نعم ... مصر " مش " عزبة !

حمدى البصير Ýí 2012-10-21


  نظمت بعض القوى السياسية المدنية الجمعة الماضية ، مليونية فى ميدان التحرير ، تحت شعار " مصر مش عزبة " ، أو مصر " لكل المصريين" والتى طالبت بعدم إستئثار الإخوان بالسلطة وحل الجمعية التأسيسية للدستور، وذلك من أجل إعداد دستور توافقى ، بل كانت هناك مطالب بقيام ثورة جديدة من أجل التخلص من الرئيس محمد " مرسى " مبارك !.

وقد قامت جماعة الإخوان المسلمون يوم الجمعة  19 أكتوبر بمليونية فى التحريرأيضا إحتجاجا على أحكام البراءة التى حصل عليها المتهمين فى موقعة الجمل ، ولتأييد " إقالة أو إستقالة " النائب العام عبد المجيد محمود ، كما قامت قوى سياسية يوم الجمعة الماضى أيضا بتنظيم مليونية فى " التحرير " تحت شعار " كشف الحساب " ، وحدثت مواجهات دامية ومؤسفة بين الطرفين .

ومن المنتظر أن ينظم " السلفيون " مليونية يوم الجمعة بعد القادم – 2 نوفمبر- فى ميدان التحرير، للمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية ،بعد أن أبقت الجمعية التأسيسية للدستور،على المادة الثانية فى الدستور- الذى لم يصدر بعد- كما هى .

ولولا أن يوم الجمعة القادم – 26 أكتوبر – سيوافق أول أيام عيد الأضحى المبارك ، لقامت جماعات الإسلام السياسى ، بمليونية " لم شمل المسلمين " بل كانت ستقوم قوى سياسية " معارضة " بمليونية لتأييد إستقلال الصحفيين ، ودعم حرية الصحافة ، بعد التحقيق مع رئيس تحرير جريدة الجمهورية وأبعاده من منصبه ، عقب نشر الجريدة لخبرخطير كاذب .

مليونية " مصر مش عزبة " التى نظمت أول أمس ، كانت إحتجاجا شديد اللهجة على المواجهات المؤسفة التى حدثت بين بعض أفراد من جماعة الإخوان المسلمين وقوى سياسية أخرى ، فى ميدان التحرير ، يوم الجمعة الماضى ، والتى أسفرت عن سقوط عشرات الجرحى من الجانبين ، وتحطيم منصة القوى المدنية ، وحرق " أتوبيسين " لجماعة الإخوان .

ورغم إننى من المؤيدين لحق التظاهر وحرية التعبير ، وإقامة المليونيات فى ميدان التحرير، وشاركت فى العديد منها ، منذ قيام الثورة ، إلا أننى عزفت عن  المشاركة فى تلك المليونيات ، منذ فترة طويلة ، بعد أن تأكدت من عدم وجود توافق كبير بين القوى الوطنية لتنظيم تلك المليونيات ، وأصبحت هناك مليونية للإخوان وأخرى للسلفيين وثالثة للقوى المدنية ، بل أصبح الميدان مقسم أحيانا بين مليونية إخوانية وأخرى معارضة ، وكل حزب أو جماعة أو حركة يرفع شعارات ومطالب مختلفة ، تعبر عن وجهة نظره فى الغالب ، وهذا مخالف لروح ثورة يناير، وقدسية ميدان التحرير .

ومادامت هناك قوى وطنية عديدة فى" التحرير" ، تقوم بتنظيم مليونيات مختلفة تحت شعارات مختلفة وبدون تنسيق ، وفى نفس " الميدان " ، فمن الطبيعى أن يحدث تراشق بالألفاظ والحجارة ، ومواجهات عنيفة ومصابين وأعمال تخريب حمقاء ، و" حرق " للوطن ، وتشويه لمبادىء ثورة يناير ، وضرب إنجازاتها فى مقتل ، بل وفقدان الثقة فى الأمن وإصابة الإقتصاد ككل ، والنيل من سمعة مصر وهذا ماحدث بالفعل خلال مليونية يوم الجمعة الماضى فى التحرير .

فقد أخطأ الإخوان عندما قاموا بتنظيم مليونية فى ميدان التحرير ، فى نفس توقيت مليونية  " كشف الحساب " ، فلامعنى إطلاقا أن يتم الإحتجاج على حكم قضائى ، أو تأييد قرار رئاسى ، بالنزول إلى ميدان التحرير وتنظيم مليونية ، فقد كان من الممكن التشاور مع باقى القوى الثورية ، مادام الامر متعلق بالقصاص لشهداء موقعة الجمل ، وإقالة النائب العام ، وتلك مطالب ثورية " عامة " لاتخص الإخوان وحدهم ، بل كل المشاركين فى ثورة يناير ، ومعظم المصريين ، ولاسيما أن المتربصين بالإخوان والكارهون لهم يتزايدون ، بل ويعلم شباب الإخوان أن البلطجية الذين طردوا من الميدان ، ينتظرون " المليونيات ، من أجل العودة لإحتلال الميدان من جديد لتنفيذ " أجندة الفلول " ، وبالتالى فإن تنظيم مليونية فى الوقت الحالى هو بمثابة إعطاء الفرصة لعودة " أنصار " الطرف الثالث والبلطجية إلى الميدان ، بل وسؤ تقدير سياسى .

