أعزائي رواد رواق أهل القرآن، نضع بين أيديكم هذا المقال للدكتور أحمد صبحي منصور للنقاش والإفادة والاستفادة، فهو موضوع جدير بالقراءة والتعليق عليه بكل حرية ما دام الموضوع يتحدث عن الحرية في المعتقد، ففيه الكثير من التوضيح والمقارنة بين حرية الرأي في نصوص القرآن، وبين الحرية في البلاد الإسلامية الموجدة حبرا على ورق.
وهذا هو الرابط للمقال: http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=28
يقول الدكتور أحمد منصور:
الإسلام بريء من أولئك القضاة الذين حكموا بإدانته وتدخلوا في سلطة الله تعالى على العقائد. أولئك القضاة هم الذين أهانوا الإسلام وزيفوا شريعته وأنكروا أهم حقائقه وهى أن الإسلام دين الحرية المطلقة في الفكر والعقيدة.
مقدمة
الواقع أن الحرية المطلقة للرأى مبدأ أرساه الإسلام منذ ظهوره، وطبّقه الرسول (صلى الله عليه وسلم) وبعض الخلفاء الراشدين ثم صودرت هذه الحرية بقوة السيف فى الدولة الأموية ثم جاءت الدولة العباسية بمفهوم ثيوقراطى للحكم، وتشرع ذلك المفهوم بنصوص دينية مصنوعة تعارض القرآن، ولكن تم ربطها بالرسول من خلال الأحاديث، وتحولت الثيوقراطية العباسية إلى واقع ثابت تأكد بالفترة الطويلة التى قضتها الخلافة العباسية فى الحكم وبتدوين التراث الذى يضم أفكار المسلمين ومعتقداتهم، ذلك التراث الذى لا يزال محسوباً على الإسلام حتى الآن، والذى أصبح الإطار التشريعى لدعاة الدولة الدينية الذين يريدون نظاماً سياسياً دينياً على الطريقة العباسية، وهم يحسبون أن ذلك هو الإسلام، ولهم فى ذلك بعض العذر، لأن المؤسسات الدينية التى ينبغى أن تنهض لتجلية حقائق الإسلام قد عجز المسئولون فيها عن تأدية هذا الدور وداروا عجزها باستخدام نفس التراث العباسى فى اتهام المجتهدين بالردة والكفر، وأولئك المسئولون يجدون كل التعضيد من جماعات التطرف إذ يجمعهم إطار تشريعى واحد هو التراث العباسى وهدف واحد هو الدعوة لقيام الدولة الدينية، ثم يجد أولئك المسئولون فى نصوص القانون الحالى ما يحقق هدفهم من السيطرة على أجهزة الإعلام والنشر والحياة الفكرية بحيث يصادرون من خلالها أى فكر بحجة أنه يهاجم الإسلام.
هذا مع أنهم يمثلون بذلك أكبر خطر على مستقبل الوطن حيث يمهدون لقيام دولة دينية لا تعترف باختلاف الرأى وتعتبره خروجاً على الدين يستحق القتل وتفتى بأن للحاكم الدينى أن يقتل ثلث الأمة لإصلاح حال الثلثين.. أى قتل عشرات الملايين ليصفو لهم الجو..!!
إن النضال ضد هذه الأفكار ينبغى أن يبدأ بالمطالبة بالتخلص من تلك القوانين التى تجعل من أولئك المسئولين متحكمين فى الفكر الدينى، وبالعودة إلى حقائق الإسلام التي تؤكد على حرية العقيدة والتعبير عنها بكل الصور.. هذا إذا كنا نهتم بمستقبل بلدنا وأولادنا.. والله المستعان.
القسم الأول
حرية الرأى فى نصوص القرآن
جذور حرية الرأى فى عقيدة الإسلام:
حرية الرأى للإنسان هى الأساس فى وجوده فى هذه الدنيا، بل هى الأساس فى خلق الله تعالى للكون وهى الأساس فى فكرة اليوم الآخر. إلى هذا الحد تمتد جذور حرية الرأى فى عقيدة الإسلام، وذلك بالقطع ينهى كل الحجج التى يخترعها أنصار مصادرة الرأى باسم الدين.
ونأتى إلى آيات القرآن الخاصة بذلك الموضوع وبالترتيب.
1- فالله تعالى أبدع هذا الكون بما فيه من كواكب ونجوم ومجرات، وتلك النجوم والمجرات مجرد مصابيح كما وصفها القرآن للسماء الدنيا، فالسماوات السبع تقع فيما وراء الكون الذى نعجز عن مجرد تخليه، والله تعالى يقول ﴿لَخَلْقُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ وَلَـَكِنّ أَكْـثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ (غافر 57).
2- ولكن هذا الكون وتلك السماوات مع عظمتها الهائلة فقد خلقها الله تعالى لهدف واحد هو اختبار ذلك المخلوق المسمى بالإنسان، يقول تعالى ﴿وَهُوَ الّذِي خَلَق السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ (هود 7) أذن فخلق السماوات والأرض ليخبرنا الله أينا أحسن عملا.
3- ونتيجة هذا الاختيار وموعده يكون يوم القيامة، حيث يدمر الله تعالى ذلك الكون وتلك السماوات ويأتى بأرض جديدة وسماوات جديدة ويحاسب الناس على أعمالهم فى الدنيا ﴿يَوْمَ تُبَدّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهّارِ﴾ (إبراهيم 48).
4- لذا فالإنسان مأمور أن يتفكر فى الحكمة من خلق السماوات والأرض ﴿وَيَتَفَكّرُونَ فِي خَلْقِ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ رَبّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النّارِ﴾ (آل عمران 191). فالله تعالى لم يخلق السماوات والأرض عبثا ﴿وَمَا خَلَقْنَا السّمَآءَ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ﴾ (الأنبياء 16) بل خلقهما لهدف حق، وجعل لهما أجلاً معيناً يلحقهما التدمير بعده ﴿مَا خَلَقْنَا السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاّ بِالْحَقّ وَأَجَلٍ مّسَمًى وَالّذِينَ كَفَرُواْ عَمّآ أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ﴾ (الأحقاف 3). وكل إنسان له اختباره حين يوجد على هذه الأرض ويعيش فيها فترة عمره المقدرة له سلفاً، وبعد هذه الحياة يموت ويعود إلى البرزخ الذى منه جاء، ومطلوب من الإنسان فى تلك الحياة أن يعرف أن الله أوجده فى هذه الدنيا لاختبار موعده فى الحياة الأخرى ﴿الّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ (الملك 2). وحين يقضى الإنسان حياته غافلاً عن ذلك الهدف من وجوده يفشل فى الاختبار ويكون مصيره إلى النار، ويقول له الله تعالى يذكره بالهدف من وجوده ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ﴾ (المؤمنون 115).
يقول له هذا فى اليوم الآخر بعد أن ينتهى كل شيء!!
5- ويلاحظ أن الله تعالى قد جعل عناصر الاختيار متوازنة وعادلة، فقد خلق الإنسان على الفطرة النقية أى الميزان الحساس الداخلى الذى يميز بين الخير والشر والذى يؤمن بالله وحده، وفى مقابل هذه الفطرة سلط عليه الشيطان للغواية، وأرسل له الرسل وأنزل معهم الكتب السماوية وفى مقابل ذلك زين له الدنيا وغرورها، وفوق ذلك كله خلقه حراً فى أن يطيع وأن يعصى وفى أن يؤمن وأن يكفر وجعل له سريرة يحتفظ فيها بكل أسراره ونوازعه ومشاعره وهواجسه وأفكاره بعيدة عن متناول كل مخلوق سواه لتكون له ذاتيته المستقلة، فإذا أراد أن يكون حراً كان حراً وإذا أراد بمحض اختياره أن يكون عبداً لغيره من البشر ومن الأفكار كان كذلك، المهم أن الاختيار فى يده هو، وعن طريق هذا الاختيار يستعمل الإنسان حريته كما شاء، فإذا تسلط الآخرون عليه بقوانين غير إلهية وصادروا حقه فى الكفر اختار هو فى سريرته أن يكفر بل أن ينكر الفطرة فى داخله، وينكر وجود الله الذى خلقه... إلى هذا الحد خلق الله تعالى الإنسان حر الإرادة إلى درجة أنه تعالى سمح له بأن يصل تفكيره الحر إلى إنكار وجود الخالق تعالى ذاته.
6- وفى مقابل هذه الحرية التى خلق الله الإنسان عليها فى الدنيا فإن يوم الاختبار أو يوم القيامة لا مجال فيه للحرية أو الاختبار، فتلك الحرية الفردية الإنسانية فى التفكير وفى العمل والتصرف تنتهى عند لحظة الاحتضار والموت، وبعدها يتعين على الإنسان أن يواجه مسئوليته عن عمله الدنيوى، ولذلك فإن حديث القرآن عن يوم القيامة يأتى دائماً بصيغة المبنى للمجهول، يقول تعالى مثلاً ﴿وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِـيءَ بِالنّبِيّيْنَ وَالشّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ. وَوُفّيَتْ كُلّ نَفْسٍ مّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ. وَسِيقَ الّذِينَ كَـفَرُوَاْ إِلَىَ جَهَنّمَ زُمَراً.... وَسِيقَ الّذِينَ اتّقَوْاْ رَبّهُمْ إِلَى الّجَنّةِ زُمَراً..﴾ (الزمر 69: 71، 73) فلم يقل جاء النبيون والشهداء، إنما قال ﴿وَجِـيءَ بِالنّبِيّيْنَ وَالشّهَدَآءِ﴾ ولم يقل وذهب الذين كفروا إلى جهنم وإنما قال ﴿وَسِيقَ الّذِينَ كَـفَرُوَاْ إِلَىَ جَهَنّمَ زُمَراً﴾ وهكذا قال ﴿وَسِيقَ الّذِينَ اتّقَوْاْ رَبّهُمْ إِلَى الّجَنّةِ زُمَراً﴾.
إذن كل منا يؤتى به يوم القيامة مقبوضاً عليه ﴿وَجَآءَتْ كُلّ نَفْسٍ مّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ﴾ (ق 21) أو بالتعبير القرآنى ﴿وَإِن كُلّ لّمّا جَمِيعٌ لّدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾، ﴿إِن كَانَتْ إِلاّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لّدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ (يس 36،53). وكلمة "محضرون" بضم الميم وسكون الحاء وفتح الضاد، أى يتم إحضارهم حيث تنعدم لديهم حرية الإرادة وإمكانية الهرب.
فالله تعالى أعطانا حرية الإرادة فى الدنيا ليختبرنا، وأنزل الدين الذى أمرنا باتباعه، وأنزل بذلك الدين كتباً سماوية، ولم ينزل معها سيفاً وملائكة تأمر الناس باتباع ذلك الدين، ولم يجعل الجحيم فى الدنيا، بحيث أن من يكفر ويعصى يؤتى به ليلقى فى الجحيم أمام أعين البقية من البشر، ولو فعل ذلك ما كان هناك اختبار أو امتحان، وإنما أنزل الدين مجرداً عن ذلك وترك الحرية لمن يؤمن ولمن يكفر وجعل الامتحان مؤجلاً ليوم سماه "يوم الدين" أو "يوم الحساب" وقال أنه سيأتى فى ذلك اليوم وسيحكم فيه بين الناس بذاته، وحين يأتى الله تعالى يوم الدين وحين تشرق الأرض بنور ربها فقد اتنتهت إلى الأبد حرية البشر فى الإرادة وتعين عليهم أن يواجهوا نتيجة عملهم الذى كان.
7- والله تعالى لم يعط سلطته فى الدنيا لبعض الناس ليعاقبوا باسمه من اختلف معهم فى الرأى، أو من كفر بالله، والذين يدعون لنفسهم هذا الحق المزعوم إنما يفسدون القضية من جذورها ويتقمصون دور الإله حيث لا إله إلا الله، ويتحكمون فيما رغب عن التحكم فيه رب العزة حين ترك العقل الإنسانى حراً بلا قيد، يفكر بلا حدود ويؤمن إذا شاء، ويكفر إذا أراد، ويعلن ذلك بجوارحه كيف أراد. هذه الفئة من البشر علاوة على أنها تزيف دين الله وتغتصب سلطاته التى ادخرها لذاته يوم الدين فإنها أيضاً تعطى الحجة لمن ينكر حساب الآخرة وعذاب النار، وحجتهم أنه إذا كان هناك إرغام على الإيمان، وإذا كان هناك إكراه فى الدين فلا مجال حينئذ لأن يكون هناك حساب وعقاب يوم الدين. بل إنهم يعطون دين الله تعالى وجهاً قبيحاً متشدداً دموياً متحجراً متخلفاً، ويسهمون فى إبعاد أغلبية الناس عنه، وهذا الوجه القبيح لا علاقة له بدين الله تعالى، بل هو وجههم هم، وهو دينهم هم، الذى يناقض دين الله تعالى جملة وتفصيلا.
ولأنهم الأعداء الحقيقيون لدين الله فإن الله تعالى شرع القتال والجهاد ضدهم، وشرع القتال والجهاد لا لإرغام الناس على دخول الإسلام وإنما لتقرير حق الناس فى الإيمان أو فى الكفر وفى رفع وصاية الكهنوت عليهم، والكهنوت هم أولئك الذين يدعون التكلم باسم الله ويتحكمون باسمه فى عقول الناس وأفكارهم. حاربهم الإسلام بالجهاد وتشريع القتال، ولكن أفلح الكهنوت العباسى والشيعى فى قلب المفاهيم وتحريف الإسلام عن مواضعه.
8- والله تعالى أوضح فى أكثر من موضع فى القرآن الكريم بأنه سيحكم بين الناس فى اختلافاتهم الدينية يوم القيامة، ولذا سماه يوم الدين، وكان المشركون يأتون للنبى ليجادلوه عناداً، فأمره ربه بأن يعرض عنهم وأن يعلن لهم تأجيل الحكم إلى يوم الدين، حيث يحكم الله تعالى بينه وبينهم ﴿وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ. اللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ (الحج 68: 69) ويقول تعالى عن حال الكافرين فى عدم الإيمان بالقرآن ﴿وَلاَ يَزَالُ الّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ مّنْهُ حَتّىَ تَأْتِيَهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ. الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ للّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ﴾ (الحج 55: 56).
وحين انتقل النبى للمدينة وأصبح حاكماً لدولة وقائداً لأمة لم تسمح له نصوص القرآن بإكراه المنافقين على الإيمان والطاعة، بل كانت لهم حرية الرأى مطلقة، وكانوا يتربصون بالمؤمنين فى أوقات الحرب، وتلك خيانة عظمى فى القوانين الوضعية، ولكن الله تعالى جعل العقوبة عليها مؤجلة إلى يوم الدين، حيث سيحكم فيها بين المؤمنين والمنافقين، يقول تعالى ﴿الّذِينَ يَتَرَبّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مّنَ اللّهِ قَالُوَاْ أَلَمْ نَكُنْ مّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوَاْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾ (النساء 141).
إن الدين لله وحده، وقد شاء أن يختبرنا فخلق السماوات والأرض، ثم خلقنا أحراراً نؤمن إذا شئنا ونكفر إذا أردنا، ولم يجعل سلطة للأنبياء وهم صفوة البشر على إكراه أحد على الإيمان، وكل منها ينتهى اختباره بلحظة وفاته، وبعد قيام الساعة سيواجه كل منا مصيره فى يوم اسمه يوم الحساب أو يوم الدين.
حرية الرأى فى نصوص القرآن:
1- يقرر القرآن أن الله تعالى لو شاء لجعل الناس جميعاً أمة واحدة أى خلقهم بلا اختيار فيهم، يولدون مهتدين كالآلات المبرمجة على الطاعة المطلقة، ولكن الله تعالى شاء أن يجعلهم أحراراً مختلفى الرأى، منهم المؤمن ومنهم الكافر، منهم المهتدى ومنهم الضال، وكل منهم حسب اختياره وحسب مشيئته.
يقول تعالى ﴿وَلَوْ شَآءَ اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىَ﴾ (الأنعام 35) ﴿فَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (الأنعام 149). أى أن مشيئته تعالى لم تتدخل لحمل الناس على الإيمان، ولو شاء لكان الناس جميعاً مؤمنين إذ لا يقف أمام مشيئته أحد، والدليل على عدم تدخلها هو اختلاف الناس وحريتهم فى الإيمان والكفر، وسيظلون مختلفين لأنها مشيئته تعالى التى لا يعوقها شيء، يقول تعالى ﴿وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إِلاّ مَن رّحِمَ رَبّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ (هود 118: 119). وكل ما هنالك أنه أمام البشر خيارات مختلفة والله تعالى ينزل الكتاب ويبعث الأنبياء لتوضيح الحق من الباطل والعدل من الجور، ويترك للبشر حرية الاختيار بين هذا وذاك، ويقول تعالى ﴿وَعَلَىَ اللّهِ قَصْدُ السّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (النحل 9).
2- والبشر إذا اختاروا طريق الغواية قد يحاولون أن يجدوا لها سنداً دينياً بتحريف الحق الذى جاء فى الكتب السماوية، ولا تتدخل مشيئة الله فى ذلك الافتراء عليه، بل يسمح بوجوده ليكون المجال مفتوحاً أمام الناس للبحث عن الحق والاختيار بين الصحيح والزائف، ويقول تعالى عن الأحاديث الضالة التى تزيف الدين ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نِبِيّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَآءَ رَبّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ (الأنعام 112). إذن لو شاء الله ما حدث هذا، ولكنه تعالى شاء أن يعطيهم الحرية فى الكذب عليه وعلى رسوله وقال للنبى ﴿وَلَوْ شَآءَ رَبّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾.
والله تعالى يهددهم بالعقاب يوم القيامة وأنه يعلم بمؤامراتهم فى التلاعب بالآيات، ومع أنه يقرر لهم حريتهم فى ذلك إلا أنه يحملهم المسئولية عليها يوم القيامة، يقول تعالى ﴿إِنّ الّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيَ آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ أَفَمَن يُلْقَىَ فِي النّارِ خَيْرٌ أَم مّن يَأْتِيَ آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ إِنّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ (فصلت 40). قال لهم اعملوا ما شئتم. والخطاب كما يتضح موجه لأولئك الذين يتلاعبون بدين الله.. أى للكهنوت الذى يرتزق ويعيش على أكاذيب ينسبها لله تعالى ورسوله، والمهم أن لهم المشيئة التى كفلها الله فى حربهم له، وعليهم وزرها يوم القيامة، والدليل العملى واضح أمامنا، وهو أنهم يمارسون عملهم حتى الآن.
3- والله تعالى حيث يدعو للحق ويذكر الناس به فإنه يقرر حريتهم فى الاختيار ويسميها "مشيئة" أيضاً، أى يعلي من قدر هذه الحرية.
يقول تعالى فى سورتين فى القرآن ﴿إِنّ هَـَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ اتّخَذَ إِلَىَ رَبّهِ سَبِيلاً﴾ (المزمل 19، الإنسان 29). أى فالهداية أمام الجميع ومن شاء فليهتدى ومن شاء فليكفر. وفى النهاية فكل نفس تهتدي لنفسها وتضل على نفسها ﴿نَذِيراً لّلْبَشَرِ. لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدّمَ أَوْ يَتَأَخّرَ. كُلّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾ (المدثر 36: 38).
ويتكرر نفس المعنى فى الاحتكام إلى مشيئة البشر وحريتهم المطلقة فى الإيمان أو الكفر، ومن هذه الآيات ﴿كَلاّ إِنّهُ تَذْكِرَةٌ. فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ﴾ (المدثر 54: 55) ﴿ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقّ فَمَن شَآءَ اتّخَذَ إِلَىَ رَبّهِ مَآباً﴾ (النبأ 39) ﴿إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لّلْعَالَمِينَ. لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ﴾ (التكوير 27: 28) ﴿كَلاّ إِنّهَا تَذْكِرَةٌ. فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ﴾ (عبس 11: 12).
هل بعد هذا تأكيد على حرية البشر فى الإيمان وحريتهم فى الكفر؟
وحرية الاعتقاد فى الله هي قمة الرأي في الإسلام. وإذا كان للإنسان فى نصوص القرآن الحرية فى أن يكفر بالله، فإن له بالتالى الحرية فى أن يكفر بالحاكم أو بأى سلطة دينية أو مدنية..
4- ومن هنا ينبع المبدأ الإسلامى ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدّينِ﴾ (البقرة 256). وقد نزل فى سورة مدنية حين كانت للإسلام دولة وقوة. ولكن هذا المبدأ نزل فى مكة من قبل، حين أخذت النبى عليه السلام نوبة حماس فكان يبالغ فى الإلحاح على الناس كى يؤمنوا فقال له تعالى يذكره بمشيئة الرحمن ﴿وَلَوْ شَآءَ رَبّكَ لاَمَنَ مَن فِي الأرْضِ كُلّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النّاسَ حَتّىَ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ﴾ (يونس 99).
وأمره الله تعالى بالإعراض عن الذي يتمسك بعقيدته المشركة، لأن الله تعالى بعثه مجرد نذير يبلغ الرسالة وليس عليهم بمسيطر ﴿فَذَكّرْ إِنّمَآ أَنتَ مُذَكّرٌ. لّسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ﴾ وأن الله وحده هو الذى سيحاسبهم يوم القيامة ﴿إِلاّ مَن تَوَلّىَ وَكَفَرَ. فَيْعَذّبُهُ اللّهُ الْعَذَابَ الأكْبَرَ. إِنّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ. ثُمّ إِنّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ﴾ (الغاشية 21: 26).
وتكرر هذا المعنى فى قوله تعالى ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ. وَلَوْ شَآءَ اللّهُ مَآ أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ﴾ (الأنعام 106: 107) وقوله تعالى ﴿إِنّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ﴾ (البقرة 119).
5- ونزل القرآن بأقاويل محددة أمر النبى بأن يقولها وفيها التقرير الكامل لحرية الرأى والعقيدة، فكما أن للنبى حقه فى أن يخلص دينه لله وحده فعليه أن يحترم حق خصومه فى أن يعبدوا غير الله، أمره الله أن يقول هذا ﴿قُلِ اللّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لّهُ دِينِي. فَاعْبُدُواْ مَا شِئْتُمْ مّن دُونِهِ﴾ (الزمر 14: 15) أى جعل لهم مشيئة، ونزلت سورة كاملة تقول ﴿قُلْ يَأَيّهَا الْكَافِرُونَ. لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾.. وفى آخرها ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾.
ويأمره الله تعالى بأن يعلن بأن يقول الحق من الله ثم لهم المشيئة الكاملة فى الإيمان أو فى الكفر وعليهم تحمل المسئولية إذا كفروا، فالعذاب ينتظرهم يوم القيامة ﴿وَقُلِ الْحَقّ مِن رّبّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنّا أَعْتَدْنَا لِلظّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوجُوهَ﴾ (الكهف 29). ويقول عن القرآن ﴿قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوَاْ﴾ (الإسراء 107). أى لكم الحرية فى أن تؤمنوا بالقرآن أو لا تؤمنوا به.
الحوار دليل حرية الإرادة:
لو تخلينا حاكماً صاحب فضل على شعبه، ولكن ثار شعبه عليه، ولم يلجأ الحاكم صاحب الفضل إلى القوة، واتبع بدلها طريق الحوار والإقناع، وفى نفس الوقت لم يجبرهم على طاعته وترك لهم الحرية فى العصيان، لو تخيلنا هذا الصنف من الحكام بين البشر لوجدنا أنفسنا نسبح فى خيالات وأحلام. ولكن إذا قرأنا القرآن الكريم وجدنا أن الله تعالى وهو الخالق الرزاق لم يشأ أن يجبر البشر على الإيمان به وبكتبه ورسله، ولأنه فطرهم على حرية الإرادة فقد أجرى معهم حواراً كى يؤمنوا عن رغبة وعن اقتناع لا عن إكراه وإجبار.
وفى الوقت الذى ترفض فيه المؤسسات الكهنوتية إجراء حوار وتكتفى بإصدار قرارات التكفير والردة والحرمان ضد من يخالفونها فى الرأى نرى رب العزة وهو قيوم السماوات والأرض يجرى حواراً مع عباده أبناء آدم، ليقنعهم بأنه الله الواحد الذى لا شريك له.
ويطول بنا الأمر لو استعرضنا أسلوب الحوار فى القرآن الكريم، ونكتفى بالإشارة إلى لمحات سريعة.
1- فالله تعالى يحتكم إلى العقل الإنسانى فى إثبات زيف الادعاءات الضالة ويتردد فى القرآن قوله تعالى ﴿أفلا تعقلون﴾ ﴿أفلا تبصرون﴾ ﴿لعلكم تعقلون﴾.. ﴿أنى تؤفكون﴾..
وأن يحتكم رب العزة للعقل البشرى فإن هذا فيه التكريم لهذا العقل الذى هو منبع حرية الإرادة، هذا فى الوقت الذى تطالبنا فيها المؤسسات الكهنوتية بتعطيل وحجب التفكير ومصادرة حق المناقشة لعقائدها وأفكارها.
والله تعالى ينزل فى القرآن أدلة عقلية على أنه لا إله إلا الله كأن يقول تعالى ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاّ اللّهُ لَفَسَدَتَا﴾ (الأنبياء 22). أى لو كان مع الله آلهة أخرى لاختل نظام الكون، ووحدة الخلق فى الكون من جماد وحيوان تقطع بأن الخالق واحد ليس معه شريك، ولو كان معه شريك لحاول أن ينازع الله تعالى فى ملكه، ولأن ذلك لم يحدث إذن فليس هناك شريك مع الله، وهذا هو معنى قوله ﴿قُلْ لّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاّبْتَغَوْاْ إِلَىَ ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً. سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىَ عَمّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً﴾ (الإسراء 42: 43). ولو كانت هناك آلهة متعددة ولكل منهم مخلوقات لحدث بينهم تنافس وشقاق اختلف معه مصير الكون أو كما يقول رب العزة ﴿مَا اتّخَذَ اللّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لّذَهَبَ كُلّ إِلََهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىَ بَعْضٍ سُبْحَانَ اللّهِ عَمّا يَصِفُونَ﴾ (المؤمنون 91).
أدلة عقلية يستشهد بها الخالق جل وعلا على أنه الإله الذى لا إله معه، ويرد بهذه الأدلة على آراء بعض مخلوقاته من البشر الذين يعتقدون بوجود آلهة أخرى مع الله.. ولولا أن الله تعالى قرر لهم حرية التفكير وحرية الاعتقاد والرأى ما سمح لهم بأن يعتقدوا تلك الاعتقادات التى تسىء إلى جلال الله، ولولا أن الله تعالى ضمن لهم هذه الحرية فى دينه ما أجرى معهم هذا الحوار وما احتكم إلى عقولهم فى إثبات فساد تلك العقائد.
3- والله تعالى لم يستنكف أيضاً أن ينزل بالحوار إلى مستوى عقلية البشر كى يفهموا ويعقلوا وتقوم عليهم بالحجة، فمثلاً كانت لبعض أهل الكتاب تصورات عن إبراهيم، وأنزل الله تعلى الرد عليها فقال ﴿يَأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجّونَ فِيَ إِبْرَاهِيمَ وَمَآ أُنزِلَتِ التّورَاةُ وَالإنْجِيلُ إِلاّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ. هَأَنْتُمْ هَؤُلآءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ (آل عمران 65: 66).
إن ذلك أعظم تقدير لحرية البشر، أن ينزل الخالق جل وعلا قرآناً يرد به على آراء لبعض مخلوقاته ويقنعهم، فى الوقت الذى يستطيع فيه أن يدمر الأرض والسماوات، ولكن بعض المخلوقات أعطت لنفسها امتيازات تفوق ما نتخيله، ولذلك فهم يستنكرون من الرد على خصومهم فى الرأى ويكتفون بإعلان كفرهم واستحلال دمائهم. والمقارنة فظيعة، الله تعالى يرد على دعاوى بعض خلقه بالأدلة العقلية، والكهنوت يستكبر عن النقاش مع ناس ينتمون مثله لآدم المخلوق من تراب.
4- والله تعالى لم يستنكف أن يسجل آراء خصومه مع أن آراءهم لا تستحق أن تكون آراء، إنما هى سباب وتطاول وسوء أدب. فاليهود قالوا يد الله مغلولة (المائدة 64) وقالوا إن الله فقير ونحن أغنياء (آل عمران 181) وفرعون قال أنه لا يعلم إلهاً للمصرين غير فرعون وأنه ربهم الأعلى (القصص 38، النازعات 24)، وكان من الممكن أن يصادر الله تعالى هذه الأقوال فلا نعلم عنها شيئاً، وبعضها قيل فى عصور سحيقة قبل نزول القرآن ولولا القرآن ما علمنا عنها شيئاً. ومصادرة الكتب والمؤلفات هى الهواية المفضلة للكهنوت الدينى والسياسى. وكم شهد العالم فى العصور الوسطى- وفى عالمنا الثالث الذى لا يزال فى العصور الوسطى- مذابح للكتب والمؤلفات والمؤلفين. ولكن الله العزيز الحكيم سجل كل آراء خصومه حتى ما كان منها تطاولاً على ذاته المقدسة، فأصبحت من آيات القرآن التى نقرؤها ونتعبد بتلاوتها، وطبيعى أنه تعالى رد عليها بما يناسب المقام، وذكر أنه تعالى خلق الإنسان من نطفة حقيرة فأصبح الإنسان خصماً لربه (النحل 4، يس 77). ولكن الله تعالى أتاح لهذا الخصم أن يقول ما يشاء وفى حرية، ثم يسجل عليه أقواله ويرد عليها ولا يصادرها، ويأتى القرآن بذلك لنقرأه ونتعرف على منهج القرآن وفى تقرير حرية الإنسان ومسئوليته أمام ربه يوم القيامة عما نطق به لسانه وما اقترفت جوارحه.
ولنقرأ قوله تعالى ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ﴾، ﴿لّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾، ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَأَيّهَا الْملاُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إِلَـَهٍ غَيْرِي﴾، ﴿فَحَشَرَ فَنَادَىَ. فَقَالَ أَنَاْ رَبّكُمُ الأعْلَىَ﴾ وهناك العشرات من الآيات فى نفس الموضوع.
بعد هذا البيان القرآنى، لابد أن نتساءل.. هل مصادرة الكتب والآراء مما يتفق مع منهج الإسلام؟!!
آداب الحوار فى القرآن:
1- وفى ظلام القرون الوسطى نزلت آيات القرآن الكريم بأسمى آداب للحوار مع الخصوم فى الرأى، وحين نتدبر هذه الآيات وننظر إلى حالتنا نتحسر على ما آل إليه بعضنا ممن يرفع لواء الإسلام ولا يرى فيه إلا فرض الرأى ومصادرة حق الآخرين فى الإعلان عن رأيهم والتطاول عليهم وإيذاءهم بالقول والفعل واستحلال دمائهم، ويعتقد أن ذلك هو الجهاد، ولو تدبر أولئك القرآن لرأوا أنهم يكررون أفعال قريش المشركة فى عهد النبى (صلى الله عليه وسلم).
2- إن المبدأ القرآنى فى الحوار يقوم على الحكمة والموعظة الحسنة والرد على إساءة الخصم بالتى هى أحسن وليس بمجرد الحسنى، يقول تعالى ﴿ادْعُ إِلِىَ سَبِيلِ رَبّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (النحل 125). فالله تعالى يأمر رسوله الكريم بأن يدعو إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة وأن يجادل خصومه ليس بالحسنى وإنما بالتى هى أحسن. وإذا كان ذلك فرضاً على النبى صاحب المقام الرفيع فغيره من المسلمين أولى بأن يتحمل السيئة فى الجدال وأن يرد عليها بالتى هى أحسن وجاء التعبير عن ذلك الأمر بصيغة مؤثرة محببة، يقول تعالى ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مّمّن دَعَآ إِلَى اللّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السّيّئَةُ ادْفَعْ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنّهُ وَلِيّ حَمِيمٌ. وَمَا يُلَقّاهَا إِلاّ الّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقّاهَآ إِلاّ ذُو حَظّ عَظِيمٍ﴾ (فصلت 33: 35).
فالله تعالى يعتبر أحسن الناس قولاً هو الذى يدعو إلى الله ويكون قدوة لغيره فى العمل الصالح ويعلن انقياده أو إسلامه لله. وإذا جادله أحد وأساء إليه فى دعوته وفى حواراته دفع تلك السيئة بالتى هى أحسن من الاحتمال والصبر والصفح والكلام الجميل وحينئذ يضطر للاعتذار ويبدو بعدها كأنه ولى حميم. وتلك الدرجة من السمو الخلقى فى الدعوة لا يصل إليها إلا من عانى الصبر والتحمل فى سبيل الله وجدير به أن يكون ذا حظ عظيم عند الله تعالى.
3- هذه هى المبادئ العامة فى آداب الحوار، والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ودفع السيئة بالتى هى أحسن، وكان من الممكن أن يكتفى القرآن بذلك ولكن لأهمية الموضوع فى عقيدة الإسلام القائمة على حرية الاختيار فإن آيات القرآن الكريم نزلت بتفصيلات آداب الحوار القائم على الحكمة والموعظة الحسنة ودفع السيئة بالتى هى أحسن.
فالله تعالى ينهى عن الوقوع فى سب الخصم وتسفيه معتقداته ومقدساته حتى لا يندفع الخصم فى سب الله تعالى، ويقول رب العزة ﴿وَلاَ تَسُبّواْ الّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ (الأنعام 108). ويبين رب العزة الحكمة فى ذلك، فذلك الذى وقع فى الضلال وقع فيه باختياره وتعصب له فكانت النتيجة أن الله تعالى زين له هذا الضلال، وفى النهاية مرجعه إلى الله يوم القيامة يوم الاختبار، تقول الآية ﴿وَلاَ تَسُبّواْ الّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيّنّا لِكُلّ أُمّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمّ إِلَىَ رَبّهِمْ مّرْجِعُهُمْ فَيُنَبّئُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾.
والواقع أن الإنسان يبدأ بالاختيار، اختيار الطريق الذى سلكه ويستريح إليه فى حياته، سواء كان ذلك حقاً أم باطلاً، وبعد الاختيار الإنسانى تأتى إرادة الله تزيد المهتدى هدى وتزيد الضال ضلالاً. ويقول تعالى عن الضالين ﴿فِي قُلُوبِهِم مّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً﴾، ويقول تعالى عن المهتدين ﴿وَالّذِينَ اهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ﴾ (محمد 17) وقال عن أهل الكهف ﴿إِنّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ (الكهف 13). ويقول تعالى ﴿وَيَزِيدُ اللّهُ الّذِينَ اهْتَدَواْ هُدًى﴾ (مريم 76).
إذن يبدأ الإنسان بالاختيار ثم يزيده الله تعالى إيماناً إذا كان مؤمناً وضلالاً إذا كان ضالاً، أو بمعنى آخر يزين له اختياره، يقول تعالى عن تزيين الإيمان للمؤمن ﴿وَلََكِنّ اللّهَ حَبّبَ إِلَيْكُمُ الأِيمَانَ وَزَيّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ﴾ (الحجرات 7). ويقول عن الصنف الآخر ﴿إِنّ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ زَيّنّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ﴾ (النمل 4).
تقرير الحرية الدينية للخصوم:
ومن هنا ينهى القرآن عن الجدال مع ذلك الذى انقلبت أمام عينه المفاهيم فأصبح يرى الحق باطلاً والباطل حقاً، يقول تعالى للنبى (صلى الله عليه وسلم) ﴿أَفَمَن زُيّنَ لَهُ سُوَءَ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنّ اللّهَ يُضِلّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ (فاطر 8).
وإجراء الحوار يكون بالحكمة والأسلوب العقلى وقد مرت بنا أمثلة لها فى أسلوب الحوار الذى يجريه رب العزة مع خلقه، وإذا رفض الحجج العقلية، والأدلة المنطقية فهو يمارس حقاً أصيلاً كفله له رب العزة وسيكون مسئولاً عن ذلك أمام الله تعالى يوم القيامة، ومن هنا تكون وظيفة الداعية للحق أن يعرض عنه ويهجره هجراً جميلاً حتى لو آذوه، فذلك كان أسلوب النبى فى الدعوة ﴿وَاصْبِرْ عَلَىَ مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً﴾ (المزمل 10). ونزل ذلك دستوراً للنبى وكل داعية ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ (الأعراف 199).
والإعراض عن الخصم يعنى تركه لما اختاره من طريق ارتضاه لنفسه ويعنى انتظار الحكم فى ذلك الاختلاف إلى يوم القيامة. والله تعالى قال للنبى ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنّهُمْ مّنتَظِرُونَ﴾ (السجدة 30) ويقول له ربه ﴿فَأَعْرِضْ عَن مّن تَوَلّىَ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاّ الْحَيَاةَ الدّنْيَا. ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مّنَ الْعِلْمِ﴾ (النجم 29: 30).
وقد يأتى الأمر بالإعراض عنهم بما يؤكد على تقرير حريتهم الدينية ومسئوليتهم عليها أمام الله يوم القيامة ويقول تعالى ﴿وَقُل لّلّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُواْ عَلَىَ مَكَانَتِكُمْ إِنّا عَامِلُونَ. وَانْتَظِرُوَاْ إِنّا مُنتَظِرُونَ﴾ (هود 121: 122). ﴿قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَىَ مَكَانَتِكُمْ إِنّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدّارِ إِنّهُ لاَ يُفْلِحُ الظّالِمُونَ﴾ (الأنعام 135). ﴿قُلْ يَقَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَىَ مَكَانَتِكُـمْ إِنّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ. مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مّقِيمٌ﴾ (الزمر 39: 40). وذلك لأن الإعراض الذى يؤكد حريتهم فى الاختيار ومسئوليتهم عليه يحمل فى طياته تخويفاً لهم، ويعكس هذا التخويف أملاً لدى الداعية فى هداية بعض الخصوم. وذلك دون أن يقع الداعية فى تكفير الخصوم الرافضين للقرآن.
فإذا لم يكن فيهم أمل أصبح التركيز على الإعراض بأرقى أسلوب فى التعامل وجاء ذلك فى قوله تعالى ﴿وَإِنّآ أَوْ إِيّاكُمْ لَعَلَىَ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ. قُل لاّ تُسْأَلُونَ عَمّآ أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمّا تَعْمَلُونَ. قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبّنَا ثُمّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقّ وَهُوَ الْفَتّاحُ الْعَلِيمُ﴾ (سبأ 24: 26) حين اليأس من الهداية وحين يتمسك الخصم بموقفه يقال له : أحدنا على هدى والآخر على ضلال، (ولا يقال له أنت كافر واذهب إلى الجحيم) ويقال له: لست مسئولاً عن إجرامنا ولسنا مسئولين عن أعمالك، وكان القياس يقتضى المساواة كأن يقال لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تجرمون، ولكن آداب الحوار فى القرآن يأبى ذلك، ويقال أن الله تعالى سيجمع بيننا ثم يقضى بيننا بالحق، ولا يقال نحن أصحاب الجنة وأنتم أصحاب النار.
وهذا الأدب القولي والسلوكي في الإعراض عن الخصوم فى الرأى والعقيدة ليس نفاقاً أو أسلوباً شكلياً، وإنما أمر القرآن بأن يكون عاطفة تنبع من القلب تحمل معها العفو عن الخصم والغفران له والصفح عنه الصفح الجميل. ومنبع هذه العاطفة هو الإيمان بأن الخصم قد أخطأ فى حق نفسه وأنه سيلقى عذاباً شديداً يوم القيامة، لأنه فشل فى الاختبار وأساء استخدام الحرية التى كفلها له ربه، وحين يتصور المؤمن فظاعة العذاب يوم القيامة لا يملك إلا أن يصفح عن ذلك الخصم ويغفر له.
وليس ذلك استنتاجاً عقلياً أو اجتهاداً شخصياً وإنما هو تدبر لمعانى الآيات القرآنية الواضحة الصريحة، يقول تعالى عن قيام الساعة ﴿وَإِنّ السّاعَةَ لاَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ (الحجر 85). أى ليس مجرد الصفح ولكن الصفح الجميل.
ويقول تعالى ﴿وَقِيلِهِ يَرَبّ إِنّ هَـَؤُلاَءِ قَوْمٌ لاّ يُؤْمِنُونَ. فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ (الزخرف 88: 89) فإذا يأسنا من إقناعهم فعلينا أن نصفح عنهم ونقول لهم سلام فسوف يعلمون.
ويقول تعالى يأمر المؤمنين ﴿قُل لّلّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيّامَ اللّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ. مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا ثُمّ إِلَىَ رَبّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ (الجاثية 14: 15).
تشريع الجهاد لتقرير حرية الرأى:
وعلى خلاف الشائع فإن تشريع الجهاد فى الإسلام ليس للإكراه على الدين، وإنما لتقرير حرية الرأى والعقيدة والاختيار بين الإيمان والكفر، لذا كان الجهاد موجهاًَ ضد الكهنوت الذى يضطهد الخصوم ويعتمد الإكراه فى الدين وفرض آرائه على الناس ومصادرة حقهم فى التفكير وفى الاختيار.
والدعوة للحق للإسلامى تقوم على الحكمة والموعظة الحسنة وإذا رفضها بعض الناس فالإسلام يأمر بالإعراض عنهم والغفران لهم والصفح، ولكن المشكلة أن الكهنوت والمرتزقة بالدين والذين يقوم سلطانهم على الأوضاع السائدة يرفضون دعوة الإسلام الداعية للعبودية لله وحده والعدالة والمساواة وعدم الاستبداد والظلم، ولأنهم أصحاب سلطان فهم يستخدمون سلطاتهم فى اضطهاد الدعوة الإسلامية. وكذلك فعلت قريش، وكذلك تفعل كل سلطة كهنوتية تسير على منوالها. حتى لو كانت ترفع لواء الإسلام. والقرآن يأمر بالصبر فى مواجهة ذلك الاضطهاد، ويأتى الأمر بالصبر مقترناً بأسلوب الدعوة وآداب الحوار الذى ينبغى أن يتحلى به المؤمن. فمثلاً قوله تعالى ﴿ادْعُ إِلِىَ سَبِيلِ رَبّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ ثم يقول ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مّمّا يَمْكُرُونَ﴾ (النحل 125،127).
ويقول يأمر بالصبر والإعراض الجميل عن المشركين وإيذائهم ﴿وَاصْبِرْ عَلَىَ مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً﴾ (المزمل 10).
ويقول تعالى يأمر المؤمنين يعلمهم الإعراض عن المشركين وإيذائهم ﴿وَإِذَا سَمِعُواْ اللّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ (القصص 55).
ويزداد ذلك الاضطهاد إلى درجة إجلاء المؤمنين وطردهم ثم قتالهم، وهنا يتحتم القتال دفاعاً عن النفس، وذلك حق لا جدال فيه فى كل تشريع سماوى أو وضعى، والقرآن يضع مواصفات القتال فى سبيل الله وهى تتلخص فى رد العدوان وعدم الاعتداء، ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوَاْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ﴾ ﴿فَمَنِ اعْتَدَىَ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىَ عَلَيْكُمْ وَاتّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنّ اللّهَ مَعَ الْمُتّقِينَ﴾ (البقرة 190،194) فلم يقل واعلموا إن الله معكم، وإنما قال ﴿اعْلَمُواْ أَنّ اللّهَ مَعَ الْمُتّقِينَ﴾ أى معكم إذا كنتم متقين.
واقتصار القتال على رد العدوان وأن يكون رد العدوان بالمثل يعنى أن الهدف من القتال هو منع المشركين من استمرار اضطهادهم للمسلمين أو بالتعبير القرآنى كف المشركين عن فتنة الناس فى دينهم.
فالصراع بين الفريقين هو صراع بين مبدأين، مبدأ يقوم على الإكراه فى الدين واضطهاد الخصوم، وذلك مبدأ الكهنوت القرشى، ومبدأ آخر يقوم على ضمان الحرية فى الفكر والعقيدة وأن يكون الدين لله وهو الذى يحاسب عليه يوم القيامة أو "يوم الدين".
ونتيجة الصراع إذا كانت لصالح المشركين فهى انتصار الاضطهاد الدينى أو كما يقول تعالى ﴿وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتّىَ يَرُدّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُواْ﴾ (البقرة 217). أما إذا كانت النتيجة لصالح المسلمين، وهذا ما حدث فهو انتصار لحرية الفكر والعقيدة أو كما قال تعالى ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدّينِ قَد تّبَيّنَ الرّشْدُ مِنَ الْغَيّ﴾ (البقرة 256).
وذلك يعنى باختصار أن هدف الجهاد فى سبيل الله هو تقرير الحرية الدينية أو بالتعبير القرآنى منع الفتنة فى الدين أو الاضطهاد، وأن يكون الدين لله تعالى، وذلك جاء صريحاً فى قوله تعالى ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتّىَ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدّينُ للّهِ فَإِنِ انْتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاّ عَلَى الظّالِمِينَ﴾ (البقرة 193). أى يستمر القتال حتى تمتنع الفتنة ويكون الدين لله، بالاقتناع وحرية الدعوة والتسامح والصفح الجميل على النحو الذى سبق، فإن انتهى المشركون عن اضطهاد المسلمين وملاحقتهم فلا عدوان إلا على الظالمين.
ويقول تعالى ﴿قُل لِلّذِينَ كَفَرُوَاْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنّةُ الأوّلِينِ. وَقَاتِلُوهُمْ حَتّىَ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدّينُ كُلّهُ لله﴾ أى لله وحده دون كهنوت أو أدعياء ومرتزقة يتاجرون باسم الله كذباً وبهتاناً.
والتطبيق العملى لذلك التشريع القرآني كان في عهد النبي عليه السلام حين كان حاكماً على المدينة، وتمتعت المعارضة الدينية السياسية فى عهده بحرية فى الفكر والعقيدة، بل وحرية فى الفعل والتصرف تفوق ما تحلم به أي معارضة في أعتلى الديمقراطيات الحديثة.
وذلك التطبيق العملى للنبى فى المدينة هو السنة الحقيقية للنبى.. ومصدرنا فيها هو القرآن الكريم نفسه ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً﴾ (النساء 87).
القسم الثانى
حرية الرأى فى سنة الرسول عليه السلام مقدمة:
دعاة الكهنوت لا يستريحون لقوله تعالى ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدّينِ قَد تّبَيّنَ الرّشْدُ مِنَ الْغَيّ﴾ ويحرفون معناها بأن الهدف منها أنه لا إكراه على دخول الدين، أما إذا دخل الدين فقد أصبح مكرهاً ومجبراً على تنفيذ التشريعات، وبعض هذه التشريعات التى يطالبون بإلزام الناس بها ما أنزل الله بها من سلطان.
ومعنى هذا التأويل للآية أن الله تعالى نسى كلمة فى الآية وأن أصلها "لا إكراه فى دخول الدين" أى سقطت كلمة "دخول" واكتشف عباقرة الكهنوت ذلك، وتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، والحمد لله الذى حفظ القرآن منزهاً عن تحريف وإلا كانت أصابع الكهنوت قد حرفت فيه ما شاءت. والمعنى الواضح فى الآية أنه لا إكراه فى الدين أى دين، أى لا ينبغى أن يكون هناك إكراه فى الإيمان أو فى الكفر، من إقامة الشعائر أو عدم إقامتها، فالله تعالى يريدك أن تعبده بدافع من اختيارك وضميرك لا أن تصلى له والسياط فوق رأسك.. والله تعالى يريدك أن تتطوع بالصدقة حباً فى الله ورغبة فى إرضائه وليس للرياء وإعجاب الناس أو بالإكراه، والمنافقون كانوا يقدمون الصدقات بهذه الطريقة، فمنع الله تعالى النبى من أخذها منهم وقال ﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاّ أَنّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصّلاَةَ إِلاّ وَهُمْ كُسَالَىَ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاّ وَهُمْ كَارِهُونَ. فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ (التوبة 54: 55). وفى نفس الوقت قال تعالى عن التائبين من المؤمنين ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيّئاً عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ. خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهّرُهُمْ وَتُزَكّيهِمْ بِهَا وَصَلّ عَلَيْهِمْ إِنّ صَلَوَاتَكَ سَكَنٌ لّهُمْ﴾ (التوبة 102: 103).
إن الحرية فى تشريع القرآن حرية مسئولة، فأنت حر فيما تعتقد وفيما تفكر، وحر فى الطاعة والمعصية بشرط ألا تضر بالآخرين، وإذا حدث إضرار منك بالآخرين كان لابد من العقوبة ليستقيم حال المجتمع، ومن هنا جاءت عقوبات للقتل وقطع الطريق والسرقة والزنا والشذوذ وقذف المحصنات، وليس هناك فى القرآن عقوبة للردة وترك الصلاة وشرب الخمر فتلك مخترعات العصر العباسى.
ودعاة الكهنوت يجدون فى فضيلة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فرصة للتنفيس عن رغبتهم فى التحكم فى الآخرين، ويضيفون إلى الأمر بالمعروف كثيراً من المحظورات التى ابتدعوها أو ابتدعها أسلافهم ولم يكن لعصر النبى عليه السلام معرفة بها، وهم يعتقدون أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أقوى حجة لديهم فى الإكراه فى الدين.
ونحن نرد عليهم بتوضيح معنى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، أنه مجرد أمر قولى ونهى قولى يتواصى به كل مسلم ولا تنفرد به طائفة ﴿وَالْعَصْرِ. إِنّ الإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ. إِلاّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصّبْرِ﴾ (العصر 1: 3).
وهذا الأمر القولي لا يترتب عليه سلطة لأحدهم كي يرغم الآخرين على فعل الصالحات والدليل الحاسم هو قول الله تعالى للنبى عليه السلام ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ. وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنّي بَرِيَءٌ مّمّا تَعْمَلُونَ﴾ (الشعراء 214: 216).
فالله أمره أن يتواضع للمؤمنين، فإن عصوه فيما يأمره به من معروف فليقل لهم إنى برئ مما تعملون، ولم يقل له فإن عصوك فاضربهم بالسلاسل والجنازير، ولم يقل له فإن عصوك فقل إنى برئ منكم، وإنما قال ﴿فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنّي بَرِيَءٌ مّمّا تَعْمَلُونَ﴾ أى برئ من أعمالكم وليس من أشخاصكم.. وتلك هى حدود الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، مجرد النصائح، وإذا صمم أحدنا على ما يفعل فنحن أبرياء من ذنوبه، وهذا ما كان النبى عليه السلام يفعله مع أصحابه، ولكن المشكلة أن بعضنا يعطى لنفسه سلطة على الآخرين تفوق السلطة التى كانت للنبى عليه السلام.
ولكن كيف كان النبى صلى الله عليه وسلم يتصرف مع أصحابه ومع المنافقين؟ وإلى أي حد كانت حرية المنافقين فى دولة الإسلام الأولى فى المدينة؟ هنا تكمن الإجابة الحقيقية التى ترد على الكهنوت.
حرية الرأى فى حكومة الرسول:
لم يكن النبى محمد عليه السلام مجرد حاكم، وإنما كان رسولاً نبياً يأتيه وحي السماء ويقوم بنشر دينه داخل حدود دولته وخارجها، وكان المنافقون هم عنصر المعارضة ضد حكومة النبى، وكانوا يعارضون الإسلام ديناً ويعارضون سلطة النبى وسياساته، وقد منعهم خوفهم من التمرد المسلح ضد الدولة وكانوا أضعف جداً من القيام بثورة، فاكتفوا بالكيد والتآمر، ثم يقسمون بأغلظ الأيمان ببراءتهم مما يفعلون، وتمتعوا فى مسيرة التآمر تلك بالحرية الهائلة التى كفلها لهم القرآن فى القول وفى الفعل ضد الدولة التى يعيشون فى كنفها ويعملون ضدها.
واكتفى القرآن بالرد على مكائدهم وادعاءاتهم وفضح التآمر مع التنبيه المستمر على النبى والمسلمين بالإعراض عنهم والاكتفاء بما ينتظرهم من عذاب يوم القيامة.
ومن خلال القرآن نرصد إلى أي حد كانوا يتمتعون بحرية الرأى:
1- كانت حرية الرأى تصل بالمنافقين إلى سب المؤمنين ووصفهم بالسفهاء ولا يرد عليهم إلا القرآن ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَآ آمَنَ النّاسُ قَالُوَاْ أَنُؤْمِنُ كَمَآ آمَنَ السّفَهَآءُ أَلآ إِنّهُمْ هُمُ السّفَهَآءُ وَلَـَكِن لاّ يَعْلَمُونَ﴾ (البقرة 13).
2- وكان يحلو لهم الاستهزاء بالمؤمنين خصوصاً فى أوقات الاستعداد للحرب فمن يتطوع بالصدقة يصفونه بالرياء إذا كان غنياً، ويتندرون عليه إذا كان فقيراً، بينما هم يمسكون أيديهم عن التطوع بالمال والتطوع للقتال، ﴿الّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطّوّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصّدَقَاتِ وَالّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ وكان مع ذلك يستغفر لهم ويطلب لهم الهداية فنزل قوله تعالى ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ﴾ (التوبة 79،80).
3- وكانوا يعبرون عن رأيهم بصراحة فيما يخص القرآن الكريم، إذ كانوا يستهزئون به علناً، واتخذ ذلك صوراً شتى:
- كانوا ينتدرون على نزول آيات القرآن التى تحكى حالهم ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِءُوَاْ إِنّ اللّهَ مُخْرِجٌ مّا تَحْذَرُونَ﴾ (التوبة 64).
- وكانوا إذا نزلت سورة يتساءلون فى سخرية عمن ازداد إيماناً بهذه الآية ﴿وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مّن يَقُولُ أَيّكُمْ زَادَتْهُ هَـَذِهِ إِيمَاناً﴾ (التوبة 124).
- ومنهم من كان يدخل على النبى ويسمع القرآن ثم يخرج من عنده يتساءل باستخفاف عما سمع ﴿وَمِنْهُمْ مّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتّىَ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً﴾ (محمد 16).
وكانوا إذا سئلوا عن هذا الاستهزاء بالقرآن أجابوا باستخفاف أنهم يلعبون، ولا يتخذ منعهم النبى وهو الحاكم أى إجراء، ويأتى الوحى يخبرنا بذلك ويثبت كفرهم ولكن يجعل عقوبتهم من لدن الله تعالى إن شاء ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنّ إِنّمَا كُنّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ. لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مّنْكُمْ نُعَذّبْ طَآئِفَةً بِأَنّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ﴾ (التوبة 65: 66).
وكانوا يقيمون مجالس علنية للاستهزاء بالقرآن، وكان يحضرها بعض المسلمين بحسن نية، ونزل القرآن يحذر المسلمين من حضورهم لتلك المجالس، ومع ذلك كان بعضهم يحضرها، فنزل قوله تعالى ﴿وَقَدْ نَزّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتّىَ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنّكُمْ إِذاً مّثْلُهُمْ إِنّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنّمَ جَمِيعاً﴾ (النساء 140).
4- واختصوا النبى بكثير من الأذى القولي مع أنه الحاكم السياسى والرسول صاحب الوحى.
كان النبى مأموراً بإقامة الشورى فكان يستشير الناس جميعاً ومن بينهم المنافقون الذين كانوا سادة يثرب من قبل. وقد حاولوا من خلال الشورى أن يكيدوا للنبى فحذر الله رسوله من طاعتهم وقال له ﴿يَا أَيّهَا النّبِيّ اتّقِ اللّهَ وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ (الأحزاب 1). ولما رأوا النبى قد أوسع صدره لجميع الناس يسمع مشورتهم اتهموا النبى بأنه "أذن" أى يعطى أذنه لكل من هب ودب، وأشاعوا هذا القول الساخر عن النبى فنزل قوله تعالى يدافع عن النبى ﴿وَمِنْهُمُ الّذِينَ يُؤْذُونَ النّبِيّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لّلّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (التوبة 61).
فالله تعالى هو الذى يدافع عن النبى ويصفه بأنه يثق بالمؤمنين ورحمة لهم وتوعد من يؤذى النبى بعذاب أليم، أما سلطة النبى كحاكم فلا مجال لها هنا فى ذلك المجتمع الحر الذى يكفل للمعارضة الكافرة المتسترة بالإيمان كل الحرية فى أن تقول ما تشاء، والله تعالى أمر النبى بأن يدع أذى المنافقين ونهاه عن طاعتهم ﴿وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكّلْ عَلَى اللّهِ﴾ (الأحزاب 48).
وفى غير الشورى كانوا يلمزون النبى إذا حرمهم من الصدقة وهم غير مستحقين لها لكونهم أغنياء وكانوا يحتجون عليه ويطاردونه بأقوالهم ﴿وَمِنْهُمْ مّن يَلْمِزُكَ فِي الصّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ﴾ (التوبة 58).
والخلاصة أن المنافقين فى حكومة النبى عليه السلام تمتعوا بحرية الرأى التى عبروا من خلالها عن رأيهم فى الإسلام والقرآن والرسول عليه السلام، وكان الضمان الوحيد لهذه الحرية هو تعاليم القرآن نفسه، وكانت سنة الرسول هى التسامح معهم بل كان يستغفر لهم وينزل الوحى يخبرنا بذلك.
مدى حرية المعارضة فى حكومة النبى:
وحرية الرأى للمنافقين لم تقتصر على التصريح العلنى والإعلان القولي وإنما تعدى ذلك إلى التصرفات وتدبير الخطط، بل والتآمر فى أحلك الظروف، ولم يتدخل التشريع القرآنى إلا عندما جاوزوا الضوء الأحمر ووصل تآمرهم إلى درجة الإضرار بالدولة فى وقت كان الأعداء يحاصرونها من جميع الاتجاهات، وذلك فى غزوة الأحزاب، ونرصد خطواتهم التآمرية فى إعلان رأيهم، من خلال تسجيل القرآن لها:
1- كانت للمنافقين حرية الفساد والدعوة إليه دون عقبا أو مساءلة جنائية وإذا سئلوا عن ذلك أجابوا بكل حرية أن ذلك هو الإصلاح من وجهة نظرهم ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرْضِ قَالُوَاْ إِنّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ. أَلآ إِنّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلََكِن لاّ يَشْعُرُونَ﴾ (البقرة 11: 12).
وبينما كان المؤمنون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر كان المنافقون فى المدينة يفعلون العكس يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويرفضون إعطاء الصدقة، ويعلنون موقفهم هذا فى جو من الحرية لا نتخيل حدوثه الآن، والقرآن يسجل ذلك ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ﴾ (التوبة 67) وكان المؤمنون فى المقابل كما وصفهم رب العزة ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلََئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ﴾ (التوبة 71).
وكانت حدود الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى داخل المجتمع الإسلامى لا تتعدى حد النصيحة القولية دون إكراه أو أيذاء ودون تبرؤ من الشخص الواقع فى المنكر بل من فعله المنكر ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنّي بَرِيَءٌ مّمّا تَعْمَلُونَ﴾ (الشعراء 215: 216).
2- كانوا يرفضون الاحتكام للرسول وهو الحاكم الرسمى للمدينة تعبيراً منهم على عدم اعترافهم بسلطته، ويسكت عنهم النبى وينزل القرآن ينعى عليهم تحاكمهم للطاغوت مع أنهم يزعمون الإيمان ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنّهُمْ آمَنُواْ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوَاْ إِلَى الطّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوَاْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشّيْطَانُ أَن يُضِلّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً. وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَىَ مَآ أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدّونَ عَنكَ صُدُوداً﴾ (النساء 60: 61).
وحتى فى أمريكا قمة الديمقراطية الحديثة لا يمكن أن نجد جماعة ترفض المثول أمام القاضى الرسمى وترفض القانون الذى يسرى على كل فرد فيها، والواقع أن المنافقين كانوا يرضون الحكم الإسلامى إذا كان فى مصلحتهم يقول تعالى ﴿وَإِذَا دُعُوَاْ إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مّنْهُمْ مّعْرِضُونَ. وَإِن يَكُنْ لّهُمُ الْحَقّ يَأْتُوَاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ﴾ والله تعالى يجعل طاعة التشريع القرآنى اختيار من المؤمن ويقول ما يفيد بأنه ينبغى للمؤمنين أن يسمعوه ويطيعون ﴿إِنّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوَاْ إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (النور 48: 49، 51).
3- وحتى فى أوقات الحرب والطوارئ كانت لهم الحرية الكاملة فى القول والعمل ضد الدولة التى يعيشون فيها، مع أن الديمقراطيات الحديثة تلجأ للأحكام العرفية والقوانين الاستثنائية فى تلك الظروف، ولكن تشريع القرآن كان مع الحرية إلى درجة تستعصى على المقارنة، ونأخذ أمثلة من القرآن الكريم.
ففى (غزوة أحد) كان لهم حرية التقاعس عن القتال، ثم يحملون المسئولية فى الهزيمة للمسلمين لأنهم لم يطيعوهم فى البقاء فى المدينة، وينزل القرآن يرد عليهم ﴿وَلْيَعْلَمَ الّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاّتّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ. الّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (آل عمران 167: 168).
فالله تعالى يعطى النبى الإجابة فى الرد عليهم ﴿قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾.
وفى غزوة الأحزاب، تجمع المشركون حول المدينة، ولم يكن باستطاعة المنافقين الخروج منها فأصابهم الذعر وأصبحوا طابوراً خامساً للعدو فى الداخل، وكانوا يستهزئون بوعد النبى بالنصر ويدعون لقعود المسلمون عن الجهاد ويتخلفون عن مواقعهم فى الحراسة، وقد كان المسلمون فى وقت عصيب لا نجد أروع من وصف القرآن له ﴿إِذْ جَآءُوكُمْ مّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنّونَ بِاللّهِ الظّنُونَاْ. هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً. وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مّرَضٌ مّا وَعَدَنَا اللّهُ وَرَسُولُهُ إِلاّ غُرُوراً. وَإِذْ قَالَت طّآئِفَةٌ مّنْهُمْ يَأَهْلَ يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُواْ وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مّنْهُمُ النّبِيّ يَقُولُونَ إِنّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاّ فِرَاراً﴾ (الأحزاب 10: 13).
ويقول تعالى يتحدث عن دورهم فى تحريض المؤمنين على عدم القتال والدفاع عن أنفسهم ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللّهُ الْمُعَوّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَآئِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمّ إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاّ قَلِيلاً﴾ (الأحزاب 18).
وفى ذلك الموقف العصيب ظهرت ثلاث جماعات من المنافقين لكل منها دور تخريبى استدعى أن ينزل القرآن يهددهم ويضع لهم خطاً أحمر ليقفوا عنده، يقول تعالى لهم ﴿لّئِن لّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنّكَ بِهِمْ ثُمّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاّ قَلِيلاً﴾ (الأحزاب 60). أى هددهم الله إن لم يكفوا عن اللعب بالنار. وفى غزوة ذات العسرة تثاقلوا عن الخروج للقتال بحجة الحرارة الشديدة، وكانت العقوبة أن حرمهم الله من شرف الجهاد مستقبلاً، وهذا هو كل ما فى الأمر، يقول تعالى ﴿فَرِحَ الْمُخَلّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُوَاْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرّ قُلْ نَارُ جَهَنّمَ أَشَدّ حَرّاً لّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ﴾ وعقوبتهم فى الدنيا هو حرمانهم مستقبلاً من شرف الجهاد، يقول تعالى للنبى ﴿فَإِن رّجَعَكَ اللّهُ إِلَىَ طَآئِفَةٍ مّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً إِنّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوّلَ مَرّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ﴾ والعقوبة الثانية أنه لا يصلى عليهم حين يموتون ولا يدعو لهم ﴿وَلاَ تُصَلّ عَلَىَ أَحَدٍ مّنْهُم مّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ﴾ (التوبة 81،83،84).
ومن الآيات تعرف أن الجيش الإسلامى لم يكن فيه تجنيد إجبارى، وذلك تبعاً للدستور القرآنى الذى ينص على أنه ﴿لا إكراه فى الدين﴾ ومن هذا المبدأ كان التطوع بالنفس والمال هو الطريق الوحيد لتعبئة الجيش المسلم، وعن طريق نفس المبدأ ﴿لا إكراه فى الدين﴾ تمتع المنافقون بحريتهم فى رفض التجنيد والخروج للقتال سواء كان للدفاع عن المدينة فى غزوة الأحزاب أو فى الخروج مع المسلمين فى حروبهم الوقائية فى الجزيرة العربية، وكانت العقوبات ضدهم سلبية تتلخص فى معنى واحد هو الإعراض عنهم، بعد أن أخبر رب العزة بكفرهم، والله وحده هو الذى يعلم السرائر ولم يعط علمه بالغيب وبما فى القلوب لأحد، وقد قال تعالى ﴿وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مّن بَعْضٍ﴾ (النساء 25).
والله تعالى تحدث عن ارتداد المنافقين بعد إسلامهم بالقول وبالفعل وجعل عقوبتهم على هذه الردة فى الدنيا وفى الآخرة بيد الله تعالى وحده، يقول تعالى ﴿يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُوَاْ إِلاّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لّهُمْ وَإِن يَتَوَلّوْا يُعَذّبْهُمُ اللّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدّنْيَا وَالاَخِرَةِ﴾ (التوبة 74).
ووصلت معارضة المنافقين إلى حد التآمر على الدولة واتخذ هذا التآمر صوراً شتى:
-إطلاق الإشاعات خصوصاً فى أوقات الحرب، وقد مر تآمرهم على المسلمين فى محنة الأحزاب فى وقت كان الخطر يشمل الجميع، والله تعالى قال يهددهم ﴿لّئِن لّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنّكَ بِهِمْ﴾ أى كان بينهم مرجفون تخصصوا فى الدعاية السوداء بين المسلمين، ولم تتوقف تلك الإشاعات على وقت الحرب بل كانت فى أوقات السلم أيضاً، والله تعالى ذكر بعض وسائلهم فى التشنيع فقال ﴿وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مّنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدّوهُ إِلَى الرّسُولِ وَإِلَىَ أُوْلِي الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ (النساء 83). أى كانوا يذيعون الأسرار وينشرون الأقاويل والتكهنات دون الرجوع إلى الجهات المختصة.
- وبسبب كثرة إشاعاتهم فى كل وقت فقد جعلوا المدينة خلية نحل تدوى فيها الأقاويل والتناجى بالأسرار مع كون المدينة مجتمعاً مفتوحاً يتمتع بأقصى درجة من الصراحة والحرية السياسية والدينية، ولكن التآمر هو الذى أظهر عادة التقول بالإشاعات والتناجى للإيحاء بأن هناك أسرار وخفايا ومؤامرات، وقد نهاهم الله من عادة التناجى تلك، ولكنهم لم يطيعوا واستمروا فيها عناداً، بل كانوا يدخلون على النبى يحسنون إليه فى الظاهر ويسيئون إليه فى الباطن، ونزل القرآن فيهم ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذِينَ نُهُواْ عَنِ النّجْوَىَ ثُمّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرّسُولِ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيّكَ بِهِ اللّهُ وَيَقُولُونَ فِيَ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذّبُنَا اللّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾. وبسبب شيوع عادة التناجى فقد انتقلت إلى بعض المسلمين فى المدينة فقال تعالى للمؤمنين ﴿يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرّسُولِ وَتَنَاجَوْاْ بِالْبِرّ وَالتّقْوَىَ وَاتّقُواْ اللّهَ الّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ ثم يبين الله تعالى الهدف من ذلك التناجى الذى أشاعه المنافقون ﴿إِنّمَا النّجْوَىَ مِنَ الشّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الّذِينَ آمَنُواْ وَلَيْسَ بِضَآرّهِمْ شَيْئاً إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ﴾ (المجادلة 8، 9، 10).
- ثم كانوا يتآمرون على النبى نفسه، يدخلون عليه يقدمون فروض الطاعة ثم يخرجون يكذبون عليه ويتآمرون عليه، وينزل القرآن يفضحهم ولكن يأمر النبى بالإعراض عنهم ﴿وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيّتَ طَآئِفَةٌ مّنْهُمْ غَيْرَ الّذِي تَقُولُ وَاللّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكّلْ عَلَى اللّهِ﴾ (النساء 81).
- وكان من نتيجة تآمرهم على المسلمين إيقاع الفرقة والفتنة بينهم، ولذلك اعتبر القرآن تخلفهم عن الخروج إلى غزوة ذات العسرة خيراً للمسلمين فقال ﴿لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مّا زَادُوكُمْ إِلاّ خَبَالاً ولأوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمِينَ. لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلّبُواْ لَكَ الاُمُورَ حَتّىَ جَآءَ الْحَقّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ﴾ (التوبة 47: 48).
- ووصل تآمرهم إلى حد الاتصال بأعداء المسلمين من المشركين واليهود وعقد محالفات سرية معهم ضد حكومة النبى، وفضح القرآن ذلك التحالف بين المنافقين واليهود فى أكثر من موضع، وهذا الاتصال بحكومات معادية خصوصاً وقت الحروب يعنى الخيانة العظمى فى أعين الديمقراطيات الحديثة، ولكن حرية الرأى فى تشريع الإسلام أباحت هذا وأبطلت مفعوله التآمرى إذا كان المؤمنون مؤمنين فعلاً، ويقول تعالى عن اتصالهم بالمشركين وقت الحرب ﴿الّذِينَ يَتَرَبّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مّنَ اللّهِ قَالُوَاْ أَلَمْ نَكُنْ مّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوَاْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (النساء 141). أى كانوا يلعبون على الطائفتين، وتلك طبيعة النفاق. وعن تحالفهم السرى مع اليهود يقول تعالى ﴿فَتَرَى الّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىَ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَىَ مَآ أَسَرّواْ فِيَ أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾ (المائدة 52).
ويقول عن تحالفهم مع يهود بنى النضير ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنّكُمْ﴾ (الحشر 11).
ويقول تعالى عن عقوبتهم الأخروية بسبب ذلك التحالف مع أعداء الإسلام ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذِينَ تَوَلّوْاْ قَوْماً غَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِم مّا هُم مّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. أَعَدّ اللّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ (المجادلة 14: 15).
وتآمروا على طرد النبى والمسلمين من المدينة والامتناع عن الإنفاق على المؤمنين وكشف القرآن هذا التآمر، فقال تعالى ﴿هُمُ الّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَىَ مَنْ عِندَ رَسُولِ اللّهِ حَتّىَ يَنفَضّواْ وَلِلّهِ خَزَآئِنُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلَـَكِنّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ. يَقُولُونَ لَئِن رّجَعْنَآ إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنّ الأعَزّ مِنْهَا الأذَلّ وَلِلّهِ الْعِزّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـَكِنّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ (المنافقون 7: 8).
وحكى القرآن تفصيلاً حياً لبعض أحداث التآمر مثل التجسس ﴿وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ نّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مّنْ أَحَدٍ ثُمّ انصَرَفُواْ﴾ (التوبة 127). ومثل أوكارهم التى يجتمعون فيها للتآمر ﴿وَإِذَا لَقُواْ الّذِينَ آمَنُواْ قَالُوَا آمَنّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىَ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوَاْ إِنّا مَعَكْمْ إِنّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ. اللّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ وَيَمُدّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ (البقرة 14: 15) أى أن الله يترك لهم الحرية للوصول فى طريق الفساد إلى منتهاه. - ثم تمكنوا بالحرية التى يتمتعون بها من إقامة مسجد جعلوه وكراً للتآمر وللإضرار بالمسلمين والتفريق بينهم وجعلوه ملجأ لكل متآمر على حكومة النبى والإسلام. فقال تعالى فيهم ﴿وَالّذِينَ اتّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاّ الْحُسْنَىَ وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ (التوبة 107)
وكان المسلمون يذهبون إلى ذلك المسجد بحسن نية، ويبدو أن النبى كان يذهب إليه أيضاً، وهو لا يعرف ما يدور فيه، نفهم هذا من الآية التالية التى نزلت تنهى عن الإقامة فيه ﴿لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لّمَسْجِدٌ أُسّسَ عَلَى التّقْوَىَ مِنْ أَوّلِ يَوْمٍ أَحَقّ أَن تَقُومَ فِيهِ﴾. وعلى خلاف ما ترويه بعض الروايات من أن النبى أحرق ذلك المسجد وهذا يخالف منطق التشريع القرآنى- فإن الآية بعد التالية تفيد ببقاء المسجد كما هو ﴿لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاّ أَن تَقَطّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة 108،110).
اكتفى النبى والمؤمنون بمقاطعة ذلك الوكر تنفيذاً لقوله تعالى ﴿لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً﴾. وتلك هى السياسة التى كان يتبعها النبى فى سنته مع خصومه داخل الدولة، الإعراض عنهم وتركهم يتمتعون بحريتهم فى إيذاء الرأى بالقول وبالفعل، حتى لو وصل ذلك إلى درجة التآمر.
وقد يقال أن تلك السياسة لا تجدى فى عالم اليوم إذ لابد من اتخاذ تدابير وقائية أو تشريعات استثنائية لمواجهة التآمر على الحرية، ولكن القرآن يضع العلاج الأمثل للوقاية من ذلك التآمر، وهو المزيد من الحرية مع التوكل على الله الذى خلق الإنسان حراً ولا يريد لأحد أن يتحكم فى حريته أو يصادرها على مراحل بسبب التخوف من أشياء محتملة قد تكون مجرد شكوك لدى أولى الأمر، وفتح باب الاستثناء والاعتداء على الحرية ينتهى بالاستبداد المقنع ثم بالاستبداد المكشوف. يقول تعالى للنبى ﴿وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيّتَ طَآئِفَةٌ مّنْهُمْ غَيْرَ الّذِي تَقُولُ وَاللّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَىَ بِاللّهِ وَكِيلاً﴾ (النساء 81). فالعلاج هو الإعراض عنهم والتوكل على الله تعالى وكفى به مدافعاً وكفى به نصيرا.
ثم إن نفسية المنافق تمتلئ بالشك والخوف وعدم الثقة فى أحد وعدم الولاء لأحد وذلك يحكم على تآمرهم بالفشل عند نقطة معينة لا يجرؤون بعدها على استكمال الخطط.
يقول تعالى عن خوف المنافقين الهائل من المؤمنين ﴿وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مّنكُمْ وَلَـَكِنّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ. لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدّخَلاً لّوَلّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ﴾ (التوبة 56: 57).
وقد تحالفوا مع بنى النضير على أن ينصروهم فى القتال ضد المسلمين وإذا انهزموا وخرجوا فسيخرجون معهم. ونزل القرآن يخبر بذلك التحالف السرى وينبئ بأن المنافقين سيتقاعسون عن نصرة اليهود، لأنهم يخافون المؤمنين ﴿لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نّصَرُوهُمْ لَيُوَلّنّ الأدْبَارَ ثُمّ لاَ يُنصَرُونَ. لأنتُمْ أَشَدّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مّنَ اللّهِ﴾ (الحشر 12: 13).
أى كانوا يخشون المؤمنين أكثر من خشيتهم من الله..!!
والمؤمنون كانوا أقوى بالله وبتطبيق شرعه القائم على العدل والقسط وعلى أنه لا إكراه فى الدين، ولذلك نصرهم الله. ومن الممكن أن ينصر الله المؤمنين اليوم إذا فهموا الإسلام على حقيقته، قبل أن يضيعها الخلفاء غير الراشدين. أهـ
أتمنى أن نستفيد من نقاشكم لهذا الموضوع، فنخرج بنتيجة تغير من حالنا ليغير الله ما بنا من ذل وهوان وفقر وفتن تفرقنا وتزرع الضغينة بيننا، بينما نعلم أن الله وحده سوف يحكم فيما نختلف فيه.
والسلام عليكم.
أستاذنا الفاضل د. أحمد حفظك الله من كل سوء
أدعو الله تعالى أن يسدد خطاك على طريق جعل كلمة الله هي العليا ، ويمد في عمرك ، ويفيدنا من علمك الغزير.
السؤال الأول : مما تفضلت به هل نستطيع القول أن دولة النبي عليه السلام المدينية كانت علمانية أرقى بكثير من العلمانيات الغربية الحالية؟
السؤال الثاني : كانت الأمور زمن النبي الكريم عليه السلام بسيطة وغير معقدة ،ولذلك لا بد للدولة الإسلامية العلمانية أن يكون فيها قانون محكوم بما أنزل الله (القرآن) ، وإلا ستصبح الأمور منفلتة أمنيا واقتصاديا و......الخ .... ألا توافقني الرأي في ذلك ؟
مع تحياتي ومحبتي
الاسلام ضد حرية الاعتقاد
ولما كانت حرية الاعتقاد في الاسلام مسموح بها \\\ لماذا يسفه الله اقول المشركين وافعالهم واين الحريه عندما يكون مصيرهم الهلاك
{قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ }الأنعام56
{إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }الأعراف194
{وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ }الأعراف197
ولما كانت حرية الاعتقاد مسموح بها \\ لماذا يهدد الله النبي عندما يغير التنزيل ويقول له\\ اي لو كذب او قال قولا لم نقل له
قال الله
وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ{44} لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ{45} ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ{46} فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ{47}
ولما هدد الله النبي عندما اراد ان يسيس الدين من اجل مصلحة الاسلام ويفتري غير هذا القران \\ اي بان يقول قولا في القران خارج التنزيل
رفض الله سبحانه \\ حيث قال الله
وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً{73} وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً{74} إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرا
ولما كان الاسلام يسمح بحرية الاعتقاد \\\ لماذا يسفه النصارى واليهود والمشركين
قال الله
{وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ }البقرة51 {وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً }الكهف4
{أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً }الإسراء40
ولما كان حرية الاعتقاد مسموح بها لماذا يعاقب الذين يجحدون بايات الله
{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ }النمل14
ولما كان مجرد تغير معنى في بعض الايات المتشابهات يعتبره الله زيغا وتحريفا فايين الحريه في الاعتقاد
قال الله {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }آل عمران7
وهل حرية الشيعه والقبوريون \\\ اعتقاد بصالح الانسان يوم القيامه \\ ام حرية الاعتقاد من اجل نسايس فيه الدين في الدنيا ويوم القيامه الله كريم
الاستاذ الدكتور أحمد منصور أسئلتي هي الآنية
إن كان الله قد ترك للإنسان حرية الرأي وحرية الاعتقاد فما رأيك بالآتي
من ناحية حرية الاعتقاد فما هو جوابك على قصة سليمان مع ملكة سبأ والآيات هي كالتالي (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ*إِنِّي وَجَدْتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ*وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ*أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ*اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ*قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ*اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ*قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ*إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ*أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ*قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ*قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُوْلُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ*قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ*وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ*فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ*ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ) ألا يعتبر موقف سليمان عليه السلام اكراها منه لملكة سبأ بالدخول في دينه أين حرية الاعتقاد في هذا الموقف أليس قوله فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها رغم أن موقفها كان توددا منها لسليمان واستجداء للسلم معه فكيف يقابل الهدية بتهديد لا يفهم منه إلا ارهاب لهم ليدخلوا في دينه عنوة
ثم من ناحية أخرى أراك دائما تهاجم حماس ألم تستلم حماس مقاليد الحكم بموجب انتخابات ديموقراطية ألم يكن هذا خيار الشعب الفلسطيني ألم تكن هناك انتخابات نزيهه رغم الضغوط الدولية لإسقاط حماس ألا يعرف الشعب الفلسطيني عقيدة حماس ونهجهم في حربهم مع اسرائيل
كما أراك تهاجم ايران ألم يكن وصول الآيات ورجال الدين إلى الحكم خيار الشعب الإيراني لماذا نقول بأن الشعب له الحق في ابداء رأيه واختيار من يريد أن يحكمه لماذا نعطيه حرية الاختيار ثم نهاجمه على اختياره
فرنسا منعت الحجاب في الدوائر الرسمية والمدارس والسعودية تفرض الحجاب لماذا تهاجم السعودية على قسرها الشعب على ارتداء الحجاب ولا أراك تهاجم فرنسا على منعها أليس موقف السعودية وموقف فرنسا واحد أحدهما يمنع الحرية الشخصية بمنعه ارتداء الحجاب والآخر يمنع الحرية الشخصية بمنعه خلع الحجاب لاتقل لي بأن اختيار الحكومة الفرنسية كان بإجماع البرلمان فلو سألت أي شخص سعودي لقال بأنه مع موقف حكومته بإجبار الناس على الحجاب أقول هذا لأني عايشتهم لسنوات وسألت هذا السؤال لشرائح مختلفة من الشعب السعودي
الاستاذ المنياوي يبدو أنك لم تقرأ المقال حتى ولم تتعب عينك في تصفح الادلة فقد اكتفيت
بقرأة العنوان وبدأت بوضع وجه رأيك التي تضحك . فبداية أنا أقول:
حرية الاعتقاد هي أن تعتقد ما تشاء وليس لأحد الحق أن يحاسبك على أي دين تعتنقه بل
يكون الحساب لله عزوجل فقط وذلك يومالقيامة أما الآيات التي سقتها فلا دخل لها
بالموضوع بتاتا مثل :وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
الْمُفْسِدِينَ }النمل14 و ايضا ((وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ
وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً{73} وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً{74} إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ
ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرا )) وللأسف يبدو أنك يا أخ منياوي لا تدري ماذا تقول ومثال ذلك كلامك هذا :
ولما كانت حرية الاعتقاد مسموح بها \\ لماذا يهدد الله النبي عندما يغير التنزيل ويقول له\\
اي لو كذب او قال قولا لم نقل له
قال الله : ((وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ{44} لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ{45} ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ
{46} فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ{47}
إذن نفهم من كلامك هذا عندما يجبر الله الرسول ويلزمه بالرسالة فقط وبالوحي فقط فهذا
دليل على عدم حرية الاعتقاد فلو كان حرية الاعتقاد من الدين يا أخوان كان يجب أن يترك
الله الرسول ليخلق قرآنا وليشرع ما بدا له
أرجو أن تعمل عقلك الحرية في الدنيااااااااا وفي الاخرة الحسااااااااااااب
وأنا من متابعتي تعليقاتكم فإني أراك لا تبحث عن المعرفة ولا عن علم بل فقط تهاجم
وتصف كتاب الموقع بأنهم يحرفون الكلم عن مواضعه وذلك بان من خلال ردودكم على
مقال الجزية في الاسلام ومن خلال تعليقكم هنا وذلك بقولكم أعلاه : وهل حرية الشيعه
والقبوريون \\\ اعتقاد بصالح الانسان يوم القيامه \\ ام حرية الاعتقاد من اجل نسايس فيه
الدين في الدنيا ويوم القيامه الله كريم
سأترك للاستاذ احمد الرد
السلام عليكم الموضوع كلمة حق ويراد بها باطل \\\ الموضوع حرية التحريف \\\
وماذا يستفاد عندما يعتقد على ما تشتهي نفسه ثم يلقاى في جهنم مذموما مدحورا او يخزيه الله في الدنيا قبل الاخره
جميع الايات التي ذكرت في المقال لاعلاقه لها في حرية الاعتقاد
رد لا يستحق الرد
قال الله
{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ }الأنبياء18
أين هذا الحق الذي تقذفه أنت لا تقذف سوى ترهات لا يقبل عقل
يا صديقي أنت هنا لا تخاطب أناس مساكين لا يقرؤون أو ثقافتهم سطحية أنت هنا تقابل أناس كتاب ومعلقين على مستوى مرتفع من الثقافة وليسوا ساذجين , وحضرتك من خلال كتاباتك أنت لا تقرأ ولا تعرف حتى الكتابة وصاحب فكر منغلق لا يتقبل الآخر
وتحفظ نصف آية وتعمل نفسك إمام المفسرين
إقرأ إقرأ ولا تحرج نفسك بكتابات عفا عليها الزمان وأكل الدهر منها وشرب
هيئة كبار العلماء السعودية لم تستطع الجدال والمناقشة فأغلقت الموقع
فلا تتصنع الحرص على الدين واقرأ خير من الكتابة
اخي الحبيب
سوف تعلم ان الذي لايعلم القراة ولا الكتابت \\\ صاحب الفكر المنغلق \\\ سوف يقف بقوه وبفضل من الله على كل قول يخالف الله
انالا التزم \\ بقول علماء السعوديه ولا غيرهم انا عندي كتاب ينطق بالحق وسوف يشهدالله عليكم يوم القيامه
قال الله
{مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }المائدة117
{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18
{وَيَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُواْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ }هود93
السلام عليكم جميعا
استاذي العزيز دكتور احمد بعد التحية
اشكركم على بحثكم هذا,واشكر الله تعالي لاني وجدت ضالتى فى كتاباتكم التي تدعو الى تقوي الله تعالي بدون نفاق او رياء بالتعبير المصري الدارج( من غير منظره),ما لفت انتباهى فى مقالكم استاذي ان الاساس فى الاختيار هو العقل سؤالي استاذي ماذا عن الشخص الذي تغيرت حالته العقلية بمعنى انه قد اختل توازنه العقلي فبعد ايمانه اصبح لا يعرف شئ عن اي شئ,هذا بالنسبة لمن طرأ عليه عوامل خارجية ليس له دخل فيها مثلا نتيجة التعذيب او صدمات الحياة ....الخ.وايضا ماذا عن الانسان الذي ولد وهو كذلك؟سؤالي الثاني استاذي ماهية الاعراض عن المشركين؟بالنسبة لمعاملة المنافقين (الجواسيس) هل تؤيدون الغاء العقوبة البشرية عليهم من قبل القوانين البشرية والنى قد تصل الي الاعدام؟ وهل الاعراض عنهم يكون فقط للنبي عليه السلام ام لكل حاكم بعده؟ وهل ينطبق عليهم اية القصاص فى حالة ثبوت جريمة التجسس عليهم؟
وشكرا لكم واكثر سبحانه وتعالي من امثالكم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
يرجى ممن لديه أي سؤال أو من لديه أي رأي آخر حول موضوع جذور حرية الرأي في عقيدة الإسلام
يرجى طرحه قبل إغلافه
ولكم جزيل الشكر
أعزائي رواد موقع أهل القرآن سيتم إغلاق موضوع جذور حرية الرأي في عقيدة الإسلام يوم السبت الواقع في7/6/2008 حيث سيتم رفع الأسئلة للدكتور أحمد
لمن لديه أي تعليق على ذلك أو أي استفسار
يرجى الإفادة
أخي العزيز الدكتور أحمد هذه بعض الأسئلة التي أرجو الإجابة عنها، وأجركم عند الله تعالى.
1. قلتم: وتفتي بأن للحاكم الديني أن يقتل ثلث الأمة لإصلاح حال الثلثين...أهـ
هل يوجد في التاريخ من الحكام من قتل ثلث الرعية ومن هم على سبيل المثال؟
2. في أي عهد ومن هو الحاكم الأول الذي قتل أو قاتل الناس من أجل تثبيت الحكم له؟
3. هل حرب الردة المنسوب إلى أبي بكر الصديق كان من أجل المرتدين أو مانعي الزكاة أو لغير ذلك ...؟
4. هل الرسول محمد ( عليه السلام) قاتل أو أمر بقتل مرتد أو مانع زكاة أو مسالما من أهل الكتاب؟
5. هل يوجد مرتدون أو مانعي الزكاة في عهد الرسول؟
6. ألم تكن حرية الإيمان والكفر في عهد الرسول هي السائدة وكان الناس يعمرون الصوامع والبيع والمساجد يذكر فيها اسم الله؟
7. في أي عهد بالضبط انحرف المسلمون عن دينهم ابتغاء عرض الدنيا وترك ما عند الله في الآخرة؟
8. أين وضع المسلمون قول الله تعالى: وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ."29" الكهف.؟
9. إذا كان الإسلام دين الحرية فمن أين استورد المسلمون الإرهاب والعنف؟
10. ألم يأمر الله تعالى رسوله قائلا: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ(22). الغاشية؟
مع تحياتي.
شكرا لك أخي العزيز محمد مهند مراد أيهم، على نشاطك تحياتي.
سيتم بعون الله تعالى إغلاق موضوع جذور حرية الرأي في عقيدة الإسلام غدا السبت الواقع 7/6/2008 حسب توقيت الموقع حيث سيتم إرسال الأسئلة للدكتور أحمد من ثم بعد نشر إجاباته سيتم طرح موضوع جديد يرجى ممن لديه أي تساؤل نشره قبل هذا الموعد
ولكم جزيل الشكر
الأساتذة الكرام رواد الموقع
تم إغلاق موضع الرواقورفعت الأسئلة للدكتور أحمد بانتظار رده
أشكر كل من ساهم في موضوع الرواق
وشكر خاص جدا للأستاذ إبراهيم دادي على جهوده التي بذلها خلال رئاسته لزاوية الرواق
أخي الحبيب الاستاذ محمد مهند مراد أيهم
المشرف على الرواق
أهلا بك وبالأحبة الذين تفضلوا بالسؤال ، ويسرنى التجاوب معهم سائلا الله جل وعلا ان يهدينا جميعا سواء السبيل .
أحمد صبحي منصور .
1 – سؤال الأستاذ خالد حسن : هل ينبغي علينا هجران من تطاول على الذات الإلهية وإن كان حسن المعاملة مع الآخرين انطلاقا من الآيات التي توصي بالهجر والإعراض وهو يخشى في حال هجرهم أن يفقد مصداقيته لديهم وبالتالي التأثير فيهم .؟
الاعراض والهجران يكون ردا على من يتعرض للمؤمن بالأذى بسبب عقيدته ، أقصد الأذى القولى أو الفعلى . أما من لا يؤذى المؤمن فهو أيضا مؤمن حسب سلوكه ، (مؤمن ) أى يأمن الناس جانبه ، وهو (مسلم ) أى مسالم حسب الظاهر ، ويجب التعامل معه باحسان طالما لم يقاتلنا ولم يخرجنا من ديارنا. واقرأ آيتى سورة الممتحنة (8 ، 9 ) والتفاصيل فى المقال البحثى عن الولاء والبراء من خلال سورة الممتحنة.
هو مسئول عن عقيدته ولسنا مسئولين عن اعتقاد الآخرين ، وكل ما يهمنا هو تعامله معنا إن خيرا أو شرا. وعلى أساس التعامل يكون توصيفنا للمسلم المؤمن سلوكا أى المسالم المامون الجانب ، ويكون أيضا توصيفنا للكافر المشرك حسب سلوكه فهو الظالم المعتدى الباغى الطاغى بما يفعله وليس بما يؤمن به.
2- سؤال الأستاذ محمد سمير : هل كانت دولة الرسول الكريم محمد علمانية وهل فاقت بعلمانيتها تلك الدول العلمانية التي نراها اليوم .؟
كانت دولة النبى محمد عليه السلام علمانية مؤمنة ، وهى الدولة الاسلامية الحقيقية ، وهى تناقض الدولة الدينية الكهنوتية التى تجهل مهمتها ادخال الناس الجنة طبقا لتصوراتها ، وتؤله نفسها وأصحابها والقائمين عليها. وكل ذلك مناقض للاسلام عقيدة و تشريعا واخلاقا وثقافة. والتفاصيل فى مقالنا : موجز التناقض بين الدولة الاسلامية و الدولة الدينية :
http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=13
- سؤال للأستاذ محمد سمير : أن الدولة التي أقامها النبي الكريم كانت في مجتمع بسيط لذا كان النظام الإسلامي سائدا دون أن يفرض بشكل فعلي.. لذا أليس من الواجب أن تكون القوانين في الدولة العلمانية التي تطمح إليها أن تحكمها شرعة الله منعا للفلتان الأمني والفوضى الاقتصادية .؟
الدولة الاسلامية تترك جزءا كبيرا للبشر ليقننوا لهم تشريعات فى إطار المقاصد الاسلامية التشريعية الكبرى للاسلام ، وبحيث لا تخالف نصا تشريعيا و لا قاعدة تشريعية قرآنية.
والتفاصيل ستاتى فى بحث لنا سننشره فى باب التاصيل القرآنى عن تطبيق الشريعة الاسلامية من وجهة نظر قرآنية.
-سؤال الأستاذ طلعت خيري المنياوي : لما أعطى الله للناس حرية الاختيار لماذا يحاسبهم بعد ذلك على اختيارهم وسؤاله الثاني هل يترك لمن يفسد في الأرض وينشر أفكارا هدامة حرية الاختيار .
فى البداية ليس لنا أن نحاسب الله جل وعلا على ما يفعل ولكن لنا أن نتدبر حكمته جل وعلا من خلال ما قاله فى القرآن العظيم.
هو جل وعلا قرر أن يخلقنا ليختبرنا ، ولكى يكون الاختبار متوازنا وعادلا فقد منحنا الحرية المطلقة فى الاعتقاد وفى التصرف ، وأعلن أنه مؤاخذة ولا عقاب على المضطر و المجبر و المكره والناسى و المخطىء بدون قصد . المساءلة تكون عندما تتحقق للانسان حريته الكاملة فى الاختيار فيتعمد بقلبه أن يفعل كذا ويؤكد النية بالفعل.
وأنزل الله تعالى للناس الكتب السماوية وبعث بها الرسل ، وفى نفس الوقت هناك الشيطان وغوايته ووحيه ، وفى النفس البشرية قابلية للخير و للشر معا.
باختصار هداه الله تعالى ان يختار الطريق او السبيل إما شاكرا وإما كفورا، وتركه لاختياره وجعله مسئولا عن هذا الاختيار.
هذا هو يوم الدنيا حيث لا إكراه فى الدين ، وحيث يتحول دين الله جلا وعلا الى مساحة من الحرية للبشر يسىء معظمهم استغلالها فينشىء على انقاض الدين الالهى أديانا أرضية بوحى مزيف ، ويقيم على اساس تلك الأديان الأرضية جاها دنيويا يستاثر فيه بالسلطة والثرة مستخدما اسم الله تعالى ودينه العظيم .
ويحدث أن يتنازع مع غيره ممن هم على شاكلته ،أى يتسلط بعض الظالمين على بعض فيحل بهم عقاب الاهى فى الدنيا قبل العقاب الأبدى فى الآخرة ،أى أن الله تعالى لا يترك المفسدين بل يعاقبهم ويعذبهم بذنوبهم وفسادهم فى الدنيا ، والتاريخ ملىء بالأمثلة ، وحياتنا المعاصرة أيضا.
كل هذا الافتراء على الله تعالى ودينه يكون فى الدنيا ، حيث يسىء الضالون استعمال الحرية الممنوحة لهكم من الله جل وعلا .
لذا لا بد لأن يكون لدين الله تعالى يوم ، هو يوم الحساب أو يوم الدين ، وفى هذا اليوم يفقدون حريتهم ويصبحون أسر لعذاب أبدى خالد لا نهاية له.
5-سؤال محمد مهند مراد أيهم : إن كان الله قد ترك للناس حرية الاختيار وأمر بها الرسل والنبيين لماذا فرض نبي الله سليمان على ملكة سبأ أن تدخل ضمن شرعة الله أو على أقل تقدير أن تنصاع لأمره ونجد مما ورد في القرآن أنها كانت مسالمة ولنا في سورة النمل خير دليل على ذلك أليس هذا يناقض ما ذكرتم .؟
لا بد أن نفرق بين القصص و التشريع ، فالتشريع لا يؤخذ من القصص القرآنى . والقصص القرآنى له منهجه ،إذ لا يذكر كل الأحداث ، ولا يهتم بذكر الأسماء و الزمان والمكان . فالغرض الأساس هو العبرة فى إطار الدعوة للهداية. ومن هنا تظل هناك أسئلة عن تفصيلات تركها القرآن ، ولا محل للاجابة عنها لأنها غيب لا يعلمه إلا الله جل وعلا.
والعادة أن الناس ينظرون للقصص القرآنى على انه تاريخ ، وهناك فارق هائل بينهما. فالتاريخ يكتب الموضوع من بدايته الى نهايته بالأسماء و الزمان والمكان وسائر التفصيلات . ومباح لك فى التاريخ أن تسأل تلك الأسئلة ولكن ليس فى القصص القرآنى.
6- سؤال لمحمد مهند مراد أيهم:لماذا تهاجم منظمة حماس في فلسطين وهي التي وصلت إلى سدة الحكم بانتخابات نزيهة ديموقراطية كذلك تهاجم النظام الإيراني وحكمه من خلال الملالي والآيات ، ألم يكن وصولهم للحكم خيار الشعب الإيراني أتدعو للديموقراطية وحرية الرأي ثم تهاجم من وصلوا إلى الحكم عن طريقها .
حين نتكلم فى السياسة فالأمر مختلف كما بينته فى تعليقاتى على المعقبين على مقالى ( الهرشمة و المرشلة ) . ومنه أكرر قولى (الرؤى السياسية تختلف ليس فقط لعدم وجود ميزان نحتكم اليه ، وليس فقط لنقص المعلومات ولكن أضيف أيضا للرؤى المسبقة للكاتب . هناك من يتخذ موقفا عدائيا من الامبريالية الأمريكية ومن هذا المنطلق يفسر كل المصائب فى إطار التآمر الامريكى الغربى الاسرائيلى على العرب و المسلمين والاسلام. وهناك من هم مثلى يرى أن أساس الخطأ يرجع الينا نحن إذ رضينا بالاستبداد المحلى فاصطحب معه الفساد و وركع الاثنان معا للقوى الكبرى أو القوة الأمريكية تخطط حسب مصالحها ، ثم نحتج عليها لأنها تخطط لمصالح شعوبها الغربية و لا تخطط لمصلحة شعوبنا العربية الاسلامية ، ونسينا أننا نحن الذين أضعنا حقوقنا وتنازلنا عنها لحاكم فرد وبطانته ثم أفرغنا كل شحنات الغضب و الاحباط فى الغرب .)
كتاباتى السياسيى متسقة مع موقفى السياسى و العقيدى فى الانحياز التام لحقوق الانسان وحرية الفكر و المعتقد و الديمقراطية الحقيقية.
ومن هنا أعارض أى جهة تستخدم الديمقراطية للوصول للحكم ثم تنقض عليها فيما بعد ، كما أعارض أى جهة تستخدم دين الله تعالى فى الصراع السياسى للوصول للحكم .
ليس هذا حكما مسبقا على النيات والضمائر،ولكنه موقف مبنى على خلفية علمية .
الفارق بينى وبين الباحثين الآخرين من المتخصصين فى العلوم السياسية أنهم لا يفهمون حقائق الاسلام ويخلطون بين الاسلام و المسلمين وأديانهم الأرضية ، ولا يفهمون الفوارق بين أديان المسلمين الأرضية . ولذلك يسمونها حركات اسلامية ويضعونها جميعا فى سلة واحدة . ثم جاءت أحداث العراق فاكتشفوا ان هناك سنة وشيعة وخلافات عميقة ومتجذرة بينهما تستوجب ان يدمر كل منهما الاخر.
كمتخصص فى الاسلام والقرآن الكريم وتراث المسلمين وشريعتهم وتاريخهم وفرقهم من السنة و التشيع و التصوف فمنهجى أن أقيم كل حركة سياسية حسب مرجعيتها التراثية ودينها الأرضى ، وبه أعرف وأتأكد من حقيقة موقفها من الديمقراطية وقبول الآخر .
ليس الأمر مجرد معرفة بحثية ولكن الأكثر هو التجربة العملية والشخصية خلال ثلاثين عاما من المعاناة والاضطهاد بسبب عدم قبولهم للرأى المخالف واضطهاد اصحابه وملاحقتهم بفتاوى التكفير والقتل.
ونعطى مثلا خارج التجربة الشخصية .
فالحركات السياسية المنتمية للتصوف هى الأكثر قبولا للآخر و للديمقراطية ،وهى تؤمن بالتعددية ولا تمانع فى حرية المعتقد للآخرين ، لأن التصوف يقوم على التعدد وعدم الاعتراض والتسامح ،ولذا فان الحركات السياسية فى تركيا تقبل الديمقراطية و تداول السلطة فلا خشية على الديمقراطية عندما تصل الى الحكم ، ليس فقط لأن مرجعيتها هى دين التصوف ولكن أيضا لأنها نبتت وترعرت فى ظل علمانية أتاتورك .
