"جند الله" هدد بالانتقام لهما:
إيران تعدم رجلي دين سنة بتهمة "تأجيج نار" الخلافات الطائفية

اضيف الخبر في يوم السبت ١٩ - أبريل - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً.


أعدمت السلطات الإيرانية صبيحة الأربعاء 9-4-2008 في مدينة زاهدان عاصمة إقليم بلوشستان جنوب شرق إيران رجلي دين سنة ينتميان إلى القومية البلوشية بتهمة تأجيج نار الخلافات الطائفية وبث الفرقة بين السنة والشيعة، حيث كانت قوات الأمن الإيرانية قد ألقت القبض عليها خلال هجوم على مدرسة شاه جمال الدينية في ديسمبر/كانون الأول الماضي وقتل خلاله خمسة من عناصر الحرس الثوري الإيراني وأربعة من البلوش.



واتهم بيان صادر عن القضاء الإيراني في الإقليم مولوي عبد القدوس ملا زهي ومولوي محمد يوسف سهرابي؛ بالمساس بالأمن الاجتماعي من خلال بث الفرقة بين الشيعة والسنة، مؤكدا بأن "الأجهزة القضائية والأمنية والنظامية للجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تسمح بتأجيج نار الخلافات والنفاق من قبل أي شخص وفي أي زي مذهبي كان".


وقال البيان "إن رجلي الدين السنة المذكورين قد حولا الحوزة الدينية والمسجد والمدرسة إلى ما وصفه بوكر بغيض للإرهاب"، مضيفا بأن قوات الأمن قامت بضبطهما في "موقع الجريمة" وتم إعدامهما لتلك "الجرائم" حسب تعبير البيان.

ولم يعطِ البيان أي تفاصيل حول التهم التي تم توجيهها للمتهمين واكتفى بالقول بأن الاضطرابات التي كانت قد نشبت في إقليم بلوشستان كانت من فعل "الأعداء"، مضيفا بالقول "يقوم العملاء اليوم بقتل الشيعة باسم السنة، ولربما يقدم هؤلاء الذين لا صلة لهم بالإنسانية غدا على توجيه سهامهم إلى صدور أهل السنة".

وأفات تقارير صحفية بأن جلسة المحاكمة عقدت خلف الأبواب المغلقة، غير أن أوساط المعارضة البلوشية ذكرت أن التهمة الموجهة إلى رجلي الدين السنة هي التعاون والتنسيق مع المجموعات البلوشية وبالتحديد مجموعة جند الله المسلحة الذي غيرت قبل فترة اسمها إلى "حركة المقاومة الشعبية الإيرانية"، ويقودها شخص يدعى عبد المالك ريغي.

كانت هذه المجموعة قد اشتبكت مرارا مع قوات الحرس الثوري الإيراني خلال العامين الماضيين، وأسرت عدد من منتسبي الحرس والقوات النظامية وتتهمها السلطات الإيرانية بالضلوع في تفجيرات حدثت في إقليم بلوشستان الذي تقطنه أغلبية بلوشية تبلغ ثلاثة ملايين نسمة وتنتمي إلى المذهب السني؛ حيث تتهم المعارضة البلوشية السلطات الإيرانية بممارسة التمييز المذهبي والعرقي تجاه البلوش.


مجموعة جند الله تطلق تهديدات ضد إيران

من ناحية أخرى أصدرت منظمة الحركة الشعبية الإيرانية (جند الله سابقا) بيانا على موقعها الإلكتروني بعيد إعدام مولوي عبد القدوس ملا زهي ومولوي محمد يوسف سهرابي واصفة إياهما برجلي دين"ربانيين ومجاهدين حقانيين لأهل السنة" نفذت فيهما عقوبة الإعدام بتهمة المطالبة بالحق والوقوف بوجه الظلم.

وقال البيان "إن إعدام علماء أهل السنة سيؤدي إلى انزلاق إقليم بلوسشتان إلى أزمة حارقة، داعيا السكان غير الأصليين إلى مغادرة الإقليم للحيلولة دون إصابتهما بنيران أسلحة المجموعات المسلحة في المنطقة، لا سيما وأن هذه المجموعات كانت قد هددت بأنها ستوجه نيران أسلحتها إلى السكان الوافدين، فيما إذا نفذ حكم الإعدام هذا".


موجات عنف متواتر في جنوب إيران

وعلى صعيد آخر، شهدت مدينة شيراز عاصمة إقليم فارس انفجارا قويا في إحدى الحسينيات بعد تنفيذ حكم الإعدام في بلوشستان إلا أن الغموض لف هذا الانفجار الذي أسفر عن مقتل 12 وإصابة ما يزيد عن 200 شخص، وتضاربت الأنباء حول أسباب الانفجار، نظرا لعدم تحمل مسؤولية تنفيذه من قبل أية جهة.

ويرى موقع "راديو فردا" باللغة الفارسية أنه بالرغم من تأكيد المصادر الرسمية الإيرانية بأن الانفجار كان حادثا عرضيا، ولكن هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها المناطق الجنوبية لإيران تحويل انفجار أو هجوم مسلح ما إلى مادة إعلامية خلال الأعوام الأخيرة.


دورة الانفجارات في الأهواز

وكانت موجة التفجيرات التي شهدتها في الأعوام الأخيرة مدينة الأهواز "التي تقطنها أغلبية عربية" في جنوب إيران هي نقطة الانطلاقة للعنف المتكرر، الذي ابتدأ بأربعة انفجارات هزت حي الأمانية في الـ12 من يونيو/حزيران 2005 في أعقاب الاضطرابات التي شهدها الإقليم حينها.

وتكررت التفجيرات في الثاني من سبتمبر/أيلول 2005 لتستهدفت المنشاءات النفطية هذه المرة في إقليم يؤمن 75% من النفط الإيراني، ثم غيرت التفجيرات وجهتها فهزت قنبلتين موقوتتين في الـ15 من أكتوبر/تشرين الثاني أهم شوارع المدينة باسم شارع نادري، وفي الرابع من فبراير/شباط انفجرت قنبلتين في إحدى البنوك وفي مؤسسة المصادر الطبيعية.

كما تعرضت في الثامن من شهر فبراير/شباط من نفس العام حافلة للعاملين في إحدى المنشاءات البتروكيمياوية في جنوب الإقليم لهجوم مسلح بالأسلحة الرشاشة، وانفجرت في اليوم التالي قنبلة صوتية في منطقة غير سكنية في الأهواز، وانفجرت أيضا في الـ19 من فبراير/شباط قنبلة صوتية أخرى في حارة كيان بارس، وسقط جراء تلك التفجيرات ما يزيد عن 20 قتيلا والمئات من الجرحى، إضافة إلى الأضرار المادية.

واتهمت السلطات الإيرانية القوات البريطانية والأمريكية المرابطة في العراق مرارا بدعم الانفصاليين العرب في جنوب إيران، الذين حملتهم مسؤولية القيام بالأعمال المسلحة.

يذكر بأن السلطات الإيرانية قامت بالمقابل بمحاكمة مجموعة من العرب في الأهواز الذين اتهمتهم بالضلوع في تلك التفجيرات وأصدرت محاكم الثورة أحكام الإعدام بحق العشرات منهم خلف الأبواب المغلقة، الأمر الذي أثار احتجاج منظمات حقوق الإنسان الدولية التي اعتبرت المحاكمات لا ترتقي إلى مستوى المعايير الدولية، إلا أن السلطات نفذت أحكام الإعدام وكان البعض منها في الملأ العام.

بعد ذلك شهدت هذه المنطقة توقف التفجيرات لفترة طويلة، ولكن ظهر العنف فيها مرة أخرى في الـ24 من يونيو/حزيران 2007 من خلال عملية اغتيال تعرض لها رجل دين شيعي باسم هشام السيمري، وبعد ذلك دخلت المنطقة في حال من الهدوء استمرت لعام، ولكنه تصدع إثر الهجوم على حافلات حكومية في منطقة الدهلاوية في شمال الأهواز؛ حيث كانت تقل قوافل من الزوار لمشاهدة الجبهات السابقة للحرب العراقية الإيرانية.


التفجيرات والأعمال المسلحة في بلوشستان

شهد إقليم بلوشستان في جنوب شرق إيران سلسلة من التفجيرات في الـ23 والـ24 والـ25 من يونيو/حزيران 2005 ضربت مناطق مختلفة في مدينة زاهدان عاصمة الإقليم، وذلك قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة في إيران، استهدفت مراكز الانتخاب فتركت عددا من المصابين.

كما استمر العنف بشكل جديد، وذلك على الطريق الواصل بين مدينتي زاهدان وزابل؛ حيث قامت مجموعة ترتدي زي القوات المسلحة الإيرانية بقطع الطريق في منطقة تاسوكي على ركاب السيارات، فقتلت 22 من ركابها كان أغلبهم من المسؤولين الحكوميين في الإقليم.

وبعد ذلك أعلنت مجموعة "جند الله" بقيادة عبد المالك ريغي عن انطلاقتها، وأخذت على عاتقها مسؤولية تلك العملية بهدف الدفاع عن الحقوق القومية والمذهبية للبلوش السنة، وهددت بأنها ستكرر تلك العمليات حتى إطلاق سراح سجنائها لدى الحكومة، وصارت هذه المجموعة تشكل تحديا أمنيا حقيقيا في إقليم شاسع المساحة بمحاذاة باكستان.

هذا واتهمت الحكومة الإيرانية مجموعة "جند الله" بتنفيذ عملية مسلحة في الـ13 من مايو/آيار 2006 على الطريق الواصل بين مدينتي كرمان وبم في إقليم كرمان المحاذي لبلوشستان، وقتل 11 من ركاب السيارات المارة على الطريق، فقامت الحكومة بإعدام عدد من الأشخاص ألقت القبض عليهم بتهمة تنفيذ تلك الأعمال.

ثم توقفت الهجمات المسلحة على السيارات في الطرق الخارجية لتستأنف التفجيرات في الـ14 من ديسمبر/كانون الأول من عام 2006 مستهدفة مقر المحافظة، وجاء الانفجار التالي من خلال استخدام سيارة مفخخة ضد حافلة لقوات التعبئة الباسيج في الـ14 من فبراير/شباط.

ويرى المراقبون للشأن الإيراني بأن المناطق التي تشكل حزام العنف في جنوب هذا البلد تمتد من إقليم خوزستان على الحدود العراقية وصولا إلى إقليم بلوشستان على الحدود الباكستانية، وتتشابك في هذين الإقليمين المطالب القومية والمذهبية بالظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، الأمر الذي يشكل تحديا حقيقيا للحكومة الإيرانية.

اجمالي القراءات 1885
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق