بسبب الفقر ...مصر... عزوف عن شراء حلويات وملابس العيد رغم التخفيضات
لم يكن الاستعداد لعيد الفطر هذا العام كسابقه، فمع استمرار موجات الغلاء الفاحش الذي طاول كل شيء، بات الكثير من المصريين عاجزين عن تلبية احتياجات أسرهم هذا الموسم.
ويحدث ذلك على الرغم من البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والتي تؤكد تراجع معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 12.8% في فبراير/ شباط 2025، مقارنة بـ24% في يناير/ كانون الثاني الماضي.
ورغم عرض عشرات المحال منتجاتها المختلفة من الكعك والبسكويت وغيرهما من حلويات العيد التي تعتبر أحد المظاهر والطقوس الرئيسية بعيد الفطر، فإن تجاراً وعاملين في قطاع الحلويات أكدوا عزوف نسبة من المواطنين عن الشراء، بعد أن ارتفعت الأسعار بنسبة تراوح ما بين 20% إلى 35%، ما سبّب حالة ركود واسعة ضربت مبيعاتهم.
وقال الموظف الحكومي، محمود السيد، إن تكاليف رمضان والعيد أصبحت عبئاً يصعب تحمله، مضيفاً: "كنا في الماضي نشتري كل شيء من دون قلق، أما اليوم فنعتمد على التخفيضات، والعروض وأصبحت أكثر حرصاً في التخطيط للمصاريف لتجنب أي نفقات غير ضرورية لنتمكن من تدبير احتياجاتنا".
ومن جانبها، قالت المواطنة سارة علي: "بصراحة، تكلفة شراء الكعك من المحلات مرتفعة جداً هذا العام، لذا قررت أن أحضِّره في المنزل كما كانت تفعل أمي وجدتي في السابق لتوفير النفقات".
وأضافت: أعترف أنه كان هناك بعض التحديات في البداية، ولكن بالتدريج أصبحت أكثر مهارة في إعداد الكعك الآن، الذي قد يستغرق وقتاً وجهداً إضافيين، إلا أنه يعتبر تجربة ممتعة ومميزة.وفي المقابل، أشار صاحب مخبز في وسط الإسكندرية، حسام عبد الموجود، إلى تراجع مبيعات الكعك الفاخر هذا العام، مقابل زيادة الإقبال على العبوات الاقتصادية. ويضيف: "الزبائن أصبحوا أكثر وعياً بتكاليف الشراء، ويبحثون عن عروض التخفيضات بدلاً من شراء كميات كبيرة كما في السابق".
وقال عضو شعبة تجار وصناع الحلويات في الغرفة التجارية بالإسكندرية، أحمد محمود، إن الإقبال على شراء كعك العيد هذا العام يشهد تراجعاً ملحوظاً، ما دفع بعض المنتجين إلى طرح عبوات نصف كيلو بدلاً من العبوات التقليدية ذات الكيلوغرام.
وأوضح محمود أن أسعار المواد الخام للمخبوزات مثل الدقيق والسكر ومواد التحلية، شهدت ارتفاعاً خلال الفترة الماضية تعدى 30%، الأمر الذي سبّب زيادة سعر بيع المنتج النهائي للمستهلك، مشيراً إلى أن الأسعار تتفاوت بحسب نوع السمن المستخدم والحشو، حيث يصل متوسط السعر إلى 320 جنيهاً (الدولار = نحو 50.6 جنيهاً)، مبيناً وجود منافسة بين المحلات؛ بسبب مضاربات من منتجين في محافظات أخرى.
كما تحولت كسوة العيد إلى هاجس يؤرق غالبية الأسر المصرية، بعد أن ألقت موجة ارتفاع الأسعار بظلالها على الأسواق التي تشهد حركة بطيئة.
وتقول منى عبد الحميد، وهي أم لطفلين: "بحثت كثيراً عن ملابس صيفية لأطفالي، لكن الأسعار مرتفعة جداً، كما أن الخيارات محدودة، مما تسبّب في أزمة لدى الأسر التي كانت تستعد لشراء ملابس العيد لأطفالها".
وتضيف: "مع هذه التحديات، أصبحت أكثر حرصاً في التخطيط للمصاريف، وأسعى إلى التوفير عبر العروض والتخفيضات لتجنب أي نفقات غير ضرورية".
ومن جهته، يؤكد صاحب محل ملابس بشرق محافظة الإسكندرية، عماد الجمال، أن حركة البيع هذا العام مقبولة، لكنها أقل من الأعوام السابقة بعد أن تغيرت أولويات الأسر المصرية، فلم تعد الملابس الجديدة في العيد أولوية كما كان الحال في الماضي".
ويضيف: "ارتفاع أسعار الملابس وتراجع المبيعات دفعا التجار إلى محاولة تصريف المخزون القديم قبل طرح ملابس الصيف".
بدوره يقول الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في الأكاديمية البحرية للنقل البحري، على الإدريسي: يبدو أن رمضان والعيد لم يعودا كما كانا في السابق، فبين الغلاء وارتفاع تكاليف المعيشة، اللذين يؤثران في قدرة الأفراد على شراء السلع والمنتجات، وجدت الأسر المصرية نفسها مضطرة إلى إعادة ترتيب أولوياتها، بسبب استمرار فرض التضخم تحدياته على الجميع بعد فشل الحكومة في إيجاد حلول لضبط الأسواق.
ويشير الخبير الاقتصادي في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن حالة الركود الموجودة تطاول الكثير من المجالات بعد أن أثرت التحولات الاقتصادية على العادات الشرائية للمصريين، بشكل عام وليس فقط في أوقات المناسبات الدينية والاجتماعية، ولكن الأمر يكون أكثر في هذه المناسبات التي تتمتع بطقوس واستعدادات خاصة.
وأوضح: "نلاحظ تغييراً واضحاً في أنماط الاستهلاك في هذه المناسبات، حيث أصبحت الأسر تعتمد على الأولويات الأساسية وتتجنب الكماليات".
اجمالي القراءات
124