مستقبل العرب بين الصوملة والأفغنة
1 ـ لفظ القرن الماضى انفاسه بعد أن شهد العالم انتهاء مراحل وولادة مراحل أخرى تمثل ركائز فى التاريخ العالمى الحديث والمعاصر ، منها انتهاء حركات الاستعمار الأوربى ونجاح حركات التحرير الشعبية والعسكرية فى احراز الاستقلال ، وتوليها السلطة باسم الوطن حينا والقومية أحيانا ، ثم فشل معظمها فى النهوض بشعوبها بسبب الاستبداد والفساد .
باختفاء الاستعمار الأوربى وبروز الولايات المتحدة الأمريكية وحربها ضد الديكتاتوريات فى الحربين العالميتين وفى الحرب الباردة سادت فى الغرب ثقافة حقوق الانسان وضرورة نشر الديمقراطية فى العالم ، خصوصا بعد دخول العالم فى ثورة المعلومات والاتصالات وسقوط الاتحاد السوفيتى وما يمثله من استبداد ومصادرة لحقوق الفرد .
سقوط الاتحاد السوفيتى اسقط توابعه فى دول أوربا لتدخل فى بيت الطاعة الأمريكى وتمتثل للشرعية الدولية وحقوق الانسان . تمردت صرب يوغوسلافيا القديمة فقامت أمريكا بتأديبهم وانقاذ المسلمين الأقلية من شرهم. كان هذا درسا لم تستوعبه الديكتاتوريات المحلية فى العالم العربى فأصبحت الدول العربية الآن بين اختيارين لا ثالث لهما اما الصوملة واما الأفغنة.
2 ـ العالم العربى تتضخم فيه ثروات الحكام المستبدين ويعيش معظم أبنائه تحت القهر والتعذيب و خط الفقر برغم ثرواته البترولية والطبيعية والبشرية. ساءت أحواله الى درجة أصبح التدخل لاصلاحه من الداخل أو من الخارج مطلبا عالميا . تدخل الغرب سلميا فى العالم العربى بمنظماته الخيرية لنشر ثقافة الديمقراطية وحقوق الانسان وحقوق المواطنة والمرأة والأقليات. الديكتاتوريات المتحكمة والفاشلة ترفض الاصلاح من الداخل أو فرضه من الخارج.
فى مواجهة التدخل الأمريكى تحصنت الديكتاتوريات العربية بدعاوى الوطنية واستدعت ميراث الكراهية القديم للاستعمار الأوربى وتدخلاته ، وتحالفت فى هذه النقطة بالذات مع المعارضة الأصولية الوهابية التى تعتبر أمريكا العدو الأول للاسلام وتعتبر مقاومته جهادا ، واستطاعت أن تصل بجهادها ضد أمريكا الى ضرب العمق الأمريكى نفسه فى الحادى عشر من سبتمبر سنة 2001 .
هذا الحادث أدخل أمريكا وحلفاءها فى حرب عالمية ضد الارهاب الوهابى السنى تمثل فى
تدخل عسكرى سافر فى أفغانستان بموافقة قانونية من المجتمع الدولى ومجلس الأمن. نجحت أمريكا ـ ومعها مجلس الأمن والمجتمع الدولى ـ فى تدخلها العسكرى فى أفغانستان ففرضت نظام حكم ديمقراطى بديلا عن نظام حكم الطالبان الكريه الدموى الوهابى المتخلف ، وأخذت أفغانستان تمضى فى طريقها الديمقراطى تعيد بناء نفسها لتدخل مرحلة الاستقرار والازدهار . هذا هو معنى الأفغنة فى هذا المقال .
التدخل الأمريكى المنفرد فشل قبل ذلك فى الصومال فاضطر للمغادرة تاركا الصوماليين يقتل بعضهم بعضا بعد زوال الدولة الصومالية وتفككها الى زعامات وأحزاب وعصابات مع مجاعات واقتتال مستمر لم يعد يأبه العالم. هذا هو معنى الصوملة هنا.
3 ـ لدينا الآن نموذجان هما " ألأفغنة " نسبة لأفغانستان و" الصوملة " نسبة للصومال.
نجح الأول بسبب نجاح التدخل الأمريكى وفشل الآخر بفشل التدخل الأمريكى.
الخاسر هم أبناء الصومال والدولة الصومالية التى أصبحت أثرا بعد عين ، وستظل تعيش فى متاهة الاقتتال الى أجل غير مسمى حتى يقتنع الصوماليون بضرورة فهم حقائق العصر الجديد للقرن الحادى والعشرين وتغيير ثقافتهم التى هى نفس الثقافة المتخلفة للاستبداد السائد فى العالم العربى . الى ان يتم هذا التغيير البطىء من داخل البنية الصومالية فسيظل الصوماليون يقتل بعضهم بعضا فى سبيل زعماء جدد من أمراء الحرب الذين لا يختلفون كثيرا يرا عن قطاع الطرق ورؤساء العصابات.
بين الصوملة والأفغنة يتأرجح الآن مستقبل العرب فى مطلع القرن الحادى والعشرين .
