل علي المجانين.
لننظر الي أحزابنا سنجد ان رئيسها هو رئيس مدي الحياة و حتي حزب التجمع فبعد أن تخلي خالد محيي الدين عن رئاسته بعد ما يقرب من ثلاثين عاما اعتبره بعضنا درسا بليغا في الديمقراطية , بئس هذا الدرس الذي يستمر لمدة ثلاثين عاما.
لننظر الي الإخوان المسلمين فمرشدهم العام يختاره مكتب الأرشاد(أهل الحل و العقد) وليس من قواعد الجماعة ليبقي مدي الحياة.. ثم نجدهم يطالبون الحكومة بالديمقراطية و الأنتخابات.
لننظر الي بيوتنا او مؤسساتنا فهل نمارس فيها أي نوع من الديمقراطية, أن الفلسفة المسيطرة في أدارة أي مؤسسة في العالم العربي بلا استثناء هي أقهر مرؤوسيك و ارضي رؤسائك, فعن أي ديمقراطية نتكلم.
اليس كثيرا من صحفنا الثورية ذات الصوت العالي و مثقفينا الذين صدعوا رؤوسنا بالحديث عن الديمقراطية و الإنتخابات هم كانوا أكثر المدافعين ومازال بعضهم عن اسوأ ديكتاتور (صدام حسين) شهدته منطقتنا في العصر الحديث وكانوا اكثر الناس بكاءا عليه عندما سقط.
نحن شعوب ئؤمن ان كل من يتزوج أمي اقول له يا عمي وإن اللي ما لوش كبير يشتريله كبير و يا حبذا لو كان هذا الكبير مثل صدام حسين او جمال عبد الناصر.. الزعيم الأوحد و الملهم الأكبر وبعدين أمريكا جاية تعلمنا الديمقراطية .. بئس أمريكا و علي من شاكلتها ألا تعرف أننا خير أمة اخرجت للناس.
لقد وقعت امريكا في شر اعمالها فقد اختارت العراق لمحاولة فرض نموذجها الديمقراطي علينا و نست ان الديمقراطية في العراق هي ديمقراطية البنادق و السيارات المفخخة.. ديمقراطية الحوزات العلمية .. ديمقراطية شيخ القبيلة و العشيرة.. ديمقراطية السني و الشيعي و الكردي.. لقد كان أملي أن يخيب اهل العراق ظني و لكني توقعت ان العراق مثل بقية خير أمة اخرجت للناس يعشق أهله الديكتاتورية و يتشدق مثقفوه بالديمقراطية دون ان يمارسوها.. فالديمقراطية عند الشيعة ان يكون الديكتاتور شيعيا وعند السنة ان يكون سنيا.. والطالباني و برزاني هم خير دليل فهم رؤساء لأحزابهم كالعادة مدي الحياة.
لنرجع الي حرب الخليج الأولي التي جرت علينا كل هذه المآسي.. لقد تغير كل رؤساء الدول الغربية التي دخلت هذه الحرب أما حكامنا الأشاوس فظلوا كما هم و كأن شيئا لم يحدث و احتاج صدام لبوش الأبن ليكمل عمل الأب.
بلاش حرب الخليج . لننظر الي معركتنا الرئيسية, قضية العرب المركزية التي لا يعلو صوت فوق صوت معاركها فمنذ خمسين عاما و اسرائيل تنزل بنا الهزيمة تلو الهزيمة و رغم ذلك فأن حكامهم يتغيرون و حكامنا علي صدورنا باقون الا من شاء الله أن يأخذه الي جواره.. لنري كم رئيس وزراء تغير علي اسرائيل في فترة الخمسين عاما ونيف الماضية وكم حاكم عربي تغير علي أي بلد عربي الا من اصبح في رحاب الله.. حاشا لله أن نتعلم من اسرائيل فنحن خير أمة أخرجت للناس.. ماذا يعني أن تنتصر علينا اسرائيل المهم ان يبقي ياسر عرفات و الملك حسين و حافظ الأسد وناصر و السادات الا أذا أراد الله غير ذلك .. وكل هؤلاء لم تغيرهم الهزائم ولكن عزرائيل هو من تولي المهمة .
الحقيقة أننا من صنعنا حكاما مدي الحياة ... إنهم نتاج ثقافة الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس و سأقتبص من كلام قاريء احترم رغبته في الأصلاح..,," ولكننى مبهور بالنظام نفسة (نظام الحكم الاسلامى) حيث ان الدول الاسلامية يجمعها الكتاب والسنة ويحكمها رجل واحد(قراراتة هى قرارات الجماعة والاجماع) يعين والي على كل بلد اسلامى" .. وأنا متأكد ان هذه الرغبه هي رغبة غالبية الشعب المصري و الشعوب العربية و فكرتها عن الأصلاح,,.. يحكمنا فرد واحد مدي الحياة , قراراته هي قرارات الجماعة و الأجماع و لاأدري كيف يمكن أن يحدث ذلك .. إن حلم الديكتاتور العادل هو الحلم الذي يراود العامة و الخاصة منا ولذا أسبغنا علي أبطالنا وعلي رأسهم سيدنا عمر بن الخطاب كل هذا التقديس و الأحترام .. أن عمر بن الخطاب كان حلم كل حاكم عربي في بداية حكمه .. كان المثل الذي يريد أن يحتذيه و لكنهم نسوا و نسينا معهم ان عمر بن الخطاب ظاهرة لا يمكن أن تتكرر لأن ظروف عصره مختلفه و أذا كان لابد من الديكتاتوريه فلنجعلها ديكتاتورية الدستور و القانون و ليس ديكتاتورية الفرد.
أن الحقيقة يا سادة ان ثقافة حكام مدي الحياة هي ثقافة خير أمة أخرجت للناس .. أمه تقول عن نفسها ذلك كما جاء في القرآن رغم أنها تخلت عن تدبر القرآن منذ أول عملية توريث سياسي في تاريخنا .. نحن من صنعنا هؤلاء الحكام فلماذا نلومهم .. إنهم نتاج ثقافتنا.. أما أمريكا فإني أنصحها لوجه الله أن تلم جيوشها و توفر فلوسها و تروح تدور علي مكان آخر توجد فيه أمة لا تعتقد أنها خير أمة أخرجت للناس.
أما نحن فليس لنا أمل إلا إن أدركنا أننا الآن أمة تضحك من جهلها الأمم...ولن نعود خير أمه أخرجت للناس إلا إن عدنا للقرآن وتدبر القرآن.. كتاب الله الذي هو الكتاب الوحيدللأمة التي تريد فعلا أن تصبح خير أمة أخرجت للناس ..
عمرو اسماعيل
اجمالي القراءات
11892
هذا المقال تعليق علي الكثير مما نوقش مؤخرا