آحمد صبحي منصور Ýí 2024-08-23
ف 1 / 3 / 3 : السخرية الالهية من الكافرين فى القرآن الكريم :
كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )
الباب الثالث : تفوّق القرآن الكريم على النحويين وغيرهم
الفصل الأول : ( 3 ) : السخرية الالهية من الكافرين فى القرآن الكريم
مقدمة :
1 ـ تجاهل النحويين ومن جاء بعدهم لأسلوب السخرية فى القرآن الكريم له تأثير فى قراءة وتلاوة القرآن الذى يجب أن نتلوه بمضمونه ، إذا كان إستفهاما فلا بد أن يظهر الاستفهام فى طريقة التلاوة ، وإن كان سخرية فلا بد أن تبدو فى طريقة التلاوة . وهكذا فى الوعظ تبشيرا وإنذارا ووعدا ووعيدا وتهديدا وتقريعا . هذا هو المقصود بقوله جل وعلا : (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (121)البقرة ). تلاوة القرآن الكريم حق تلاوته دليل الايمان به ، وهى التى توضّح المعنى وتثبت أن القرآن الكريم مُيسّر للذكر والهداية . غير ذلك يقومون بوضع حجاب بين القرآن الكريم ومن يتلوه أو يستمع اليه ، وتتنوع الحُجُب ، من خزعبلات القراءات والتغنى بالقرآن . أساس هذه الجريمة هم النُّحاة ، لأنهم الروّاد لمن جاء بعدهم .
2 ـ على أن مصطلح ( سخر ) جاء فى القرآن الكريم فى سياقات متنوعة .
2 / 1 : عادة الكافرين السخرية من المؤمنين . قال جل وعلا :
2 / 1 / 1 : ( زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا )(212) البقرة )
2 / 1 / 2 : ( وَلَقَدْ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (41) الأنبياء )
2 / 1 / 3 : ( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً ) (32) الزخرف )
2 / 2 : قوم نوح :
( وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) هود )
2 / 3 :فى عصر النبى محمد :
2 / 3 / 1 : فى مكة : ( بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (12) وَإِذَا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ (13) وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (14) الصافات )
2 / 3 / 2 : فى المدينة : ( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79)التوبة )
2 / 4 : تحريم سخرية المؤمنين بعضهم بعضا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ ) (11) الحجرات )
فى الآخرة :
( أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ (56) الزمر )
السخرية إستهزاءا ، بدون مصطلح السخرية : سخريتهم من النبى محمد عليه السلام :
1 ـ ( وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ ) (36) الأنبياء )
2 ـ ( وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً (41) الفرقان )
ونعطى لمحة عن أنواع السخرية الالهية من الكافرين :
السخرية بالجملة الاعتراضية :
قال جل وعلا :
1 ـ ( الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) ( آل عمران 168 ). الجملة الاعتراضية هنا هى ( وقعدوا ) وفيها سخرية واضحة .
2 ـ ( وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (73) النساء ). الجملة الاعتراضية الساخرة هنا هى : ( كأن لم تكن بينكم وبينه مودة ).
السخرية بالتبشير بالعذاب :
العادة أن التبشير يكون بما تحب وليس بما تكره . يأتى التبشير بالعذاب سخرية . وهذا عن من :
1 ـ يؤمن بحديث آخر غير القرآن الكريم . قال جل وعلا : ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) الجاثية )
2 ـ ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7) لقمان ) ( ومن الناس ) يعنى حيث يوجد ناس فمنهم ..أى ينطبق على كل مجتمع .
3 ـ المكذبين بالقرآن الكريم : ( فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (21) بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25) الانشقاق )
3 ـ يتاجر بالدين ويكتنز الذهب والفضّة . قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنْ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) التوبة )
المنافقين :
( بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (138) النساء )
الكافرين المعتدين : ( وَبَشِّرْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) التوبة )
اليهود قتلة الأنبياء ومن يقتل المصلحين . قال جل وعلا : ( ) إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) آل عمران )
السخرية بالتصوير الحركى العادى :
قال جل وعلا عن منافقى اليهود الذين يزعمون الايمان : ( وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) المائدة )
السخرية واضحة وواقعية فى تصوير النفاق فى داخلهم ، فهم يدخلون يعلنون الإيمان ، بينما يدخلون بالكفر ويحتفظون به وهم يسمعون المؤمنين ثم يخرجون بالكفر أيضا .. صورة ساخرة غاية فى الإعجاز وفى التصوير النفسي الواقعي .. وهى تنطبق على المنافقين فى كل زمان ومكان .