4 ـ الصوملة هى النتيجة الحتمية التى تنتظر الدول العربية طالما ترفض أنظمتها الاصلاح وطالما لم يتدخل لانقاذها المجتمع الدولى ممثلا فى أمريكا ومجلس الأمن . فاذا تدخلت ونجحت فقد نجا البلد العربى من كارثة الصوملة ولحق بعصر الأفغنة.
لاحظ هنا أننا نفرق بين الدولة ونظام الحكم القائم فيها.
أعراض الصوملة تبدأ داخل الدولة وتتطور بسبب أخطاء نظام الحكم الى أن تتسبب فى انهياره ثم فى انهيار الدولة ورفع لافتة الصوملة فوق خرائبها. فكارثة الصوملة ـ أى انهيار الدولة ـ لا تأتى فجأة ، وانما تسبقها أعراضها المريضة سياسيا وقانونيا داخل الدولة ثم تتشعب وتنتشر كالسرطان لتقضى على نظام الحكم ثم الدولة فى النهاية.
أعراض الصوملة تطورت داخل الدول العربية واستفاد منها التيار السلفى الوهابى الذى سيرث النظم المستبدة عاجلا أو آجلا لتتحول المنطقة كلها الى صومال كبير اذا لم يتم تدارك الأمر باصلاح يتم فرضه فرضا رغم أنف المستبدين المفسدين.
5 ـ أعراض الصوملة القانونية تبدأ باحتقار القانون وتتطور الى البلطجة وشريعة الغاب .
الأصل فى الدولة أنها بنيان قانونى ، هيكله العظمى هو الدستور ولحمته وسداه هى القوانين المنظمة لعلاقات الأفراد ببعضهم وعلاقة الفرد بالدولة وعلاقة الدولة بغيرها من الدول . وحتى فى النظم الديكتاتورية فلا يمكن الاستغناء عن الكيان القانونى للدولة ، فمهما بلغ تخلف نظام الحكم فى دولة ما فلا بد أن يقوم على اعتراف قانونى من المجتمع الدولى ، ولا بد له من عقد اتفاقات دولية واقليمية مع الدول الأخرى والهيئات الدولية والأمم المتحدة.
العادة فى النظم الديمقراطية احترام القانون بدءا من اصداره على يد هيئة تشريعية محترمة بمعنى وصول أعضائها بالانتخاب الحر النزيه الى البرلمان ، وأصدارها القوانين باقتراع حر لتخدم المجتمع والفرد العادى . بعدها يتم تنفيذ القانون على الجميع من الرئيس الى الشخص العادى ، ومن ينتهك القانون يتعرض للعقاب مهما كان مركزه.
العادة فى النظم الديكتاتورية أنها تحتقرالقانون ولا تستخدمه الا لمصلحتها . بالتزوير يصل المفسدون لعضوية البرلمان ليصدروا قوانين تخدم الديكتاتور والمفسدين من حوله على حساب الشعب ، فاذا صدر القانون جرى التحايل عليه من جانب النظام أولا ثم من جانب الأفراد أذا ما استطاعوا الى ذلك سبيلا.
العادة الأسوأ للديكتاتور هى الغاء القانون العادى والحكم بقوانين الطوارىء ليحمى نفسه وأتباعه. وفى ظل الطوارىء تتطور الصوملة من مجرد احتقار القانون العادى الى الحكم بقانون الغاب حين يصبح الأقوى هو الغالب.
هذا التطور فى الصوملة يؤكد غياب الدولة القانونية خصوصا عندما يتصرف نظام الحكم المهيمن على الدولة بطريقة العصابات فتلجأ أجهزته الأمنية الى سياسة الابتزار والتهديد وخطف الرهائن لاجبار المطلوبين على تسليم أنفسهم ، والعقاب الجماعى والاغتيالات للآفراد الذين من واجب الدولة حماينهم وخدمتهم.
يصل نظام الحكم الى حضيض الصوملة وهو يشرف على نهايته حين تعجز أجهزته الأمنية عن مواجهة المعارضة فيلجأ الى تكوين عصابات حقيقية من البلطجية لارهاب المعارضة . تبدأ الاستعانة بالبلطجية سرا وعلى استحياء ثم تتطور وتصبح ميليشيات علنية تعطى المعارضة حق الدفاع عن النفس فيدخل المجتمع فى حرب أهلية يسقط فيها نظام الحكم لتتولى مكانه عصابات ترفع لواء الصوملة فوق خرائب الدولة.
6 ـ أعراض الصوملة السياسية ترجع لسياسة الديكتانور أثناء حكمه الطويل حين يتولى قهر شعبه وتعذيبه فيضطر الأحرار الى الهجرة أو الاختفاء ، وبالتدريج لا يبقى على السطح الا أهل الثقة الذين لا يجيدون الا الانحناء للمستبد والتفانى فى ارضاء رغباته أو ما يتصورون أنها رغباته بينما تتحول الأغلبية العظمى الصامتة من الشعب الى نوع من السكوت المرضى ـ نسبة للمرض ـ والسلبية التامة وامكانية الانفجار والرغبة فى الانتحار ، كل ذلك بسبب التردد بين مخافة التعذيب والخوف من قهر الدولة البوليسية وأملا فى السلامة ، فاذا ضاع الأمل فى السلامة وضاع الأمل فى لقمة العيش حدث انفجار من الداخل لا يعلم الا الله تعالى مداه ، ولكن تدفع فاتورته الدولة ونظام الحكم فيها وملايين البؤساء من ملح الأرض الذين لا ذنب لهم الا أنهم رضوا من البداية بالخنوع والسلبية.
