كتب شعبان هدية
أكد د. محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين أن الإخوان لا يلتزمون إلا بالأسس التى أرساها حسن البنا مؤسس الجماعة، وأنه- بديع- أحد أربعة شاركوا فى نسخ كتاب "دعاة لا قضاة " بخط يده فى السجن للرد على تصرفات وآراء بعض الشباب فى السجون خرجوا عن نهج الجماعة، مشددا على انتخاباتهم نزيهة وديمقراطية.
وأكد بديع فى أول حوار إعلامى له عبر قناة الجزيرة أنهم مازالوا على موقفهم من رفض ترشيحهم- هم ولا يلزمون الآخرين- للمرأة والقبطى لمنصب الرئاسة، وأنهم مع ترشيح جمال مبارك كمواطن مصرى متساو مع الجميع للمنصب إذا ما تم تهيئة الظروف لانتخابات نزيهة وتعديل المواد المقيدة للآخرين من الترشيح.
وأوضح بديع الذى يعتبره البعض بأنه امتداد لتنظيم 65 وسيد قطب، أن سيد قطب لو كان حيا الآن لتبرأ ممن يقومون بعمليات عنف أو يكفرون المجتمع، مشيرا إلى أن التعرف على سيد قطب يكون من خلال تصرفاته وسلوكه وليس بمن ينقل عنه، وأن قطب نُظر إليه وتم تقييمه بعيون الآخرين، مضيفا أنه أحد أربعة نسخوا كتاب دعاة لا قضاة بخط يده وأحد من شاركوا فى تحرير الوثيقة التى أصدرها حسن الهضيبى- المرشد الثانى للجماعة وقتها- وأنهم أصدروا الوثيقة قبل أن يخرجوا من السجون وأنه تحدث مع الشباب وقتها الذين اعتنقوا أفكارا تكفيرية.
موضحا أن سيد قطب كتب كتبه بأسلوب أدبى فضفاض يحتاج لأسلوب خاص لفهمه وليس الحكم عليه بدون وعى وأزمة من فهم أنه يكفر المجتمع فهذا يدل على أن صاحب هذا الفهم فى قلبه مرض، وأضاف أن سيد قطب قالها قبل موته إنه لم يكفر أحدا وأنه باق على العهد، مشيرا إلى أن قيادات الجماعة الإسلامية زاروهم فى السجون أثناء المراجعات الفكرية واعتذروا لهم واعترفوا أنهم عادوا للوسطية التى ينتهجها الإخوان، وذكر أنه قابل سيد قطب قبل إعدامه بعام، وكان بديع وقتها عائدا من أسيوط، ونقل لقطب أنه وجد فى أسيوط تعصبا بين المسلمين والأقباط فرد عليه قطب "لماذا لم تقل للمسلم" هل دينك يأمرك بهذا مع أخيك المسيحى".
وأكد أنهم يقومون بالنقد الذاتى باستمرار وعلى استعداد تقبل النصيحة من أى أحد كان بشرط أن تكون بأسلوب لائق وفى سياق الأدب، متهما من يركزون على خلافات الجماعة ويتركون مثالا إيجابيا لم يقم به أى من الحكام أو الرؤساء أو حتى مسئولى وقيادات عربية، وذلك تنازل مهدى عاكف المرشد السابق عن منصبه بعد دورة واحدة رغم كل الظروف وكل المناشدات ببقائه، كما أن من انتقدوا الجماعة والانتخابات لم ينظروا إلى صبرى عرفة الذى كان محكوما عليه بالإعدام مع سيد قطب وكان معه كتفا بكتف ولحظة بلحظة، كذلك خروج مفتى الجماعة فى انتخابات مؤسسية خرج من خرج وبقى من بقى طالما أن الكلمة العليا وصاحب القرار هو مجلس شورى الجماعة.
وحول شفافية الإنفاق فى الجماعة، ذكر بديع أنه مسئول عن الإشراف ومراقبة الإنفاق المالى، مشددا على أن تمويلات الجماعة من جيوب الإخوان وأنه تم إغلاق ومصادرة أموال الإخوان فى 78 شركة وتحدى أى إنسان يقول إنهم تلقوا دعما من دولة أو جماعة خارجية، وطالب أن يكون التعامل معهم قانونى ودستورى وليس أمنيا، وأنه يثق فيمن يقومون على أمور الجماعة، وتمنى أن يكون التعامل بشفافية مع الجماعة وأن تكون كل أمور الجماعة علنية، أما المطالبة بالعلنية للأوضاع المالية حاليا.
وأكد أنهم ضد التوريث وأنهم يطالبون بانتخابات نزيهة، وضرب مثلا بأنهم فى الجماعة ظلوا لآخر لحظة لا أحد يعرف من هو المرشد العام للجماعة، ولا يصلح أن تكون انتخابات الرئاسة محسومة سلفا فهذا يعنى حسب تصريحه تغييرا فى آليات العملية الانتخابية، مضيفا أنهم لا يعارضون ترشيح جمال مبارك مثل أى مواطن مصرى وبآلية تسمح باختيار حر نزيه، مطالبا الرئيس مبارك بأن يتخلى عن رئاسة الحزب الوطنى وأن يكون رئيسا لكل المصريين ولا يترك حزبا يطيح فى الأمة ويمتص دماءها، فما يحدث كمن يميز بين أبنائه، وهذا ما أدى إلى تضاؤل كل الأحزاب، قائلا إن عزيز صدقى رئيس الوزراء السابق قال كلمة لم يعها النظام حتى الآن حيث قال "نحن نعتذر ونأسف أن حرمنا مصر من جهود جماعة مباركة كالإخوان المسلمين".
وحول موقف الجماعة من العمل السياسى والمشاركة، أوضح بديع أنهم سيظلون على فعالياتهم التى استمرت الفترة الماضية وأنهم مع كل ما ينقذ مصر ولو كان بالمظاهرات بالوسائل السلمية الديمقراطية، قائلا "نحن مع كل ما يكون من فعاليات تحقق لمصر بالوسائل السلمية الديمقراطية، فمصر مريضة ومصر أمنا جميع مسلمين ومسيحيين وحكومة ومعارضة.. فهيا نتكاتف لننقذها ممن امتص دماءها وقزم حجمها"، مشددا على أن الجماعة تمد يدها للجميع ولكل من يريد أن ينقذ مصر، وأنهم على أتم استعداد للتعاون مع النظام، ومدوا أيديهم أكثر من مرة ولكن لا مجيب ومازالوا وسيظلون يمدون أيديهم، لكن لا استجابة، كما أنهم يمدون يدهم للمعارضة، منتقدا من يقف من المعارضة عند الخلافات مع الإخوان ولا يريد أن يتعاون مع الجماعة الأم، معتبرا أن الاتفاقات كثيرة والخلافات أقل إلا أن التوقف عند الخلافات تسبب فى أن نتائج المعارضة جميعها صفر حتى الآن.
وذكر بديع أن الفترة الأخيرة كانت الجماعة تحت ضغط وتم تسليط الأضواء عليها فى وقت الانتخابات، ولكن بالتركيز على الخلافات، مضيفا أن النقد الذاتى مستمر وقائم وأنهم ينصحون من يراقبهم أن يرى الحقائق لا أن يرى ما يريد هو أن يراه، وأن لديهم ثوابت لا تتغير بتغير القيادات، مشيرا إلى أن لديهم مرونة فى التعامل مع المواقف وأنهم يراجعون الفروع ويقبلون النصيحة من جميع الاتجاهات بشرط أن تكون بالتجريح أو بأسلوب الأمر.
