تقرير حزب الجبهة عن برنامج الرئيس بعد عامين من إعلانه: مصر انهارت
بالتزامن مع المؤتمر السنوي للحزب الوطني الديمقراطي، أصدر حزب الجبهة الديمقراطية تقريراً مطولاً عن البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك المعلن في ٢٠٠٥.
ويناقش التقرير برنامج الرئيس الانتخابي معتمداً علي حقه في محاسبة الرئيس نيابة عن الشعب المصري وانتهي فيه إلي توجيه انتقادات حادة لتباطؤ تنفيذ البرنامج، وتقديم صورة إجمالية عن حالة مؤسسات الدولة في الفترة الحالية.
ويقسم التقرير البرنامج الانتخابي إلي ٦ أجزاء هي: «مواطن حر في بلد حر» و«شبابنا يعمل» و«حياتك أفضل» و «تأمين اليوم والغد» و«معك في طموحك» و«مصر قوية وآمنة».
ويشير التقرير إلي أن مبارك لا يعتبر أن سياساته وراء تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ويري أنها تقع علي عاتق الحكومات التي يأتي بها وتفشل واحدة تلو الأخري في تنفيذ توجهاته.
ويتناول الجزء الأول «مواطن حر في بلد حر» الإصلاحات الدستورية والتشريع والنظام الانتخابي فيقسم التعديلات الدستورية إلي خمسة محاور، تعديلات تراها الجبهة إيجابية تتمثل في المواد ١٢٧ و١٣٣ و١١٥ و١١٨ وتعديلات جاءت بعد أن انقضت الأسباب والدواعي التي تطلبتها مثل تحقيق التلازم بين نصوص الدستور والأوضاع الاقتصادية والسياسية المعاصرة، بما يتيح حرية اختيار التوجه الاقتصادي للدولة.
ويرفض الحزب التعديلات التي جاءت في مواد أخري مثل تعزيز دور مجلس الوزراء وتوسيع اختصاصاته ووضع ضوابط علي ممارسات رئيس الجمهورية وضمان تبني النظام الانتخابي الأمثل، الذي يكفل تمثيل الأحزاب في البرلمان وتعديلات أخري يقبل الهدف الإصلاحي منها،
لكنه يرفضها للغرض السلطوي مثل فصل الدين عن الدولة واستقلال المؤسسات الدينية، ويشير التقرير إلي أن النظام السياسي يتعامل في التعديلات بمكيالين فالمادة ٥ تقطع الطريق علي بعض التيارات السياسية مثل الإخوان المسلمين في تأسيس حزب سياسي في حين يحتفظ النظام لنفسه بحق استخدام الدين وفقا للمادة ٢.
ويشدد التقرير علي عدم حدوث تغيير في النظام الانتخابي لمجلسي الشعب والشوري، حتي الآن لضمان حد أدني للمقاعد، التي تشغلها المرأة في البرلمان، كما لم تتقدم الحكومة حتي الآن بمشروع قانون تطوير نظام المحليات وتعزيز صلاحياته التنفيذية والرقابية.
ويرصد التقرير «تباطؤاً» غير مبرر من الدولة في تفعيل بعض التشريعات، التي لم تر النور حتي الآن مثل قانون حرية المعلومات، الذي وعد به الرئيس ويري حزب الجبهة خطورة عدم وجوده كضمان لأمن المواطن حتي لا تستخدم ضده تهمة التخابر، التي بدأت بعض الأجهزة الأمنية في استخدامها مؤخرا وهي تختلف عن تهمة التجسس،
وهي تهمة قد تلتصق بأي مواطن يتعامل مع أي معلومات متاحة للجميع لمجرد تقديمها لأي شخصية أو مؤسسة غير مصرية، الأمر الذي جعل تهمة التخابر من التهديدات المستترة التي تستخدم في بعض الأحوال للضغط علي أي شخصية مصرية طبقا لهوي بعض مراكز القوي.
ويؤكد التقرير عدم تحقيق وعود الرئيس مبارك بشأن تعزيز حرية الصحافة ووسائل الإعلام باستثناء تعديل بعض أحكام قانون العقوبات الخاصة بجرائم النشر، فضلا عن عدم تنفيذ الوعود الخاصة بإنشاء جهاز مستقل للإعلام المرئي والمسموع وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص.
ويري حزب الجبهة الديمقراطية أن استمرار وجود الإعلام الحكومي والصحافة الحكومية «وصمة عار» في جبين مصر بما تنطوي عليه من «سوء في الأداء وفساد في الإدارة وفجاجة في الرسالة الإعلامية»، مما أدي إلي تدهور مكانة مصر الإعلامية والثقافية عربياً وعالمياً.
وفي الجزء الثاني «شبابنا يعمل» يتعجب حزب الجبهة من تعليمات الرئيس مبارك بالتصدي للبطالة في حين يعتبر هو ونظمه مسؤولين عنها بعد أن وصل معدل البطالة إلي ٢٢% عام ٢٠٠٥ وليس ١١% كما تدعي الحكومة.
ويؤكد التقرير أن مؤسسات الدولة لا تملك بيانات أو إحصاءات يمكن من خلالها التوصل لقنوات طلب العمل في مصر.
ويؤكد التقرير عدم وجود مؤشرات متاحة تفيد بأن الدولة تتحرك بشكل جاد لتفعيل هذا البرنامج وأكد أن ما أنجزته الحكومة هو بالقطع أقل مما وعد به الرئيس وأن حجم فرص العمل، التي تم تنفيذها في المشروعات الصغيرة لا يزيد علي ٤٠٠ ألف فرصة عمل.
وعن مشروع المليون فدان يذكر التقرير أنه لم ينفذ منه شيء حتي الآن ويتساءل عن كيفية وعد الرئيس باستصلاح مليون فدان في ٦ سنوات في حين أنه لم يتم استصلاح أكثر من مليون فدان في الـ٣٥ عاما الماضية.
وفي الجزء الثالث «حياتك أفضل» يؤكد التقرير أن وعود الرئيس مبارك بتأمين صحي كامل للشعب المصري بدأت منذ عام ١٩٩٧، إلا أنها لم تنفذ حتي الآن، ولايزال ٦٢% من الشعب المصري حتي عام ٢٠٠٦ خارج التأمين الصحي.
ويرصد التقرير حالة التعليم في مصر فيؤكد أنها الأسوأ علي الإطلاق، ولم تشهد مصر هذا الانهيار كما شهدته في الثلاثين عاماً الماضية. ويلخص أسباب هذا الانهيار في القرارات العشوائية وغير المدروسة لتغيير العملية التعليمية.
والتضارب في قرارات المسؤولين عن التعليم في مصر والتعامل معها علي أساس التجربة والخطأ ووصف السياسة التعليمية في مصر بأنها متضاربة وغير معنية بالصالح العام.
وكذلك العجز في أعداد المعلمين وتدني أجورهم. وسوء حالة الأبنية التعليمية. ويري حزب الجبهة أن برنامج إصلاح التعليم في مصر يتعدي كثيراً ما وعد به مبارك ضمن برنامجه الانتخابي.
وعن إسكان الشباب والوعد بإنشاء نصف مليون وحدة سكنية علي مدار ٦ سنوات من خلال مساهمة القطاع الخاص، يتساءل التقرير عن الحوافز والسلطات التي ستستخدمها الحكومة لتحفيز القطاع الخاص لإنشاء مثل هذا العدد من الوحدات،
كما لم تعلن الحكومة عن كيفية توفير مسكن للشباب غير القادر علي التعامل مع المحددات المالية الموجودة للوحدات السكنية. ويؤكد عدم وجود أي بيانات تشير إلي تسليم الشباب أيا من تلك الوحدات السكنية باستثناء ما تم تسليمه من ٢٥٠ وحدة ببني سويف و١٦ وحدة بالمنيا.
ويعتقد حزب الجبهة الديمقراطية أن برنامج الرئيس لتطوير العشوائيات لا يتناسب مع الحالة الراهنة للمناطق العشوائية، وأن ما يتضمنه البرنامج لا يكفي لإنهاء مشكلة تفاقمت علي مدي قرن كامل.
الجزء الأخير من التقرير والخاص ب«مـصر قوية وآمنة» يختص بوعد الرئيس بأن «تحافظ» مصر علي دورها القيادي إقليمياً ودولياً فيري حزب الجبهة أن استخدام كلمة تحافظ نتيجة لانهيار دور مصر القيادي وتخليها عنه خلال الثلاثين عاماً الماضية، بسبب سياستها الخارجية.
ويؤكد التقرير فشل مصر في تقديم دعم للقضية الفلسطينية خلال الثلاثين عاماً الماضية، وأن الوضع المأساوي بالأراضي الفلسطينية وقطاع غزة من مقدمات قضايا الأمن القومي المصري.
وعلي صعيد العلاقات الخارجية المصرية الإسرائيلية يؤكد حزب الجبهة أن احترام مصر اتفاقياتها الدولية أمر ضروري، إلا أن السياسة المصرية باتت تنم عن قبول بالضعف المصري في مواجهة المواقف الإسرائيلية المتعنتة.
اجمالي القراءات
3504