فى دولة المستبد تتضخم ذوات وثروات أعوانه من أهل الثقة وتتجمع حولهم مِؤسسات الفساد التى يتشعب نفوذها ليصل الى افساد النسق القيمى للمجتمع ، فيعلو من بيده المال دون اهتمام بمصدر ماله ، ويصبح من حق صاحب النفوذ أن يستغل نفوذه فى سرقة الثروة، وتصبح الواسطة وليست الكفاءة هى المعيار ، وتتحول المناصب والمعارف الى سلع لكل منها ثمن فى سوق الرشوة والنخاسة البشرية . وينعكس ذلك كله فسادا وافسادا فى أجهزة الدولة التنفيذية والقضائية والتشريعية .
فى خضم السطوة الأمنية للنظام المستبد تنزوى أحزاب المعارضة التى خلقها المستبد ديكورا ليخفى عورة الاستبداد والفساد. باختفاء أحزاب المعارضة وبالتضييق على منظمات المجتمع المدنى والمفكرين الأحرار تخلو الساحة للتيار الذى يتلاعب بالدين ليصل به الى الحكم.
فى نفس الوقت يكون العقل الجمعى للشعب مشوها بسبب عشرات السنين من تغييب العقل النقدى والفساد الثقافى والعهر الاعلامى والاحتراف الدينى والتدين السطحى. الأمر الذى يزيد صعوبة التحول الديمقراطى المحتاج بطبيعته الى بيئة حرة متفتحة وتربية ديمقراطية تعترف بالآخر وتعرف آداب الاختلاف ، بل يصبح من العادات السيئة التكفير والتخوين والسب والتشويه للمختلف فى الرأى فتنهال الافتراءات والأكاذيب على المصلحين ، مع تفسير كل المصائب فى ظلال نظرية التآمر الخارجى . وعلى شماعة التآمر الخارجى تصدر البراءة لكل عيوبنا ونصبح ملائكة لا تخطىء لأن المخطىء الوحيد أصبح هو العدو الخارجى المتربص بنا ، وعليه فلا داعى للاصلاح ، فلا يحتاج الأولياء الصالحون المقدسون خير أمة أخرجت للناس الى أى اصلاح.
البلطجة السياسية تولد بلطجة ثقافية تتمثل فى وجود بعض المغمورين الراغبين فى الظهور بدون علم أو معرفة بل مجرد الجرأة الهائلة على كتابة الأكاذيب والافتراءات ، يكتبون أكثر مما يقرأون ، ولا يفهمون ما يقرأون، ، ويتفرغون بالبلطجة المكتوبة لاطلاق الأكاذيب والافتراءات على المفكرين دون مناقشة ما يكتبه المفكرون . هدفهم هو الاغتيال المعنوى تمهيدا للقتل المادى. وجود هذا النوع من البلطجية ووجود من يهلل لهم يأتى رد فعل سيئا لمناخ أكثر سوءا. الارهاب بالكتابة والقتل المعنوى وتوزيع التهم بالخيانة والعمالة والكفر ـ كلها نباتات شيطانية تأتى من حضيض الصوملة ، وتمهد لها مع الفساد والاستبداد .
فى ظل هذا الفساد يضعف الانتماء للدولة اذ يتضح أن الدولة قد جرى نهبها وتجريفها لصالح المستبد الفرد وعصابته . وبغياب الانتماء الوطنى تزدهر انتماءات فرعية حزبية أو طائفية يكون أقواها الانتماء للتيار الدينى القائم على السمع والطاعة بدون تفكير أو نقاش فى مقابل النصر أو الشهادة والجنة والحور العين .
بتحكم النظام المستبد بمقدرات الدولة وتحول أربابه للتجارة والسمسرة تتركز فيهم الثروة والسلطة وتتعاظم الفجوة بين الفقراء والأثرياء ؛ يزداد الفقراء عددا بانضمام الشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى الى جماهير الفقراء ، بينما يزداد الفقر بالكيف والنوع فيعيش الفقير العادى على حافة الجوع . فى نفس الوقت التى تتضخم ثروات الأثرياء ويتحول الثراء الى ترف وتبذير وأرصدة بالبلايين ويعانى فيه الفقراء الجوع تجد الطبقة الوسطى ـ صمام الأمان فى المجتمع وعقله وموضع ثقافته ـ قد أصابها الهزال ، وقد جرى تجنيد بعضها لخدمة المستبد فى مقابل الفتات وانزوى البعض الآخر ينتظر الفرج أو الموت فى صمت .
فى ظل الفقر والحرمان والاحباط وضياع الأمل فى حياة كريمة لا يجد الشباب أمامه الا التيار الدينى يتعلق به أملا فى حياة أفضل فى الدنيا فان لم يكن ففى الآخرة ، ويجرى عقد بين الشاب والتنظيم يبايع فيه الشاب أو يبيع نفسه مقابل النصر أو الجنة . العمليات الانتحارية هى دليل النجاح على غسيل المخ الذى يقوم به المتطرفون للشباب.