وذكر بديع أن التنظيم الخاص كان كما هو شائع فى ظروف مصر وهى تحت الاحتلال وكانت أغلب القوى الوطنية لديها تنظيمات مسلحة، مضيفا أنه تم إدانة التنظيم الخاص عندما تصرف أفراد فيه تصرفات فردية كما يحدث فى أى تجمع بشرى، وتم إدانة هذه التصرفات، مشيرا إلى أن الرئيس السادات تم اتهامه بالمشاركة فى قتل أمين عثمان من قبل.
نقلا عن (العربى)
الأخوان المسلمون نحو «سبات شتوي» هل قررت جماعة الأخوان المسلمين المصرية الدخول في مرحلة “سبات شتوي” سياسي طويل؟
يبدو ان الأمر كذلك. فانتخاب محمد بديع، الذي عُرف عنه القليل من النفوذ السياسي والكثير من الاهتمام بالقضايا الدينية والاجتماعية المُحافظة، يشي بأن الجماعة قررت إدارة الظهر للعمل السياسي والعودة إلى التركيز على نشاطات الدعوة. كذلك، فإن فشل دعاة المشاركة في الحياة السياسية، وفي مقدمهم زعيمهم المُفوّه عبد المنعم أبو الفتوح، ومحمد حبيب النائب السابق للمرشد العام، يوحي هو الآخر بأن “الاصلاحيين” ودعاة الانفتاح لا يشكلون في الواقع تياراً قوياً اويُعتد به داخل الجماعة. هذه المؤشرات، علاوة على ما أورده الباحث البارز عمرو حمزاوي من أن قيادة الأخوان باتت على قناعة من انها لن تحصل على أكثر من 5% من مقاعد مجلس الشعب في انتخابات الخريف المقبل، تميل إذاً إلى تأكيد فرضية السبات الشتوي. لكن، هل سيكون هذا النوم صحّياً، وهل سيؤدي إلى انقاذ الجماعة من مخاطر التفكك التي تخشاها قياداته المُحافظة؟ ثمة جانبان هنا: أمني وسياسي. أمنياً، قد يحظى الاخوان بالفعل بفترة هدوء واسترخاء، لأن شبه انسحابهم من الحياة السياسية سيدخل الكثير من الحبور على قلوب خصومهم الرسميين، خصوصا وان انتخابات العام 2005 التي حصدت فيها الجماعة أقل من ربع مقاعد مجلس الشعب بقليل، جعلت أجراس الإنذار تدوي بقوة في كل أنحاء البلاد.لكن سياسياً قد لا تكون الصورة زاهية على هذا النحو. صحيح أن الجماعة اعتادت طوال حياتها على مدى السنوات الثمانين الماضية التقوقع والعمل السرّي، لكن الصحيح أيضاً أن ثورة الاتصالات والمعلومات أدت إلى فتح عناصرها على آفاق لم يعهدها الجيل الأخواني السابق. وهذا ما ظهر بجلاء خلال معركة الانتخابات الداخلية، حين تم للمرة الاولى في تاريخ الحركة نشر غسيلها النظيف والوسخ في آن في كل أجهزة الاعلام المصرية. لا بل تبادل بعض قادتها علناً الاتهامات الخطيرة حول تزوير عمليات الاقتراع، وتحدثوا علناً عن احتمال تفكك التنظيم. هذه نقطة. وثمة نقطة ثانية لا تقل أهمية، وهي تتعلق بعامل الزمن هذه المرة. فحين يعيش تنظيم سياسي، حتى ولو كان مدّرعاً بإيديولوجيا دينية، هذه الحياة المديدة من دون أن ينجح في تحقيق ولو الحد الأدنى من اهدافه (خصوصا منها الوصول إلى السلطة أو على الأقل المشاركة فيها)، فإن خلاياه تظُهر عوراض الهرم، وتتضعضع مناعته الذاتية، وقد ينشق بطنه في النهاية عن ولادات قيصرية تسفر عن تحويله إلى جماعات عدة.