اضيف الخبر في يوم الأحد ٠٩ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه
مكتبة ساسة»: كتاب «تاريخ داعش» يرويه «فوَّاز جرجس»
بحلول نهاية عام 2008، وقّعت حكومة المالكي اتفاقًا مع الولايات المتّحدة يقضي بسحب الأخيرة قواتها من المدن العراقية بحلول يونيو (حزيران) 2009، ومن العراق كلها نهاية 2011. واستعدّت البلاد للانتخابات التشريعية. يُلاحظ «جرجس» التغيّر في مخاطبة القوى السياسية المترشّحة في انتخابات المجالس المحلية 2009، والانتخابات البرلمانية 2010، عن الانتخابات السابقة، حيثُ تغيّرت لهجة الخطاب لتُركّز أكثر على الوحدة الوطنية وإعادة الاعمار، وتبتعد عن الشعارات الطائفية، والحثّ على مقاومة الاحتلال. سعى خصوم المالكي إلى انتقاد سوء إدارة المالكي، وعدم استطاعته توفير الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى الفساد المتأصل في حكومته، في إشارة إلى «فالح السوداني»، وزير التجارة الذي واجه اتهامات بالاختلاس وألقي القبض عليه بعد استقالته ومحاولته الهرب. ناهيك عن اتجاه المالكي لتصفية حساباته مع خصومه السياسيين باستخدام سلطاته، وهو ما ظهر في منع 511 فردًا أغلبهم سنيين من الترشح في الانتخابات في إطار سياسة «اجتثاث البعث» التي اتبعتها الحكومات العراقية منذ الاحتلال واستخدمتها كأداة سياسية في أحيانٍ كثيرة لخدمة مصالحها، كما أدّت إلى تسريح العديد من العراقيين من أعمالهم، وفقدان الحكومة للكثير من كفاءاتها التكنوقراطية.
ربّما لهذا خسر ائتلاف دولة القانون، التابع للمالكي، أغلبية المقاعد في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 7 مارس (آذار) 2010، وشارك فيها 12 مليون عراقي، أمام القائمة العراقية، بزعامة «إياد علاوي»، السياسي العراقي الذي تولى رئاسة الحكومة مؤقتًا بين عامي 2004 و2005. حازت القائمة العراقية على 91 مقعدًا في مقابل 87 مقعدًا لدولة القانون. لم يتوقّع المالكي النتيجة، خاصة وأنّ تحالفه ربح أغلب المقاعد في الانتخابات المحلية متفوقًا على منافسيه. حذر المالكي من مؤامرات البعثيين والإرهابيين والقوى الأجنبية، وطالب بإعادة إحصاء الأصوات لتخرج النتيجة كما هي، لكنه لم يتقبل الأمر، بل لجأ إلى المحكمة الفيدرالية العليا، التي حكمت بتشكيل الحكومة من قِبل التحالف الأكبر الذي سيتشكل بعد الانتخابات، بدلًا من إعطاء الحق للقائمة العراقية الفائزة بأغلبية المقاعد. لم يهدئ القرار الصراع المشتعل؛ إذ رآه الكثيرون قرارًا منحازًا للمالكي؛ ما أدّى إلى استمرار الصراع السياسي حول تشكيل الحكومة، التي لم تر النور، إلا بعد 9 أشهر كاملة. الصراع بين السياسيين، يقول «جرجس»، أظهر مساعيهم لترسيخ سلطتهم وخدمة توجهاتهم العرقية والدينية، بدلًا من خدمة الشعب العراقي.
استمر المالكي في محاولات فرض سيطرته على جميع قطاعات الدولة، من الجيش والشرطة والقضاء والبنوك. امتلأت الحكومة والقوات الأمنية بالمعينين السياسيين الخاضعين للمالكي، وهو ما أضعف كثيرًا من قدراتها الأمنية والدفاعية؛ ذلك الضعف الذي تجلّى في سيطرة داعش لاحقًا على ثلث الأراضي العراقية، دون مقاومة تُذكر في 2014. تولّى المالكي وزارة الداخلية – إلى جانب رئاسة الوزراء – من عام 2010 إلى عام 2014، وتولى وزارة الدفاع مؤقتًا لقرابة العام، معيّنًا رجاله في المناصب العليا، ورافضًا المرشحين الذين قدمتهم القائمة العراقية للمنصب طبقًا لاتفاقية «أربيل»، التي تعطي القائمة العراقية الحق في اختيار وزير الدفاع.
ومع تزايد السخط الشعبي على فشل الحكومة في توفير الخدمات، اندلعت التظاهرات مطالبة بمحاسبة الحكومة، لكن القوات الأمنية قمعت التظاهرات، ومنعت تنظيمها، ليتبخر حلم العراقيين في المشاركة السياسية والشفافية التي انتظروها بعد إسقاط صدام. لم يسلم الشعب من الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان، من قبل الميليشيات الخاصة بالمالكي ورجاله، وقوات البوليس السري. أطلق الشعب العراقي على كتائب المالكي الخاصة اسم «فدائيي المالكي»، في إشارة إلى «فدائيي صدام»، الميليشيا التي روعت الشعب العراقي لأعوام. يلفت «جرجس» النظر كذلك إلى الأعداد الكبيرة لقوات الحماية الخاصة بالعديد من أعضاء البرلمان والوزراء وكبار المسئولين، مثل «طارق الهاشمي»، نائب الرئيس الذي تولت كتيبة من 800 رجل حمايته؛ تفسير آخر للهزيمة المخزية أمام داعش في الموصل، إذ تفتتت القوة العسكرية وتمركزت بعيدًا عن أماكن القتال، لتؤدي واجبها في حماية المسؤولين.
قوّض المالكي كذلك سلطات البرلمان؛ إذ استلبه حق اقتراح التشريعات، بمساعدة من المجلس الأعلى للقضاء في 2010، وألغى سلطته في استدعاء الوزراء. وتحت حكم المالكي، فقد القضاء كثيرًا من استقلاله وحياده، بوجود القاضي «مدحت المحمود» رئيسًا للمحكمة الفيدرالية العليا، الذي أصدر في يناير (كانون الثاني) 2011 حكمًا يُعطي للمالكي السيطرة على بقية مؤسسات الدولة، مثل البنك المركزي، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، والمفوضية العليا لحقوق الإنسان. أحكم المالكي قبضته أيضًا على الهيئات المستقلة، مثل هيئة النزاهة العراقية التي أُجبر رئيسها، القاضي «رحيم العكيلي»، على الاستقالة في 2011.
وفي أعقاب انسحاب القوات الأمريكية من العراق، في ديسمبر (كانون الأول) 2011، صعّد المالكي من حربه على خصومه السياسيين، إذ اعتقل أعدادًا كبيرة من أعضاء حزب البعث السابقين، من المناطق التي حظيت فيها القائمة العراقية بنسبة تصويتية عالية، مثل صلاح الدين، الأنبار، نينوي وديالا. اعتقل كذلك المالكي العديد من السياسيين السنّيين البارزين؛ بتهمة التخطيط للانقلاب على الحكومة. يقول «جرجس» إن أي مُعارض سياسي جرؤ على انتقاد المالكي أو حكومته «وجد نفسه في مرمى نيران رئيس الوزراء». برقيةٌ من السفير الأمريكي بالعراق في 2007، «ريان كروكر»، أظهرت علم الواليات المتّحدة بسلطوية المالكي، وخطواته السائرة على نهج صدام، وسياساته التي «تركّز السلطة في أيدي دائرته الداخلية من الإسلاميين الشيعة على حساب سلسلة القيادة الرسمية». لكنها مع هذا استمرّت في دعمه في العلن.
تزامنت سياسات المالكي التي أدّت إلى تقسيم المجتمع العراقي مع انتفاضات الربيع العربي. لحقت العراق بالركب في 12 فبراير (شباط) 2011، حيث اندلعت التظاهرات في أماكن عدة، من ضمنها ساحة التحرير بالعاصمة بغداد، وأشعل رجل ثلاثيني، وأب لأربعة أطفال، النار في نفسه احتجاجًا على البطالة.
بعدها، في 25 فبراير، شهدت العراق أكبر الاحتجاجات المعارضة للنظام؛ إذ خرج عشرات الآلاف في العديد من التظاهرات، مندّدين بالفساد الحكومي. أجبر المحتجون محافظ البصرة ومجلس مدينة الفلوجة ">نهضة الدولة الإسلامية في العراق والشام
مع تصاعد الاضطرابات، بدأ تنظيم الدولة الإسلامية في العراق يستعيد أنفاسه شيئًا فشيئًا، تحت قيادة «أبي بكر البغدادي». في يوليو (تموز) 2012، أطلق التنظيم حملة «هدم الأسوار»، التي استهدفت تحرير المساجين، واستعادة السيطرة على المناطق التي خسرتها في الأعوام الماضية. مسّت الحملة وترًا حساسًا عند المجتمع السنّي، الغاضب من الانتهاكات ضد العراقيين، خاصة النساء. هاجم التنظيم، بحلول عام 2013، عدّة سجون عراقية، أهمّها سجن «أبو غريب» في يوليو (تموز)، كما أعلنت مسئوليتها عن العديد من الهجمات المدمّرة والعمليات في المناطق ذات الأغلبية الشيعية، لتتصاعد معدّلات العنف في أرجاء البلاد إلى مستوىً قريب من ذروتها في عام 2008. يقول «جرجس» إن دعم التنظيم للحراك السني حركة ذكية، عززت الاندماج الداعشي مع المجتمع السنّي الساخط على سياسات التهميش الحكومية وخائب الأمل في الأحزاب السياسية، وسمحت له باختراقه.
لعبت سيطرة التنظيم كذلك على مدن قريبة من الحدود السورية دورًا كبيرًا في تمكين المقاتلين، في أنبار ونينوى، من تهريب الرجال والعتاد بين البلدين، وهو ما قوّى شوكة التنظيم إذ تغذى على الاضطرابات الحادثة في سوريا واستغلّ انتصاراته العسكرية هناك. «في 8 إبريل (نيسان) 2013، أعلن أبو بكر البغدادي في مقطع صوتي الدمج بين تنظيمي «الدولة الإسلامية في العراق» و«جبهة النصرة في سوريا»، وقيام الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش»، وهو ما رفضته جبهة النصرة، وأيدها تنظيم القاعدة المركزي في رفضها، ليصر البغدادي على الدمج وتنشأ العداوة بين المنظمتين».
يُلاحظ «كامل مهدي»، عالم الاقتصاد السياسي، أنّ القاعدة المجتمعية لتنظيم القاعدة في العراق، والتنظيمات التي خرجت من رحمه، تركزت في المناطق الريفية، التي تُعاني من الأوضاع السياسية والاقتصادية المتدهورة، خاصة في الأنبار، وديالا، وصلاح الدين، ونينوى.
بحلول عام 2013، أصبحت لداعش قاعدة شعبية في الموصل، وكذلك لجيش رجال الطارق النقشبندي، التنظيم البعثي الذي يقوده «عزت إبراهيم الدوري»، أحد رجال صدام حسين المقرّبين، والذي أعلن دعمه للاحتجاجات مع تزايد الاضطرابات في 2013. أيضًا تواجد المجلس العسكري العام لثوار العراق بقوة في الموصل، وهو مجلسٌ أنشأه قادة العشائر المهمّشة من قِبل الحكومة، وأغلبية أعضائه – وفقًا لقياداته – من السنيين العرب أعضاء الصحوة السابقين، والبعثيين السابقين.
على الرغم من الاختلافات الأيديولوجية الشاسعة بين التنظيمات الثلاثة، فإنها اتحدت لهزيمة القوات الأمنية، وهو ما حدث في الموصل. صحيحٌ أنّ معنويات القوات كانت محطمة، وأن تدريبها كان غير كافٍ، وأن الفساد نخر في بنيان الجيش العراقي، لكن عوامل أخرى سهّلت سقوط الموصل، من ضمنها قائد عمليات الجيش العراقي في نينوي، الفريق «مهدي الغراوي»، والعضو السابق بالحرس الجمهوري في عهد صدام حسين.
عُرف «الغراوي» بوحشيته، مرتكبًا جرائم القتل والتعذيب، ويزعم البعض أنّه «باع» سجناء سُنَّة إلى الميليشيات الشيعية، حتى أن الولايات المتّحدة ضغطت على حكومة المالكي بهدف إقالته من منصبه واعتقاله لاستخدامه كتائبه كميليشيا شيعية قتلت المئات من السنيين. تقريرٌ لمنظمة «هيومان رايتس ووتش» في 2013 اتّهم الغراوي بقتل 5 رجال، من ضمنهم صبي في الخامسة عشرة من العمر، في هجوم بالموصل. أصرّ السكان المحليون أن القتلى أبرياء، ورأوا أنّ القوات الأمنية خرجت عن السيطرة، مما أدّى إلى ارتمائهم في أحضان الجماعات المسلّحة، ومن ضمنها داعش. تعاونت داعش مع جيش رجال الطارق النقشبندي والمجلس العسكري العام؛ حركةٍ ذكية، يقول «جرجس»، استغلت من خلالها المركز القوي للجماعات البعثية المسلحة في المدينة.
سقطت الموصل، ورفع البعثيون صور «صدام حسين»، و«الدوري» في الشوارع، لكن داعش سرعان ما بادرت باعتقال وقتل حلفائها من البعثيين، وطهّرت الموصل، ليس منهم فقط، وإنما قضت على تعدديتها الثقافية والعرقية؛ لتصبح عاصمة الخلافة الجديدة، ويتوجه إليها البغدادي ملقيًا خطبته الأولى، وداعيًا جميع المسلمين إلى الالتزام بواجبهم الديني، والهجرة إليها، ومبايعة الدولة الإسلامية.
دعوة للتبرع
أبغض الحلال: يقولو ن عن الطلا ق إنه أبغض الحلا ل ،...
مشكلة فى الموقع.!!: سلام من الله عليك يادكت ور أحمد صبحي اتمنى...
قرآنية تكره زوجها: أنا قرآني ة ، تدبرت في الآية الكري مة (...
ثلاثة أسئلة: السؤا ل الأول : قرأ فى موقع سلفى الآتى : (...
ثلاثة أسئلة: السؤ ال الأول شىء عجيب حين تقارن بين...
more