رجال أعمال: الرئيس «ورطنا» في تقديم علاوة كبيرة لعمال القطاع الخاص
كتب هشام علام ٢/٥/٢٠٠٨
العلاوة الاجتماعية التي أقرها الرئيس مبارك في خطابه أمس الأول في عيد العمال، أثارت جدلاً في الشارع المصري، فما بين عامل في القطاع الحكومي، اعتبر نسبة الـ٣٠% نصراً وعوناً علي الارتفاع المضطرد لمتطلبات الحياة، كانت نظرة عمال القطاع الخاص مختلفة تماماً، فهم يرون أن الرئيس في خطابه سعي لامتصاص حالة الغضب العام عن طريق «ترضية» العاملين في الحكومة وقطاع الأعمال، متجاهلاً تماماً عمال القطاع الخاص، الذين سقطوا سهواً أو عمداً من «قعر قفة» مسؤولية الحكومة.
«للمرة الأولي نري رئيس الجمهورية يناشد المستثمرين ورجال القطاع الخاص منح علاوة للعمال، ولكن المؤسف أنهم لم يقدموا في السابق نسبة الـ١٠% أو الـ١٥% فكيف نتوقع منهم الـ٣٠%، إنها مبادرة اتخذها الرئيس مبارك لصالح عمال القطاع العام و«ورطنا» نحن في تقديم المثل لعمال القطاع الخاص»، هكذا علق مجدي شرارة، نائب أول رئيس اتحاد عمال العاشر من رمضان علي خبر العلاوة الاجتماعية، مبدياً بعض التفاؤل، ناحية المطالبة برفع أجور العمال، خاصة في ظل الارتفاع الرهيب في أسعار المعيشة، التي تضاعفت بشكل مضطرد في الشهور القليلة الماضية.
وقال شرارة إننا سنحاول استغلال هذه الخطوة لدعم موقفنا وإعطاء مكتب العمل قوة تنفيذية للتفتيش علي الشركات والمصانع وعمل محاضر ومقاضاة من يأكلون أموال العمال، أما الشركات التي تعاني من أزمات مالية، فإننا لن نطالبها بتطبيق الزيادة، مشيراً إلي اجتماعات يجري التحضير لها بين اتحاد العمال واتحاد الغرف العمالية وعدد من الجهات المعنية لإجبار المستثمرين وأصحاب العمل علي تطبيق هذه الزيادة وإجبار الحكومة علي تمرير قانون وزاري باتفاقية تنص علي حقوق عمال القطاع الخاص، إلا أنه أبدي أسفه من كون بعض رجال الأعمال يستغلون هذه العلاوة لعمل «شو إعلامي» لأنفسهم علي حساب عمالهم الذين لن يحصلوا في النهاية علي شيء، ولا نملك في هذه الحالة إلا «العشم» في الرئيس.
كان العمال يستمعون إلي خطاب الرئيس في انتظار مفاجأة، لكنه خيب آمالهم واكتفي بالمناشدة، هل الرئيس مبارك هو الآخر يعتقد أن أجور عمال القطاع الخاص عالية، وأنهم ليسوا بحاجة إلي هذه العلاوة، أم أنهم سقطوا سهواً أو عمداً من «قفة» مسؤولية الحكومة؟ سؤال طرحه إبراهيم قسم الله، الأمين العام السابق لاتحاد عمال العاشر، نائب الرئيس الحالي، مستنكراً عدم تضمن خطاب الرئيس وقراره أي إلزام لرجال الأعمال، ناحية عمال القطاع الخاص الذين يعانون الأمرين، فهم يحاسبون حساب الأغنياء ويحصلون علي أجور عمال الحكومة دون مميزاتهم، في حين لا توجد أي آلية لصرف العلاوات في القطاع الخاص، اللهم أهواء وأمزجة أصحاب العمل وأصبحت القاعدة «كل واحد واللي يجود بيه»، ومن غير المعقول أن نترك مصائر آلاف العمال لضمائر موظفيهم، والعقل يقول إنه لا يوجد صاحب عمل يريد أن يدفع أكثر، في حين أنه يستطيع أن يدفع أقل إلا إذا كان ملزماً، وما شعرنا به في خطاب الرئيس أننا في واد والرئيس مبارك في واد والحكومة في واد آخر، وقال قسم الله: كنت في جولة تفقدية لبعض الشركات أثناء الخطاب، ووجدت تحفزاً وغضباً كبيراً بين العمال وبعض العمال، قالوا لي بالحرف «هناخد حقنا يعني هاناخد حقنا.. ومش هانستني اتفاقيات» فالعمال قد رسخت لديهم قناعات بأن حقوقهم لن يحصلوا عليها إلا بالتظاهر والامتناع عن العمل، وهناك حالة من الاحتقان لا يتخيلها أحد حتي الآن وسوف ترون العواقب قريباً جداً ما لم يتدخل الرئيس و«الحاجة» عائشة - مشيراً لوزيرة القوي العاملة - لحل هذه الأزمة فوراً.
في الوقت نفسه، يري محمد أبوالعينين، رجل الأعمال، رئيس لجنة الصناعة بمجلس الشعب، أن الأجور في القطاع الخاص مرتفعة ولا تحتاج إلي هذه الزيادة أو علي الأقل في مصانعه وشركاته، منتقداً مطالبة البعض بتطبيق هذه العلاوة علي عمال القطاع الخاص، وقال: كيف تطبق هذه اللائحة علي موظف يصل راتبه إلي ٣٠ ألف جنيه، هذا الراتب ليس هو السائد طبعاً ولكني أقصد أن أضرب مثلاً بأنه يجب أولاً أن نراعي احتياجات العمال، وذلك بوضع حد أدني للأجور لا تقل عن ٦٠٠ جنيه شهرياً، أما عن الشريحة التي تستحق الزيادة فيري أبوالعينين أن كل عمال مصر يستحقونها، فالارتفاع الكبير في الأسعار في مقابل الأجور المتدنية بشكل عام، يجعلان كل المصريين في حاجة إلي الزيادة طوال الوقت.
وقال أبوالعينين إن أي رجل أعمال يسعي للتهرب من دفع العلاوة للعاملين لديه هو رجل غبي بلا شك، لأن الخسارة ستعود عليه هو الآخر، من ناحية كمية وجودة المنتج، فماذا تتوقع من عامل يفكر طوال الوقت في عجزه عن الوفاء باحتياجات أسرته، وهذه الحالة هي قنبلة موقوتة في وجه المجتمع، لأنها تجعل الفرد يثور ويكره الحياة ويبث في كل من حوله حالة من عدم الاكتفاء والاطمئنان، وواجب الدولة في هذه الحالة أن تضمن لهم الحد الأدني من الحياة الكريمة.
اجمالي القراءات
4026