وفى المجتمعات المريضة تفوز دائما وتتلاقى الاتجاهات المتطرفة فتجد السلبية المطلقة تسير بالتوازى مع العمليات الانتحارية. والمستفيد من هذا المرض هو التيار الدينى السلفى السياسى.
7 ـ بسبب كل هذه العوامل يقف التيار المتطرف وحده فى مواجهة الاستبداد العسكرى ، ينشأ ويقوى على أخطائه الى أن يكون المعارض الوحيد للنظام ويتعين الاختيار بين السىء والأسوأ. الصراع الأخير والحتمى بينهما يؤدى الى انهيار الدولة أى الصوملة اذا لم تسارع أمريكا بالتدخل وتفلح فى فرض الأفغنة.
بعد ابعاد أوتغييب النخب الحرة القادرة على الاصلاح قد يموت الديكتاتور فتخلو الساحة الا من المتطرفين المعارضين فى جانب وأهل الفساد فى الجانب الآخر. وفى كل الأحوال فان النظم الديكتاتورية ستسقط فى النهاية تاركة السلطة فى يد الغوغاء والبلطجية وزعماء من الحنابلة الوهابيين وسائر تنظيماتهم السرية والعلنية يتناحرون فيما بينهم كما حدث فى افغانستان الى أن تتدخل أمريكا ومجلس الأمن لتنقذ البلاد من حضيض الصوملة ولتصل بها الى مرفأ الأفغنة.
8 ـ الطغاة العرب الآن صنفان : صنف يحصر شروره فى وطنه لا يتعداه مثل نظم الحكم فى مصر وفى اليمن و فى تونس و فى الجزائر و فى الجزيرة العربية ، وصنف أكثر طغيانا يتعدى شره الى العدوان على الدول الأخرى مثل صدام العراق وأسد سوريا وقذافى ليبيا.
9 ـ صدام حسين اعتدى على ايران ثم الكويت مع اعتداءاته الهمجية على كل طوائف الشعب العراقى من سنة وشيعة وأكراد وعرب وسوريان وتركمان، وتضييع الثروة العراقيةوالعربية البترولية فى حروب لا داعى لها { أكثرمن الف بليون دولار} وقتل أكثر من أربعة ملايين فى الحروب والابادة الجماعية لقرى عراقية وايرانية داخل العراق وخارجه. سكتت أمريكا والمجتمع الدولى على تطرف صدام فى القتل والظلم الى أن وصل الى احتلال الكويت فتدخلت أمريكا والعالم لاخراجه دون التدخل فى الشأن العراقى الداخلى .
هجوم الحادى عشر من سبتمبر جعل اليمين الأمريكى الحاكم العاجز عن اقتناص ابن لادن فى جبال تورا بورا يحاول تحقيق نصر سهل على صدام فى سهول العراق . وبحجة وجود اسلحة الدمار الشامل فى العراق واقامة ديمقراطية فيه أعطي المجتمع الدولى الفرصة لأمريكا للتدخل العسكرى فى العراق لاقامة الديمقراطية فيه .
جاء التدخل الأمريكى العسكرى فى العراق فى غير موعده وفى توقيت خاطىء ، كما أنه لا يمكن أن تنشىء ديمقراطية قبل انشاء وترسيخ ثقافة الديمقراطية بين أبناء الشعب.
قبيل الغزو الأمريكى للعراق وفى مؤسسة NED الأمريكية والتى كنت أعمل فيها أستاذا زائرا ـ وفى ندوة من الخبراء كانت تناقش الغزو الأمريكىالمحتمل للعراق قلت لهم ان غزو العراق سيكون أكبر خطر عسكرى تقع فيه أمريكا بعد فيتنام. ملخص ما قلت ان أمريكا ستغوص فى المستنقع العراقى المتعدد الأجناس والطوائف والمذاهب ولن تستطيع ارضاء الجميع ولن تستطيع تحديد عدوها من صديقها فى مجتمع معروف تاريخيا بتغيير ولاءاته سريعا بين يوم وليله، كما لن تستطيع ضبط حدود العراق البرية المفتوحة وبعضها تشرف عليه دول معادية لأمريكا ، ولن تستطيع بسهولة فرض ديمقراطية بقوة العسكر فى مجتمع لا يعرف سوى العداء لأمريكا وللديمقراطية وثقافتها ، وقلت انها فى الأصل حرب فكرية ايدلوجية ضد ثقافة الاستعباد والاستبداد والتطرف ، ولا يمكن أن تستعمل العسكر فى هذه الحرب ، ولكن بالاصلاح من الداخل بنفس الثقافة التى يعتنقها الشعب ويمكن اقناعه من خلالها بالديمقراطية والتسامح والليبرالية . وقلت ان صدام فقد أنيابه خلال السنوات الماضية وسيسقط بدون حرب ان عاجلا أو آجلا فى غضون عدة أعوام، وفى هذه الأعوام يمكن سلميا نشر ثقافة الاصلاح لاعداد العراقيين لتقبل الديمقراطية ، وقلت انه يمكن استغلال الحشود العسكرية ضد صدام لاجباره على بدء التحول الديمقراطى باتاحة حرية الرأى وتكوين الأحزاب أو لاجباره على الرحيل وتكوين حكومة عراقية وطنية مؤقتة تؤسس للاصلاح السلمى بمؤازرة الكفاءات العراقية فى المنفى .
وكما توقعت نجحت أمريكا فى ازاحة صدام بسهولة لتفاجأ بأن المعركة الحقيقية هى حرب شوارع لم تتعود عليها مع عدو مجهول من داخل الشعب العراقى نفسه، حرب تغذيها ايران وسوريا ووهابيو العرب الآتون من كل حدب وصوب للانتقام من أمريكا ولو بقتل الأبرياء فى الشوارع والمساجد وحفلات الزفاف وسرادقات العزاء ،وفى سبيل مواجهتهم لا بد أن يموت العشرات والمئات من الأبرياء مما يوقع أمريكا فى حرج ويزيد من أعدائها فى داخل العراق وخارجه.
بعد ازاحة صدام الذى قام بتجريف العراق من كفاءاته البشرية والعقلية تتصارع الصوملة والأفغنة الآن على الساحة العراقية. السنيون الوهابيون الارهابيون أعداء الاسلام والحضارة يقتلون يوميا اخوتهم العراقيين الأبرياء فى الشوارع والمساجد بهجمات انتحارية طبقا للفتاوى السامة التى تجيز تكفير الآخرين ثم تستحل دماءهم، وليس صعبا قتل العشرات من الأبرياء فى الشوارع على يد انتحارى مأفون. وتراث الوهابية فى اقامة مذابح للعراقيين المدنيين وتدمير مقدسات الشيعة منهم لا يمكن نسيانه خصوصا أثناء الدولة السعودية الأولى والدولة السعودية الثالثة المعاصرة.
تدخلت أمريكا عسكريا فى العراق بديلا عن الحرب الثقافية العقلية السلمية وقبل التمهيد الثقافى للديمقراطية والاصلاح فاصبحت فى مأزق توقعته وأعلنته فى تلك المؤسسة الأمريكية سنة 2002. أمريكا الآن بين خيارين أحلاهما مر علقم : اذا تركت العراق الآن أصبحت منهزمة هزيمة لا تليق بدولة عظمى ، وسيتحول العراق الى صومال أخرى، ستسقط الدولة العراقية وتتحول الى ساحة فوضى يتصارع فيها زعماء الطوائف المتناحرون من سنة وشيعة وأكراد وعرب حيث تجرى حرب الشوارع بالانتحاريين تفتك بالأخضر واليابس والساكن والمتحرك. وبالتأكيد لن ترضى أمريكا بذلك. لذا هى مجبرة على الخيار المر الآخر وهو احتمال الخسائر البشرية فى أبنائها فى تلك الحرب الطويلة الى أن يتم بناء العراق الحديث ليكون نموذجا للدولة العربية الحديثة الليبرالية الديمقراطية، أو نموذجا للأفغنة. لهذا تحرص أمريكا على أن يقوم العراقيون ـ فى حماية جيشها ـ بوضع دستور ديمقراطى وانشاء مجلس نيابى حقيقى وتداول حقيقى للسلطة غير مألوف فى العالم العربى ، ولأن مهمة الجيش الأمريكى محددة ولأنه ليس جيش احتلال بل اصلاح فان أمريكا تحرص على انشاء جيش عراقى حديث وبوليس وطنى يحفظ الأمن للمواطن العراقى، وبعد اتمام بناء الجيش والبوليس سينسحب الجيش الأمريكى فقد حقق مهمته المعلنة المحددة.
انسحاب الأمريكان لا يريده الارهابيون . هم يريدون احتلالا يعطيهم الفرصة فى القتل العشوائى. يواصلون قتل الشيعة والمتدربين فى الشرطة والجيش والأبرياء المدنيين فى عمليات انتحارية مستمرة . لا يريد المتطرفون اقامة جيش عراقى وطنى أو بوليس عراقى يحفظ الأمن أو نظام عراقى ديمقراطى حقيقى يؤكد المساواة بين كل العراقيين ، لذا يحرص السنيون الارهابيون على رفض الدستور ووضع المتاريس فى طريق الاصلاح الديمقراطى .. تحرص أمريكا على أفغنة العراق بينما يسعى المتطرفون على صوملة العراق ليتحكم فيه قطاع طرق من مجرمى الحرب من طراز الزرقاوى . فى النهاية سينتصر العراق الحر وستنتصر الأفغنة فى العراق ، ولنتذكر ان السفير الأمريكى فى العراق زلماى خليل زادة استاذ جامعى مسلم أفغانى الأصل متجنس بالجنسية الأمريكية منذ سنوات ولكن وصل به نبوغه الى أعلى المناصب فى بلاد العم سام التى تفتح أبوابها لكل الكفاءات بغض النظر عن العرق والدين والطائفة. وهذه هى ثقافة الديمقراطية والعدل والمساواة التى تريد أمريكا أن يتعلمها العرب .