بالتصوير الكاريكاتورى الضاحك :
قال جل وعلا عن واحد من أعمدة الكفر فى مكة :
( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً (12) وَبَنِينَ شُهُوداً (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيداً (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) المدثر )
فى الآيات أسلوب رائع فى السخرية بالتصوير الواقعي الحركي ، فذلك الرجل ظل يقدح زناد فكره لكي يصل إلى اتهام القرآن ، وهو بالطبع جاهل وأقل شأنا من أن يكون مفكرا وعالما ولكنه يتشبه بالعلماء ويدعى الأهمية والخطورة وهنا منبع السخرية به فى الآيات الكريمة ، يقول تعالى عنه " إنه فكر وقدر " ونتخيله وهو يضع رأسه بين يديه مستغرقا فى التفكير كأنه مفكر عظيم الخطر والشأن ، ولكن الله سبحانه وتعالى الذي يعلم جهله وادعاءه يقول عنه ساخرا : فقتل كيف قدر ، ثم قتل كيف قدر ؟ لم يقل كيف فكر لأنه بوسع أى إنسان أن يستغرق فى التفكير ، ولكن المفكرين الحقيقيين وحدهم هم الذين يصلون بتفكيرهم إلى التقدير السليم للموضوع الذي يفكرون فيه ، ولذلك كان التكرار الساخر فى قوله تعالى " فقتل ، كيف قدر ، ثم قتل كيف قدر " وبعد التظاهر بالتفكير فإن صاحبنا بدأت ملامح وجهه تكتسي بالجدية والصرامة إذ أصبح واضحا أنه على وشك الوصول إلى القرار الحاسم يقول سبحانه وتعالى يصور ذلك " ثم نظر " أى نظر حواليه إلى القوم المشدوهين الذين تتعلق عيونهم به وبما سيقول " ثم عبس وبسر" أى قطب جبينه ليدخل الرعب على الجمهور الذي ينتظر تصريحه على أحر من الجمر ، ولكي يزيد من تشوق الجمهور فإنه لم يكتفي بالنظر والتكشير وإنما وقف وتأخر مدبرا ، ثم أتخذ لنفسه هيئة الاستكبار، أو كما يقول سبحانه وتعالى : " ثم أدبر وأستكبر " وبعدها أخيرا جاء التصريح الكاذب التافه " فقال إن هذا إلا سحر يؤثر ، إن هذا إلا قول البشر " ويرد عليه رب العزة " سأصليه سقر " .
التشبيه :
قال جل وعلا عن المنافقين فى المدينة :
( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ) ( المنافقون 4 ) . من حيث المظهر يحوزون على الإعجاب ، لكنهم حين يتكلمون يفضحون أنفسهم بحمقهم حيث تتعجّب ممّا تسمع ، وتدرك أنهم كخشب يستند على الحائط
بالتناقض بين المظهر والمخبر .
قال جل وعلا : ( وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86) رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (87) التوبة )
فى غزوة ذات العسرة " تبوك " التى حدثت فى قيظ الصيف تسارع كبار المنافقين للاستئذان من النبي بأن يظلوا فى المدينة دون الخروج من الجيش المحارب ، وصارت عادة لهم إنه إذا نزلت آية قرآنية تحث على الجهاد فإنهم يسارعون بالاعتذار عن الخروج للحرب ، والله جل وعلا يصور ذلك التناقض بين مظهرهم وحقيقته فيقول : ( وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86) رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (87) التوبة )
وعنصر السخرية هنا يكمن فى التناقض الحاد بين مظهر المنافقين الجسدي ومخبرهم النفسي فهم من حيث المظهر " أولوا الطول " أى ضخام الأجسام والمكانة والمنتظر منهم أن يكونوا أصحاب جرأة وشجاعة ولكن من حيث المخبر هم يتذللون حتى يكونوا من القاعدين ويرضون لأنفسهم أن يكونوا مع الخوالف ، أى مع من يتخلف عن الجيش من العجائز والصبيان والفتيات والنساء ، وكلما نزلت آية بالقتال سارعوا للنبي بقاماتهم الطويلة وأجسادهم الضخمة يرجونه أن يتركهم مع الأطفال بعيدا عن الحروب ، أليست هذه سخرية مريرة ..وواقعية ؟
فى ضرب الأمثال
قال جل وعلا :
( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) الجمعة ). حمار يحمل أسفارا من الكتب لا يدرى عنها شيئا . أذكر اننى كنت فى ندوة أنتقد البخارى ووقف شيخ سلفى ظل يصرخ : وماذا أفعل بمكتبتى المليئة بكتب التراث . هذا ينطبق عليه مثل الحمار الذى يحمل أسفارا .
فى الاستفهام الإنكارى
قال جل وعلا :
( كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53) الذاريات ). كل الكافرين من قوم نوح الى العرب ـ ومع إختلاف الزمان والمكان واللسان ـ إتفقوا على إتّهام الرُّسُل بالسحر أو الجنون . وهنا التساؤل الساخر : هل تواصوا على ذلك ؟
فى عذاب الجحيم لسادة الكافرين :
قال جل وعلا :
( إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) الدخان ). تخيّل وهو فى هذا العذاب ثم يقال له على سبيل السخرية : ذُق إنك أنت العزيز الكريم . كان فى الدنيا يقال له ( العزيز الكريم ) إحتراما وربما تقديسا ، ثم سيأتى الوقت الذى سيقال له نفس الوصف سخرية مريرة ـ وهو تحت العذاب الخالد ـ تحقيرا وتقريعا .!
في الفقرة 2/1/3 تحت عنوان "عادة الكافرين السخرية من المؤمنين" جاء في الآية كلمة "سُخْرِيًّا"، وأعتقد أن الكلمة هنا تعني استخدام أو توظيف الناس لبعضهم وليس السخرية منهم.
عن غزوة تبوك وما جاء في المقال: " فى غزوة ذات العسرة " تبوك " التى حدثت فى قيظ الصيف تسارع كبار المنافقين للاستئذان من النبي بأن يظلوا فى المدينة دون الخروج من الجيش المحارب". عندي هنا وجهة نظر، رغم أنها لا تتعلق بموضوع المقال، لكني أنتهز الفرصة لابدائها وباختصار شديد: إذا تابعنا ما جاء في كتاب الطبري "سيرة الرسل والملوك" أو في سيرة ابن هشام، واكثره نقلا عن ابن اسحاق عن هذه الغزوة المفترضة، نجد سلسلة من الحوادث التي حصلت منذ التجهيز للغزوة إلى بلوغ تبوك. الغزوة حسب المرجع حصلت ضد الروم، وجيش المسلمين كان قوامه 30000 (ثلاثون ألف). الحوادثالتي ذكرها الطبري كان الراويفيهايربطها بنزول آيات من سورة التوبة، واخرى بأعمال خارقة للرسول.لن أذكر جميع ما ذكر، فقط شيء واحد وهو اعتراض المنافقين على الخروج إلى الجهاد بالحر: "وقال قوم من المنافقين بعضهم لبعض: لا تنفروا في الحر، زهادة في الجهاد، وشكا في الحق، وإرجافا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تبارك وتعالى فيهم (... وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِيالْحَرِّ...". تبوك تقع في شمال السعودية، تبعد عن المدينة حوالي 700 كم، مناخها معتدل في الصيف بارد في الشتاء، كانت مصيفا لقياصرة الروم، وهذا لا يتفق مع منطق الرواية، فتبوك لن تكون أحر من المدينة.برأيي أن سورة التوبة ليس لها علاقة بمثل هذه غزوة، وإنما بقريش في مكة. وبصراحة لا أعتقد وجود مثل هذا الغزوة ضد الروم، علما بأن المراجع البيزنطية لم تذكر عن هذه الغزوة.
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5117 |
اجمالي القراءات | : | 56,870,879 |
تعليقات له | : | 5,451 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
جريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
القاموس القرآنى : ( البشر والانسان )
( من مات قامت قيامته ) تلك الأُكذوبة السلفية الكافرة بالقرآن الكريم
دعوة للتبرع
مصافحة النساء: س : قمت بمصاف حة احدى النسا ء امام زميل لي...
واسجد واقترب: ولقد نعلم انك يضيق صدرك بما يقولو ن فسيح بحمد...
سؤالان: السؤ ال الأول : شاهد ت فى السوش يال ميديا...
شهادة حق ولكن .!: واحد صاحبى راجل محترم وطيب جدا وبعض الناس...
نقد لبحث النسخ .ز: بسم الله الرحم ن الرحي م سيا دة الدكت ور/ ...
more
حفظكم الله جل و علا و هذا الكتاب الجميل و يزداد جمالا بفصوله المتتابعة .. اتّبعت طريقتك في ( تخيل المشهد الذي وصفه القران الكريم أكان حوارا أو وصفا .. و ما أكثر الحوارات في القران الكريم و ما أجمل تخيل الشخصيات التي تتحاور فحينها يتمثل لك المشهد وكأنك تشاهده واقعيا فتتضح لك القضية بكاملها و قد تُنصب نفسك حكما و قاضيا و تحتكم إلى القران الكريم و هذا يؤكد ما وصلت اليه في القصص القراني و قلت : أن القصص القراني لا يؤخذ منه حكما شرعيا .
أن ( يسخر الاله من مخلوق خلقه كالحمار ) لا أعتقد تحقيرا للحمار فهذا المخلوق الجميل ( جميلا غصبا عن كارهيه و واصفيه بالغباء ! ) فما ذنب هذا المخلوق الجميل الذي خلقه خالق الجمال جل و علا .. من أسف أن يقال ( كالحمار ) في وصفهم غباء شخص و المعنى الذي وصفه الحق جل و علا مختلف عن ما يصفه الناس و ربطهم هذا الحيوان الجميل و الذكي بالغباء .
ملاحظة أخيرة : تكرر ذكر كلمة ( غزوة ) و في هذا المقال ذكرتم غزوة ذات العسرة ( تبوك ) و في المقال السابق ( غزوة أحد ) و أتذكر حضرتكم استبدلتموها ب ( معركة ) و هو الصحيح كما هي في أبحاثكم المميزة للغاية .
دمتم بخالص الود و عظيم التقدير حفظكم الله جل و علا .