ونفس الحال تقريبا فى الأحزاب الدينية السياسية فى دول جنوب شرق آسيا كاندونيسيا و سنغافورة وماليزيا ..
ولكن يختلف الأمر فى الحركات الدينية السياسية التى نتجت وتفرعت عن الوهابية الحنبلية السنية فى منطقة الشرق الأوسط ( وأرجو أن تقرأ كتاباتى عن الاخوان المسلمين و الوهابية) . هم لا يعترفون بالآخر ولا بحقوقه ، ويتعاملون مع المسلم خارج دينهم الأرضى على أنه مشرك مستحق للقتل والاضطهاد ، وكذلك يفعلون مع الشيعة فى السعودية. وهم يتعاملون مع المختلف معهم من المسلمين الباحثين على أنه زنديق يجب قتله عند العثور عليه وبلا محاكمة و لانقاش ، ويجب قتله حتى لو تاب. ويتعاملون مع غير المسلم بمنطق الجهاد السنى القائل (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ) وهم يقسمون العالم الى معسكرين متحاربين معسكر الايمان ومعسكر الكفر ، وهم يعتبرون الأمم المتحدة صرح الكفر و الديمقراطية رجسا من عمل الشيطان . وهم يعلنون ذلك وهم فى السلطة ولكن طبقا للتقية ـ وهم أيضا بارعون فى التقية ـ لا مانع من استخدام الديمقراطية للوصول الى الحكم فاذا وصلوا اليه انتهى دورها .
نفس الحال تقريبا مع الشيعة الاثناعشرية المتحكمة فى ايران والتى تجعل نفسها مصدر المهدى المنتظر الذى ستحكم به العالم . وهم كالسعودية فى اضطهاد المخالف لهم فى الدين فالأقلية السنية فى جنوب ايران تعانى اضطهادا قد يماثل الاضطهاد الذى تلقاه الشيعة فى المنطقة الشرقية فى السعودية. ولكن النظام الايرانى يخدع العالم بديمقراطية منقوصة يتحكم فيها الملالى ، وهى على أى حال أفضل من الاستبداد العقيم لدى نظم الحكم السنية العربية.
حماس ـ أقولها عن خبرة ـ جمعت أسوأ ما فى النظامين الفارسى الشيعى و العربى الوهابى .
هذه هى رؤيتى السياسية التى من خلالها أقف ضد من يتلاعب بالاسلام وبالديمقراطية.
وأحترم حق كل انسان فى الاختلاف معى .
وبالمناسبة فقد سبق وهاجمت حماس وتنبأت بالمساوىء التى ستحدث منها فى وقت كان الجميع يهللون لوصول حماس للسلطة . وارجع الى مقالات : ( ليس دفاعا عن اسرائيل ) و ( حماس قدس الأقداس )
- سؤال لمحمد مهند مراد أيهم: لماذا تهاجم الحكومة السعودية على فرض الحجاب وعمل رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع أن ما يفعلونه هو مما يحبه الشعب السعودي هذا القول حسب رأي من عايشهم وسألهم ولا أراك تهاجم الحكومة الفرنسية على منعها الحجاب أليس موقف الحكومتين واحد بمنع الحرية الدينية والحرية الشخصية أليس هذا موقف متناقض .
أحترم حق كل انسان وكل شعب فيما يختاره ، مهما كان الخلاف ، ولكن أتدخل فقط حين ينسبون ذلك الى الاسلام.
تدخلى هو ممارسة لحقى كمفكر اسلامى وهب نفسه للدفاع عن الاسلام وتبرئته من خطايا المسلمين.
ليس هذا هجوما ، هو فقط توضيح لحقائق الاسلام المظلوم من خلال القرآن الكريم ومخالفتها لما اخترع المسلمون فى اديانهم الأرضية فيما بعد . وهى نفس المهمة التى وردت فى قانون الأزهر فيما يخص دور عضو هيئة التدريس فى الأزهر ، وهو تجلية حقائق الاسلام .
هم يعتبرون ذلك هجوما ، وينسون أنهم ينسبون للرسول عليه السلام ما لم يقله ، وينسبون لشرع الرحمن مالم يأذن به، وأنهم السبب فى تشويه الاسلام واتهامه بالارهاب والتخلف و التطرف و التزمت ..
لو قالوا إن هذا هو ما نحبه ونرتضيه دون ان ينسبوه للاسلام لكففت عنهم ولن تكون لى علاقة بهم ، وهو نفس موقفى من غير المسلمين فى بلادهم كالفرنسيين وموقفهم من الحجاب ، وهو نفس موقفى من غير المسلمين من الأقليات فى دول الشرق الأوسط . أحترم حريتهم ولا شأن لى بما يفعلون أو يقولون لأنهم لا يتمسحون بالاسلام، وانما يعبرون عن ثقافتهم ودينهم ..
- سؤال للأستاذ ناصر العبد : بالنسبة لمن اختل توازنه العقلي أو اختلت لديه المحاكمة العقلية أو من ولد مختلا هل نلزمه بما نراه نحن أم نترك له الخيار .
ليس عليه حرج ..
9- سؤال للأستاذ ناصر العبد : كثير من القوانين تحكم على الجاسوس ( أو من نسميهم بالمنافقين ) بالإعدام هل تؤيد تلك العقوبة أم ترى أنه بعمله لصالح جهة معادية يعتبر من مبادئ حرية الاختيار وحين تذكر أن النبي الكريم كان يتركهم دون عقاب هل هو شيء مختص بالنبي أم يجب أن يعمم.
أولا : هناك فارق بين المنافق و الجاسوس ،قد تجتمع الصفتان ولكن ليس كل منافق جاسوسا .
النفاق مرض قلبى لا يحاسب عليه الا من يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور .زجل وعلا.
وليس فى الاسلام محاكم تفتيش تحاسب على الايمان والاعتقاد ، ومن يفعل ذلك فقد اغتصب لنفسه مهمة الاهية وجعل نفسه الاها مع الله جل وعلا.
ثانيا : ليس فى الاسلام عقوبة للقتل خارج القصاص . بل إن القتل قصاصا ليس هو الأعم فى شرع الاسلام لأن هناك الدية و الصفح من أهل القتيل ، والتفاصيل ستأتى فى بحثنا القادم عن تطبيق الشريعة الاسلامية ، وسننشره فى باب التأصيل القرآنى بعونه جل وعلا.
ثالثا : وعليه .
فان أى قانون يحاكم الناس على عقائدهم وأى قانون يحكم بالقتل خارج القصاص فهو شرع لم يأذن الله تعالى به.
مع ملاحظة أن شرائع الأديان الأرضية للمسلمين تقتل الناس بما يعرف بحد الردة وحد الرجم وحد تارك الصلاة..ألخ ..
- سؤال للأستاذ إبراهيم دادي:بما أن علماء الدين الأرضي أفتوا بأنه يجوز للحاكم قتل ثلث الرعية لإصلاح حال الثلثين فهل مر في تاريخ المسلمين من طبق هذه القاعدة(يريد مثالا على ذلك إن حدث ذلك ).
من حسن الحظ أن كان جبابرة الطغاة من حكام المسلمين أرق وأرحم بالمسلمين من أولئك الفقهاء. أولئك الفقهاء كانوا يتقربون للحكام بما يرضيهم ، ولكن الحكام كانوا يدركون أن تنفيذ هذه الفتوى لن يجعل لهم رعية ، فكيف يكون أحدهم ملكا إذا قتل شعبه ؟
لذلك ظلت تلك الفتوى السامة حبرا على ورق و عارا على كل من كتبها وأفتى بها.
11-سؤال للأستاذ إبراهيم دادي: من هو أول حاكم قتل أو قاتل الناس لتثبيت دعائم حكمه .
فى تاريخ المسلمين فان معاوية هو أول من قاتل ليحتفظ بحكمه للشام حين عزله (على ). ثم استمر فى قتال الخوارج ليحتفظ بحكمه خليفة للمسلمين بعد أن بايع له أتباع الحسن بن على .
فى تاريخ البشر المكتوب فربما كان هو مينا نارمر اول حاكم مصرى قام بتوحيد مصر تحت حكمه .
12- سؤال للأستاذ إبراهيم دادي:ما هو المسوغ الحقيقي لحروب الردة التي حدثت في عهد أبي بكر وهل كانت لأجل الزكاة .
الرد التفصيلى سيأتى فى سلسلة مقالات الصحابة ، وسنعرف أن الأمر كان أكبر من التعلل بالزكاة .
13- سؤال للأستاذ إبراهيم دادي. هل الرسول محمد ( عليه السلام) قاتل أو أمر بقتل مرتد أو مانع زكاة أو مسالما من أهل الكتاب؟
لم يحدث على الاطلاق
- سؤال للأستاذ إبراهيم دادي :هل كان هناك من مرتدين أو ممن منعوا الزكاة في عهد النبي الكريم وكيف تعامل معهم النبي الكريم.؟
كان النبى محمد يحزن على من يرتد عن الاسلام فيقول الله تعالى له (وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) ( آل عمران 176 ).
وكان دفع الزكاة اختياريا وليس بالفرض من الدولة ، ولذلك حين تكاسل بعضهم عن دفعها نهى الله تعالى رسوله من أن يأخذها منهم وقال إنه جل وعلا لن يقبل صدقاتهم ونفقاتهم (قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ. وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ . ) ( التوبة 53 ـ )
15- سؤال للأستاذ إبراهيم دادي ألم تكن حرية الإيمان والكفر في عهد الرسول هي السائدة وكان الناس يعمرون الصوامع والبيع والمساجد يذكر فيها اسم الله؟.
نعم ..
- سؤال للأستاذ إبراهيم دادي في أي عهد بالضبط انحرف المسلمون عن دينهم ابتغاء عرض الدنيا وترك ما عند الله في الآخرة؟وأين وضع المسلمون قول الله تعالى: وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ."29" الكهف.؟
بدأ ذلك بما يسمى بالفتوحات والتاطورات الناتجة عنها. والتفاصيل ستاتى فى مسلسل مقالات الصحابة. ومن الطبيعى بعدها أن يهجروا القرآن وتشريعاته ، ثم ينشئوا أديانا أرضية تسوغ لهم ما يرتكبون .
17- سؤال للأستاذ إبراهيم دادي إذا كان الإسلام دين الحرية فمن أين استورد المسلمون الإرهاب والعنف؟ ألم يأمر الله تعالى رسوله قائلا: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ(22). الغاشية؟
لم يستوردوه .
هو القانون الذى كانت تحكم به قريش و تتعامل به مع المسلمين فى مكة ، وتحاربهم به فى المدينة ، فلما اختلفت الموازين السياسية بانفضاض الأعراب عن سيطرة قريش اضطرت قريش للدخول فى الاسلام قبيل وفاة النبى محمد ، وفى خلافة أبى بكر استعادت قريش نفوذها واسترجعت دينها القائم على العنف فدخلت بالمسلمين الى الفتوحات .. والتفاصيل ستاتى فى مسلسل مقالات الصحابة. ومن الطبيعى بعدها أن يهجروا القرآن وتشريعاته ، ثم ينشئوا أديانا أرضية تسوغ لهم ما يرتكبون ..
نشكر كل من ساهم في موضوع الرواق ونشكر الدكتور أحمد على تفاعله وسرعة إجاباته
وإلى لقاء في موضوع آخر بإذن الله
الحج أشهر معلومات
صدق الله العظيم وكذب شيخ الأزهر
جدلية الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم
الخلاف حول الحجر الأسود
أكذوبة عذاب القبر
دعوة للتبرع
شهد رمضان: ماهو تفسير الآيه فمن شهد منکم الشهر...
إيمان أهل الكتاب : . منذ مدة دارت حوارا ت اختلف فيها الرأي حول هل...
العقل والتحريم: لقد مدح الله العقل و دعا الانس ان إلى إعمال...
الصراط المستقيم : فى كتابك ( القرآ ن كفى ) قلت ان القرآ ن الكري م ...
التاريخ الاسلامى: تيقنت انه لكي نفهم من اين اتت الاحا ديث ...
more
السلام عليكم
جزاكم الله خيرا على هذا الشرح الشافي الوافي الذي يجعل الاسلام في موقف عزة وليس
في موقف متلقي الضربات
جزاكم الله خيرا على هذا البيان الذي يسحب البساط من تحت رجال الدين الذين يتكسبون به
ويحظون بمكانة بين الناس كطبقة ضامنة للجنة تحتكر التأويل وتطلع على سرائر الناس
فأصبحت الها في الارض يصدر الاحكام ويحاسب ويفتش في النوايا .
على جميع من قرأ هذه الورقة نشرها وتوزيعها
السؤال الآن يا دكتور :
لي أصدقاء ملتزمين دينيا ولدي أصدقاء تاركي للصلاة ويشربون الخمر أيضا من دون أذى
طبعا ودون الحاق ضرر بالآخرين ولدي أصدقاء أيضا يشتمون أحيانا الذات الهية عند
غضبهم ولكنهم مسالمون (هم ضحية تعقيد المشايخ للدين )
هل يجب أن أبتعد وأخاصم هؤلاء مع أنهم جيدون خلقيا ومحترمون جدا بضوء الآيات
التالية
﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ. وَلَوْ شَآءَ اللّهُ مَآ أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم
بِوَكِيلٍ﴾ (الأنعام 106: 107)
﴿وَاصْبِرْ عَلَىَ مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً﴾ (المزمل 10).
ويقول تعالى يأمر المؤمنين يعلمهم الإعراض عن المشركين وإيذائهم ﴿وَإِذَا سَمِعُواْ اللّغْوَ
أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ (القصص 55).
﴿وَقِيلِهِ يَرَبّ إِنّ هَـَؤُلاَءِ قَوْمٌ لاّ يُؤْمِنُونَ. فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ (الزخرف 88: 89)
﴿وَقَدْ نَزّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ
حَتّىَ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنّكُمْ إِذاً مّثْلُهُمْ إِنّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنّمَ
جَمِيعاً﴾ (النساء 140).
هل يجب لنا هجرهم نهائيا مع حسن معاملتهم مع العلم أنهم مقربون جدا لي
وربما هجري لهم يزيد من بغضهم للدين مع إني أؤثر فيهم أحيانا ؟
أوهل يجب تخفيف العلاقة معهم ؟
وشكرا لك