أين الخلل ؟ :
أين الخلل ؟

أسامة قفيشة Ýí 2018-11-12


أين الخلل ؟

كمشاهد على واقعنا اليوم و كمستمع لخطب الخطباء , و كمراقب لما يكتبه الناس على صفحاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي , لفت انتباهي لأسلوب المسلمين في التواصل مع الخالق جل وعلا من خلال الدعاء و التضرع إلية عز و جل ,

هؤلاء لا يفقهون أدب الدعاء و التضرع , كان آخرها قبل أيام حين قال أحد الخطباء في دعاء الجمعة ( اللهم اجعلنا من أهلك ) !

هذا اللفظ قد أغضبني في نفسي , و وجدت بأن هذا الكلام فيه نوعٌ من الكفر و يتضارب مع إيماننا بأنه سبحانه لم يلد و لم يولد , و مع وحدانيته و توحيده جل وعلا , كما يتنافى مع قوله سبحانه ( بديع السماوات والارض انى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم ) .

و هم لا يتورعون في طلباتهم و تمنيهم , هم في كل مناسبة يرفعون فيها أيديهم إليه جل وعلا و يطلبون منه ما تقشعر له الأبدان :

تارةً اللهم دمر ... و أخرى اللهم شتت ... و أخرى اللهم احرق ... و أخرى اللهم مزق ... و هكذا هم في مناجاتهم لربهم , و الناس يُأمنون من خلفهم ,

المستمع لهذا الدعاء حتماً سيقول بأن إله هؤلاء البشر هو إله دمار و خراب و حرق و تقطيع , وحاشى لله جل و علا عن ذلك فهو سبحانه أله العدل و الرحمة و المغفرة و تعالى عن ذلك علواً كبيرا , فسبحانه لا يدعو لسفك الدم بل يأمر بالعدل و الرحمة .

هؤلاء الأغبياء يظنون بأنهم هم أحباب الله وحدهم , و تناسوا بأنه جل وعلا قد خلق الجميع و كلنا على حدٍ سواء عبيده و مخلوقاته , و كلنا على هذه الأرض سواسية في البشرية و الإنسانية !

هؤلاء الأغبياء تناسوا بان الله جل وعلا هو رب الجميع و خالقهم أيضاً !

و هو سبحانه قد أرسل رسله و رسالاته من أجل الهدايه و الرحمة لا من أجل العذاب و الدمار , و لا من اجل الظلمات بل من أجل النور .

هؤلاء الأغبياء يظنون بأن الله جل وعلا يريد للبشرية العذاب و الدمار و الخراب و الحرق و التقتيل !

هل سأل هؤلاء الأغبياء أنفسهم لماذا لا يستجيب الله جل وعلا لهم دعائهم الذي يدعونه به منذ مئات السنين ! و الجواب بكل بساطه لن يستجيب الله جل وعلا لهم ذلك و لو دعوه ألف سنه !

فالخلل في أنفسكم ! و في ثقافتكم ! و في تدينكم !

راجعوا أنفسكم و تخلوا عن تلك الدموية و هذا التوحش , و اسألوه الخير و كفوا عن الشر .

متى سأسمعكم تدعونه و تسألونه الرحمة و البعد عن التعصب , و تسألونه التسامح و السلام , تسألونه أن يحرر العقول من نار العنف و التشدد و التطرف , و تسألونه أن يبعد عنا شر النطق في تكفير البشر و اتهامهم بالردة و الزندقة و أن يحبب إلينا الاختلاف و التعدد ,

و تسألونه أن يحبب ألينا فن الحوار و حسن الإصغاء و الصبر على من خالفنا ,

و تسألونه أن يساعدنا و يلهمنا الصبر و العزيمة لنغير ما بأنفسنا كي نحقق كل الآمال و الأحلام و الأمنيات ,

و تسألونه أن يحبب إلينا أعمالنا و أشغالنا كي نؤديها بالشكل السليم , و أن يزرع فينا روح الابتكار و التطوير و يبعد عنا التقليد و التزوير و الاجتهاد في العلم و التعلم ,

و تسألونه أن ينمي فينا ملكة النقد الذاتي و محاسبة النفس , و يبعد عنا محاسبة الناس ,

و تسألونه أن يحبب لنا القراءة و يبعدنا عن السؤال و الإزعاج ,

و تسألونه حب احترام الوقت و الثقة في الناس و تقديرهم , و تسألونه أن يغير نظرتنا للمرأة كي نراها شريكةً لنا في كل شيء , و أن يبعد عنا شر التسلط و الهيمنة ,

و تسألونه بأن يحرر العقول من الجمود و يبعد عنا الركون و الخنوع ,

و تسألونه أن يحبب إلينا النظافة و الجمال و الفن في كل نواحي الحياة , و أن يلهمنا الذوق الرفيق في قيادة السيارات و احترام الطرقات ,

و تسألونه أن يجعلنا ممن يحافظون على البيئة نظيفةً من التلوث و أن يجعلنا ممن لا يلقون النفايات في الشوارع و الطرقات ,

و تسألونه أن يجعلنا من الحريصين على حماية الأشجار و الغابات و الأحراش كي تبقى جميله و خضراء ,

و تسألونه أن يجعلنا ممن يحبون الأناقة و ممن يجيدون الاهتمام بأنفسهم و حسن مظهرهم و لباقة كلامهم ,

و تسألونه أن يجعلنا من الأوفياء لعهودهم و وعودهم , و من المسددين لديونهم في مواعيدها ,

و تسألونه أن يحبب إلينا زراعة الورد و القدرة على إهداءه للناس كافه ,

و تسألونه أن يجعلنا ممن يحترمون القانون و النظام , و يكره إلينا الفوضى و الفلتان الأمني ,

حينها أيها الأغبياء سيستجيب لكم ....

ملاحظة بعض ما جاء في المقال من أفكار الدكتور شكري الدبابي له مني كل الاحترام .  

اجمالي القراءات 3788

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2014-04-09
مقالات منشورة : 196
اجمالي القراءات : 1,417,746
تعليقات له : 223
تعليقات عليه : 421
بلد الميلاد : فلسطين
بلد الاقامة : فلسطين