السفيرالأمريكى زلماى خليل زاده يمثل الأفغنة خير تمثيل، فقد عمل بجنسيته الأمريكية ومكانته الأمريكية على انقاذ وطنه الأصلى أفغانستان ووقف بجانب زعماء الأفغان بالعون الأمريكى الى أن تجاوزت أفغانستان مصير الصوملة وأصبحت نموذجا للتحرر أو الأفغنة. وأعطى درسا لم يعمل به الاكاديميون العرب والمسلمين ومعظمهم باع نفسه لريالات النفط وتخلفه.
10) بشار سوريا ينتظر فى الصف ليدخل المعمعة حين يأتى عليه الدور ويتفرغ له النسر الأمريكى وصقور المجتمع الدولى اذ يسير الأسد فى نفس الطريق الذى سار فيه صدام من قبل.
لم يكتف الأسد الأب والأسد الابن بقهر سوريا بل أضاف لبنان الى قائمة ضحاياه ، نهبوا ثروة لبنان واغتالوا من جرؤ على الهمس بمعارضتهم. مرت الاغتيالات روتينية ، فى كل منها تشير أصابع الاتهام مرتعشة نحو سوريا من بشير الجميل الى رينيه معوض وكرامى وآخرين. ثم جاء اغتيال الحريرى فى وقت اختلف فيه المسرح العالمى والاقليمى ولم يعد هناك متسع للصبر على الطغاة الذين لا يكتفون بذبح شعوبهم ، هنا حل الدور على أسد سوريا الصغير ليدفع ثمن جرائمه وجرائم أبيه من قبل ولينتظره مصير صدام ان لم يصلح نفسه ونظامه .
تحليل الصراع القائم بين سوريا وخصومها ـ الذين يمثلهم مجلس الأمن وأمريكا وفرنسا بالذات ـ يتضح منه حتى الآن { الأسبوع الأول من ديسمبر 2005} أن أسد سوريا قد لعب بأوراقه جيدا منتهزا فرصة انشغال أمريكا عنه بالعراق .
سارع الأسد الصغير بالانسحاب من لبنان ، وعندما تطور التحقيق فى قضية اغتيال الحريرى لتصل الى بشار نفسه ، ورأى كوابيس نهاية صدام تؤرق حياته بادر بخطوات محسوبة تعرقل مهمة التحقيق وتوقفه عند حد معين لا يتعداه بحيث لا تصل الاتهامات الى الرئيس نفسه ، لذا بادربوضح شاهد زور يفسد القضية يقوم باقناع واغراء القاضى ميليس ثم يتراجع فى الوقت المناسب، وأفلح هذا " الخازوق " فى تراجع القاضى الاسكندنافى البرىء ـ الذى لا علم له بثقافة العالم السفلى للشرق الأوسط ـ فأعلن عزمه عن التنحى عن نظر القضية. ومن ناحية أخرى قام الأسد باستنحار غازى كنعان الذى يمسك بيديه كل الأسرار والخيوط التى تربط لبنان بقصر الرئاسة السورية.
فى نفس الوقت تعامل الأسد مغ الغرب بمنطق العصا والجزرة ، تمثلت الجزرة فى الوعد ببعض الاصلاحات وانفراجة محسوبة فى مجال الليبرالية ، أهمها اعطاء المواطنة السورية والجنسية السورية لمليونين من الأكراد السوريين كان النظام السورى يرفض الاعتراف بهم . المؤلم أن الشيعة العلويين ـ الذين يحكمون سوريا بزعامة الأسد ـ هم أقلية لا تتعدى المليونين ، أى نفس تعداد الأكراد السوريين المحرومين من حق الجنسية السورية وهم الذين يعيشون فى سوريا من قبل الفتح العربى . وتلك خطيئة عظمى لا تغتفر للنظام العلوى السورى ، لا يمحيها اعطاء الأكراد مؤخرا بعض حقوقهم بسبب الضغط الدولى وانتفاضة أحرار الأكراد السوريين فى القامشلى وقتل الزعيم الروحى الكردى الشيخ معشوق. هذه هى الجزرة التى قدمها بشار للمجتمع الدولى .
وفى مقابلها قام بشار بالتلويح بعصاه لأمريكا منتهزا موقفها المتأزم فى العراق، وهنا يلعب لعبة مزدوجة معقدة: فالارهابيون السنيون يتسللون الى العراق من داخل الحدود السورية لتضيف ورقة الى الرصيد السورى فى التفاوض ، فالأسد الصغير العلوى النصيرى الشيعى أصبح الآن حليفا مؤقتا للارهابيين السنة بالاضافة الى تحالفه الطبيعى مع رفاقه الشيعة العرب فى لبنان وحزب الله ، ورفاقه الشيعة فى ايران ، وهنا يخيف الهلال السنى فى الشام بالايحاء بانه يمثل واسطة العقد لانشاء تجمع شيعى اقليمى يبدأ بايران وجنوب العراق ويمتد من سوريا الى جنوب لبنان . بهذا يضع بشار نفسه فى اطار يخيف به أعداءه ويحمى نفسه.
هذه العصا التى يلوح بها الأسد فى وجه أمريكا قام هو نفسه بخلق عامل تخفيف لها يقوم بتبييض وجهه نوعا ما لدى الأمريكان ، انه الزعم بأنه مستهدف من الارهابيين السنة. لقد أعلن النظام السورى مؤخرا عن قتل مجموعة من الارهابيين الوهابيين " التكفيريين " أسماهم " جند الشام ". وأتوقع أن تتوالى أخبار من هذا النوع لتعطى الايحاء بأن الأخوان المسلمين فى سوريا وتنظيماتهم السرية قد قوى أمرهم بالانتصار السياسى الذى حصل عليه الاخوان المسلمون فى مصر وبالاعمال العسكرية التى يحرزونها فى العراق ويخيفون بها النظام فى الأردن. وبالتالى فان تدعيم نظام بشار واصلاحه من الداخل هو البديل الأفضل لأمريكا من نظام الاخوان المسلمين القادم فى سوريا خصوصا مع انتصار الاخوان فى مصر. أى أخذ الأسد بسياسة مبارك فى تربية الغول الوهابى ليخيف به الغرب حتى يتركه الغرب يحكم مستبدا للنهاية.
المتوقع ان يقوم النظام السورى باغتيالات محسوبة للمعارضة والشخصيات الوطنية السورية الفاعلة فى مجال الاصلاح والقادرة عليه حتى ينحصر الخيار بين السىء والأسوأ فقط ، السىء هوالنظام العلوى الحاكم مع اصلاحات ديكورية و الأسوأ هو النظام الاخوانى الذى سيعجل بالصوملة.
الكرة الآن فى يد الملعب الأمريكى، والواضح حتى الآن انها سياسة أمريكية طويلة النفس ، وان الملف السورى لم يأت أوانه بعد ، ولذلك يلعب الأسد الصغير فى الوقت المسموح له فيه باللعب ، الى أن تنضج الطبخة وتتفرغ له أمريكا ، وحينئذ لن يبقى له أمامه الا الاختيار بين الرحيل أو الاصلاح الحقيقى . أى لا مجال للصوملة بل الأفغنة ان شاء الله تعالى.
11) ديكتاتور آخر أكثر ذكاء أدرك المتغيرات العالمية فسايرها ، ونجا بنفسه ، انه القذافى الذى تدخل فى شئون الآخرين دون أن يكتفى بقهر الشعب الليبى وتبديد ثروته. القذافى يمتاز عن عامة الحكام العرب بأنه يقرأ ويفكر، لذا بادر بتغيير اتجاهه تماما ودخل بيت الطاعة الأمريكى ، وكالعادة سارع بتبرير موقفه . والواضح انه سيظل مستكينا فى بيت الطاعة الأمريكى يكفر عن خمسة وثلاثين عاما قضاها سابقا فى لعن أمريكا قبل الأكل وبعده .
12 ) على أية حال فان القذافى قد انضم باذعانه الى النوعية الأخرى من الطغاة الذين يقصرون قهرهم على شعوبهم فقط. وأولئك جميعا سيأتى وقت امتحانهم بالترتيب بعد الانتهاء من تسوية أوضاع العراق وسوريا.
الواضح حتى الآن ان أمريكا لن ترضى بصوملة الدول العربية . ستتدخل بقوة القانون الدولى ضد نظم الحكم المستبدة الفاسدة ، فقد أدركت أن ثقافة ابن لادن لا تترعرع الا فى ظل تلك الأنظمة فلا بد من اصلاحها سلما أو حربا وفق الظروف . جاءت أمريكا لهذه المهمة وستظل فى المنطقة حتى لا تتصومل وحتى تقيم نظما ديمقراطية حرة فى كل الدول العربية ، والدور سيأتى سريعا على بقية الديكتاتوريات بعد العراق .
13 ) المعضلة المفزعة للبعض الآن هى استفادة الاخوان المسلمين من الديمقراطية .
يرون انه فى ظل الديمقراطية سيتدعم نفوذ الاخوان وسيصلون للحكم ، وستتأصل ثقافتهم المعادية بطبعها للديمقراطية وحقوق الانسان ، وستحاول هذه الثقافة جر البلاد العربية الى الصوملة بدلا عن الأفغنة.
أقول ان الاخوان المسلمين من أمهر خلق الله تعالى فى التقية والمكر والدهاء. انهم البديل الجاهز الذى سيصل حتما بالانهيار القادم للاستبداد. واذا وصلوا فى ظل الظروف الحالية ـ أى بدون حركة اصلاحية ليبرالية ديمقراطية ـ فسيجرون المنطقة كلها الى الصوملة فى ظل حروب دينية اقليمية ومحلية تؤدى سريعا الى تدمير دول المنطقة .
المخرج الوحيد هو الاصلاح من الآن وبسرعة لقطع الطريق عليهم ، ولذلك هم يعارضون الاصلاح.
لا بد من الوقوف مع الديمقراطية للجميع بدون تفرقة حتى لو كانوا أعداء للديمقراطية كالاخوان المسلمين .
لا بد من الحزم فى تطبيق التحول الديمقراطى والاصلاح بتكريس حرية الرأى والتعبير والمعتقد فى الاعلام والثقافة لمواجهة ثقافة الارهاب الاخوانية الوهابية سلميا وعقليا ولارساء ثقافة الديمقراطية.
لكى تنجح الديمقراطية لا بد من ارساء ثقافتها التى تؤكد على الشفافية فى العمل السياسى وحق الجميع فى حرية الفكر والمعتقد والتعبير والعمل السلمى السياسى . قد يصل الاخوان الى الصدارة مؤقتا باستغلال الديمقراطية ، ولكن ثقافة الديمقراطية وشفافيتها وحرية الفكر والمعتقد ستقضى على الأحلام السياسية للاخوان المسلمين.
بحرية الفكر والتعبير سيتمكن القرآنيون والمفكرون المسلمون الأحرار وسائر الطوائف المسلمة المحظورة والمصادرة من مناقشة المسكوت عنه فى ثقافة الارهاب تمهيدا للاجهاز الفكرى سلميا وعقليا على العقيدة الوهابية وثقافة الاخوان المسلمين وسيثبتون تناقضها مع الاسلام .
الاخوان المسلمون والوهابيون غير مؤهلين للحوار مع المعارضة الفكرية والسياسية لذا يحتاجون دائما للقوة لفرض ارائهم ومصادرة آراء الآخرين ، وهكذا يفعلون فى المملكة السعودية وفى أى بلد يصلون فيه للسلطة. واذا تحقق لهم بعض النفوذ فى بلاد أخرى ـ مثل مصر والجزائر والأردن ـ بادروا الى استخدام هذا النفوذ أولا وقبل كل شىء لارهاب خصومهم فى الفكر والسياسة لينفردوا بالساحة ممثلين لله تعالى ودينه ، تعالى الله تعالى عن ذلك الافتراء علوا كبيرا.
تحقيق الليبرالية وحرية الفكر لا يكون بمنع الفكر الوهابى وحظره ، بل اتاحة الفرصة له ولغيره على قاعدة المساواة وتكافؤ الفرص دون تدخل الدولة لصالح أى فريق. وحيث لا يستطيع الفكر الوهابى احتكار الاسلام وحيث لا يستطيع استخدام القوة والعنف ضد خصومه أو ارهابهم فستكون الفرصة متاحة وسهلة وميسورة لكشفه وهزيمته من داخل الاسلام.
ان الديمقراطية والليبرالية هى التى ستجعل شعار " الاسلام هو الحل " خنجرا فى قلب الدعوة الاخوانية حين تتمكن الفئات الاسلامية المحظورة من التعبير عن نفسها لتثبت عداء الثقافة الاخوانية الوهابية للاسلام.
اما فى ظل الديكتاتورية فسيظل الاخوان فى ازدهار وانتصار ، يمتطون الاسلام يسلطونه ضد خصومهم فى الحكم وفى المعارضة.
هذا النصر الانتخابى الذى أحرزه الاخوان المسلمون يرجع لخطايا الديكتاتورية المصرية فى التعامل معهم ، ولكن مع ارساء اصلاح دستورى وتشريعى وسياسى ودينى واقتصادى وتعليمى واعلامى ستزول كل البثور التى تطفو على الجسم المصرى المريض، والاخوان المسلمون والتيار السلفى الوهابى أبرز تلك البثور .
ان حركة التيار السلفى الوهابى الاخوانى هى مجرد رد فعل للظلم والفساد والاستبداد، فاذا تم ارساء الاصلاح زالت ردود الأفعال السلبية.
14 ) العقبة الحقيقية الوحيدة هى الديكتاتورية.
غباء الديكتاتورية برفضها الاصلاح هو الذى سيؤدى الى الصوملة ان لم تتدخل أمريكا سلميا وسياسيا. ليست هذه دعوة للتدخل العسكرى الأجنبى ، ولكنها دعوة حارة للعالم الحر للتدخل السلمى السياسى بكل درجات الضغط على نظم الاستبداد المتخلف فى كل البلاد العربية. لا نريد لبلادنا أن تتصومل وتختفى فيها الدولة ليحكمها قطاع الطرق ومدعو المهدية. نريد من العالم الحر أن يفرض على أنظمة الحكم المستبدة فى بلادنا اصلاحا سلميا يحفظ دماءهم هم ودماء الآخرين، ويعيش فيه كل المواطنين على اسس المساواة والعدل والحرية والاخاء وحقوق الانسان . من العار ان يعانى حوالى ثلثمائة مليون عربى من أجل حوالى عشرين فردا من الحكام لا يزيد الواحد منهم شيئا فى الانسانية عن أى شخص عادى فى الشارع العربى. آن لهذا الظلم أن ينتهى وأن يتمتع العربى بكرامته فى بلاده ، وأن تنجو بلاده من خطر الصوملة وضياع الدولة.
لا سبيل لنا الا بالتغيير من الداخل أعتمادا على تأيييد ومساعدة سياسية من الخارج ، مع اعتراف بالفضل لأمريكا والغرب كأصحاب فضل فى تحريرنا من الاستبداد المتخلف عسكريا ودينيا .
15 ) لا بد من الاصلاح و الأفغنة والا فالحنابلة قادمون ومعهم الصوملة ..
اللهم بلغت .. اللهم فاشهد .. !!
اجمالي القراءات
18234