وقد أخطأت أيضا القوى المدنية ، بتنظيم مليونية " كشف الحساب " يوم الجمعة الماضى ، لإنه ليس من المنطقى أن نحاسب رئيس الجمهورية من خلال " مليونية " لأنه لم يحل مشاكل مصر المزمنة والمتراكمة على مدى عشرات السنين  فى مائة يوم ، بل إن الهدف الحقيقى لم يكن محاسبة الرئيس ، بل كان الهجوم على الإخوان فى شخصه ، وإثبات إن الرئيس المنتمى لجماعة الإخوان ، قد فشل فى حل مشاكل المواطنين ، وبالتالى لايصلح الإخوان لحكم مصر ، وتلك خطوة إستباقية لعدم " أخونة " الدولة التى تحولت إلى " فوبيا " لدى بعض القوى السياسية  - وأنا أعارضها أيضا – وتصفية حسابات مع الإخوان ، بدليل الربط بين " كشف الحساب " والمطالبة بسقوط  " حكم المرشد " وحل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ، فى مليونية واحدة ، بل إن بعض الشعارات الى رفعت فى تلك المليونية ، والتى كانت تطالب فى جوهرها بالعودة بنا سياسيا إلى المربع صفر، أى قيام ثورة جديدة للتخلص من حكم الإخوان ، تعد حماقة سياسية .

يجب أن تكون " المليونيات القادمة توافقية ومن اجل المطالبة بأهداف عامة موحدة ، وليس بمطالب حزبية ضيقة ، وليت أن تكون المليونيات القادمة " إقتصادية " مثل تنظيم مليونية لزيادة الإنتاج ، وأخرى لتشجيع الصادرات ، وثالثة لتحقيق العدالة الإجتماعية ومحاربة الفقر، وأن تضم تلك المليونيات كافة أطياف الشعب المصرى ، وليس فصيل سياسى واحد أو جماعة ، وأن تكون خالية من المحرضين والمتربصين والشتامين والبلطجية  .

نعم مصر " مش عزبة " بل دولة مؤسسات ، ويحكمها سيادة القانون وبها رئيس مدنى منتخب ، وحكومة مجتهدة وقضاء شامخ ومجلس شورى ، وتستعد لإنتخابات مجلس النواب ، بعد الإستفتاء على الدستورالجديد الذى أوشك على الإنتهاء .

نعم مصر ليست " عزبة " بل دولة كبيرة ذات حضارة ، وتتعايش فيها كل الأديان والطوائف والفصائل السياسية ، وهى ليس ملكا لجماعة الإخوان أو السلفيين أوالييساريين أو الناصريين أو الليبراليين أو القوى الثورية ، بل وطن يضم كل أطياف الشعب المصرى ، ومن يريد الوصول إلى حكم مصر ، يجب أن يتبع القواعد الديمقراطية ، ويأتى بإرادة شعبية حرة ، عن طريق صناديق الإنتخابات الشفافة ، وليس عن طريق " الصراخ " وإقصاء الأخر ، لإن مصر  مش عزبة " .

حمدى البصير

Elbasser2@yahoo.com

 

اجمالي القراءات 10294

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   محمد مفيد     في   الأحد ٢١ - أكتوبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[69569]

يا عزيزي

اتفق معك ..ولكن!لا يوجد مؤشر واحد ان الرئيس المصري ينتهج الطريق او السبيل الصحيح لحل تلك المشاكل!


 


2   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الأربعاء ٢٤ - أكتوبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[69941]

شكرا لك أستاذ / حمدي البصير.. على هذا المقال..


شكراً لك أستاذ / حمدي البصير  على هذه النفحة الطيبة وهذه البصيرة الثاقبة..
 وفي البدء  أود أن أتقدم لكِ ولأسرتك الكريمة بأطيب الأمنيات بمناسبة عيد الأضحى المبارك.  وإن كان يحون  قلبي ويؤسفني أشد الأسف ما آل إليه  حال المصريين في هذه المناسبة.. من إهدار للمال العام.. بالاكثار من ذبح الأضحيات تحت شعار الاقتداء بالسنة أو بالسلف... والسلف تلف ..  وكان الملك الحسن الثاني يمنع شعبه من تقديم أضاحي كثيرة .. وإهدار لأموال شعبه بسبب إشاعة أن هذا من السنة أو من صحيح الدين..
 فكان الملك الحسن في صباح أول أيام العيد يضحي بخروف واحد كبير نيابة عن شعب المغرب كله..
 وبالتالي فشوارع المغرب وقتها نظيفة ومرتبة وأنيقة..
 وشوارع مصر كلها دماء وقذارة وروث البهائم والروائح النتنة أصبحت علامة العيد الأضحى..
 هل هذا من التحضر أو التأسي بالسلف..!!
شكرا لك على هذا المقال .. وأود أن توافينا بمقال يكون فيه اقتراحا بناءاً لمشكلة الدماء وفضلات البهائم  (الجلة) و التي تملأ شوارع مصر والعظام المكسرة  للحيوانات تملأ شوارع  القاهرة من أرقى الأحياء وحتى الأحياء الشعبية ..

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2010-07-24
مقالات منشورة : 165
اجمالي القراءات : 1,808,626
تعليقات له : 13
تعليقات عليه : 223
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt