مجدى خليل يكتب من غزوة الصناديق إلى غزوة الرئاسة

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٢١ - مايو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً.


من غزوة الصناديق إلى غزوة الرئاسة

مجدى خليل

يحكى أن فلاحا لئيما من المنوفية ذهب إلى جاره الشيخ يستفتيه فى أمر تبول الكلب على الحائط، فكانت إجابة الشيخ هذا الأمر لا يطهره إلا هدم الحائط كله، فما كان من الفلاح سوى القول بس يا مولانا هذا الحائط هو الذى يفصل بيتى عن بيتك وهدمه سيكلفك نصف ثمن بناءه مرة أخرى، فكان رد الشيخ على الفور ما عليك قليل من الماء يطهره. يستخدم الأسلاميون الدين مثل هذا الشيخ تماما، فهو عندهم مثل السوبر ماركت فيه كل شئ فإذا رغبوا فى تقديم اللبن والشيكولاتة وجدوها وإذا رغبوا فى سم الفيران ومبيد الصراصير أيضا وجدوه وكل شئ حسب المصلحة السياسية التى يرونها. فى أستفتاء 19 مارس 2011 حولوه بقدرة قادر إلى أستفتاء على الإسلام وسماه الشيخ حسن اليعقوبى بغزوة الصناديق، وطبعا كل ذلك  تمهيدا للغزوة الكبرى وهى رئاسة الدولة،فإذا كان الأستفتاء على عدة مواد دستورية غزوة فكيف تكون الإنتخابات الرئاسية ، هى بالطبع أم الغزوات أو الغزوة الكبرى نحو السيطرة على الحكم، وفى سبيل ذلك كل شئ شرعا جائز. يصرح الأخوان أنهم لن يتنافسوا على كل المقاعد ولن يتقدموا بمرشح للرئاسة ثم يلحسون كل ذلك ويقدمون مرشح رئيسى ومرشح أستبن ولا يرون فى كل هذه الأكاذيب عيبا ولا نكوصا للوعود ولا خداعا للشركاء السياسيين، والأدهى يتجهون فورا إلى سوبر ماركت التراث ليقدموا تبريرا فقهيا لكل ذلك. فى بحث فقهى مستفيض كتبه القطب الأخوانى د. فوزى شداد ، المحاضر بالجامعات الإسلامية بأمريكا ونشره موقع أخوان أون لاين بعنوان (تبرئة الأخوان المسلمين من تهمة  التراجع فى القول وإخلاف الوعد: رؤية شرعية) ،  قدم السيد فوزى بحثا فقهيا مستفيضا من 6000 كلمة جال خلاله بالقدامى والمحدثين من الفقهاء لكى يقول لنا فى النهاية أن الكذب وخيانة العهد والغدر والتلون وإخلاف الوعد والتراجع عن التعهدات كلها أمور شرعية لا عيب فيها ولا لوم للأخوان المسلمين عليها، وطبعا أنا اثق أنه لو قام شركاء الاخوان السياسيين بما قام به الأخوان من خيانة العهد والغدر والكذب وإخلاف الوعد ونقض العهد لقام السيد فوزى شداد بتقديم بحث فقهى آخر مستفيض يقدم فيه من نفس المصادر أدلة غزيرة توضح أن هذا مخالفا للشرع والدين والأخلاق ،وهكذا  يقدم سوبر ماركت التراث مبررا للشئ ونقيضه.

حاول الأخوان المسلمون أستخدام سيطرتهم على البرلمان لأستبعاد منافسيهم على الرئاسة من خلال ما عرف بقانون العزل السياسى، وهو قانون غير دستورى بكل المقاييس، ولما فشلوا فى إستبعاد ما يرونه من منافسيهم لجاءوا مرة أخرى إلى سوبر ماركت التراث فنشروا فتوى خطيرة على موقع إسلام أون لاين يوم 11 مايو للشيخ الدكتور منير جمعة، عضو الأتحاد العالمى لعلماء المسلمين، بعنوان " لا يجوز شرعا أنتخاب مرشحى الفلول" واصفا التصويت للفريق أحمد شفيق وللسفير عمرو موسى بقوله " فإعطاء الأصوات لأمثال هؤلاء تعاون معهم على الإثم والعدوان، وركون للظالمين، وخذلان للصادقين، وتضييع للأمانة، وخداع في الشهادة، وكتمان للحق، وإظهار للباطل، وذلك هو الفساد في الأرض الذي نهيب بكل مسلم- بل كل مصري شريف- ألا يقع فيه".

تخيلوا كيف وصلت الجرأة  والصفاقة بهذا الرجل لدرجة أنه يصف من يصوت لموسى وشفيق بأنه من المفسدين فى الأرض، وطبعا معروف عقوبة الإفساد فى الأرض فى الإسلام وهى حد الحرابة.فإذا كنا مفسدين فى الأرض لأننا نصوت لخصوم الاخوان سياسيا فكيف سيكون حالنا إذا اختلفنا مع سياسات هؤلاء فى إدارة البلد؟،وإذا كنا مفسدين فى الأرض لأننا نمارس حقنا الدستورى فى أختيار ما نراه مناسبا لحكم مصر، فكيف سيكون حالنا إذا رفضنا خطتهم لإشاعة الدروشة والهوس الدينى والأسلمة والعبادة الشكلية؟، وكيف سيكون حالنا إذا رفضنا خلطهم بين الإرهاب والجهاد المقدس؟، وكيف سيكون حالنا إذا رفضنا أن تدخل مصر فى حرب من آجل حماس فى غزة مثلا؟.

لا يوجد أخطر على الحياة البشرية وعلى السلم والأمن الدوليين وعلى الإنسانية من المتاجرة والدجل والإرهاب بأسم الدين، وهذا للأسف ما تقوم به التيارات الدينية فى مصر وعلى رأسهم جماعة الأخوان المسلمين.

خير الكلام: الفتن التى تتخفى وراء قناع الدين تجارة رائجة جدا فى عصور التراجع الفكرى للمجتمعات                  بن خلدون

اجمالي القراءات 3466
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق